النشاط الهارب.. كيف تحسّنين إنتاج الطاقة من دون قهوة أو منشطات؟

تظهر أعراض الإرهاق عاطفيا وجسديا؛ فنشعر بالهياج، ونفاد الصبر، والغضب المكبوت، والسخط.

في دراسة جديدة..إجهاد زوم أكثر انتشارا بين النساء
على الرغم من بذلنا قصارى جهدنا فإن الطاقة ليست موزعة بالتساوي بين البشر بسبب الوراثة أو الطبيعة أو التنشئة (شترستوك)

نمارس كل صباح عاداتنا التكتيكية لمهاجمة الإرهاق والكسل قبل أن يهاجمانا؛ فنجهز كوب القهوة، ونشتري مشروبات الطاقة، ونلتهم ألواح البروتين، لكن كمّ الطاقة الذي نتمناه لا يأتي، وأكوام المهام المؤجلة على المكتب لا تنتهي، فهل هو كسل منا أننا لا نحقق توقعاتنا، أم إن توقعاتنا أعلى من قدرتنا؟

لماذا يفوقك الآخرون طاقة؟

قد تعتقدين أن الطاقة تركيبة كيميائية وحيوية ونفسية وفيزيائية غامضة، ذلك النوع من الحماسة والحيوية الذي نشعر به عند وجوده وعند افتقاده، لكن في تقرير بمجلة "ذا نيويوركر" (The New Yorker)، أكد ماوريتسيو فافا، رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى ماساتشوستس العام، أن ما نسميه "الطاقة" هو تصورنا عن استقلاب الجسم للكربوهيدرات أو الدهون كطاقة، ثم تأتي تجربتنا في حرق الطاقة وتحويلها إلى عمل.

تحدث تلك العملية داخل خلايانا، وبالتحديد "الميتوكوندريا"، فهي مصنع الطاقة داخل الخلية الحية. تقوم تريليونات الميتوكوندريا داخل الجسم الواحد بتحويل الغلوكوز والأكسجين إلى الوقود الخلوي، كما تساعد في إنتاج الهرمونات الأساسية، وتنظم تكاثر الخلايا وموتها.

النعاس المستمر له أسباب عدة مثل النوم القهري والإجهاد النفسي الشديد والأورام والعدوى البكتيرية والإصابات الدماغية الرضية. (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية “dpa”. لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa صور: Andrea Warnecke/dpa-tmn/dpa Credit: Andrea Warnecke / dpa-tmn / Andrea Warnecke/dpa-tmn/dpa
هناك العديد من العوامل في أجسادنا قد تجعل الشخص فائق النشاط أو العكس (الألمانية)

شبّه مارتن بيكارد، أستاذ الطب السلوكي في مركز إيرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا، طاقة الخلايا بالمشاعر للبشر؛ تجعلهم يتخذون قرارات قد تبدو غير عقلانية، فتختار الخلايا مدّ عضو بالطاقة للقيام بوظيفة أو بأخرى.

كان أهم اكتشافات بيكارد في إحدى تجاربه هو أن الخلايا تشيخ أسرع إذا عرضناها للضغط، فتتنفس أسرع، وتحرق طاقتها أسرع، فتهدر طاقتها؛ لذلك يكافح الأشخاص المصابون باضطرابات الميتوكوندريا لتحويل الطاقة إلى عمل، أو ما اعتدنا على تسميته بالتعب والإرهاق، لكنه نوع أبدي من الإرهاق.

هناك العديد من العوامل في أجسادنا قد تجعلها فائقة النشاط أو العكس، بما في ذلك: الجنس، العمر، الهرمونات، نسبة الدهون في الجسم، كتلة العضلات، العوامل الوراثية، ضغط الدم، نسبة السكر في الدم.

هناك أيضا أشياء كلما تعرض لها الإنسان تعطلت الميتوكوندريا في خلاياه، هي: المبيدات الحشرية، والإفراط في تناول الأدوية من دون وصفة طبية، والفركتوز، والإضاءة السيئة، والموجات الكهرومغناطيسية.

كورونا وآداب العمل من المنزل.. الملايين يجربون العمل عن بعد
خلايا الجسم تشيخ بصورة أسرع إذا عرضناها للضغط فتتنفس أسرع وتحرق طاقتها أسرع فتهدر الطاقة (غيتي)

عجلة الهامستر

الجميع متعب بطريقته الخاصة، بسبب تجربته المختلفة تماما عن الآخرين، لأن أثر التهديدات اليومية لحياتنا أقل وضوحا؛ فالإجهاد النفسي المزمن تجربة بشرية شائعة، وسنوات من الأزمات المزمنة تسبب تغيرات عاطفية وإدراكية وسلوكية وأيضية تسرع من الشيخوخة وتهيئ للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والخرف، والوفاة المبكرة.

نشرت صحيفة "الغارديان"، في عام 2006، تقريرا عن "وباء الإرهاق"، بسبب وتيرة الحياة السريعة، والعالم الذي يعمل على مدار الساعة، والعصر التكنولوجي الذي لم يجلب معه المرونة، بل جلب معه رسائل البريد الإلكتروني التي تلاحقنا في الفراش.

كذلك، تسبب تغيير مفهوم المجتمع عن الأبوة في تغيير العلاقة بين الوالدين والطفل تغييرا جذريا؛ فقبل جيلين كان الزوج والزوجة يتنزهان معا في عطلة نهاية الأسبوع، وأطفالهما بالمنزل يلعبون من دون رقابة، لكن مختبر مارتن بيكارد أجرى دراسة منشورة في مجلة "الطب النفسي البيولوجي"، عام 2018، أبلغت فيها 91 أما عن مستويات مزاجهن وخضعن لاختبارات الميتوكوندريا على مدى 7 أيام، وكان للمزاج السيئ وضغط رعاية أبنائهن تأثير سلبي مباشر على صحة الميتوكوندريا.

تظهر أعراض الإرهاق عاطفيا وجسديا؛ فنشعر بالهياج، ونفاد الصبر، والغضب المكبوت، والسخط، ونفقد القدرة على الملاحظة والاستمتاع بأوقات الراحة، وهناك دلائل أخرى على نقص الطاقة، كالشعور بالجوع والنعاس بعد الوجبات، وتناول الكافيين باستمرار، وزيادة الوزن.

كيف تزيدين طاقتك؟

من الواضح أنه على الرغم من بذلنا قصارى جهدنا، فإن الطاقة ليست موزعة بالتساوي بين البشر، سواء بسبب الوراثة أو الطبيعة أو التنشئة، لكن الالتزام ببعض العادات قد يغير كثيرا:

  1. تعقبي نسبة الغلوكوز في الدم، لأنها تساعد على مرونة الميتوكوندريا، وتذبذب النسبة يؤدي إلى توقف الميتوكوندريا عن عملها ويسبب الإجهاد التأكسدي؛ لذا ابدئي بتتبع نسبة الغلوكوز من خلال جهاز مراقبة الغلوكوز، وحللي البيانات بمساعدة طبيب تغذية.
  2. لا يتعامل جسدنا بشكل جيد مع الأطعمة الغنية بالصوديوم والكربوهيدرات المكررة والزيوت المصنعة والسكريات المضافة، ولإنتاج طاقة أكبر ينبغي الاعتماد على الأطعمة الكاملة وتجنب الأطعمة المصنعة والسريعة.
  3. إذا كنت تفكرين بالفعل في تغيير نظامك الغذائي، فقد يكون من الأفضل اتباع نظام منخفض الكربوهيدرات لمعظم أيام الأسبوع مع إضافة فترات تتناولين فيها مزيدا من الكربوهيدرات، سواء بتثبيت وجبة غنية بالكربوهيدرات يوميا أو تخصيص يوم كامل للكربوهيدرات في الأسبوع.
    لإنتاج طاقة أكبر ينبغي الاعتماد على الأطعمة الكاملة وتجنب الأطعمة المصنعة (بيكسلز)
  4. إذا كان ممكنا، يمكنك إيقاف تشغيل وسائل التواصل الاجتماعي، وتفعيل رسائل البريد الإلكتروني، وأخبري مديرك وفريقك بذلك.
  5. إذا كنت محظوظة بما يكفي للحصول على إجازة لشحن بطاريتك وعلاج الإرهاق، فيمكنك وضع خطة بسيطة لما تتمنين تحقيقه في ذلك الوقت؛ لأن التحكم في يومك يساعدك على تخفيف الإجهاد النفسي، لكن على الرغم من أن فترات الاسترخاء قد تكون مفيدة، فإها ليست حلا طويل المدى إذا عدت على الفور إلى البيئة المجهدة نفسها.
  6. تجنبي تناول الطعام مساء، خاصة السكريات والأملاح، وتوقفي عن استخدام الهاتف قبل النوم، واحصلي على حمام بارد، ومارسي تمارين التنفس قبل النوم، واستخدمي قناع العين، من أجل الحصول على أكثر من 5 ساعات من النوم العميق ليلا. الأمر كله يتعلق بمعرفة حدودك، فلا تدفعي نفسك في بحر التوقعات العالية التي لم تبلغيها من قبل.
المصدر : مواقع إلكترونية