البيلاتس.. رياضة صممت من أجل الرجال وسيطرت عليها النساء

Online coaching during "Stay at Home" period
حركات البيلاتس قد تبدو سهلة، لكنها ذات أثر طبي مماثل للعلاج الفيزيائي (الأناضول)

"قبل أي شيء، تعلم كيفية التنفس بشكل صحيح"، مقولة تُنسب إلى الألماني جوزيف بيلاتس، مبتكر إحدى أكثر الرياضات البدنية شهرة في السنوات الأخيرة، والتي يُختزل اسمها بالبيلاتس.

تعد هذه المقولة تلخيصا لرحلة عمل واكتشاف لقدرات الجسد وأساليب الحفاظ على لياقته ومرونته منذ أكثر من قرن، حين قرر جوزيف بيلاتس (1883-1967) إدخال مفهوم جديد على التمرينات البدنية يمزج بين قدرات التنفس الصحيح والتحكم بالعضلات.

كان جوزيف في الأصل لاعب جمباز وملاكم عانى في صغره من بعض الأمراض، ومن خلال سلسلة من الدراسات ومحاولات التغلب على المشكلات الصحية توصل إلى عدد من أساليب التدريب اعتبرها وسيلة "تجعل الجسد أقوى مما كان عليه".

تأهيل مصابي الحروب

ونشر جوزيف ما ابتكره من تدريبات عندما احتجزته السلطات البريطانية إبان الحرب العالمية الأولى (1914-1918) مع عدد من المواطنين الألمان في قلعة لانكستر في المملكة المتحدة. وخلال هذا الوقت، طوّر أسلوبه في اللياقة البدنية بشكل أكبر من خلال تدريب زملائه المعتقلين.

ووفق منظمة "بيلاتس فاونديشن" (تأسست في المملكة المتحدة عام 1996)، فإن جوزيف بدأ تجربة تدريباته بشكل أكثر احترافية عندما عمل في إحدى المستشفيات لإعادة تأهيل مرضى ومصابين غير قادرين على المشي.

وذكرت دراسات عدة أن جوزيف تمكن من إعادة تأهيل الكثير من الجنود، وتحسين حركتهم بفضل آلة "كاديلاك" التي ابتكرها في البداية داخل المستشفيات، ثم طورها مع هجرته إلى الولايات المتحدة وافتتاحه إحدى الصالات الرياضية عام 1920، ليظهر لاحقا جهاز "بيلاتس ريفورمر" الذي بات شائع الاستخدام في أماكن تدريب رياضة البيلاتس.

تدريبات البيلاتس تضيف أجواء مختلفة على الروتين الرياضي للأشخاص (غيتي)

شهرة متأخرة

ولاحظت بايهان توكنماز، عداءة تركية سابقة تخصصت في تدريبات البيلاتس، أن تلك الرياضة باتت تجذب النساء بشكل كبير منذ ظهورها في تركيا عام 2004، كونها تعمل على تقوية العضلات والمفاصل ومعالجة مشكلات الظهر وتعزيز مرونة الجسم.

وقالت توكنماز للجزيرة نت إن "تدريبات البيلاتس هي طريقة تمرين تستهدف كل الجسد، وكانت مخصصة لعلاج إصابات الحروب، وهي حاليا ملائمة جدا لجميع المشكلات الناتجة عن ضغوط الحياة والعمل بشكل متواصل على المكاتب، إضافة إلى أنها تساعد الحوامل في تسهيل عمليات الولادة الطبيعية".

واعتبرت أن البيلاتس تضيف "أجواء مختلفة" على الروتين الرياضي للأشخاص. وأضافت "كثير من الناس يشعرون بالملل من الآلات الرياضية المعتادة أو التدريبات الشاقة التي تحتاج إلى مجهود كبير، لكنهم وجدوا في البيلاتس فاعلية كبيرة بمجهود منظم يعتمد بشكل أساسي على التنفس الصحيح والتحكم بالعضلات".

ولفتت بايهان إلى أن أكثر الإيجابيات التي تمت ملاحظتها على أجساد النساء المنتظمات في ممارسة رياضة البيلاتس 3 مرات أسبوعيا، تتمثل في "صغر حجم الوسط والأرداف" خلال نحو شهرين.

وأوضحت أن ممارسة رياضة البيلاتس، سواء من خلال جهاز "ريفورمر" أو على الأرض باستخدام الحصيرة وأدوات بسيطة، "لا تساعد النساء في خسارة الوزن وحسب، بل تساعد في تحسين انسيابية الجسد وشكله الخارجي".

وشددت بايهان على أن رياضة البيلاتس لا تؤدي إلى خسارة الوزن إلا باتباع نظام غذائي قليل السعرات بجانبها، والانتظام على المشي لنحو ساعة يوميا.

وعن سيطرة النساء على هذه الرياضة خلال السنوات الأخيرة، أوضحت بايهان أن تفضيل النساء رياضة البيلاتس مقارنة بالرجال ناتج عن "حداثتها وعدم اعتمادها على الأوزان العالية التي عادة ما تستهوي الرجال".

لكنها، في المقابل، لفتت إلى اهتمام الرجال بهذه الرياضة لتحسين مرونة الجسد وليس بدافع خسارة الوزن أو بناء العضلات.

ونصحت بايهان في ختام حديثها أي شخص يريد تجربة هذه الرياضة بالمتابعة مع مدرب أو الانضمام إلى مجموعات تدريب معتمدة، لأن حركات البيلاتس "قد تبدو سهلة، لكنها ذات أثر طبي مماثل للعلاج الفيزيائي، وربما تتسبب حركة واحدة خاطئة في ألم لا يُحتمل".

أساسيات البيلاتس وفوائدها

هناك نوعان من البيلاتس، أحدهما يُمارَس على الأرض باستخدام حصيرة (مات)، والآخر باستخدام جهاز "كاديلاك" القديم أو النسخة الأحدث منه والمعروف باسم "بيلاتس ريفورمر"، والذي يوفر مقاومة خارجية من خلال منصة منزلقة مزودة بأوزان مختلفة وحلقات لتثبيت الأقدام واليدين، فضلا عن عدد من المقابض الخارجية.

وعلى الرغم من اختلاف النوعين، فإن الهدف منهما هو تشغيل العضلات العميقة في الجسد، وتقويتها.

وتعتمد رياضة البيلاتس بشكل أساسي على "التنفس الصحيح والتركيز ومراقبة الحركات والدقة في التنفيذ والانسيابية"، وفقا لمنظمة "بيلاتس فاونديشن".

وتركز البيلاتس بشكل كبير على بناء القوة والاستقرار في المناطق الأساسية حول العمود الفقري مع توفير المرونة، على عكس اليوغا التي تركز على المرونة مع توفير قدر من القوة للعضلات، ما يفسر الاختلاف الجوهري بين الرياضتين على الرغم التشابه الظاهري في بعض الحركات.

المصدر : مواقع إلكترونية