التمارض حيلة الأطفال لعدم الذهاب إلى المدرسة

شعور الطفل بالحب والتقدير والحنان وإشباع جميع حاجاته النفسية يشعره بالأمان النفسي، فيقرر الذهاب إلى المدرسة من دون خوف أو كره، وعلى الوالدين مراعاة هذه الأمور في حياة الطفل.

المكافأة للطفل يكون من أفضل الأمور التي تمكنه من ذهابه إلى المدرسة- (بيكسلز).
تقديم مكافآت للطفل من أفضل الأمور التي تحفزه على الذهاب إلى المدرسة (بيكسلز)

بيروت – قد يكون الطفل قلقا عند الذهاب إلى المدرسة وهذا يجعله يشعر بأنه ليس على ما يرام، هذا هو "التمارض" يبدأ بالصداع وضعف الشهية والغثيان وألم البطن، وهذه الأعراض تزداد سوءا صباحات أيام الدراسة وتختفي نهاية اليوم، وهذا ما يسمى أيضا "رهاب المدرسة".

التمارض -أو التظاهر بالمرض- شكل من أشكال التحايل يلجأ إليه بعض الأطفال لتجنب الذهاب إلى المدرسة، فيخلق مشكلة قد تتوسع إلى مراحل عمرية مختلفة وإن كانت أكثر حضورا في العام الدراسي الأول مع اختلاف أسباب ودوافع التهرب.

أحيانا يكون الطفل صادقا، أما في حالة التمارض فهنا المشكلة، وأول ما يجب على الأهل فعله هو معرفة الأسباب. لذلك توجد طرق فعالة عديدة يقدمها الاختصاصيون لحل هذه المشكلة، لأن تأمين العافية النفسية للطفل هي الأهم لجعله يشعر بالأمان والاستقرار في المدرسة التي ستكون بمنزلة بيته الثاني. إليكِ تجربة أمهات واجهن مشكلة تمارض أطفالهن:

1الام سوسن مرتضى رضخت لحيلة تمارض ابنها وسام عدة مرات وعدم ذهابه الى المدرسة – (بيكسلز).
أحيانا يكون الطفل صادقا، أما في حالة التمارض فهنا المشكلة (بيكسلز)

قلق الفراق وافتقاد أمان البيت

تعاني والدة ريان (6 سنوات) السيدة مهى كريدية يوميا من رفض ابنتها الذهاب إلى المدرسة، فهي تصرخ وترفض ارتداء ثيابها. وعندما تجبرها على الذهاب تبدأ بالبكاء والقول إنها تشعر بالألم في رأسها وبطنها. وأحيانا ترتفع درجة حرارتها، فتخشى من اشتداد المرض، وتبقى في المنزل… ويستمر الحال، يوميا، على هذا المنوال.

وتوضح كريدية -للجزيرة نت- أنها اتفقت مع إدارة المدرسة والمعلمات على محاولة علاج حالة ريان لأنها تعاني قلق الفراق وافتقاد أمان البيت، حتى صارت تعتاد على جو الصف والأصدقاء الجدد والتعامل من المعلمات بمودة وبدون صراخ، لكن المسألة أخذت وقتا وجهدا وتعاونا وصبرا.

4قد تكون مشكلة الطفل حالة سلبية يعاني منها في المدرسة مثل السخرية والاستهزاء به- (بيكسلز).
قد تكون مشكلة الطفل حالة سلبية يعاني منها في المدرسة كالاستهزاء به (بيكسلز)

حتى لا يتعرض للركلات!

سوسن مرتضى -ربة منزل ولديها 3 أبناء في المدرسة- تقول: "أحيانا أجد الأبناء لا يحبون أن يذهبوا إلى المدرسة ويبدؤون بسرد الحجج، لكني أتحاور معهم وأحاول معرفة سبب عدم رغبتهم في الذهاب، فأحيانا يقولون إن زملاءهم يتشاجرون معهم، وأحيانا أخرى يقولون إن إحدى المعلمات صرخت في وجههم، وأحاول أن أقنعهم بأنه في كل مكان سيقابلهم أشخاص كثيرون ويجب أن يتعلموا كيفية التعامل مع كل منهم، وأذكرهم بأنهم كثيرو الحركة في الصف، وأنني أعلم مدى ’شقاوتهم‘، وما مدى أهمية العلم والشهادة التي سيحصلون عليها، ولا أتركهم يستسلمون لفكرة عدم الذهاب إلى المدرسة، حتى لا يعتادوا ذلك كلما حدثت مشكلة".

لكن ابني الصغير وسام (5 أعوام) لا يرغب في الذهاب إلى المدرسة، وبدأ بالتمارض ورضخت لحيلته عدة مرات، لكن في ما بعد انتبهت إلى أنها حيلة منه، وأردت معرفة سبب نفوره وخوفه من الذهاب، فأخبرني الحقيقة بأنه لا يخرج إلى الساحة في الاستراحة لأنه لا يستطيع تحمل الركلات والدفع والسحب الذي يتعرض له، وغالبا ما ينتهي الأمر بسقوطه وسط الساحة أو الممرات بسبب دفعه من الطلاب بلا سبب.

وتبين مرتضى أن وسام عندما اعترض، تعرض لركلات متتالية يشارك فيها أكثر من طفل وهو لا يريد البكاء، وخشي من الشكوى حتى لا تتم السخرية منه، لهذا "توجهت إلى المدرسة وأخبرتهم بالمشكلة حتى لا تتكرر، وواجهتهم بما عانى ابني من أزمة نفسية جعلته يتظاهر بالمرض كي يبقى في المنزل".

المعالجة النفسية البينا الباسط تقول انه عندما تسمح الأم بأن يغيب ابنها من المدرسة، تصبح هذه عادة يومية لديه، ويبدأ في تصنع الأمراض يوما بعد يوم، ولا يذهب إلى المدرسة- (جزيرة نت)
البينا الباسط: المناقشة من أهم الطرق لجعل الأطفال يتحدثون بدون خوف لنصل إلى أفضل الحلول (الجزيرة)

علم النفس.. الأسباب وطرق العلاج

وتشير المعالجة النفسية البينا الباسط إلى أن عزوف بعض الأبناء عن الذهاب إلى المدرسة كان موجودا حتى في الماضي، أما الآن ومع انتشار الحضانات التي يذهب إليها الأطفال قبل المدرسة فأصبح هناك تعود على المدرسة، بل وأصبحوا ينتظرونها بوصفها مكانا للعب أكثر منه للعلم.

ولكنها تبين أن هناك بعض الظواهر التي نراها من بعض الطلاب من بكائهم أو رفضهم المدرسة وهي حالات فردية وتحدث دائما في الأسبوع الأول من المدرسة. أما في الأسبوع الثاني، فإن معظم الطلاب من صغار السن يكونون تأقلموا مع المدرسين واندمجوا في الصف.

إذا كان الطفل يفتقد الحب والحنان والرعاية، أو غيورا، فإنه يتمارض ليكسب اهتمام والدته (بيكسابي)

أسباب تدفع الأطفال للتمارض

ومع ذلك، فبحسب الباسط، توجد أسباب تدفع بعض الأطفال إلى التظاهر بالمرض لعدم الذهاب إلى المدرسة، ومن أهمها:

  • تعلّق الطفل الشديد بأمه وخوفه من فقدانها والابتعاد عنها، أو تعلقه بألعابه، وغرفته، واللعب مع إخوته.
  • الخوف من المدرسة وحافلة المدرسة، أو من المعلمين وعقابهم، أو بسبب عدم أدائه الواجبات المدرسية، أو الرغبة في التخلص من حصة معينة لا يحبها.
  • شعور الطفل بالملل في المدرسة.
  • رغبته في جذب انتباه والديه، خاصة إذا كان يفتقد الحب والحنان والرعاية، أو غيورا، لذلك يتمارض ليكسب اهتمام والدته.
  • قد تكون مشكلة الطفل حالة سلبية يعاني منها في المدرسة مثل: السخرية والاستهزاء به، الكسل والافتقار للنشاط والحيوية، والخمول أحيانا.
الام مهى كريدية اتفقت مع ادارة المدرسة والمعلمات على محاولة علاج حالة ريان لانها تعاني من قلق الفراق وافتقاد امان البيت
على الوالدين تجاهل تمارض الطفل، ولا يسمحا له بالغياب عن المدرسة لئلا تصبح عادة يومية لديه (بيكسلز)

طرق علاج تمارض الأبناء

تقترح المعالجة النفسية البينا الباسط عدة طرق لعلاج ظاهرة تمارض الأبناء عند الذهاب إلى المدرسة، وهي:

  • الحوار والمناقشة من أهم الطرق التي تجدي نفعا مع الأطفال؛ فعندما نحاورهم بشأن الذهاب إلى المدرسة، ونجعلهم يتحدثون بدون خوف، وثقة، نصل إلى أفضل الحلول.
  • مكافأة الطفل من أفضل الأمور التي تمكنه من ذهابه إلى المدرسة، وإذا لم يجد معه هذا الأسلوب فإنه يجب استخدام العكس، وهو أسلوب الحرمان من الأشياء التي يحبها، كالحرمان من مصروف، أو رحلة، أو الخروج مع الوالدين، وغيرها من الأمور، ولا نخضع للطفل، حتى لو بكى أو تحايل.
  • شعور الطفل بالحب والتقدير والحنان وإشباع جميع حاجاته النفسية يشعره بالأمان النفسي، فيقرر الذهاب إلى المدرسة من دون خوف أو كره، ولا بد للوالدين مراعاة جميع هذه الأمور في حياة الطفل.
  • يجب على الوالدين أن يتجاهلا تمارض الطفل، ولا يسمحا له بالغياب عن المدرسة، لأنه عندما يسمح له بالغياب تصبح هذه عادة يومية لديه، ويبدأ في تصنع الأمراض يوما بعد يوم.
    هل يُعدّ الصراخ على الأطفال خطيرا حقا؟
    على الأم تجنب الضرب والقسوة الشديدة، وفي المقابل يجب عليها استخدام أساليب العقاب المناسبة لسن الطفل (غيتي)
  • أحيانا يتمارض الطفل بسبب الخوف من المعلم، أو الخجل من الزملاء بسبب مستواه التعليمي، ولهذا فهو يشعر بالنقص، ويتحول هذا النقص والخوف إلى مرض مثل التقيؤ، أو الألم في البطن، وغيرها من الأعراض.
  • تجنب الضرب والقسوة الشديدة، وفي المقابل يجب استخدام أساليب العقاب المناسبة لسن الطفل، مثل الحرمان، أو التعزيز بالمكافأة المتنوعة المادية، والمعنوية، فهذه الأساليب تكون أفضل من الضرب، والقسوة ويستجيب لها الطفل، وتساعده في تغيير السلوك غير المرغوب به إلى الأفضل.
المصدر : الجزيرة