ليكسي.. أميركية عشقت دمشق فوهبت اللاجئين مدارس صحية

مديرة المشروع المدرسي ليكسي
الأميركية ليكسي شيرشسكي: عشت بدمشق وعشقت اللغة العربية وأهلها وشعرت بأنني يجب أن أفعل شيئا لأطفال اللاجئين في الأزرق (الجزيرة)

عمان–هدا السرحان

عندما زرت منطقة الأزرق الصحراوية الأردنية القريبة من الحدود السورية والعراقية استوقفني مشهد غير مألوف لمجموعة من الأبنية الهرمية الشكل لم تكن موجودة من قبل في هذه المنطقة.

اقتربت أكثر حتى توغلت في داخل هذه المجموعة المعمارية المميزة التي كانت تشبه خلية النحل، شاهدت مجموعة من الرجال يدفعون عربات تحمل أحجارا وأتربة وأخرى تعتلي أسطح البناء، وهناك في الزاوية رجال يخلطون التربة والرمل بالماء.  فعلمت أنهم يبنون مدرسة بهذا الشكل الهرمي لتكون صديقة للبيئة.

‪البناء الهرمي للمدرسة في الأزرق‬ (الجزيرة)
‪البناء الهرمي للمدرسة في الأزرق‬ (الجزيرة)

يجب أن أفعل شيئا لأطفال اللاجئين
تقول صاحبة المشروع والمشرفة عليه الأميركية ليكسي شيرشسكي التي درست اللغة العربية في سوريا "عشت في دمشق وعشقت اللغة العربية وأهلها، وبعد نشوب القتال في سوريا، شعرت بأنني يجب أن أفعل شيئا لأطفال اللاجئين، أردت تقديم بعض المساعدة للذين تركوا بيوتهم وكتبهم ومدارسهم هربا من الحرب وللمحتاجين من أبناء المناطق الأردنية الأقل حظا فاخترت منطقة الأزرق التي يسكنها الكثير من اللاجئين السوريين لإنشاء هذا المشروع، في محاولة لتحقيق بعض التغيير".

ليكسي تجمع التبرعات للمشروع
وتوضح ليكسي أن المشروع، الذي جرى تمويله بجهود شخصية من خلال جمع التبرعات من الولايات المتحدة والأردن، عبارة عن مدرسة لتأهيل وإعداد الطلاب من اللاجئين السوريين الذين حرموا من إكمال دراستهم بسبب الأحداث في بلدهم إضافة إلى أبناء المنطقة الذين يحتاجون للتقوية والتمكين في مواد دراسية لمساعدتهم على المضي في إكمال دراستهم، وخصوصا في المواد الدراسية الصعبة مثل الرياضيات واللغة الإنجليزية.

‪المدرسة مصممة لتكون دافئة في الشتاء وباردة في الصيف دون استخدام وسائل حديثة‬ (الجزيرة)
‪المدرسة مصممة لتكون دافئة في الشتاء وباردة في الصيف دون استخدام وسائل حديثة‬ (الجزيرة)

دافئة شتاء باردة صيفا
وعندما تجولت بين المباني وفي داخلها دهشت لأنها مصممة لتكون دافئة في الشتاء وباردة في الصيف، دون استخدام وسائل حديثة، وهي تصاميم تحاكي تلك الموجودة في ريف حلب، وأعتقد أنها موجودة في المناطق الزراعية في ريف دمشق أيضا. هذه المباني الصغيرة مبنية على شكل هرم يمتاز بتوفير الإضاءة الطبيعية من نوافذ موزعة بشكل هندسي حيث فتحات تهوية وإنارة في أعلى قباب المبنى.

تربة ورمل وأحجار المنطقة
وتبين ليكسي أن مجموعة من المهندسين المتطوعين من المنظمة الدانماركية "إيهار" قاموا بتصميم الشكل الهندسي باستخدام مواد متوفرة في المنطقة من تربة ورمل وأحجار سوداء ضمن حملتها "100 صف مدرسي للاجئين في الشرق الأوسط" التي تهدف إلى دعم الجمعيات المحلية والبلديات لبناء المرافق المدرسية في مناطق اللجوء وتمكين وتدريب اللاجئين والمجتمع المحلي على مهارة البناء.

كما تم تصنيع أدوات تقليدية (قوالب) لصناعة الطوب غير مكلفة تعتمد فقط على القوة البدنية ولا تحتاج إلى كهرباء، ويمكن أن تكون صناعة رائجة في المنطقة.  وتم تدريب أهالي المنطقة على صناعة الطوب.

‪تتضمن المدرسة ملاعب للأطفال‬ (الجزيرة)
‪تتضمن المدرسة ملاعب للأطفال‬ (الجزيرة)

المشروع يستوعب 200 طالب وطالبة
وتضيف ليكسي التي تحمل درجة البكالوريوس في دراسات الشرق الأوسط "أن منظمة (مساعدة اللاجئين بالأردن) كانت افتتحت مدرسة في منطقة الأزرق بالتعاون مع جمعية نساء الأزرق الجنوبي، وبدأ المشروع بصفين للطلاب فقط، أما اليوم وفي مقر المدرسة الجديد وفي هذه المباني المميزة فقد أصبح لدينا سبعة صفوف ومكتبة وغرفة حاسوب ومطبخ خاص بالطلبة، إضافة إلى ساحة للعب، وأعتقد أن المشروع سيستوعب أكثر من 200 طالب وطالبة".

‪عمال من اللاجئين ومن سكان الأزرق والمنطقة يعملون في المشروع‬ (الجزيرة)
‪عمال من اللاجئين ومن سكان الأزرق والمنطقة يعملون في المشروع‬ (الجزيرة)

تنمية المجتمع المحلي المحيط
والمشروع، بحسب ليكسي، قدم بالإضافة إلى تقوية الطلاب ومساعدتهم الكثير من المنافع لأهالي المنطقة، أولها صناعة الطوب بأدوات يدوية مصنوعة محليا لا تحتاج إلى كهرباء أو طاقة، مما منح فرص عمل لأكثر من 200 عامل، كما تم تشغيل وتوظيف عدد من النساء بعد تدريبهن في مطبخ المدرسة لتوفير وجبات للطلاب.

في النهاية قد يصبح هذا الفن المعماري بيوتا شائعة لذوي الدخل المحدود في البادية الأردنية والمجتمعات الزراعية الدافئة في الأردن، وهي بالتالي تشكل فنا معماريا تفرضه البيئة، وعملا بالقول "الحاجة أم الاختراع".

المصدر : الجزيرة