المرأة العنكبوتية في إيران.. نجاح محفوف بالصعاب

الرياضية فرناز إسماعيل زادة
المرأة العنكبوتية الإيرانية (الجزيرة)

الجزيرة نت-خاص

كونها امرأة لم يمنعها أن تخوض مسارا رياضيا يحتكره الرجال غالبا، فحققت ما يعجز عنه كثير من نظرائها الإيرانيين، وأصبحت أسرع متسلقة في البلاد، تنال ميداليات قيمة في البطولات المحلة والآسيوية والدولية.

إنها "فرناز إسماعيل زاده" التي باتت تعرف بالمرأة العنكبوتية بعد أن اجتاحت فيديوهاتها مواقع التواصل خلال السنوات الماضية، واندهش الأجانب والمواطنون لحركاتها البهلوانية السريعة التي ذكرتهم بحركات "سبايدرمان" فأعطوها هذا اللقب.

حب البيئة
ولدت فرناز عام 1988 بمدينة زنجان الآذرية التي تبعد عن العاصمة طهران 334 كيلومترا، ونشأت وسط عائلة رياضية، تقول عنها "كنت محظوظة جدا، كوني ولدت في عائلة رياضية، والداي يمارسان رياضة تسلق الجبال، شقيقي فرشاد متسلق الجدران، شجعتني هذه الخلفية العائلية أن أخوض هذا المشوار بعد أن أصبحت أميل له وأنا يافعة".

حبها للبيئة قادها إلى الدراسة الجامعية في فرع علم النباتات، فتابعت دراسة البيئة بالجامعة نظريا، بينما راحت تحتضن صخورها وجبالها على أرض الواقع، مما سهل لها الجمع بين الدراسة والرياضة في آن واحد، وتقول "كنت أمارس الرياضة وفي الوقت نفسه أدرس بالجامعة علم النباتات، لأنني أحب البيئة حبا جما".

مسيرة حافلة
تقول "دائما كنت أحب أن أكون الأفضل منذ طفولتي، وعندما كنت أكبر رويدا رويدا وزادت تجاربي في رياضتي المفضلة، دفعني شغفي للتنافس والسرعة أن أختار أحد أصعب فروع تسلق الصخور، وهو تسلق السرعة، حيث أحب الصعود وأكره السقوط".

‪فرناز في بطولة إسبانيا 2016‬ فرناز في بطولة إسبانيا 2016 (مواقع التواصل)
‪فرناز في بطولة إسبانيا 2016‬ فرناز في بطولة إسبانيا 2016 (مواقع التواصل)

منذ 17 عاما تمارس فرناز رياضة تسلق الصخور، وانضمت بعد عام فقط المنتخب الوطني للمتسلقات فحصلت على مراكز أولى في مسابقات محلية، ثم شاركت لأول مرة بمسابقة السرعة الدولية في ماكاو بالصين ضمن دورة الألعاب الآسيوية داخل الصالات لعام 2007.

أصبحت -منذ بطولات العالم في إيطاليا لعام 2011- تركز على هذه الرياضة بشكل أكثر تخصصا ومهنية -حسب قولها- فنالت عام 2014 ميدالية الفضة في الألعاب الآسيوية بإندونيسيا في مسابقات السرعة للمتسلقات.

وفي بطولة الاتحاد الدولي بكندا لعام 2015 حصلت على المركز الأول وميدالية الذهب، مسجلة رقما قياسيا جديدا بعد صعودها الجدار البالغ طوله 15 مترا في 9 ثوان و0.2 من الثانية.

عقب مشاركتها في مسابقة السرعة للمتسلقات في الصالة في إسبانيا عام 2016 حازت على لقب "المرأة العنكبوتية" في إيران، لسرعتها الفائقة في تسلق جدار المسابقة بحيث لم تتمكن الكاميرات من ملاحقة حركاتها السريعة.

"عنكبوتية"
تتحدث عن هذا اللقب "يقولون عني فتاة عنكبوتية، أعطتني إياه مواقع أجنبية بعد أن اطلعت على فيديو عن تسلقي بأقصى سرعة ممكنة جدار المسابقات في بطولة العالم في إسبانيا عام 2016. لا أرى أن مثل هذه الألقاب أمر جيد لأنه لا يوجد في الرياضة أمر مطلق، وأنا أناضل لأجل التقدم فحسب لا غير".

‪تعود لممارسة تسلق الصخور بالبيئة‬ تعود لممارسة تسلق الصخور بالبيئة (مواقع التواصل)
‪تعود لممارسة تسلق الصخور بالبيئة‬ تعود لممارسة تسلق الصخور بالبيئة (مواقع التواصل)
ثلاثة حواجز
لم تحقق فرناز تلك النجاحات الباهرة ولم تصل إلى تلك المراتب العليا إلا بعد أن اجتازت ثلاثة حواجز، الأول نفسي حيث كان لديها رهاب المرتفعات يقترب من الأكروفوبيا منذ طفولتها، لكنها تغلبت على ذلك شيئا فشيئا مع مرور الزمن واستبدلت ذاك الرهاب بنقيضه أي الشجاعة والجرأة.

والحاجز الثاني أنه رغم تحولات كبيرة يشهدها المجتمع الإيراني في احترام حقوق المرأة بعيدة عن السياسات الحاكمة فإن قيودا مجتمعية وأخرى رسمية تعترض طريق النساء في ممارسة رياضة تخص الرجال أكثر مثل تسلق الصخور.

يترتب على ذلك حاجز ثالث فني، وهو قلة الإمكانيات والدعم المتوفر مما جعل فرناز تخوض هذا المسار بمجهودها الفردي دون أن يكون لها مدرب أو أماكن للتدريب.

مشكلات
تقول المرأة العنكبوتية "الرياضيات المتسلقات يعانين من صعوبات ومشاكل، حيث إنها لم تتحول إلى رياضة عادية ومقبولة، وإن لدينا وقتا قليلا للتمرين في الصالات المغلقة لقلتها، ونحن لا نستطيع أن نمارس التمرينات مع الرجال".

وتضيف أنه لم يكن لها أي مدرب حتى الآن بل حققت تلك الإنجازات من خلال القراءة ومشاهدة أفلام المسابقات الدولية، وأنه لا يدعمها أي شخص أو جهة رسمية، وأنها تمول مشاركتها في المسابقات الدولية من خلال أموال تحصلها في الجوائز.

‪حجابها لا يعوق اشتراكها حتى بالمسابقات الدولية‬ 
حجابها لا يعوق اشتراكها حتى بالمسابقات الدولية (مواقع التواصل)
‪حجابها لا يعوق اشتراكها حتى بالمسابقات الدولية‬
حجابها لا يعوق اشتراكها حتى بالمسابقات الدولية (مواقع التواصل)

الحجاب ليس عائقا 
حجابها لم يشكل حائلا أمام تقدمها في مسيرتها الرياضية، فتقول "إن كثيرين كانوا يستغربون عندما يرونني في المسابقات الدولية وأنا ارتدي الحجاب مما أثار تساؤلا عندهم حول قدرتي على التسلق بينما لباسي يختلف عن غيري من الفتيات".

وتضيف "كنت أقول لمن كان يسألني عن حجابي إنني متعودة على ذلك ولا أشعر بأي ثقل. اليوم بعد مشاركاتي الكثيرة في المسابقات الدولية لم يعد هذا السؤال مطروحا". 

شاعرة وموسيقية
فضلا عن التسلق، تمارس هذه فرناز هوايات أخرى مثل العدو واللياقة وتنس الريشة والتزلق، مستغلة أوقات الفراغ في العزف على الغيتار، والاستماع إلى الموسيقى، والرسم، ونظم الشعر.

وأصدرت أول ديوانها الشعري عام 2011 وشاركت في حفلتين موسيقيتين عازفة، لكنها بسبب ضغوط تمارينها الرياضية لم تتمكن من متابعة الموسيقى وكتابة الشعر بشكل مركز ومهني وفق قولها.

وبعد أن حرمتها الإصابة في قدمها من المشاركة ببطولات 2018 الدولية، تعكف فرناز اليوم على تحضير نفسها للمشاركة في بطولات آسيا 2019، وكذلك ألعاب طوكيو 2020 وألعاب ألاباما العالمية لعام 2021.

المصدر : الجزيرة