المنح تفجر أزمة في علاقة السلطات والرياضيين بتونس

مجدي بن حبيب-تونس

عادت قضية المنح المالية التي ترصدها السلطات التونسية لرياضيي النخبة الأبطال لتلقي بظلالها على الأوساط الرياضية، وتفتح أبواب الجدل حول الاتهامات الموجهة للسلطات بتعمد تهميش الأبطال الذين رفعوا راية البلاد عاليا، وعدم تحفيزهم ماديا، وتوفير متطلبات إعدادهم لخوض المسابقات الدولية المقبلة.

وأثار الخلاف الذي ظهر بداية يوليو/تموز الجاري بين السبّاح التونسي والبطل الأولمبي السابق أسامة الملولي ورئيس البعثة التونسية لألعاب البحر المتوسط (تاراغونا – إسبانيا 2018) عادل زهرة؛ مسألة الخلافات المالية بين السلطة وبعض الرياضيين، في ظل مطالبة جمعيات مدنية بمحاربة سوء التصرف في القطاع الرياضي ومحاربة إهدار المال العام.

خلافات واعتداءات

وكان زهرة أكد تعرضه للعنف من قبل الملولي، مضيفا أن الأخير طلب منه الحضور في اجتماع لأعضاء البعثة قبل أن يبادر بالاعتداء عليه عندما رفض ذلك لغياب الصفة، على حد قوله.

وقال زهرة في تصريحات لوسائل الإعلام "لحق بي وعمد إلى دفعي داخل المصعد والاعتداء عليّ وشتمي"، قبل أن يتابع "لم يسبق لي أن تعرضت للاعتداء خلال مسيرتي الرياضية التي امتدت إلى نحو ثلاثة عقود".

من جهته، أبدى الملولي بطل أولمبياد بكين 2008 ولندن 2012، والذي يستعد للمشاركة في أولمبياد طوكيو 2020 للمرة السادسة على التوالي، استغرابه من التهم الخطيرة الموجهة له.

وكشف الملولي للجزيرة نت عن أن ما حدث مجرد سوء تفاهم، وأنه لم يعتد على رئيس البعثة الذي لم يحترم تاريخه وتتويجاته الأولمبية والعالمية، على حد تعبيره.

وفي وقت لاحق قررت اللجنة الأولمبية التونسية إيقاف أسامة الملولي مؤقتا عن النشاط، في انتظار استكمال التحقيق في الحادثة واتخاذ الإجراءات المناسبة.

ولم تبق وزارة شؤون الشباب والرياضة بمنأى عما حصل؛ إذ دعت لمحاسبة كل الأطراف المتسببة في الحادثة، مطالبة الرياضيين بالتحلي بالمبادئ الأولمبية واحترام المواثيق الرياضية.

وأرجع متابعون حادثة "تاراغونا" إلى التوتر الذي يطغى على علاقة السلطة برياضيي النخبة منذ فترة بسبب تأخر صرف المنح المالية المرصودة لهم من قبل سلطة الإشراف للإعداد للمسابقات الدولية والأولمبية المقبلة.

تداعيات خطيرة
وعلى امتداد الفترة الماضية، توترت علاقة عدد من رياضيي النخبة -ومن بينهم أبطال أولمبيون- بالسلطة، واتهمت لاعبة المبارزة بالسيف عزة بسباس وزارة الرياضة بحرمانها من المبالغ المالية المنصوص عليها في عقد الأهداف المبرم بينهما.

يذكر أن بسباس توجت في يونيو/حزيران الماضي بذهبية بطولة أفريقيا، ثم ذهبية الألعاب المتوسطية (تاراغونا 2018).

وكان لاعبو المبارزة بالسيف أكثر الرياضيين انتقادا لمعاملة السلطات، فقد احتجت كل من سارة بسباس وإيناس بوبكري وفارس الفرجاني على عدم تنفيذ بنود العقود الموقعة مع الوزارة.

وعبرت سارة بسباس، المتوجة بذهبية كأس العالم في مناسبتين (الأرجنتين 2015 وقطر 2016) عن أن وزارة الرياضة لم تمنحها كامل المنحة المرصودة لها حسب العقد بحجة تعرضها للإصابة.

وأضافت في تصريح للجزيرة نت "نشعر بخيبة أمل جراء المعاملة التي وجدناها من السلطات، فقد فوجئت بصرف جزء فقط من المنحة الخاصة بي رغم أني لست مسؤولة عن الإصابة التي تعرضت لها، ما هكذا ينبغي أن تتم معاملتنا بعد أن رفعنا عاليا راية تونس وتألقنا في البطولات العالمية، نحتاج إلى تغيير جذري في صلب الهياكل المسؤولة عن رياضيي النخبة".

كما انضم السباح أسامة الملولي ولاعبة التنس أنس جابر لقافلة الرياضيين المنتقدين لسياسة السلطات، مطالبين بمنحهم حقوقهم المادية للإعداد للمشاركة في المسابقات العالمية.

41 عقدا للأبطال
في مقابل هذه الادعاءات، قالت وزارة شؤون الشباب والرياضة التونسية إن أزمة المنح والمستحقات المالية لرياضيي النخبة الأبطال مفتعلة بالأساس، وإن كل العقود تم إمضاؤها وتسويتها مبينة أن التأخير في صرف الأموال مرده إلى الإجراءات المصرفية المستوجبة لتحويل المبالغ بالعملة الصعبة.

وكشف المتحدث الإعلامي باسم وزارة شؤون الشباب والرياضة زياد السالمي عن أن وزارة الرياضة رفعت عدد العقود التي تستهدف دعم رياضيي النخبة إلى 41 رياضيا، بعد أن كان العدد لا يتخطى 15 سنة 2016.

وقامت سلطة الإشراف بتسوية كل الملفات الخاصة بعقود رياضيي النخبة لعام 2018، والتي تشمل لأول مرة رياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما رفعت قيمة المنحة السنوية من 240 ألف دينار (نحو مئة ألف دولار) إلى أكثر من ثلاثمئة ألف دينار (نحو 120 ألف دولار) آخذة في الاعتبار تراجع الدينار التونسي بحسب تصريح السالمي للجزيرة نت.

ونشرت وزارة الرياضة تفاصيل العقود التي تستهدف 41 رياضيا في أكثر من 16 اختصاصا، مبينة بالأرقام المبالغ التي يحصل عليها كل لاعب بحسب عقد الأهداف الذي يربطه بالوزارة.

وانتقد مدونون بمواقع التواصل المبالغ الضخمة التي يحصل عليها بعض الرياضيين في بلد يعيش صعوبات اقتصادية منذ عام 2011.