أقدمها يعود لـ11 ألف عام.. اكتشاف أقدم التلال العشبية التي شيدها السكان الأصليون في أميركا

يجول الباحثون الأرض بحثا عن آثار الحضارات القديمة. غير أن بعض هذه الآثار قد تكون أسفل منهم في الجامعات حيث يعملون.

نُسِّقت قمم التلال لتتوافق مع موقع النجم العملاق الأحمر (جامعة ولاية لويزيانا)
يبلغ ارتفاع التلال العشبية حوالي 6 أمتار وهي من أقدم البنايات البشرية في الأميركيتين (جامعة ولاية لويزيانا)

كشفت دراسة بحثية حديثة نشرت في دورية "أميركان جورنال أوف ساينس" (American Journal of Science) النقاب عن معلومات قيمة تخص تلال حرم جامعة ولاية لويزيانا (Louisiana State University)، بما في ذلك اكتشاف بعض بقايا عظام الثدييات التي يبلغ عمرها آلاف السنين.

وتعتبر هذه التلال العشبية التي يبلغ ارتفاعها حوالي 6 أمتار من بين أقدم البنايات التي شيدها الإنسان في الأميركيتين، وهي جزء من 800 تل بناها السكان الأصليون القدامى في لويزيانا.

تلال باقية

وفي الوقت الذي دُمِرَت فيه العديد من التلال في هذه المنطقة، بقيت تلال حرم جامعة ولاية لويزيانا كما هي، وقد تم إدراجها ضمن السجل الوطني للمواقع التاريخية.

في الدراسة التي نُشرت في يونيو/حزيران 2022، قام إيلوود ورفاقه بجمع الرواسب من تلك التلال لفحصها. وقد كشفت هذه الرواسب عن وجود طبقات من الرماد الخاصة بنباتات الخيزران والقصب المحترق، إضافة إلى عظام ثدييات متفحمة.

وقد أشار التأريخ بالكربون المشع (طريقة تستخدم لتحديد عمر المواد)، أن تلك التلال قد بنيت على مدى آلاف السنين، وأظهرت النتائج أن أقدم هذه التلال قد شُيِّد منذ حوالي 11 ألف عام.

وتشير طبقات الرماد وشظايا العظام المتفحمة المجهرية إلى أن كومة الرماد المكونة لأحد التلال الجنوبية -الذي أطلق العلماء عليه اسم التل "ب"- كانت تستخدم لأغراض احتفالية. ويعتقد أن حرق القصب والخيزران من شأنه أن يوفر الحرارة اللازمة للطهي.

بُنِيَت التلال على مدى آلاف السنين، وأقدمها يعود عمره إلى 11 ألف عام (جامعة ولاية لويزيانا)
بُنِيَت التلال على مدى آلاف السنين وأقدمها يعود عمره إلى 11 ألف عام (جامعة ولاية لويزيانا)

بناء جديد

وقد وجد العلماء العديد من بقايا العظام المجهرية المتفحمة، لكنهم لا يعرفون نوع الثدييات التي تم حرقها، ولماذا حُرِقَت.

وقد توقف السكان الأصليون عن استخدام التل "ب" منذ حوالي 8200 عام؛ إذ تشير الرواسب الخاصة بتلك الفترة الزمنية إلى أن التل "ب" لم يستخدم لمدة وصلت إلى ألف عام. والجدير بالذكر أنه منذ حوالي 8200 عام تقريبا شهد نصف الكرة الشمالي حدثا مناخيا انخفضت فيه درجة الحرارة فجأة بمتوسط 1.7 درجة مئوية تقريبا (35 درجة فهرنهايت)، واستمر ذلك حوالي 160 عاما.

وفي البيان الذي نشرته جامعة ولاية لويزيانا، يقول إيلوود "لا نعرف السبب وراء ترك هذه التلال منذ حوالي 8200 عام. لكننا نعلم أن بيئة المنطقة قد تغيرت فجأة بوتيرة كبيرة، وهو ما قد يؤثر على العديد من مناحي الحياة اليومية".

وقد بدأ السكان الأصليون بناء تل جديد شمال التل الأول منذ حوالي 7500 عام، لكنهم استعانوا هذه المرة بالطين من السهول الفيضية، حيث يقع حاليا مدخل ملعب "تايغر" في حرم الجامعة، وقد كان هذا المكان في ذاك الوقت مصبًا.

وباستخدام هذا الطين، قام السكان الأصليون ببناء الكومة الثانية -الذي أطلق عليه العلماء التل "أ"- طبقة تلو الأخرى، حتى وصلوا إلى ارتفاع بلغ طوله نصف طول التل الحالي. ويحتوي التل "أ" على طين مشبع بالماء، مما يجعله غير مستقر. ولذا، فإنه من الضروري الابتعاد عنه حفاظا عليه.

نُسِّقت قمم التلال لتتوافق مع موقع النجم العملاق الأحمر (جامعة ولاية لويزيانا)
نُسِّقت قمم التلال لتتوافق مع موقع النجم العملاق الأحمر (جامعة ولاية لويزيانا)

اهتداء بالنجوم

ووفقا للتحليلات الجديدة لطبقات الرواسب وأعمارها، يبدو أن السكان الأصليين أزالوا التلة "ب" التي هُجِرت من قبل، وأعادوا بناءها حتى بلغت الارتفاع الحالي، وذلك قبل الانتهاء من التل "أ". وقد انتُهِي من كلا التلين منذ 6 آلاف عام تقريبا، وهما متساويان في الطول تقريبا.

وتحاذي قمتا التليين بعضهما عند 8.5 درجات شرق الشمال الجغرافي الحقيقي. ويذكر عالم الفلك جيفري كلايتون -المشارك في الدراسة- أنه "منذ حوالي 6 آلاف عام كان النجم العملاق الأحمر -المعروف باسم السِّماك الرَّامح أو حارس السماء (Arcturus)- ساطعا في الليل عند 8.5 درجات تقريبا شرق الشمال الجغرافي"، مما يعني أنه كان من الممكن أن يكون مصطفا عند قمتي كلا التلين، ويعتبر هذا النجم من ألمع النجوم التي يمكن رؤيتها من الأرض.

ويختتم إيلوود قائلا "ربما نسق الأشخاص الذين شيدوا هذه التلال -منذ حوالي 6 آلاف عام- اتجاهها لتتوافق مع هذا النجم اللامع، الذي شوهد في سماء الليل في ذلك الوقت".

المصدر : مواقع إلكترونية