البرازيل الأكثر تضررا.. تغير المناخ يهدد التوازن البيئي

ABUNA, BRAZIL - JUNE 25: Dead trees stand in a recently deforested section of the Amazon rainforest on June 25, 2017 near Abuna, Rondonia state, Brazil. Deforestation is increasing in the Brazilian Amazon and rose 29 percent between August 2015 and July 2016. According to the National Institute for Space Research, close to two million acres of forest were destroyed during this timeframe amidst a hard hitting recession in the country. According to the Environmental Defe
أشجار ميتة في قطاع من غابات الأمازون المطيرة في البرازيل (غيتي)

محمد الحداد

تتفاعل النظم البيئية على كوكب الأرض مع بعضها البعض ضمن شبكة واسعة من التفاعلات بين النباتات والحيوانات والحشرات والفطريات والكائنات الدقيقة، ويكمن الجزء الأساسي من هذه الشبكة في التوازن الحاصل بين مكونات السلسلة الغذائية التي تربط الحيوانات المفترسة بالحيوانات العاشبة، وتنظم الإنتاج النباتي على كوكبنا.

لكن هذا التوازن الدقيق قد يكون عرضة للتهديد المباشر في المستقبل بسبب التغيرات المناخية، وفق دراسة حديثة أعدها باحثون من جامعات برازيلية وسويدية وفنلندية وسويسرية وبريطانية، ونشرت مؤخرا في دورية "نيتشر كلايمت تشينغ".

وتظهر الدراسة أن تغير المناخ يمكن أن يعيد توزيع قوة التفاعلات البيئية بين الأنواع المفترسة وفرائسها الطبيعية، كما أن ارتفاع درجات الحرارة ومناخا أكثر استقرارا مع تقلبات موسمية أقل يؤديان إلى ضغط افتراس أكثر كثافة.

وسيؤدي عدم الاستقرار المناخي المتزايد -وخاصة في المناطق الاستوائية- إلى انخفاض عام في ضغط الافتراس بالمناطق المدارية، في المقابل سيرتفع ضغط الافتراس في بعض المناطق المعتدلة.

قياس مخاطر الافتراس
وقال "غوستافو كيوفيدو روميرو" -الأستاذ بمعهد البيولوجيا في جامعة "كامبيناس" البرازيلية والباحث الرئيسي بالدراسة- إنهم تناولوا أسباب الخلل الذي يتعرض له النظام البيئي، وتوضح الدراسة أنه يمكن تفسيره بمكونات المناخ التي ستتغير في المستقبل، خاصة درجة الحرارة الآخذة في الارتفاع على نحو متسارع.

 إعادة تنظيم قوى تفاعلات الأنواع يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على النظم البيئية الأرضية وخدمات النظم البيئية التي توفرها 
 إعادة تنظيم قوى تفاعلات الأنواع يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على النظم البيئية الأرضية وخدمات النظم البيئية التي توفرها 

"إن إعادة تنظيم قوى تفاعلات الأنواع يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على النظم البيئية الأرضية وعلى خدمات النظم البيئية التي توفرها، مثل المكافحة البيولوجية ودورة المغذيات" كما يوضح الباحث في تصريح للجزيرة نت.

وتعتمد الكثير من المزارع العضوية في المناطق المدارية على التحكم البيولوجي من قبل الأعداء الطبيعيين للآفات التي تصيب المحاصيل، وقد تؤدي التغييرات المتوقعة في المناخ إلى إضعاف فعالية الحيوانات المفترسة في السيطرة على هذه الآفات.

وتستند الدراسة الحالية في الوصول لنتائجها إلى بيانات دراسة سابقة نشرت عام 2017 بمجلة "ساينس" شارك فيها أحد الباحثين في الدراسة التي نحن بصددها.

في الدراسة السابقة، قام الباحثون بقياس لدغات أو علامات تغذية أخرى على يرقات اصطناعية لإثبات أنه كلما ارتفع خط عرض النظام البيئي -من خط الاستواء إلى المناطق المعتدلة والقطبية- قلت احتمالية افتراس المخلوقات العاشبة.

وقام الباحثون بقياس مخاطر الافتراس لـ 2879 نموذجا من اليرقات المصنوعة من البلاستيسين الأخضر، ومراقبتها في 31 موقعا حول العالم على طول مسار عرضي من 30.4 درجة جنوبا، متوازيا في منطقة ريو جراندي دو سول جنوب البرازيل وجنوب أفريقيا ووسط أستراليا، إلى 74.3 درجة شمالا، تمتد في القطب الشمالي في كندا وغرينلاند وأقصى شمال سيبيريا.

والبلاستيسين مادة لدائنية تتكون من أملاح الكالسيوم والفازلين ومركب عضوي، واسمها مسجل علامة تجارية.

وأظهرت النتائج تراوح درجات قياس مخاطر الافتراس في 31 موقعا من 0 في الدنمارك إلى 2100 متر فوق مستوى سطح البحر في الإكوادور.

وتم تثبيت اليرقات البلاستيسينية إلى الجانب العلوي من أوراق النباتات التي لم يلحق بها ضرر، وبأقصى ارتفاع متر واحد. وبناء على نتائج تحليل علامات الهجوم المفترسة التي تصنعها الأسنان والمناقير أو الفكوك، حدد الباحثون هجمات ست مجموعات مفترسة هي: الطيور والسحالي والثدييات والمفصليات والقواقع والرخويات.

 قوة التفاعل الحيوي تزيد بالاتجاه نحو خط الاستواء وتنخفض بالاتجاه نحو القطبين
 قوة التفاعل الحيوي تزيد بالاتجاه نحو خط الاستواء وتنخفض بالاتجاه نحو القطبين

قوة التفاعل الحيوي
أكد الباحثون الفرضية القائلة إن قوة التفاعل الحيوي تزيد بالاتجاه نحو خط الاستواء وتنخفض بالاتجاه نحو القطبين. وقارنوا بيانات الافتراس وبيانات الموقع مع البيانات المناخية الحيوية الحالية والمستقبلية القائمة على عدة نماذج مناخية تتنبأ بتغير المناخ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

واستخرج المؤلفون مجموعة من المتغيرات البيولوجية المناخية من قاعدة بيانات تضم 19 متغيرا بيولوجيا تطبق عالميا على شبكة ذات دقة تصل إلى كيلومتر مربع واحد.

بعد ذلك، استخدموا طريقة نمذجة المعادلة الهيكلية لتحديد الأهمية النسبية للتأثيرات المباشرة وغير المباشرة لدائرة العرض، والارتفاع عن سطح البحر، والمناخ المحلي الأساسي، على ضغط الافتراس. ووفق الدراسة فإن أكثر العوامل توضيحا لضغط الافتراس هي درجة الحرارة.

وقد تنبأ الباحثون بإعادة توزيع ضغط الافتراس على نطاق عالمي لسيناريو المناخ 2070 مستبعدين تأثير الأمطار، في حين تشدد الدراسة على أن ضغط الافتراس سيتأثر بشدة بسبب تقلبات درجات الحرارة والانقلابات الحرارية في بعض البيئات. و"سوف يتفاقم هذا التأثير في المناطق الاستوائية حيث من المتوقع أن يصبح المناخ أكثر اضطرابا" كما يوضح روميرو للجزيرة نت.

كما سيزداد ضغط الافتراس بشكل معتدل في المناطق المعتدلة في أميركا الشمالية وآسيا. أما في إسكندنافيا، فإن الزيادة في ضغط الافتراس ستكون أكبر بين المفصليات التي تتضمن الحشرات والعنكبوتيات والقشريات.

وسوف ينخفض ​​ضغط الافتراس في المناطق الاستوائية حيث توجد معظم النظم الإيكولوجية المتنوعة بيولوجيا، بما في ذلك أفريقيا الاستوائية وجنوب شرق آسيا وأميركا الجنوبية الاستوائية وأميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي.

وتتوقع الدراسة أن تكون البرازيل البلد الأكثر تضررا بسبب موقعها في المناطق المدارية، وضيق غابات الأمازون المطيرة.

المصدر : الجزيرة