بلا حدود

هل دخل تعاطي أنقرة مع الرياض مرحلة جديدة بشأن خاشقجي؟

ناقشت هذه الحلقة من “بلا حدود” تطورات وتداعيات جريمة مقتل خاشقجي السياسية على السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان، على ضوء زيارة النائب العام السعودي وبيان المدعي العام التركي الأخير.

قُبيل وصول النائب العام السعودي سعود المعجب إلى مطار إسطنبول عائدا إلى بلاده؛ خرج المدعي العام في إسطنبول عرفان فيدان -في بيان رسمي- ليؤكد ما سُرّب سابقا عبر وكالات الأنباء ووسائل الإعلام، من أن جمال خاشقجي قُتل خنقاً داخل القنصلية السعودية في إسطنبول وتم تقطيع جثته والتخلص منها.

وأوضح فيدان تفاصيل ما جرى استنادا إلى التحقيقات والأدلة، قائلا إن النائب العام السعودي نفى وجود متعاون محلي تركي كانت السلطات السعودية قالت إن المتهمين سلموه جثة خاشقجي للتخلص منها. وهو ما يُعتبر تضاربا جديدا في الروايات السعودية المتناقضة أصلا بشأن مصير الجثة.

حلقة هذا الأسبوع من "بلا حدود" (2018/10/31) تابعت تطورات وتداعيات جريمة مقتل جمال خاشقجي السياسية على السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان، على ضوء زيارة النائب العام السعودي وبيان المدعي العام التركي الأخير.

وقد استضافت الحلقة سارة ليا ويتسون رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، وياسين أقطاي مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم.

يؤكد أقطاي أن كل الأنظار اتجهت لزيارة النائب السعودي وتحركاته في تركيا، وما سيسفر عنه التعاون بين الطرفين لتتضح القضية ويجيب السعوديون على كل الأسئلة التي طرحها الأتراك: أين الجثة؟ ومن أرسل القتلة ووظفهم في الجريمة؟ ومن هو المتعاون المحلي الذي تقول الرواية السعودية إنه تسلم الجثة للتخلص منها؟

وأضاف أن التعاون السعودي لم يكن في المستوى المطلوب لأن المعجب لم يُجب على أي من هذه الأسئلة وإنما قدم معلومات نُشرت من قبل، بل كان هناك تعويق وكأن النائب العام السعودي لم يأت للتعاون في التحقيقات وإنما لأخذ المعلومات التي يمتلك الادعاء التركي الكثير منها، وتركيا لديها قناعة بأن زيارة المعجب كانت مضيعة للوقت.

انتهاكات حقوقية
وأوضح أقطاي أن التصريحات الجديدة للمدعي العام التركي تعني دخول القضية مرحلة جديدة، لأنه يلقي لأول مرة بيانا يقدم فيه كل المعلومات والإيضاحات المهمة التي جمعها من المخابرات والأدلة والاعترافات.

ومع عدم القطع بوجود أدلة تحدد بالضبط من أمر بقتل خاشقجي فإنه ليس هناك أحد يعتقد أن القتلة الـ15 يمكنهم فعل ذلك إلا بأمر مسؤول أكبر منهم، وبما أنهم كلهم مرتبطون بمكتب ولي العهد فهذا يعني أنه هو المشتبه به في هذه القضية، خاصة أنه لم ينف صلتهم بمكتبه، وإذا لم يجب على الأسئلة فكأنه يقر باتهامه بالقضية.

وأشار أقطاي إلى أن أنقرة طالبت الرياض بتسليم الـ15 الذين جاؤوا عمدا لقتل الرجل، ولأن الجريمة كبيرة وقد وقعت على أرض تركيا فلا بد من محاكمتهم فيها لأن هذا حقها القانوني. وإذا لم يأتوا فسيكون ذلك إقرارا منهم بحكم المحكمة الذي ستصدره عليهم غيابيا حسب أدلة التحقيق التي لديها.

ومن جهتها؛ رأت ويتسون أن ما فعله النائب العام السعودي المعجب -في زيارته لإسطنبول- محاولة لكسب الوقت لكي تنسى وسائل الإعلام الموضوع، مشيرة إلى أن التحقيق ينبغي أن يبدأ من مكتب ولي العهد السعودي ويقدم الإجابات من هناك.

وقالت ويتسون إن ما جرى لخاشقجي "قتل بشع وسادي" بعد أن استخدمت السلطات السعودية "طريقة خبيثة لاستدراجه" إلى إسطنبول، ثم أرسلت فريقا لقتله وتقطيع جسده وهذا فعل سادي، وكذلك معاقبة ابنه بمصافحة قاتل أبيه قاصدة محمد بن سلمان.

وأكدت أنه لا يمكن الركون إلى التحقيق السعودي وما سيتبعه من محاكمة لأن المشتبه به الأول -وهو بن سلمان- هو المتهم في التحقيق، والسعودية تثير سخرية العالم بإسنادها مسؤوليةَ التحقيق في الجريمة إلى المشتبه الأول بها.

وطالبت ويتسون السلطات التركية بنشر كل المعلومات والأشرطة الصوتية التي لديها علنا، لأنه إذا لم تنشرها فورا فإن ذلك قد يوحي بأن تركيا تستغلها سياسيا في العلاقات مع السعودية. واقترحت على أنقرة أن تتيح للأمم المتحدة تولي التحقيق لتزيح عنها مثل هذه الاتهامات.

وأكدت الحقوقية الدولية أن سجل السعودية الحقوقي السيئ يتجاوز ملف خاشقجي إلى عشرات المعتقلين من الحقوقيين والناشطات من النساء، والدعاة المعتدلين المطالبين بالإصلاح الذين اتهمهم بن سلمان بالإرهاب وحاول إسكاتهم بالسجون.

وقد رصدت منظمتها انتهاكات كبيرة منذ وصوله إلى الحكم مثل تركيزه كل السلطات في يده. وقالت إن "الجانب الجيد" في قضية خاشقجي هو أن يد بن سلمان لم تعد مطلقة ليرتكب مثل هذه الانتهاكات.