سيناريوهات

عريقات: انهيار السلطة وارد وما يجري أخطر من صفقة القرن

ناقش “سيناريوهات” بحلقته بتاريخ (2018/12/20) الخيارات المتبقية أمام السلطة الفلسطينية ومصيرها في ظل التحديات المتعاظمة، بعد الحديث عن صفقة القرن وسعي بعض الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل.

على وقع مداهمات واقتحامات بالضفة الغربية، تواصل الحكومة الإسرائيلية إمعانها في الاستخفاف بالسلطة الفلسطينية، مستبيحة مناطق نفوذها ومتهمة إياها بالتحريض.

وتزامنا مع هذه الإجراءات، تعلن الإدارة الأميركية على لسان مندوبتها في الأمم المتحدة أن خطتها للتسوية المعروفة بصفقة القرن باتت جاهزة للطرح على أطراف الصراع، وما على الفلسطينيين إلا أن ينتهزوا الفرصة قبل فوات الأوان.

حلقة "سيناريوهات" بتاريخ (2018/12/20) ناقشت الخيارات المتبقية أمام السلطة الفلسطينية، وتساءلت عن مصيرها في ظل هذه التحديات المتعاظمة.

واقع السلطة
وعن مستقبل السلطة الفلسطينية، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إنه أكثر من مقلق، إذ إن الاحتلال الإسرائيلي ينشر صورا لرئيس السلطة محمود عباس معلنا ودون مواربة الاستهداف الجسدي له، في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال استباحة بيوت الفلسطينيين بالضفة وتجري إعدامات ميدانية، في حين تقرر الولايات المتحدة وقف أكثر من 850 مليون دولار مساعدات كانت تقدم لوكالة الأونروا، وتقرر إغلاق مكاتب السلطة بواشنطن.

وأكد عريقات أن إسرائيل تسعى من كل هذه الممارسات لانهيار السلطة الفلسطينية، سعيا للقضاء على المشروع الفلسطيني الذي تمثله السلطة الفلسطينية والمطالب بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1976 وعاصمتها القدس الشريف، وتضمن حق عودة اللاجئين والإفراج عن الأسرى.

"لكن إسرائيل لا تريد الوفاء بهذه الالتزامات، فهي تريد سلطة فلسطينية بلا سلطة، ودولة بدون غزة، واحتلال بلا كلفة، وهذا ما رفضه عباس".

وحول الانقسام الداخلي ودوره في إضعاف الموقف الفلسطيني على الصعيد الدولي والخارجي، قال عريقات "إن لم يساعد الفلسطينيون أنفسهم فلن يساعدهم أحد،" ودعا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للانتصار للقضية الفلسطينية والبدء بتنفيذ الاتفاق الموقع يوم 12 أكتوبر/تشرين الثاني 2017، والذي يقضي بتسليم السلطات لحكومة الوفاق.

وأوضح المسؤول الفلسطيني أنه يوجد مشروعان في فلسطين، مشروع إنهاء الاحتلال وتمثله السلطة الفلسطينية، ومشروع حزبي وتمثله حماس بأفعالها، و"من دون الوحدة الداخلية الفلسطينية فلن نستطيع السير في المشروع الأهم".

وأكد عريقات أن إسرائيل ومعها الإدارة الأميركية تعملان على تعزيز الانقسام، ولا تريدان تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين.

صفقة القرن
وفيما يتعلق بصفقة القرن، قال عريقات إن الإدارة الأميركية لم تكشف تفاصيل هذه الصفقة لأي طرف سواء كان عربيا أو غربيا، وأن المسؤولين الأميركيين في الاجتماعات المغلقة يقولون دائما "نحن نسمع حتى لا نكرر أخطاء الماضي"، دون أن يكشفوا عن أي بند من بنود الصفقة.

غير أن عريقات أكد أن ما يجري على الأرض أخطر من أي تفاصيل قد تأتي بها صفقة القرن، من حيث نقل السفارة الأميركية للقدس الشرقية على اعتبارها عاصمة إسرائيل، ومن حيث التوسع الاستيطاني وخنق الفلسطينيين اقتصاديا وانتهاك حرياتهم.

ورفض عريقات بشدة محاولة بعض العرب تبرير تطبيعهم مع إسرائيل بأنه لمصلحة الفلسطينيين، مؤكدا أن التطبيع العربي مع إسرائيل يعتبر طعنة في ظهر الفلسطينيين واستباحة لدم الشعب الفلسطيني وتغافلا عن جرائم الاحتلال الصهيوني.

ورغم بعض مظاهر التطبيع التي أقدمت عليها بعض الدول العربية مؤخرا، فإن عريقات شدد على قناعته بأن العرب لن يطبعوا بشكل كامل مع إسرائيل، وأن القدس تعتبر خطا أحمر بالنسبة لهم. ولا توجد أي دولة عربية سواء خليجية أو غير خليجية يمكن أن تقبل بالمساومة على القدس.

وأوضح عريقات أن سبب التجافي في العلاقة بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية هو تشبث الأخيرة بالقدس وبالحقوق الفلسطينية، مشددا على أن السلطة لن تتنازل عن هذه المواقف مهما بلغت قسوة الظروف.

وفيما يتعلق بموقف جاويد كوشنير صهر الرئيس الأميركي والذي يلعب دورا واضحا بالقضية الفلسطينية، قال عريقات إنه تحدث مع كوشنير كثيرا، وإن الأخير يتصرف بناء على قناعات أيديولوجية بحتة، فهو بوصفه يهوديا يؤمن بأن أرض فلسطين لليهود وأن الاستيطان شرعي، ويريد فرض الدولة اليهودية بالقوة ضاربا عرض الحائط باتفاقيات السلام السابقة.

التحديات القادمة
بدوره يرى رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري أن التحدي الأخطر هو وجود أمر واقع من خلال تمرير مجموعة من القوانين مثل يهودية الدولة، مشيرا إلى وجود "أفق أسود ينتظر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني" مع إقراره بأن الأوضاع العربية ساعدت إسرائيل في المضي بمشروعها.

واعتبر المصري أن انهيار السلطة هو أخطر ما يدبر لها، لأنه سيؤدي لموجات نزوج كبيرة، و"قد تنتهي الضفة بالكامل وتبقى غزة هي الدولة الفلسطينية وقد تدفع لها الأموال من أجل التنمية"، داعيا الفلسطينيين للإسراع للمصالحة بأي ثمن.

وفيما يتعلق بالموقف الأردني، أكد أن عمان ترفض كل الحلول التي جاءت بها الإدارة الأميركية، "لكن الأردن لا يستطيع أن يحمي فلسطين بمفرده، ولا حل فلسطينيا من دونه".

بدوره شدد كبير الباحثين بالمجلس الأميركي للسياسة الخارجية جيمس روبنز على ضرورة معرفة تفاصيل صفقة القرن من أجل الحديث عن تأثيراتها على القضية الفلسطينية، غير مستبعد أن يتم تأجيلها بسبب التحديات الداخلية الأميركية وما يوجه ترامب نفسه من مشاكل بالداخل الأميركي.