حديث الثورة

رؤية إسرائيل للسيسي وتصاعد الانتهاكات بمصر

تشير كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك التي دعا فيها واشنطن لدعم المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، إلى رؤية إسرائيلية تضع آمالا عليه وترغب بشدة في وصوله إلى الحكم.

تشير كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك التي دعا فيها واشنطن لدعم المرشح الرئاسي في مصر عبد الفتاح السيسي وعدم انتقاده بشكل علني، إلى رؤية إسرائيلية تضع آمالا عليه في المستقبل وترغب بشدة في أن يصل إلى سدة الحكم في مصر.

حول هذه القضية، إضافة إلى تصاعد الانتهاكات الحقوقية بمصر خلال الشهر الماضي، دارت حلقة الجمعة (9/5/2014) من برنامج "حديث الثورة" التي استضافت حقوقيين وخبراء في العلوم السياسية.

وكان باراك قال في كلمة ألقاها أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إنه "يتعين على الولايات المتحدة في بعض الأحيان التنازلُ عن قيم الدفاع عن الحرية والديمقراطية بهدف حماية مصالحها"، وأضاف أنه شعر بالفرح بعدما تدخل الجيش واعتقل الرئيس المعزول محمد مرسي وأخرج الرئيس المخلوع حسنى مبارك من السجن.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز الأميركية خليل العناني قال إن التصريحات الإسرائيلية -إضافة إلى ما سبق من تصريحات لوزير الخارجية المصري نبيل فهمي وصف فيها العلاقة بين مصر والولايات المتحدة بالزواج- تؤكد أن السيسي سيكون امتدادا لمبارك.

وأضاف أنه ليس من مصلحة إسرائيل وجود ديمقراطية حقيقية في مصر، لذلك فهي تحاول تأكيد طائفية الصراع في المنطقة بدلا من صفته السياسية، وأوضح أن تل أبيب ترى أن الأنظمة "الأوتقراطية" هي التي يمكنها تحقيق الاستقرار للمنطقة.

ويقسم العناني موقف الولايات المتحدة مما يحدث في مصر إلى موقفين: أولهما رسمي متردد في وصف ما حدث بالانقلاب، وآخر غير رسمي للمنظمات الحقوقية والمدنية ووسائل إعلام تعتبر أن مصر لا تسير في المسار الديمقراطي.

لكنه أكد أن واشنطن ستتعامل مع السيسي -حال فوزه- باعتباره أمرا واقعا في مصر، وستعطيه فرصة قصيرة لتحقيق الاستقرار وضمان بقاء المصالح الأميركية كما كانت موجودة في السابق.

باراك: شعرت بالفرح بعدما تدخل الجيش المصريواعتقل مرسي وأخرج مبارك من السجن (رويترز-أرشيف)
باراك: شعرت بالفرح بعدما تدخل الجيش المصريواعتقل مرسي وأخرج مبارك من السجن (رويترز-أرشيف)

ارتياح إسرائيلي
من جهته، قال محلل الشؤون السياسية في "راديو إسرائيل" شمعون أران إن باراك لا يمثل إسرائيل رسميا، لكنه اعترف بوجود ارتياح كبير في إسرائيل من احتمال وصول السيسي إلى سدة الحكم.

وبرر أران هذا الارتياح الإسرائيلي بأن السيسي ظل على اتصال مستمر مع إسرائيل عندما كان في منصب وزير الدفاع، كما أن هناك تطابقا في المصالح بين الجانبين، وعلاقات إستراتيجية وتعاونا عسكريا واستخباريا على مستويات مختلفة.

وأضاف أن هناك أملا كبيرا في إسرائيل بأن يواصل السيسي هذه الرؤية عقب توليه الرئاسة، مشيرا إلى أن السيسي يعمل ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجماعة الإخوان المسلمين وهو نفس ما تعمل إسرائيل من أجله.

ومن واشنطن تحدثت كبيرة الباحثين في معهد كارينغي للسلام الدولي مارينا أوتاوي مستبعدة أن تواجه تصريحات باراك في الولايات المتحدة بارتياح، وقالت إن واشنطن تريد أن تعود مصر إلى الديمقراطية كي تكسب دعمها.

أما عن موقف واشنطن من السيسي، فترى مارينا أن إدارة الرئيس باراك أوباما تعتبر السيسي أكثر مصداقية ويمكن الاعتماد عليه، لكنها في الوقت نفسه حذرة جدا في علاقاتها معه نظرا لأن الأمور قد تتغير بسرعة، مؤكدة أن الأحداث الساخنة في مصر وتصرف السلطات حيالها يصعب كثيرا من موقف الولايات المتحدة.

غير أن المحامي والناشط الحقوقي أسعد هيكل لا يرى أهمية لتصريحات باراك، مؤكدا أن إسرائيل تتحدث وفق مصالحها وهناك وسائل إعلام إسرائيلية تشن هجوما على السيسي بسبب تصريحاته الخاصة بالدولة الفلسطينية.

واعتبر هيكل أن هذه التصريحات هدفها إفشال خارطة الطريق المصرية التي قال إنها تسير بخطى ثابتة، مؤكدا أن الأوضاع مستقرة تماما في مصر.

أحكام الإعدام بالجملة أساءت إلى سمعة القضاء المصري داخليا وخارجيا (الجزيرة)
أحكام الإعدام بالجملة أساءت إلى سمعة القضاء المصري داخليا وخارجيا (الجزيرة)

انتهاكات حقوقية
وفي الجزء الثاني تناولت الحلقة تصاعد الأحكام القضائية ضد مناهضي الانقلاب في مصر الشهر الماضي، وهو ما أظهرته تقارير حقوقية كان أحدثها تقرير للمرصد المصري لحقوق الإنسان أشار إلى أحكام غير مسبوقة في التاريخ صدرت ضد مناهضي الانقلاب.

المحامية والناشطة الحقوقية نيفين ملك تعتبر أن الزج بالمؤسسة القضائية في المعترك السياسي ومحاولة توظيفها سياسيا لصالح فصيل ضد آخر، يضع الوطن في طريق التحول إلى الهمجية ومحاولة الحصول على العدالة بعيدا عن القضاء.

وتؤكد ملك أن سمعة القضاء المصري في الداخل تواجه إشكالية كبيرة، حيث أصبح لدى المواطن شك كبير في العدالة.

وفي المقابل يقول أسعد هيكل إن الأحكام القضائية الصادرة بحق مناهضي الانقلاب ليست بالسابقة التاريخية، مشيرا إلى أنه خلال عامي 2011 و2012 كان في مصر أكثر من 14 ألف سجين وصلت مجموع الأحكام الصادرة بحقهم إلى 30 ألف سنة.

ورغم اعترافه بتردي حالة حقوق الإنسان والمبالغة في استخدام الكفالات كعقوبة في مصر، فإنه قال إن ذلك يحدث منذ ما قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وبرر الوضع الحالي بأن البلاد تمر بمرحلة انتقالية.