العراق ما بعد الحرب

تطهير العراق من عناصر حزب البعث

مدى إمكانية تطهير العراق من حزب البعث وكوادره، حيثيات وتداعيات حل وزارة الإعلام والجيش والأجهزة الأمنية العراقية، البعد الإنساني في حل المؤسسات العراقية وتأثير العنصر السياسي في القرار، دور عامل الكفاءة في الارتقاء العلمي والأكاديمي في العراق.

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيوف الحلقة:

د. مازن الرمضاني: أستاذ العلوم السياسية – جامعة النهرين
أمير الحلو: مدير عام في وزارة الإعلام سابقاً
محمد محسن الجبوري: عقيد في سلاح المدفعية

تاريخ الحلقة:

24/05/2003

– مدى إمكانية تطهير العراق من حزب البعث وكوادره
– حيثيات وتداعيات حل وزارة الإعلام والجيش والأجهزة الأمنية العراقية

– البعد الإنساني في حل المؤسسات العراقية وتأثير العنصر السياسي في القرار

– دور عامل الكفاءة في الارتقاء العلمي والأكاديمي في العراق


undefinedمحمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في موعدنا اليومي من بغداد في (العراق ما بعد الحرب).

لقاؤنا اليوم سنتناول فيه ما يُسمى الآن بتطهير المجتمع العراقي من حزب البعث، وذلك كما تجلَّى في الأمر الصادر عن (بول بريمر) المدير الإداري للسلطة الائتلافية المؤقتة كما تسمى القوات الأميركية والبريطانية هنا في العراق.

هذا القرار هو يعتبر تفصيل أكثر للقرار الذي صدر في السادس عشر من أبريل/ نيسان بحل حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم سابقاً في العراق، وهذا القرار يُلغي هياكل الحزب، ويُقصي قياداته من مراكز السلطة والمسؤولية في المجتمع العراقي، الأمر أيضاً يفصل مستوى هذه القيادات عضو قيادة قطرية، عضو الفرع، عضو الشعبة، عضو الفرقة، ويشار إليهم بلفظ كبار أعضاء الحزب، هؤلاء يحظر عليهم في المستقبل العمل في أي وظيفة في القطاع العام، وسوف يتعرضون – كما يقول الأمر – للتحريات ولتقييم مدى ما ارتكبوه من ممارسات إجرامية أو ما يشكلونه من خطر على أمن الائتلاف حسب تعبير الأمر، أيضاً ستجرى مقابلات شخصية مع هؤلاء المسؤولين، ليس فقط كبار المسؤولين، وإنما أيضاً حتى صغار المسؤولين كما يقول الأمر إذا ما اتضح أن لهم رتبة عضو عامل في الحزب، وبول بريمر في نهاية هذا الأمر يقول: بأن هناك إمكانية لمنح استثناءات على أساس دراسة كل حالة على حدة.

إذن سنحاول التطرق لما يُسمى بتطهير المجتمع العراقي من حزب البعث كما جاء في الأمر الصادر عن بول بريمر.

ضيوفنا في هذه الحلقة هم السادة الدكتور مازن الرمضاني (أستاذ العلوم السياسية في كلية العلوم السياسية بجامعة النهرين في بغداد وعميد كلية العلوم.. يعني نفس الكلية قبل الحرب)، ضيفنا الثاني هو السيد أمير الحلو، وهو (مدير عام في وزارة الإعلام العراقية سابقاً) هذه الوزارة بالطبع التى حُلَّت مؤخراً بشكل كامل، ضيفنا الثالث هو العقيد محمد محسن علي الجبوري وهو (عقيد في سلاح المدفعية الفرقة 51)، وأيضاً وزارة الدفاع حُلت بالكامل، وكذلك المؤسسة العسكرية والجيش.


مدى إمكانية تطهير العراق من حزب البعث وكوادره

نبدأ مع ضيوفنا السيد دكتور مازن كيف يمكن أن نقرأ هذا الأمر، وهل يمكن فعلاً أن يُطهَّر -بين قوسين- المجتمع العراقي من حزب البعث وكوادره بشكل كامل؟

د. مازن الرمضاني: نعم، شكراً جزيلاً ابتداءً على الدعوة الكريمة، وللإجابة على التساؤل الذي تفضلتم به، يعني أود أن أؤكد إن هذا الأمر الصادر عن الإدارة الأميركية في العراق قد تم استكماله بإلغاء ثمة وزارات في العراق لو تأملنا ولو انطلقنا من تجربة الولايات المتحدة الأميركية في اليابان وفي ألمانيا بعد الحرب لوجدنا إن الإدارة الأميركية آنذاك قد عمدت إلى ثمة إجراءات تتماثل والإجراءات التي تتخذها الآن حيال مواطنين عراقيين، سواء كانوا يعني من ما يُسمى بكبار أعضاء حزب البعث، حزب البعث أو من صغار أعضاء الحزب.

أنا أدعو إن الإدارة الأميركية لن تكتفي بالتغيير السياسي الذي حصل في العراق، وإنما سوف تعمد إلى إحداث تغيير في هياكل.. تغيير جذرى في هياكل السلطة في المجتمع العراقي تغييراً جذرياً، إدراكاً منها إن هذا التغيير هو الذي سوف يمهد الولايات المتحدة إلى المضي في طريق تحقيق الأهداف المنشودة جراء قدومها إلى العراق، هي جاءت إلى العراق لكي تبقى، لا لكي ترحل بعد مدة من الزمان، هم لم يأتوا في نزهة للتعرف على جمال العراق وعلى يعني هذا البلد التاريخي الحضاري العريق، وإنما جاءوا لتحقيق ثمة أهداف، ولكن هذا القرار والقرارات الأخرى التي يعني أُريد بها استكمال إقصاء ما سُمِّي بكبار البعثيين وصغار البعثيين كذلك، هذا القرار أو هذه القرارات لها ثمة أبعاد استراتيجية.

محمد كريشان: هم يقولون لضمان ألا يتم تسرب هؤلاء للإدارة المقبلة، على أساس ضمان نجاعتها في المستقبل يعني.

د. مازن الرمضاني: نعم، لكن هذا.. هذا هم ما يقولونه يعني، دعهم يقولون ما يقولون، أرض الواقع هي التي تكشف عن القول، الأفعال هي التي تتكلم وليس مجرد الأقوال، ولكن هذه القرارات مجتمعة لها أبعاد حقيقة استراتيجية، يعني في غاية الخطورة لا أدري إن كانت الإدارة الأميركية في العراق قد تأملت في أبعادها أو لم تتأمل، يكفي أنه ذكر ثلاثة أبعاد تُشكِّل عندي بمثابة المثلث إن تكاملت أضلاع هذا المثلث تكاملاً طردياً إيجابياً، فالنتائج سوف تعكس طبيعة هذا التكامل أو الحالة المعاكسة عدم التكامل بالنتائج التي تُعبِّر عن عدم التكامل، هذه الأضلاع الثلاثة هي.. هي الأبعاد الاقتصادية.. الإنسانية، ثم الأبعاد الاقتصادية، ثم الأبعاد السياسية.

محمد كريشان: وهذا ما سنحاول تفكيكه في هذه الحلقة لو سمحت.

د. مازن الرمضاني: نعم.. نعم.

محمد كريشان: سيد الحلو، أنت كنت مدير عام في وزارة الإعلام، لا نعلم إن كنا نقول مدير عام سابق أو وزارة الإعلام سابقاً.

أمير الحلو: وزارة الإعلام سابقاً.

محمد كريشان: وزارة الإعلام سابقاً، هذه الوزارة حُلَّت بالكامل.

أمير الحلو: نعم.


حيثيات وتداعيات حلِّ وزارة الإعلام والجيش والأجهزة الأمنية العراقية

محمد كريشان: برأيك لماذا تم استهداف وزارة الإعلام ووزارة الداخلية بمعنى الأجهزة الأمنية وغيرها، وكذلك وزارة الدفاع؟ يعني من ناحية هناك انتقاء لاستئصال بعض البعثيين في بعض الإدارات، وهناك إدارات حُلَّت بالكامل، لماذا برأيك؟

أمير الحلو: كما تعلم حضرتك إحنا المدنيين المقولة الاستراتيجية في الجيش يقول: السوق الشامل، بمعنى هناك هدف استراتيجي أساسي لأي سلطة كانت لخدمة هذا الهدف توجد وسائل لتحقيق الهدف، من هذه الوسائل وسائل عسكرية ووسائل إعلامية، ووسائل اقتصادية، اجتماعية، دبلوماسية، سياسية، هذه تخدم الهدف الاستراتيجي، فعندما تسقط الهدف الاستراتيجي أو السلطة الاستراتيجية لابد أن تكون الوسائل المساعدة التي توصل الحاكم أو الحكومة مهما كان شكلها للأهداف الاستراتيجية لها لابد وأن تُحل، وزارة الإعلام من المعروف منذ تشكيلها في عام 58 بعد ثورة 14 تموز 58، وأعتقد كان المرحوم صديق شنشن أول وزير كانت تسمى وزارة الإرشاد، هي في خدمة السلطة، هذا شيء طبيعي اعتيادي، وكل السلطة منذ عام 58 – وهي سلطة عسكرية – إلى هذا.. إلى.. إلى السقوط الأخير، وإلى الاحتلال الأميركي حالياً، وسائل الإعلام هي أداة بيد من يحكم، الآن على الساحة العراقية توجد إذاعات إذا نسير مع الخط الإذاعي نجد إذاعات، صوت كذا وصوت كذا وصوت كذا، هي تخدم الاحتلال الأميركي، على التليفزيون كذلك، إذن باستمرار الإعلام هو أداة من أدوات السلطة الحاكمة، وبالتالي حل وزارة الإعلام هو لا شك مبادرة من قِبَل الأمريكان لإسقاط جهة معينة مؤثرة أساسية كانت موجودة في النظام السابق، ولكن هذه المرة الأولى في تاريخ العراق منذ قيامه كدولة لحد الآن أن تقوم قوات الاحتلال بحل سلطة من هذا النوع وتحديد بالنسبة إلى حزب البعث، وأنا بالمناسبة لست بعثياً، عندما أدافع لا أدافع لكوني يعني بعثي يعني أو شيء، ولست متضرراً من كل هذه الإجراءات الموجودة، ولكن أقول الحق أنه لأول مرة..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني عفواً يعني قبل أن تكمل الفكرة – بين قوسين – كيف يمكن أن يكون الإنسان مديراً عاماً في وزارة الإعلام في العراق وهو ليس بعثي؟

أمير الحلو: نعم، أخ محمد، ولو هو خروج عن الموضوع، لما جاءو البعثيين عام 68 لاستلام السلطة يوم 31 حقيقة، ليس يوم 17 تموز، عندما حُسم الأمر مع عبد الرزاق النايف والجماعة دخل الأستاذ الصحاف بنفسه كان يحمل رتبة ملازم أول، أنا كنت مدير الإذاعة العراقية، بمعنى أنني خريج معهد التدريب الإذاعة والتلفزيون في القاهرة، وإعلامي، ومنذ عام 63 أشتغل في جريدة كان يرأس تحريرها المرحوم باسل الكبيسي، ويشرف عليها المرحوم غسان كنفاني، فتعلمت الصحافة منهما، وأنا قومي عربي، وبالتالي عندما جاء البعثيون لم يجدوني في الشارع، وإنما وجدوني مديراً للإذاعة، وبالتالي إذا كان خارج الموضوع أو لا، في عام 73 أرسل علينا 40 شخصية قومية عربية من قِبَل صدام حسين، وتحدث معنا حوالي أربع ساعات، وقال أن هناك تطابق كامل بين الفكر القومي والفكر البعثي، وبالتالي لن نسمح بوجود حزب قومي في العراق، من يريد أن ينتمى إلى حزب البعث ينتمي، ومن يريد أن يعمل في مجاله ولا ينتمي إلى حزب البعث، فليقم بذلك، ونحن لسنا ضده، أنا اخترت الجانب الثاني، وبالتالي.. يسموه التدرج الوظيفي منذ عام 68.. أنا 67 مدير إذاعة عراقية، منذ عام 68 إلى عام 2003 أعتقد وضع طبيعي أن أكون مدير عام، ليس هذا المجال الذي نتحدث فيه.

ولكن بالنسبة إلى وزارة الإعلام -باعتقادي- أن حلها بهذه الطريقة يعني من قِبَل قوات الاحتلال، وبطريقة سُويت مع الأجهزة الأمنية كان بالإمكان أن تقوم قوات الاحتلال بإجراء آخر مساوٍ للوزارات الأخرى، أن تنتقي العناصر التى تعتقد أنه لا ينطبق عليها هذا القرار بشكل هيكلي ولمرحلة معينة لإعادة التشكيل، لأنه.. لأنه لو أعطيك الأعداد العاملة، وليست سياسية في وزارة الإعلام ستذهل لعدد العاملين، وخصوصاً أن المرأة تكون 70% من العاملين في وزارة الإعلام، أين يذهبوا منذ شهر أخ محمد -وأنا منهم – لم نستلم ديناراً واحداً، كيف يعيشون؟ كانت مديرة الحسابات تطلب من يوم 18 أو 20 في الشهر أوقع الصك حتى يستطيعوا أن يأكلوا ويأخذوا غذاء، قبل يوم 30 في الشهر، اليوم صار شهرين وأكثر من شهرين لا غذاء لهم..

محمد كريشان: نعم، هذه.. نعم.

أمير الحلو: تأتي بقرار وتحل وزارة كاملة، ولا يعلم أكثر من ثلاثة.. أربعة آلاف إنسان أين يذهبوا، وكيف يعيشوا..

محمد كريشان: هذه التبعات الاجتماعية والإنسانية سنخصص لها محور للحديث، لأنها.. لأنها عنصر مهم جداً في.. في المعادلة..

أمير الحلو: نعم، أنا أعتقد.. متسرعين في هذا القرار يعني.

محمد كريشان: نعم، العقيد محمد محسن علي الجبوري، أنت عقيد في سلاح المدفعية، فرقة 51، وبالطبع مثل وزارة الإعلام المؤسسة العسكرية حُلت كلها، الجيش كله حُل، كيف يمكن أن.. أن تصف هذا الوضع ولديك فكرة عمَّ.. العدد الإجمالي لمن يشملهم هذا الأمر؟

محمد محسن الجبوري: بسم الله الرحمن الرحيم.. نشكر قناة ( الجزيرة) لإتاحتها الفرصة إلنا نعبر عن رأينا.

كلنا نعلم أنه التوجه الأميركي أو التوجه الغربي ضد الجيش العراقي قبل هذا الأوان، وشتته الحروب، وكبدته خسائر كبيرة، وهذه الحرب الأخيرة ما.. ما نقول ما أبقت صورة حقيقية للجيش العراقي، الجيش العراقي الغرب يعرفوه، وإسرائيل نفسها تعرفه، إنه توجُّهه توجه ليس قُطري وإنما توجه قومي، فالآلية العسكرية كانت جداً مهمة لضرب الآلية العسكرية العراقية، ولحل الجيش العراقي، ما كو دولة كلنا نعلم ما عندها جيش، والجيش العراقي جيش أَبيٌّ، شجاع، دافع عن العراق، ودافع تاريخيا عن القضايا القومية، ففي كل الحروب حرب 48، حرب 67، حرب 73 ..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن حضرة العقيد، أليس يعني معقولاً -بين قوسين- بالنسبة لبلد هُزمت.. هُزم الجيش العراقي في المعركة الأخيرة، دخلت قوات احتلال لتغيير وضع سياسي واقتصادي واستراتيجي في المنطقة، أصلاً الجيش العراقي الآن حُلَّ حتى بطبعه، يعني من ترك بزته العسكرية وغادر قد لا يحتاج إلى قرار أميركي بحله أصلاً، الجيش لم يعدُ قائماً يعني عملياً.

محمد محسن الجبوري: نعم، كلامك صحيح، الجيش عملياً ما موجود، بس حالياً موجودين أكثر من 250 ألف ضابط حالياً هم -مثل ما اتفضل الأساتذة الكرام قبلي- أنه عندهم عوائل، وهذه مهنة، هذه أشرف مهنة هو الدفاع عن.. عن الوطن، مهنة العسكري ليست تمارس مع أحد، وليس لنظام يخضع لنظام اللي يقوده، هل يقبل الجيش الأميركي أو الإدارة الأميركية إنه ضابط عندها أو جندي ما يقاتل في جيشها؟ إحنا قاتلنا دفاعاً عن.. عن وطننا وعن مبادئنا.

من جنابك تقول لي انحل الجيش العراقي. نعم، انحل نتيجة التكنولوجيا اللي يملكها الغرب، والجيش العراقي جيش معروف بشجاعته وبصموده، وبكفاحه ضد الأعداء وهاي التاريخ يحكيه مو إحنا، وصارت قضايا إحنا ما نقدر نتشعب فيها، قضايا سياسية، قضايا أقوى من إرادتنا اللي صارت الصورة في الجيش العراقي اللي أمامكم هاي.

محمد كريشان: نعم، طالما نتحدث عن الجيش العراقي يعني عبد السلام أبو مالك حاول أن يتوجه بالسؤال إلى عدد من العسكريين حول هذا الموضوع، حول موضوع حل المؤسسة العسكرية، نتابع مع بعض هذه اللقطات.

عزام حسن محمد (عميد متقاعد): بالنسبة لقرار حل الجيش العراقي، قرار مُتوقع، كدولة محتلة وجاية احتلت البلد بالقوة العسكرية، فأول شيء يتبادر للذهن إنها راح تقضي على أي مقاومة، مقاومة تتمثل.. المقاومة الشرعية والمقاومة الأصل تتمثل بالقوات المسلحة، فلذلك أول شيء تعمله هو حل هذه القوات، وهذا شأنهم شأن أي دولة أخرى تفرض سلام أو تفرض على دولة أخرى كما حصل باتفاقيات سابقة مع إسرائيل، أهم بند من الاتفاقيات هو تقليص الجيش، تحديد سلاحه. فما فوجئنا بهذا الأمر يعني.

د. عبد الوهاب القصاب ( مركز الدراسات الدولية – جامعة بغداد): بالتأكيد القرار هو قرار متوقع يعني، مُتوقع أن يحل تنظيم القوات المسلحة العراقية، حالها حال أي.. نتيجة يعني منازلة بين قوتين تحوز إحداهما قصب السبق، لكنه يعني ما يحز بالنفس أن الجيش العراقي كمؤسسة وطنية معروف عنها، وهي أول جيش حقيقةً تأسس في المنطقة لدولة مستقلة، لأن العراق أول دولة استقلت في منطقة المشرق العربي، وحازت على استقلالها الناجز، وأن له تاريخ حقيقة عميق، كان ينبغي أن يتم التعامل معه بشكل يعني أكثر حصافة كما أرى، هذا من ناحية.

من ناحية ثانية أن قذف 400 ألف إنسان إلى الشارع فجأة وحرمانهم من حقهم في العمل اللي هو واحد من حقوق الإنسان أيضاً كانت نقطة سلبية، كان ينبغي التوقف لديها طويلاً، ووضع الحلول لها سوية مع قرار الحل.

د. عادل محمود مضهور (مركز الدراسات الدولية – جامعة بغداد): أعتقد القرار كان فيه نوع من التسرع ولن يخدم، لن يخدم حتى الائتلاف نفسه، لأنه كل عسكري وهم بمئات الألوف مرتبطين بعوائل، وكل عائلة من خمسة إلى ستة إلى عشر نفرات وهؤلاء أيضاً يحتاجون إلى معيشة، ولهم مستوى معين من المعيشة، هاي واحدة.

اثنين: هناك عديد من الكفاءات الموجودة في هذه.. في القوات المسلحة بالذات قادرة على أن تبني، هذا ليس.. ليس الجيش الأول الذي يُعاد تنظيمه، مرحلة إعادة التنظيم مرحلة موجودة في جميع مراحل تطور الجيوش، فيحتاج الجيش إلى خبرات وإلى كفاءات ليس نظرية فقط، وإنما عملية أيضاً، فأعتقد هناك كثير من العناصر العملية والنظرية تحتاج.. يحتاجها الجيش لبناء.. وما أكو دولة – في الحقيقة – لضمان أمنها لا تحتاج إلى قوات مسلحة.

د. سلمان الجميلي (مركز الدراسات الدولية – جامعة بغداد): هذا القرار ينطوي على خطورة كبيرة، وهو إنه سوف يعرض حياة أو يعني الحياة الاجتماعية لقطاع كبير من الموظفين أو من المستخدمين في الدولة، بما يؤدي إلى إشاعة حالة من اليأس والإحباط لدى هؤلاء، وقد تنعكس إلى.. أو تتطور إلى أنهم سوف يجدون أنفسهم بدون عمل وبدون مستقبل، وعليه فقد تكون انعكاسات هذا الأمر هي أخطر من النتائج المتوخاة منه، ذلك إن عدم إيجاد حل لمشاكل هؤلاء وعدم توفير موارد مالية لهم، لا سيما وقد اعتادوا على حياة.. على الحياة الوظيفية ولم يعتادوا على الأعمال الخاصة، سوف يجعل من هؤلاء طبقة كبيرة في المجتمع عاطلة وطبقة تشعر بالإحباط والحرمان والنقمة على إدارة الاحتلال، وبالتالي قد تتحالف هذه الطبقة أو تتبلور مع جماعات أخرى ناقمة على الاحتلال، مما يؤدي إلى لجوئها إلى العنف أو إلى مقاومة الاحتلال بشتى الوسائل.

رند حكمت (مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة بغداد): طبعاً هذا القرار بالتأكيد راح يضيف أعباء كثيرة على كاهل هذا المجتمع الكبير، لأن هو أساساً مجتمع دا يعاني من بطالة كبيرة، فثانياً أنتم راح تسرحون هذه الأعداد الهائلة والكبيرة من المجتمعات راح تصب في خانة البطالة، وإحنا نعرف البطالة شنو تأثيرها و انعكاساتها السلبية اجتماعياً واقتصادياً على البلد، والبلد هسه في ظرف صعب جداً يعني، مو فيه وقت إنه إحنا نضيف أعباء أكثر من الأعباء اللي دا يتعرض لها البلد، وبعدين هادولا الكوادر اللي دا تسرحوها هذه كوادر علمية تعب عليها البلد سنين طويلة وبهم درسوا بالخارج، أنتوا راح تحرمون البلد من عندها، زين؟ ثم من.. من الناحية الأخرى هذا القرار بالتأكيد هو ما يخدم بناء العراق وما يخدم إعادة إعمار العراق.

البعد الإنساني في حل المؤسسات العراقية وتأثير العنصر السياسي في القرار

محمد كريشان: إذن كانت هذه آراء لمجموعة من الباحثين والأكاديميين والمحللين حول موضوعنا الذي نخصصه اليوم لما اُعتبر أو ما وُصف بتطهير المجتمع العراقي من حزب البعث سواءً كعناصر منتقاة من الإدارات أو كحل كامل مثلما حصل في وزارة الإعلام والأجهزة الأمنية ووزارة الدفاع والجيش، دكتور رمضاني أشرت قبل قليل إلى الأبعاد المختلفة لهذا القرار لو نبدأ بالبعد الإنساني، وربما بالتخصيص على المجال الأكاديمي، هل من السهل في الجامعة مثلاً: إقصاء كفاءة علمية، حتى ولو كان بعثياً، أم تعتبر أن العنصر السياسي هو الحاسم الآن، وليس الكفاءة العلمية؟

د. مازن الرمضاني: يعني باختصار شديد هو العنصر السياسي حاسم أكيد على العنصر الأكاديمي، لكن أرجو أن تسمح لي من فضلكم، الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للقطاع الأكاديمي في العراق، تعلمون أن سنوات الحصار قد تركت ظلالها على مسيرة التعليم العالي في العراق، أنا لا أنكر إن.. إن التعليم العالي خلال هذه الفترة قد شهد إبداعات – بدون شك – يعني الكثير من زملائي الأفاضل في الجامعات العراقية بذلوا الشيء الكثير من أجل الارتقاء بالمسيرة.. مسيرة التعليم العالي في العراق إلى آفاق أرحب وأوسع، والدليل على ذلك تفوق الكثير من الطلبة على الرغم من مُخرجات الحصار، ونحن جميعاً، والعالم يعلم جميعاً ماذا أدى الحصار بنا سواء على صعيد التعليم العالي أو على شتى صُعُد الحياة، الآن إخراج كفاءات حتى وإن كانت بعثية لابد أن ينطوي على مُخرجات سوف تُفضي إلى مزيد من تدهور الحالة المتدهورة أصلاً، ومما يساعد على ذلك إن مدخلات التعليم العالي خلال فترة الحصار كانت مدخلات في العموم محلية، بمعنى إن هذا الباحث هذا الطالب يتخرج من جامعة عراقية ثم يأتي ليدرِّس في الجامعة العراقية ذاتها أو في جامعة أخرى، وبالتالي التعليم العالي حُرِم خلال فترة الحصار وفي الحقيقة حتى قبل فترة الحصار يجب أن أكون موضوعياً، حُرِم من مدخلات تعرفت على حضارات، تعرفت على.. على ثقافات، تعرفت على لغات أجنبية حرم التعليم العالي من هكذا كفاءات وبالتالي يعني ترى.. يعني إن مسيرة التعليم العالي على الرغم من كل الصعوبات سوف تجد بعد إخراج كبار البعثيين من وظائفهم في الجامعات، مسيرة التعليم العالي أنا أعتقد سوف تشهد مزيداً من التدهور، مزيداً من التراجع، أنا طبعاً أشعر بالأسى لحالة صارت تقريبا شبه عامة، يعني الأمر هو لا يقتصر على زملائي أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات العراقية، وإنما يشمل أيضاً عراقيين، نحن نحب العراق، نحن نجعل العراق أولاً وقبل كل.. كل شيء، الكثير من هؤلاء الموظفين الذين سُرِّحوا لا علاقة لهم حتى بالحزب حقيقة يعني، عدد كبير..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن.. عفواً.. ألا.. ألا تُعوِّل على هذه الاستثناءات التي وردت في الأمر ربما تُراجع، لأنه ستجري الآن مقابلات، كل هؤلاء يُفترض أن يلتقون بمسؤولين في هذه القطاعات، يعني ربما شخصية كُفئة من الناحية العلمية ومشهود لها بالإبداع ربما في ضوء الاستثناء قد يقع الإبقاء عليها يعني؟

د. مازن الرمضاني: أخي.. أخي محمد المحترم يعني لنتساءل: عدد الذين سيُسار إلى مقابلتهم، بالتأكيد سوف يكون كبير..

محمد كريشان: جداً. صحيح.

د. مازن الرمضاني: كبير جداً، إذن الفترة الزمنية ستكون طويلة جدا، هذه الفترة الزمنية -مثلما تفضل زملائي- من أين سوف يأتي هؤلاء بلقمة العيش؟ إذن البطالة عن العمل، البطالة سوف تُفضي ربما إلى الجوع، والجوع ربما يفضي إلى العنف، وبالتالي سوف ربما -أنا أقول ربما- نبقى في ضمن إطار الاحتمال، سوف يعني هذه العملية سوف تفضي إلى مزيد من عدم الاستقرار إننا نتطلع إلى عراق مستقر، عراق يعيش الأمل، الأمن، عراق يفكر بالحاضر ويتأمل في المستقبل، يعني هذا الشعب شعب حضاري، شعب تاريخي، شعب تتوافر أو يتوافر على قدرة الإبداع إن أُتيحت له الفرصة، وبالتالي عندما نجعل شرائح كبيرة من هذا المجتمع خارج نطاق العمل، البلد سوف بالتأكيد يتأخر، هنا أود أن أذكر بتجربة، يعني مهمة جداً، اليابان وألمانيا عاشت الحالة كما نعيشها نحن الآن، لكن اليابانيون خرجوا من خراب الحرب إلى العمل، إلى الإنتاج وبالتالي ترى بعد أربع سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية عادت اليابان إلى الحال التى كانت عليها قبل الحرب العالمية الثانية، إذن هذا..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن بالنسبة – عفواً- بالنسبة لألمانيا النازية -وبعضهم يشبه الحالة أكثر- وقع إبعاد كل العناصر النازية على أساس أنها عناصر عنصرية أو غيرها ولا يجوز أن تستمر في مواقع القرار، يعني ألمانيا عاشت فترة….

د. مازن الرمضاني: نعم.. نعم، لأ، أكيد، بس يعني أرجو ألا نعمم، ليس كافة عناصر حزب البعث – حسب ما نعرف – ونحن جميعاً عشنا في هذا البلد يعني سنوات طويلة، ليس كافة عناصر حزب البعث هي من العناصر المجرمة، أبداً

محمد كريشان [مقاطعاً]: التعميم.. التعميم..

د. مازن الرمضاني: التعميم غير صحيح يعني يجب أن يدرس الوضع بتأني أكثر، حتى لا يسار إلى إحداث المزيد من المآسي، نحن نعيش الآن مأساة حقيقة، ويؤلمني أن أقول هذا الكلام لأني أنا وسواي من الشعب العراقي يعيش حالة اللادولة، حالة ما قبل العقد الاجتماعي الذي تكلم عنه (روسو) وإلى آخره من كبار المفكرين الإنجليز.

محمد كريشان: نعم، والسيد أمير الحلو كان أشار قبل قليل إلى التبعات الإنسانية المعيشية على هؤلاء الموظفين، لو تشرح لنا أكثر كم عدد الموظفين في وزارة الإعلام؟ وما مصيرهم؟ هل هناك تعويضات؟ هل هناك إعطاء لبعض الرواتب مسبقاً، حتى على الأقل كفترة انتقالية؟

أمير الحلو: نعم، أنا أستطيع أن أُقسِّم وزارة الإعلام إلى قسمين، قسم سياسي وقسم تقني – إذا صح التعبير- القسم السياسي هو الذي يشمل الصحف والمجلات ووكالة الأنباء العراقية وإدارة الإعلام، يعني إدارة الإعلام الخارجية، هذه في كوادرها الأساسية مسيَّسة أو مطلوب منها أن تكون سياسيَّة كانعكاس لسياسة الدولة وهؤلاء لا يمثلون 25% أو أقل من نسبة العاملين في وزارة الإعلام، قد أفاجئك أن نسبة العاملين الهندسيين والفنيين التكنوقراط في وزارة الإعلام يعادل ما لدى وزارة الصناعة من فنيين، من كهربائيين..

محمد كريشان [مقاطعاً]: عفواً عندما نقول.. نقول وزارة الإعلام. هل معنى مبنى الوزارة تحديداً أم وكالة الإعلام اللي وكالة الأنباء، الإذاعة والتليفزيون؟

أمير الحلو: لا لا.. وكالات وفي كل العراق، من أقصى نقطة إلى أقصى نقطة في الجنوب توجد مرسلات إذاعية وبث ومهندسين وعاملين..

محمد كريشان [مقاطعاً]: هادول كلهم أحيلوا.

أمير الحلو: كلهم الآن يشملهم هذا القرار..

محمد كريشان: يستوى في ذلك الصحفي الذي كان يدبلج افتتاحية لمدح النظام وبين الفني الذي يدير الجهاز؟

أمير الحلو: هذا.. هذا.. هذا الذي أقوله أنه هناك في وزارة الإعلام مفارقة أنه هناك تيار سياسي -إذا صح التعبير- تمثله الإدارات التي ذكرتها، أما الجانب الآخر، وهو الجانب الهندسي وهو يمثل نسبة عالية جداً من العاملين في الإذاعة والتلفزيون، يجب النظر بأنه هؤلاء عصارة كفاءة الدولة العراقية فعلاً أعرفهم بالأسماء، بالألكترونيات وبالقضايا الكهربائية والهندسة، يعني يعتبرون من خيرة العاملين في الدولة العراقية هم العاملين في ما يسمى بالهيئة الهندسية في وزارة الإعلام، كذلك في دائرة الإعلام هناك دار الحرية للطباعة، أكفأ الطبَّاعين والعاملين في جهاز الطباعة في العراق موجودين في دار الحرية للطباعة التى حُرقت كذا مرة ولكن الكادر الموجود فيها أو الأطر -كما تقولون – هي أُطُر متعوب عليها يعني دارسة في الخارج ومتعلمة، ومتكونة، كذلك العديد من المراكز الأخرى مراكز توثيقية إعلامية توثيقية بمعنى أرشيف وأمور من هذا النوع، أنا مسؤول عن مركز تدريب إعلامي، أنا مدير عام مركز تدريب إعلامي آخر منصب، هذا يدرب على الكمبيوتر، يعني كل الدورات اللي فيه على كيفية استخدام الكمبيوتر، دا لا علاقة له بالسياسة، القصد بأنه تعميم أن وزارة الإعلام بأكملها تُسرَّح وبدون تحديد.. أنا أعرف أن الإعلام الغربي ليس فيه وزارة إعلام، بمعنى لو كان حُدِّد مسبقاً بأنه الصحف والمجلات فلتتبع الأحزاب والأشخاص ومن يريد أن يفتح، مؤسسة الإذاعة والتليفزيون ووكالة الأنباء العراقية يمكن أن تكون عائدة إلى سين من الإدارات، يعني بره تكون بمجلس الوزراء، الـ BBC معروف فين مرتبطة، يعني توجد هيئات في العالم مماثلة لوكالة الأنباء…

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني.. يعني كانت هناك مخارج أخرى غير هذه..

أمير الحلو: نعم، مخارج أخرى غير عملية الحل، إذن هناك إدارات سياسية كان بالإمكان إلحاقها بما يماثلها من إدارات سياسية، أما الإدارات المدنية وهي الغالبية في وزارة الإعلام فلا علاقة لها لا بالسياسة وبالحزب ولا بأي شيء آخر.

محمد كريشان: ولم تُعطَ لها مهلة ولا تعويض.

أمير الحلو: لا مهلة ولا.. أنا يا أستاذ محمد أقول لك – وأنا مدير عام – وقدرت أن أعيش شهرين وأكثر من كذا يوم لم آخذ دينار واحد، كيف أعيش هذا.. في ظل تعرف أنت البنزين والمواد الغذائية وكذا، وحتى الـ10 آلاف دينار التي أعطونا آخر راتب منها لا تمشي في السوق، شوف المفارقة، معنى كيف نعيش وأنا بمستوى مدير إعلام؟ فكيف الموظفين اللي معاي؟! تأتي هذه الفاجعة الجديدة ويقال لهم اذهبوا إلى بيوتكم بدون أن يحدد بالضبط يعني مع هذا التقرير اللي حضرت اطلعنا عليه جميعاً، كان يجب أن تصدر إحنا بالدولة العراقية، تصدر قرارات ثم تصدر تعليمات تفصيلية لهذه القرارات، إذن كان يجب أن يقول: على العاملين في وزارة الإعلام أن ينتظروا خارج إطار الصحف ووكالة الأنباء العراقية وأي إدارة أخرى إدارة الإعلام، أما ما تبقى وهي حوالي 12 أو 13 إدارة أخرى غير سياسية، عليهم أن يراجعوا المكان الفلاني لتثبيت أوضاعهم، فكان القرار جائر الواقع يعني، أنا أتحدث من ناحية وزارة الإعلام، أما موضوع الحزب موضوع أخر.

محمد كريشان: نعم، موضوع وزارة الإعلام ربما بإمكان بعض الكفاءات أن تتجه إلى.. إلى.. إلى مجالات أخرى، لكن ربما الأزمة أكثر بالنسبة.. للجيش الحِرَفي الذي لا يستطيع.. لا يستطيع أن يتوجه إلى مجالات أخرى.

أمير الحلو: هي.. هو أن الآن أكثر العاملين في الإدارات الصحفية السابقة، بدت الصحافة الموجودة الحزبية والفردية تحاول أن تستوعب بعض العناصر، وهذه ظاهرة إيجابية أنا أعتقد..

محمد كريشان: نعم، لنا عودة لاستكمال هذه الحلقة من ( العراق ما بعد الحرب)، ونخصصها لحل بعض الوزارات، وإقصاء كامل لكل البعثيين والقياديين في هذا الحزب السابق سواء الآن أو في المستقبل.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: العقيد محمد الجبوري، هؤلاء الذين تم تسريحهم وذكرت أنه عددهم تقريبا 250 ألف ضابط، هل أعطوا مهلة معينة نفس السؤال الذي سألته للسيد أمير؟ هل أُعطوا عدد من الرواتب؟ هل سمعتم عن تعويضات ربما ستدفع لكم؟ ما هي الصورة المالية في هذا المجال؟

محمد محسن الجبوري: بالنسبة للضباط بعد انتهاء الحرب أي صورة ما تلقوا بصدد إنه رواتبهم أو المكافآت اللي راح ياخدوها، أو إحالتهم على التقاعد، لكن إحنا بصدد هذا الموضوع بدي نقول إنه أكو ها الـ 250 عندهم 250 عائلة، هي خاضعة لرواتب شهرية، تستطيع بها القوت مالته إنه يعيش عائلته، فها القرار هذا المجحف -أعتبره- راح يحرم مو فقط الضابط بل يزيد على الضابط (اضرب) عدد الضباط في 4 أضعاف بعوائلهم، فراح تصير أعتقد كارثة، ودُولا يعني -مثل ما تفضل الدكتور مازن- راح تؤدي إلى أمور أخرى، لأنه عائلته أمامه وما يقدر.. تعرف الضابط مهنته احترف القتال، ما عنده غير مهنة يمتهنها حتى يستطيع من عندها أنه يعيِّش عائلته، آني يعني عندى مداخلة واحدة إنه الإدارة الأميركية حاربت المثقفين، حاربت الأبي، حاربت اللي يدافع عن وطنه، وسمحت للرعاع أمام الأعين والقتلة بأن يسرقون أمام عينهم، دُولا اللي.. اللي صعدوا الرعاع، والأُباة الناس اللي دافعوا عن وطنهم وهو وظيفتهم الأساسية الدفاع عن وطنهم، هادول انهملوا، والناس المثقفين انهملوا، والناس الأحرار انهملوا، هذا اللي أريد أقوله يعني.


دور عامل الكفاءة في الارتقاء العلمي والأكاديمي في العراق

محمد كريشان: نعم، دكتور رمضاني أشرت قبل قليل إلى أن القطاع الأكاديمي ربما يشهد فراغ غير مأمون بسبب هذا القرار، ولكن في المقابل ألا تعتقد بأن ربما بعض الأكاديميين أو بعض الوجوه العلمية الجيدة لم تُسنح لهم الفرصة في السابق لاعتبارات سياسية، ظُلموا، وحوسبوا سياسياً، وأن ربما الآن هو مجال الارتقاء العلمي الأكاديمي بدون تلوين سياسي، لا بعثي ولا غير بعثي، صالح أكاديمياً أو غير صالح، هل تعتقد بأن هناك على الأقل هذا الجانب الإيجابي؟

د. مازن الرمضاني: يعني إحنا في هذا البلد نحتاج بالتأكيد إلى الكفاءة لتسير شؤون الدولة.. الدولة العراقية في العموم ومن بينها طبعاً مسيرة التعليم العالي، يعني لا معيار غير معيار الكفاءة، إن حصل الذى تفضلتم بالإشارة إليه نتمنى أن لا يتكرر يعني نحن نتطلع إلى.. إلى.. إلى إعادة بناء العراق مرة أخرى بالاتجاه الذي يعني يسمح للعراق أن يؤدي الدور الذي ينبغي أن يؤديه، نعم شعوب عاشت تجارب، وأنا معجب بالتجربة الألمانية، ومعجب بالتجربة اليابانية، وكذلك الكورية، والماليزية، شعوب من الدمار نهضت، نحن نستطيع أن ننهض إن لجأنا إلى تلك الأساليب التي تُعطي الكفاءة والمهارة أولوية على سواها، ربما يعني هنالك كفاءات، أو.. ربما مثل ما تفضلتم، لكن بالتأكيد هنالك يعني أيضاً كفاءات تم اختيارها على وفق معايير الكفاءة بغض النظر عن معيار الحزبية، وهنا أود أن أُذكِّر حضرتك بزيارة حضرتك إلى المجمع العلمي العراقي، المجمع العلمي العراقي وأنا واحد من أعضاء المجمع لم نُختر لأننا ننتمي إلى هذا الحزب أو ذاك، وإنما صار الاختيار على وفق معايير الكفاءة العلمية، الإنتاج العلمي، المهارة العلمية، السُّمعة العلمية، إذن نتمنى أن يعني نتجاوز هذه المرحلة ولو أنا أكرر القول إنه إخراج عدد من الزملاء من التعليم العالي.. العالي.. التعليم العالي في العراق سوف ينطوي على يعني تأثير عكسي في مسيرة التعليم العالي، وأنت تعلم وأنا أعلم -أخي المحترم- إن الدولة لا تستطيع أن تتقدم أي دولة إلا بالعلم ورجال العلم عندما يغادرون أماكنهم من الذي سوف يأتي بديلا لهم؟

محمد كريشان: في الجامعة هل اتضحت الصورة؟ من هو المشمول تحديداً وفورياً بمثل هذا الإجراء؟

د. مازن الرمضاني: على حسب ما يعني قيل لنا المشمول هو هم كبار..

محمد كريشان: العمداء.

د. مازن الرمضاني: كبار موظفي، كبار.. كبار أعضاء الحزب، يعني على صعيد الجامعة رئيس الجامعة، مساعد رئيس الجامعة، العميد، معاون العميد ورؤساء الأقسام، إن كانوا من..

محمد كريشان: إن كانوا من بين هؤلاء.. إن كان من بين هؤلاء.

د. مازن الرمضاني: من فعلاً هذه الفئة.. هاي الفئة التي صنفت، وجامعة العراق العديد من الجامعات، وهنالك العديد من الكليات، إذن العراق سوف يُحَرم من كفاءات، وربما سوف يعني لا يحرم من كفاءات في الوقت ذاته، أنا لا أستطيع أن أُعمِّم، خطأ التعميم، لكن في العموم أعتقد التعليم العالي سوف يعني يخسر كثيراً والقدرة على التعويض في ضوء النقص الممتد من زمان طويل على ربط التعليم العالي بكفاءات تعلمت خارج العراق، أنا لا أقلل من شأن زملائي الذين تعلموا في العراق، أبداً التعليم في العراق لا يقل شأناً ومستوى من التعليم حتى في الجامعات الأميركية، في جامعة النهرين التى أنا عضواً فيها اعتمدنا حتى قبل منذ سنوات طويلة منذ حوالي تسع سنوات النظام الأميركي في الدراسة، أو على وفق معايير في غاية الصرامة، معايير موضوعية علمية.

محمد كريشان: نعم قبل أن..

أمير الحلو: أستاذ محمد، ممكن مداخلة مع.. ولو الموضوع يعني لا…

محمد كريشان: نعم- تفضل باختصار حتى نتابع مقتطف خاص بالإعلام.

أمير الحلو: نعم حتى الموضوع لا يخصني، إنه هناك معياراً في.. في اختيار المسؤولين في العراق، المعيار الأول المعيار الحزبي والمعيار الآخر هو المعيار العلمي، أنا لو أُسأل أقول الدكتور مازن الرمضاني (أقول) بروفيسور يعني هو لديه ليس مجاملة هو لديه مُنَّه على الكلية التي يكون عميداً عليها، ولكن آتي أنا كإعلامى أن أحد.. أحد الأشخاص الذي كان محرراً لدي في السبعينات أو في الثمانينات وأستاذته فلانه وأستاذه فلان يصبح عميداً لكلية والأساتذة الذين لديه هم موظفيه يعني أقل درجة منه، يعني في كلية الإعلام على سبيل المثال.

محمد كريشان: تتكلم عن السابق.

أمير الحلو: نعم إلى حد الآن، في كلية الإعلام أستاذة كبيرة خرجت العديد من الطلبة، طلبتها أصبحوا عمداء عليها، وقبل يوم انتخبوها عميدة، الدكتورة حميدة سميسم.

محمد كريشان: كانت ضيفة.. كانت ضيفة.. كانت ضيفة في أحد البرامج.

أمير الحلو: عميدة.. عميدة للإعلام، نعم، هناك خلل أنا مع الدكتور في كل اللي تفضل به وأحترمه كعالم، ولكن هناك خلل حقيقي ولدينا في وزارة الإعلام.. في وزارة الإعلام رجل أستاذ جامعي فاضل مع الدكتور والآن عميد كلية ما أعرف يمكن خرج، يُعيَّن لمقال ساذج مديراً عاماً للإذاعة والتليفزيون، وأنا أحترمه لا علاقة له بالإذاعة والتليفزيون سوى يقدم برنامج عن التاريخ، ولكن كتب مقالاً أُعجب به رئيس الدولة، وعُيِّن مديراً عاماً للإذاعة والتليفزيون، رجل كتب مقالاً ساذجاً وأنا صحفي من 63 وأقول ساذجاً، على المقال نفسه يكتب عليه يُعيَّن مديراً.. رئيساً لتحرير جريدة "الجمهورية" وبعد فترة يُقال يخير أن يكون وكيلاً للوزارة أو سفيراً في إحدى الدول في الخارج، إذن هناك مقاييس حقيقية كانت ضائعة في هذا..، يجب أن نكون واقعيين، الآن أنا لا أطلب من الأميركان أن يعيدوا الأمور إلى.. هم لا يعيدوا.. سيعيدون بمقاييسهم وبالقياسات التي يريدونها، وسيرتكبون الخطأ نفسه الذي ارتكبه النظام السابق، شكراً.

محمد كريشان: نعم.. نعم، سيد العقيد الجبوري، هل نفس الاعتبارات التى أشار إليها كانت لديكم أيضاً في المؤسسة العسكرية بحيث الولاء السياسي والحزبي أضرَّ كثيراً بهذا المجال، وبالتالي جاءت الآن النتيجة عكسية، يللا تفضلوا كل البعثيين وكل الكوادر بشكل عام هكذا الغث والسمين؟

محمد محسن الجبوري: أني اللي أتكلم أمامك، آني والدي ضابط وآني ضابط، آني كانت توجهي للعسكرية أكثر من التوجه الحزبي وهذا معلوم بالجيش، يريدون يستفسرون عنه، يعني آني بالنسبة لخدمتى بالجيش 24 سنة لحد الآن ما صار عضو عامل، اللي دا أتكلم قدامك، كان ولائي هو الدفاع عن بلدي وكانت مهنتي كضابط، أخوايا أكو من الضباط، كثير يعني إنه كان ولاؤهم للوطن أكثر من ولاءهم.. وهذا شيء مشروع.. شيء مشروع إنه آني ما أدافع عن نظام، أدافع عن بلدي فهم ليش يعني يحرمون علينا الدفاع عن البلد وهو بلدنا وإحنا ما معتدين، إيش عجب ما يحاسبون الجندي الأميركي اللي دا يحتل بلدان بالعالم، بمجرد تهديد أمن أميركا، إحنا تهدد أمننا وإجوا على أرضنا، إحنا صرنا مجرمين حرب طيب أمن أميركا سوَّت خلال سنة سوَّت حربين على العالم، أفغانستان والعراق، مجرد أنه أمنها الداخلي تهدد، طيب أني كضابط في الجيش العراقي أمن بلدي ما أدافع عنه! فهذا هواي ناس يملكون مبادئ وهو حبهم لوطنهم، وليس لشخص آخر، وكانوا كل عسكري هو تحت طائلة يخضع إلى قانون الشخص مِن يحكمه، وإحنا كنا نقاتل ضمن القانون، وما نقدر نطلع إحنا كعسكر يعني النظام صارم أكثر من أي نظام آخر.

محمد كريشان: نعم أقل من دقيقتين على نهاية البرنامج يعني كلمة باختصار من الدكتور مازن ثم السيد أمير، هل تعتقد بأن من الصعب الآن إقناع الرأي العام والمشاهد في هذه المرحلة بأن هناك بعثي جيد وبعثي سيئ إن صح التعبير؟

د. مازن الرمضاني: أكيد هنالك بعثي جيد وهنالك بعثي ربما غير جيد، ظاهرة يعني عالمية في كل مجتمع هنالك الأشرار وهنالك الأخيار، هنالك السيئ هنالك الجيد، يعني حتى في أحزاب عالم الشمال لا.. لا تخلو هذه الأحزاب من يعني فئات مختلفة من حيث – لنقل- الجودة أو عدم الجودة يعني.

محمد كريشان: نعم، سيد أمير.

أمير الحلو: أنا أعتقد أن النسبة العالية من البعثيين ليسوا بعثيين بالمقاييس التي بدأت منذ عام 79..

محمد كريشان: الأيديولوجية الصارمة.

أمير الحلو: الأيديولوجية المعروفة كانت عن حزب البعث أن أكثر من 90%، 95% من البعثيين ليسوا بعثيين.

محمد كريشان: نعم.. في نهاية هذه الحلقة نشكر ضيوفنا الدكتور.. الدكتور مازن الرمضاني ( أستاذ العلوم السياسية بجامعة النهرين في بغداد) و عميدها أيضاً قبل الحرب، نشكر أيضاً السيد أمير لحلو وهو (مدير عام في وزارة الإعلام العراقية سابقاً) والتى حُلَّت بموجب القرارات الأخيرة، وأيضاً ضيفنا العقيد محمد محسن علي الجبوري ( العقيد في سلاح المدفعية الفرقة 51)

كان معكم في هذه الحلقة إعداداً: عبد السلام أبو مالك وطارق اليعقوبي، الفريق الفني: حسن المفتاح، محمد خلفان، فهد السويدي، ومحمد الجبوري، بقيادة المخرج فريد الجابري، تحية طيبة، وفي أمان الله.