العراق ما بعد الحرب

الأوضاع الصحية في العراق

تدهور الوضع الصحي في المستشفيات العراقية، تأثير عمليات النهب والسرقة على أداء المستشفيات، كيفية إصلاح المؤسسة الصحية في العراق، المساعدات الخارجية للعراق وكيفية تلبيتها لحاجات المجتمع العراقي، مسؤولية القوات الأميركية في توفير المستلزمات الطبية.

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيوف الحلقة:


د. عمر اليعقوبي: طبيب العيون – كلية طب بغداد
د. عزام عبد الرزاق: أستاذ الجراحة العامة – كلية طب بغداد

تاريخ الحلقة:

27/04/2003

– تدهور الوضع الصحي في المستشفيات العراقية
– تأثير عمليات النهب والسرقة على أداء المستشفيات

– كيفية إصلاح المؤسسة الصحية في العراق

– المساعدات الخارجية للعراق وكيفية تلبيتها لحاجات المجتمع العراقي

– مسؤولية القوات الأميركية في توفير المستلزمات الطبية


undefinedمحمد كريشان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم في هذا البرنامج الجديد في قناة (الجزيرة) (العراق ما بعد الحرب) ويأتيكم من العاصمة العراقية بغداد، هذا البرنامج هو نافذة (الجزيرة) على الأوضاع الاجتماعية والإنسانية والتربوية والمعيشية في عراق اليوم وهو يحاول مداواة جراحه بعد حرب أضرت بالكثيرين وذهب ضحيتها كثيرون، وأيضاً هذا البرنامج يحاول أن يرسم نظرة مستقبلية للعراق ما بعد الحرب، لا نكتفي فقط بشرح الصورة الحالية وسبر أعماقها، وإنما أيضاً نحاول أن نعطي نظرة مستقبلية حتى يمكن رغم كل هذا الغبار ورغم كل هذه الآلام أن نلقي نظرة على المستقبل.

حلقتنا لهذا اليوم نتناول فيها الأوضاع الصحية في العراق، أوضاع المستشفيات، أوضاع الدواء، أوضاع العلاج، هذه الأوضاع التي كانت سيئة بالأساس نتيجة سنوات الحصار والتي ازدادت سوءً بطبيعة الحال نتيجة الحرب، ثم ازدادت تدهوراً نتيجة أعمال السلب والنهب التي تعرضت لها المؤسسات الصحية في العراق.

ضيوفنا في هذه الحلقة هم الدكتور عمر اليعقوبي (جراح العيون، أستاذ العيون بكلية بغداد) ومعنا أيضاً دكتور آخر هو الدكتور عزام عبد الرزاق قمبراغا (أستاذ الجراحة العامة في كلية الطب ببغداد) وكل من الدكتور اليعقوبي والدكتور قمبراغا أخصائيان في مدينة الطب في العراق.

كبداية لهذا البرنامج نتابع هذا التقرير الذي أعده من هنا من بغداد عبد السلام أبو مالك. ليس جاهزاً، التقرير أيضاً أصيب بنكسة صحية، نبدأ نقاشنا مع ضيفينا هنا في الأستوديو نبدأ بالدكتور عمر اليعقوبي أهلاً وسهلاً.

د. عمر اليعقوبي: أهلاً وسهلاً أستاذ محمد.


تدهور الوضع الصحي في المستشفيات العراقية

محمد كريشان: دكتور إذا أردنا أن نأخذ فكرة تفصيلية أكثر، تعميقية أكثر تكتفي بهذه التقارير التليفزيونية السريعة عن الوضع الصحي الآن في المستشفيات العراقية، ما الذي يمكن أن يُقال؟

د. عمر اليعقوبي: والله الوضع الصحي يعني وصل إلى مرحلة نقدر نقول يعني خطرة جداً بالنسبة للأشياء اللي ممكن أنه المستشفيات وخصوصاً المستشفيات اللي كان تيجي لها يعني أعداد كبيرة من المرضى وبأوقات جداً قصيرة، يعني إحنا في مستشفى الشهيد عدنان خير الله في مدينة الطب التعليمية يعني وصل العدد إلى 100 جريح في الساعة، والتهيؤات ما كانت بها التصور أنه راح يجينا.

محمد كريشان: عفواً 100 جريح في الساعة أيام.. أيام الحرب.

د. عمر اليعقوبي: في الساعة نعم، أيام الحرب وخصوصاً عند دخول بغداد في أول يوم في صارت معركة المطار يعني كان علينا.. على المستشفى زخم لا يُصدق من.. من أعداد الجرحى ومن نوع الجروح، يعني المريض يجينا مصاب مو فقط في منطقة واحدة من جسمه، بس كل جسمه متأثر ابتداءً من الرأس إلى أسفل القدمين جروح عميقة وجروح خطرة وأكثرهم فاقدين الدم محتاجين إلى دم، إلى مغذيات، وصارت يعني في داخل المستشفى كأنما هي ساحة قتال، وليست مستشفى من الضغط اللي إجانا فجأة وليس كان في تصور أعتقد أي شخص في بلدنا وفي مؤسساتنا الصحية هذا الزخم الكبير من هذه الإصابات المروعة التي لم تخطر أتصور في بال أي شخص.

محمد كريشان: لكن دكتور قمبراغا، هذا الضغط الشديد على المستشفيات كان ضغطاً رغم أن معركة بغداد بالمعنى التراجيدي الذي كان يتوقعه البعض لم.. لم تحصل، إذن كان يمكن أن يكون الوضع أسوأ بكثير.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أخ محمد، إحنا.. إحنا إدارة مدينة الطب هي أكبر مؤسسة طبية في بغداد، سعتها السريرية أكثر من ألفين سرير، بس لما بدأت المعركة بالحقيقة إحنا بالبداية ما كنا نأخذ زخم مستشفى اليرموك ومستشفى الكندي كانت تستقبل زخم الجرحى في بداية معركة القصف على بغداد، ولكن عند مرحلة دخول بغداد .. اليرموك والكندي يعني بعد صعوبة تستقبل المرضى إما أنها امتلأت وكذلك إمكانياتها بدأت تقل، فصار التحويل أكثره على دائرة مدينة.. على دائرة مدينة الطب، فبدأنا نستقبل وبدت تجينا الإسعافات باستمرار بإمكانيات، المشكلة اللي فينا، إحنا عدد الأسرة مالتنا كبير جداً، وأنا أقول لك ما استغليناها كلها، يعني الأعداد الطوابق اللي استُغلت والأسرة مو كل السعة مالتنا لأسباب كثيرة أولاً: المنتسبين.. المنتسبين إحنا نعمل كمجموعة وليس كأفراد، يعني أنا جراح بس ما أقدر أشتغل بدون ممرضة، وأنا ما أقدر أشتغل بدون مخدر، والمخدر ما يقدر يشتغل بدون مساعد مخدر، المعين.. الفرَّاش يمكن عنده مفتاح مال المخزن إذا ما يداوم ما يقدر يوصل.. المخزن ما نقدر نفتحه، الصيدلي فهي كلها إحنا مجموعة.

د. عمر اليعقوبي: مجموعة من المتعاقبات.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: فلما صارت الزخم علينا عندنا كانت مشكلة الكهرباء، الطاقة مثلاً في مستشفى.

محمد كريشان: هذا موضوع الكهرباء سنعود إليه بالتفصيل خاصة فيما يتعلق بإجراء العمليات الجراحية.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أي يعني كمستشفيات.. كمستشفى، مثلاً عندنا ما نقدر نستغل كل الطوابق كل الأسرة.

د. عمر اليعقوبي: نتيجة للقصف.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: وكذلك عندنا مشكلة الكهرباء ضعيفة، زين، هاي مشكلة، المنتسبين ما نقدر أنا أسوي يعني عندي.. عندي عشر صالات عمليات في مستشفى بغداد وعندي حوالي 20 صالة في المستشفى المجاورة مستشفى الشهيد، بس أنا ما أقدر أستغلها كلها، لأن الكادر ما عندي، كهرباء ما عندي قناني الأوكسجين خلصت، أنا ما أقول لك ما عندي أوكسجين، أقدر أروح أجيب من معمل موجود، بس عندي سيارة وعندي سائق يطلع يروح يجيب الأوكسجين ويجي؟

محمد كريشان: نعم هذا.. هذا المشكل دكتور يعقوب كيفية الشكل الذي أثر به عدم التحاق كل هذه الكوادر بالمستشفى يعني.

د. عمر اليعقوبي: نعم بالبداية كان إلها تأثير جداً يعني مثل ما نقول الحقيقة فاعل بالاتجاه السلبي وليس بالاتجاه الإيجابي، يعني عرقل عملنا مثل ما قال الأستاذ الدكتور عزام، يعني أنت إذا ما عندك الإصطف [staff] اللي محيط بك لإجراء عملية لإنقاذ المريض أكو من يعلق المغذي، من يعطيه الدم، يسوي الكروسماج يعني الإسعافات الأولية إذا ما ها التيم [team] كله موجود وممكن أن يعطي أعلى فاعلية بالنسبة لعلاج كذا مريض تفقد المريض، فهذا واجهنا بها صعوبة كبيرة، بالإضافة مثل ما قال الأستاذ عزام، يعني الطوابق كلها ما استغلت خوفاً من القصف، يعني إحنا الـ maximum بالشهيد عدنان اللي هي من 16 استغلت فقط 4 طوابق.

محمد كريشان: يعني بعد الطابق الرابع لأ.

د. عمر اليعقوبي: هذا ما..كلها مغلقة كانت.

محمد كريشان: مغلقة.

د. عمر اليعقوبي: ويعني أنا مثلاً يجي جرَّاح أو أنا آجي أفتح عين أو دماغ أو يجي شخص يفتح بطن في صالة ممكن كانت ملوثة، لأنه ما كان التصور بها التخيل بها الأعداد الكبيرة، فصارت يعني بالنسبة إلنا حكاية.. كانت ردة فعل جداً قاسية.

محمد كريشان: يعني أنتم تابعتم حالات في معارك سابقة أو في حروب سابقة.

د. عمر اليعقوبي: أنا كنت بالـ 91 كنت راجع من إنجلترا خلصت 11 سنة في إنجلترا رجعت سنة 90، صارت حرب الخليج الأولى.. الثانية مال الكويت وكنت في وقتها لبسوني طبيب ضابط احتياط وكنت في مستشفى القوات الجوية، ما جتنا كذا حالات أبداً ولا شوفنا..

محمد كريشان: يعني المقارنة.

د. عمر اليعقوبي: مقارنة يعني بيخلي تقول بين السما والأرض، فالمقارنة ما ممكن أنه تقدر يا أخي أنا ها.. ها الإصابات ما شايفها في حياتي، يعني كانوا قساة بالنسبة لها.. لها الإصابات اللي.. اللي شوفناها مروعة بشكل، وحتى ما وراء الحرب يعني إيجوني جابوا لي أطفال من كربلاء طفل فقد عينه وأخوه فُقد بسبب القنابل العنقودية انتهت الحرب وطلعوا يلعبون بالحديقة وكل شيء انتهى، والأخ مات والطفل فقد عينه وكل شيء ما قدرنا نسوي.

محمد كريشان: على ذكر الأطفال التقرير الذي أعده عبد السلام أبو مالك تناول بعض المسائل التي تخص الأطفال وذلك في سياق تناول الوضع الصحي ككل في العراق والذي كان يفترض أن يكون في بداية الحلقة، إذن نتابع مع بعض هذا التقرير لعبد السلام أبو مالك

تقرير/ عبد السلام أبو مالك: حالة الفوضى التي أصبحت عليها حاضرة الرشيد بعد الحرب وأعمال السلب والنهب تشعر الزائر لهذه المدينة العريقة بغصة في الحلق، لكن زيارة لمستشفياتها تترك في النفس غصة أشد وطأة وأعمق أثرا، فالواقع هنا أبلغ من التعبير، وجولة في ردهات أي مستشفى من مستشفيات بغداد تكشف الغطاء عن واقع أليم ضحاياه من كل الفئات والأعمار، لكن الأطفال هنا هم الحلقة الأضعف.

مواطن عراقي: ابني مصاب باللوكيميا بضغط الدم الحاد، وصار له سنة ونص على هاي الحالة وبياخد علاج يعني بالبداية كل أسبوع كان ياخد علاجه (…) وبالنسبة للعلاج ماله علاج كيمياوي، نوبة تلقاه متوفر (يعني بعد سنة راحت) أو ما متوفر في أغلب الحالات من بره نجيبه.

عبد السلام أبو مالك: حالات الفوضى السائدة وعدم وجود أي خدمة بلدية لإزالة الأزبال وتراكم المياه الآسنة في الكثير من المناطق زادت من حالات الإصابة لدى الأطفال بالتهاب الأمعاء ومرض الحمى السوداء الذي قد يؤدي إلى الوفاة في حال عدم تناول الأدوية بانتظام كامل خلال ثلاثة أسابيع.

أما الأمراض السرطانية فتلك مأساة لوحدها، شح في الأدوية وغلاء في أسعارها، والقاسم المشترك في كل مستشفيات بغداد هو غياب التجهيزات الأساسية ونقص حاد في المستلزمات الطبية، وما يزيد الطين بلة في هذا المشهد الدرامي هو انقطاع التيار الكهربائي من حين لآخر ما يؤدي إلى تعطيل الأجهزة وزيادة معاناة الناس الذين يتحملون مشقة التنقل مشياً على الأقدام من طابق إلى آخر.

ومن المفارقات المحزنة في هذا الواقع المتردي أن ترى المريض والطبيب معاً يشكوان، غير أن مصدر وجع كلٍ منهما يختلف.

د. زيد يوسف السماك (طبيب أشعة): المشاكل أيضاً الموظفين يعانون إنه رواتب ماكو، يعن إحنا هاي صار شهرين نشتغل بلاش. وما عندنا يعني لازم ينطونا رواتب نشوف يعني الحكومة الأميركية تنطينا راتب، يعني ياريت راتب.

عبد السلام أبو مالك: ورغم ذلك كله تجد عند مدخل أحد المستشفيات هذا النداء الذي يناشد المنتسبين للمستشفى الالتحاق بوظائفهم لمزاولة أعمالهم، وبجانبه تجد إعلاناً آخر يناشد المواطنين الصبر وعدم التدافع أو التدخل، لأن بعض الجرحى من قوات التحالف يتلقون العلاج هنا.

وفي انتظار تشكل الصورة بالكامل في عراق ما بعد الحرب تظل الأوضاع الصحية والمعيشية واضحة بشكل لا تخطئه عين أي مشاهد، ولا يمكن وصفها إلا بأنها أوضاع بالغة السوء.

عبد السلام أبو مالك -(الجزيرة)- بغداد.

محمد كريشان: هذا التقرير تناول الأوضاع الصحية في العراق اليوم في سياق الأجواء الاجتماعية السائدة عموماً في العراق الآن.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: دكتور قمبراغا، تابعنا في التقرير أحد الأطباء يشير إلى أنه لم يتلقَ راتبه منذ أكثر من شهرين، علماً أن الراتب يعني زهيد بطريقة غير معقولة، يعني هو يشير إلى أنه زهاء دولارين، يعني.. يعني قد لا يصدِّق أحد خارج العراق أن يكون راتب طبيب دولارين، هل هذا أثَّر في حماس الأطباء وقيامهم بواجبهم وتفانيهم في مداواة أبناء الشعب العراقي في هذه الظروف الصعبة؟

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أخ محمد، بالنسبة للعامل المادي تعرفه هو عامل أساسي بالنسبة لأي فرد لأي عائلة، طب يشتغل حتى يجيب مادة لعائلته وأفراده، فبعد الـ91 لما الأسعار بدأت والرواتب ظلت كما هي صارت زيادة لبعض الفئات وبعض الجهات، وجهات كبيرة أخرى بقت رواتبها محدودة جداً، طبعاً بالنسبة إلنا كأطباء أحكي لك كشريحتي، أنا بالنسبة إلي كأستاذ الطالب ويايا لما تخرج وصار أخصائي..صار مقيم، ورا المقيم يمكن يفوت على الدراسات العليا، الهدف مالته الخطية هو للتعلم وليس للكسب المادي، يعني يبقى هو سنتين إقامة 5 سنين اختصاص هو أهله يساعدوه من الموجود، بس هو جاي يشتغل تقريباً قول بسعر رمزي أو لا شيء، جاي حتى يتعلم مني ومن الأساتذة الباقين حتى يصير جراح، أو يصير أخصائي للخط الفلاني، فكان بالنسبة للمادة طبعاً هذا إيش يسوي؟ يعني إحنا بالنسبة إلنا كنا كذا عدد من الأخصائيين.. من نخرج كلية طب بغداد، وكذلك من الدراسات العليا، نسبة كبيرة، فوق النص إحنا يتسربون خارج القُطر.

محمد كريشان: كم النسبة؟

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: فوق.. فوق النصف.

محمد كريشان: فوق النصف.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: فوق النصف يتسربون خارج القطر، أما بعد الإقامة أو بعد التخرج أو أثناء الدراسات أو قسم يتسربون خارج القطر، يتسرب داخل القطر إلى مهن يعوف الطب.

محمد كريشان: ممكن سائق.. ممكن سائق تاكسي يعني؟

د. عمر اليعقوبي: نعم.. نعم.. نعم.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: هو طبيب.. هو طبيب.. هو طبيب بس يتسرب دخل القطر نسميه.. نسميه داخل تسرب خارج القطر يطلعون اختصاصات أو يشتغلون، إحنا نتعب ونخرجهم ونسويهم أطباء وبالأخير تشوف أنت العدد.. نصف العدد ما.. ما يبقى جنبك، والجهة الأخرى يروح يشتغل شغلة حرة، شغلة أخرى أي شغلة يعوف الطب، لأن الطب غير مجدي، فطبعاً هذا العامل جداً مهم، أنه العامل المادي رواتب جداً زهيدة، الممرضة مالتنا كانت تأخذ الممرضة عنصر أساسي بالمستشفى راتبها.. اتفرج شو تسوي؟ اللي قمنا إحنا نسميها مثل كتحلية للاسم.

د. عمر اليعقوبي: حوافز.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: نسميها مكافأة مو مكافأة.

د. عمر اليعقوبي: حوافز.. حوافز..

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: حوافز أو إكرامية العفو، هي بالحقيقة مو إكرامية هي رشوة، يعني أنت لما تنطهي تيجي ممرضة الدواء تأخر لسبب من الأسباب تنتظر المريض ينطيها مبلغ حتى تعطيه الدواء، هي تريد تعيش، إحنا سميناه إكرامية، يا مرضى تروا الرواتب قليلة انطوا إكراميات للممرضات، بس هي بالحقيقة هذا خطأ.. خطأ وظيفي لا يجوز إنه أنت تشتغل تنتظر رد فعل، أنت عندك راتب جيد يسندك ويسند عائلتك، حتى بعدين لما تروح تقدم خدماتك ما تنتظر أنت الإكرامية، فطبعاً أثرت.. أثرت حتى الممرضة، أثرت على عامل المصعد، أثرت على المخدر، على الطبيب، على كل الشريحة.. شريحتنا الطبية طبعاً تأثرت قلة الرواتب.

د. عمر اليعقوبي: ممكن التعليق أستاذ محمد؟ بالنسبة…

محمد كريشان: نعم دكتور نعم، تفضل يعني، إذن في.. في السياق هذا يصبح العمل الطبي فعلاً لا يمارسه إلا من هو مؤمن بهذه الرسالة.

د. عمر اليعقوبي: مؤمن بالضبط يعني أنا أعتقد.. أنا مؤمن أنه الأطباء المقيمين وحتى الأخصائيين اللي ما قبضوا رواتبهم، بس هذا يعني جداً أنا مفتخر به إنه ما أثر على أسلوب تعاملهم في ها الشدة وفي هذه المحنة مع المرضى اللي كانوا دا يجون، كلهم كانوا يداومون، وأنا متأكد قسم منهم.. من الأطباء جداً محتاجين بس ما قطعوا دوامهم، ونفس الشيء بالنسبة يعني إحنا ما نسميه (sub staff) يعني الممرض والمعين كانوا مندفعين والحمد لله والشكر يعني ها الشعور لا يزال موجود، بس أنا أقول لك مهضومين وخصوصاً أنا فيه اعتقاد.. مو بس اعتقاد يعني معروفة في مدينة الطب مؤسسة كبيرة الأطباء الشباب المقيمين الحوافز اللي تيجيهم قليلة، فتشوف يفضل يروح في مستشفى أصغر في سبيل الحوافز اللي تيجي فوق راتبه بتكون أكثر فتحسن من مستوى معيشته، بس أنا معتقد ومؤمن أنه -والحمد لله- ما أثرت على فاعلية ها الأطباء المخلصين في بذل كل جهد ممكن لمرضانا والحمد لله.

محمد كريشان: الدكتور قبل قليل -دكتور قمبراغا- أشار إلى موضوع انقطاع الكهرباء وما أدى إليه من.. من مضاعفات، لو تشرح لنا أكثر خاصة وكلاكما جراح وأعتقد بأن المسألة يعني..

د. عمر اليعقوبي: أنا والله يعني كنت طبعاً مثل تفضلت لحضرتك قبل اللقاء كنت أتمنى يجي مدير مستشفى الشهيد عدنان خير الله الدكتور خلدون البياتي اللي بذل جهود لازم تذكر و (….) صار عنده الآن أزمة قلبية لأنه ما ترك المستشفى يوم واحد، طبعاً مشكلة الكهرباء إنه عندنا Generator، بس Generator لمؤسسة كبيرة، بحيث أنه الكهرباء يوصل للطابق الرابع عندنا بالشهيد عدنان، في الطوابق الأخرى فقط يعطينا إنارة لا غير، يعني ما ممكن إنه إحنا نفتح ردهاتنا ونشتغل كعمليات حتى يعني إحنا مستعدين نفتح ردهة العيون وصالة عمليات العيون لجراح الصدر أو جراح العظام أو للجراح العام في سبيل إنقاذ حياة مريض، بس عامل الكهرباء وفي نفس الوقت عامل المي، انقطع المي، كان جداً ضعيف في مدينة الطب وأنت حضرتك تعرف يُراد في ها الوقت لغسل أيد الجراح ولتنظيف المستشفى، يعني كميات جداً هائلة من المياه اللي في الحالات الطبيعية يمكن ما نحتاج ربعها، فأكيد أثرت على أداء العمل وفي النتيجة طبعاً الإصابات اللي كانت قسم منهم استشهدوا فكانت أعداد مع الأسف شوية كبيرة، فهذا كان عامل جداً مؤثر.


تأثير عمليات النهب والسرقة على أداء المستشفيات

محمد كريشان: نعم، إذا كان الوضع سيئ أصلاً نتيجة سنوات الحصار، ثم سيء نتيجة الحرب، كيف أصبح مع عمليات النهب خاصة وأن البعض لم يتصور الحقيقة ومن الصعب جداً أن.. أن يفهم كيف يمكن أن يدخل البعض إلى مستشفى ليأخذون المريض من على سريره ويأخذون السرير.. يعني البعض كانت الصورة أعسر من أن…

د. عمر اليعقوبي: من أن تصدق.

محمد كريشان: من أن تصدق، ولكنها جرت.

د. عمر اليعقوبي: صح هذا، جرت، بس أنا في اعتقادي هل هم دولا صدْقْ العراقيين، أم هل كانوا مدفوعين؟ أم كانت فئات جاية معاهم؟ هذا سؤال احتمال كبير لازم الواحد يحطه بباله.

ثانياً: الحمد لله العدد اللي من المستشفيات اللي تضررت قليلة، لأنه أجيب لك مثال مثلاً إحنا في مستشفى مدينة الطب كله كمجمع دافعوا عنه الأطباء، وحتى بعدين استنجدوا بالجنود الأميركان وقدروا يحفظون المستشفى، في مجمع مستشفى الكاظمية التعليمي اللي كان..

محمد كريشان: عفواً استجاب لهم الجنود.

د. عمر اليعقوبي: استجاب لهم الجنود وجاءوا، بس ما استجابوا لكلية الطب.

محمد كريشان: لأنه كان.. لأنه كان يلامون على أنهم لم.. لم..

د. عمر العيقوبي: بالنسبة مثلاً لكلية الطب وكلية (…) ما استجابوا، فكلية طب بغداد اللي هي كلية طب الأم نهبت عن قاع.. عن قاع أبيها مثل ما نقول تعرف فشيء مؤلم يعني أنا بنتي هسة ثالث جيل مني، أنا والدي كان من مؤسسي الكلية، وأنا وبنتي.. الكلية أُسست في سنة الـ 27 ودمرت، فهذا جداً يحز بينا، مثلاً أقول لك مستشفى الكاظمية، جماعة آية الله حسين الصدر دس جماعته وحافظوا على كل المستشفى وفيه من ضمنها كلية طب صدام اللي هي تسمى الآن الكلية الطبية العراقية، بس عندك مثلاً مركز جراحة القلب في الصالحية مع الأسف نُهب بكامله ودُمِّر بكامله واللي هو كان من أهم مراكز جراحة القلب في العراق.

محمد كريشان: يعني المعدات أخذت.

د. عمر اليعقوبي: معدات وحرقت الأبنية، وحُرقت الأبنية مع الأسف.

محمد كريشان: يعني عفواً دكتور قمبراغا مثلاً مَنْ يأخذ جهاز طبي بهذا الشكل؟ يعني ما الذي يفعل به أصلاً؟ هل لاحظتم مثلاً نزل مثل هذه المعدات في.. للبيع في بعض المواقع مثلاً، هل هُرِّبت خارج البلد؟ وكيف.. لماذا تُهرَّب أصلاً وهي لم تعد عصرية بالمعنى وقد لا تكون صالحة أصلاً.

د. عمر اليعقوبي: هذا لحد الآن.. صالحة.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أخ محمد، هذا الموضوع هسة كنا أنا والأخ الدكتور عمر كنا في منزله دا نناقش ها الموضوع، بنقول يعني السارق يريد ما خف وزنه وغلى ثمنه.

محمد كريشان: صحيح.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: يعني ما يروح يدور لميز شي يسوي بالميز؟ هو يريد أشياء.

محمد كريشان: ميز طاولة يعني.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: طاولة.

د. عمر اليعقوبي: المنضدة.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: فهل هادولا الفئات اللي جت تاخد شيء مكسور أو تاخد كمبيوتر ما يعرفوا شنو الكمبيوتر، يأخذ مثلاً (what ever) يأخذ الماوس ويعوف المونيتور، فهادولا شوفنا فئات بالتليفزيون أو اللي سمعنا عنهم 15 سنة، 14 سنة، 16 سنة جاي دا يفوت على (…) دا يتلهى يكسر الجهاز ويأخذ جزء منه، على باله كسر، هو ما يعرف شنو هذا الجهاز، فهي هاي.. هاي نقول من النقاط المهمة اللي صاروا، أما إذا تاخذ سارق محترف، سارق محترف يريد يعرف شيء مهم ويروح ياخده ويعرف هذا بالسوق هالقد ثمنه، بس وهذه الأشياء صارت ما يعرفوش شنو (…) ما يعرفوش شنو هو الجهاز اللي أخذه، أطفال قريبين من المنطقة شافوا الكل فاتوا يفوت ياخد له أشياء مكسورة، أو هو يكسر شيء ويأخده، يعني هو يجي ياخد جهاز السونار شون عارفة بهذا شنو السونار؟ أو جهاز (المفراس) مثبت ياخد منه برغي، ياخد منه فشاشة، ما يعرفوا هذا شنو هو، يعرف شنو جهاز (المفراس) هذا هو.. هو هلا الشريحة الطبية ما تعرفش شنو المفراس أو (…) فيعني.

محمد كريشان: أنا.. أنا ما بأعرفوش.

د. عمر اليعقوبي: يعني أجهزة جداً غالية الثمن وقسم يعني في مركز العلوم العصبية مع الأسف لقوا جهاز المفراس ما قدروا يسرقوه كسروه…

محمد كريشان: ما هو جهاز المفراس؟

د. عمر اليعقوبي: جهاز المفراس (…) نوع أشعة خاصة.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أشعة متقدمة.

د. عمر اليعقوبي: متقدمة بحيث مفراس للرأس، يعني كأنما أنت مشرح…

محمد كريشان: زي سكنر، Scanner.

د. عمر اليعقوبي: سكنر، (CT Scanner).

محمد كريشان: بالضبط.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: بالضبط يسموه المكان سيتي سكنر بالضبط.

د. عمر اليعقوبي: سيني سكنر.

محمد كريشان: نهبت مستشفيات، نهبت كذلك معدات خاصة دكتور.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: معدة يعني.

محمد كريشان: عفواً عيادات خاصة.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: قليل جداً.

د. عمر اليعقوبي: جداً قليل.

محمد كريشان: قليل جداً.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: يعني هي اللي صارت إنه هو طبعاً نسميه الانفلات الأمني، غياب السلطة، الإنسان يتصرف بصورة يرجع إلى شريعة الغاب، يعني ترجع شريعة الغاب عليه تسيطر على مشاعره، فهي من فلتت السلطة والغاب طبقة مسحوقة، أطفال موجودين بدون مسؤولية، لا يوجد من يردعهم، سلطة ماكو، باب مفتوحة مستشفى، دائرة، وزارة، باب مفتوحة، السارق المحترف اخذ الشيء اللي دا بيريده، تبقى بُقة الباب مفتوحة، لا أكو جندي لا أكو شرطي يحميها، ولا أكو أميركي يحميها، أيش بُقة الباب مفتوحة فاتوا اللي يسميهم ما نسميهم، سميهم أطفال، رعاع، أي.. أي تسمية إلهم، فات اللي يأخذه ياخده يستفيد أو ما يستفيد منه يبيعه أو ما يبيعه هو ما يعرف، فالمضرة اللي صارت نتيجة الغياب الأمني (هواي) أكثر من القصف وأنا أقول صارت، لأن هسة وزارات ودوائر وقفت عن العمل لتنتظر إنه غرفها شون تصير، القصف يعني راح إلى أهداف، بس هذه سوت إلنا المشكلة الكبيرة بالوقت الحاضر.

محمد كريشان: نعم.. دكتور يعقوبي، أشرت قبل قليل إلى حماية الجنود الأميركيين، الآن يبدو أنهم موجودون في كل المستشفيات أو على أبواب كل المستشفيات.

د. عمر اليعقوبي: صحيح، نعم.

محمد كريشان: إلى أي مدى هذا ساهم في إعادة الوضع لا أقول إلى طبيعته ولكن على الأقل محاولة إصلاح بعض الأوضاع؟

د. عمر اليعقوبي: أعتقد ساهم كثيراً يعني في استتباب استمرارية تعامل المستشفى باللي أدها تقدر عليه بالوقت الحاضر بأنه تستجيب لطلب.. متطلبات المرضى، يعني مستشفى ابن الهيثم التخصصي للعيون سمعت أنه في وقتها مدير المستشفى الدكتور فارس من جوا وأرادوا يسرقوها كان مسلح مو الحراس، سلح الأطباء المقيمين وفي وقت هم دافعوا عن المستشفى هو ترك المستشفى وراح جاب القوات الأميركية فحافظت على صرح صحي مهم بالعراق اللي هو مستشفى تعليمي للعيون بحوالي يعني فوق الـ 200 سرير اختصاص عيون، ونفس الشيء صار في مستشفى وفي مؤسسة مدينة الطب، وفي نفس الشيء صار بعدين بالكاظمية والمستشفى الكندي واليرموك، فها الرادع الأمني اللي جابوه كان أتصور إله فات أثر يعني كان أتصور في مستطاعهم مثل ما قدروا يؤمنون وزارة النفط وأمنوا منابع النفط والمصافي كان ممكن يؤمنون المستشفيات ما يصير بيها نهب، وحقيقة كل الدوائر إن كانت الوزارات كان ممكن تأمينها وما كان وصل إلى ها.. ها الحالة.

وبالنسبة للسؤال اللي حضرتك قلت أنه الأسرقة ها.. المستلزمات اللي سُرقت هل ظهرت في السوق؟ لحد الآن يعني بعد لازم ننتنظر، هسة حالياً الحالة ما مستقرة، وبعدين تبدي تشوفه تعرض، وما تعرض بالشارع، يبدو يفترون على الأطباء عندي فلان جهاز وعندي فلان جهازي يفيدك أو لا، عنده جهاز سونار يروح على أبو الأشعة، عندنا سرقت أجهزة نواظير جداً ثمينة من مركز جهاز الهضمي اللي دكتور أستاذ عزام كمان يشتغل فيه، فهذه سرقت أجزاء جداً ثمينة معينة منها كأنما الشخص اللي جاي يعرف أنه يسرق هذا ولا يسرق ذاك، وهذه بمرور الزمن راح تبين، بس ما راح تُعرض بالشارع كباقي المسروقات اللي جه يبيع له (قنية ثمن) أو (قنية شكر)، هذا يجي، الناس راح يصيروا متخصصين يجون على أهل المستلزمات الطبية، يقول له عندي جهاز تخطيط، عندي جهاز سونار، عندي جهاز فحص العين، أو يجيك للعيادة، فلذلك راح تظهر بعد مرور فرق وقت.


كيفية إصلاح المؤسسة الصحية في العراق

محمد كريشان: دكتور قمبراغا، إذا أردنا أن نحاول نرسم صورة مستقبلية الآن كيف.. أو من أي نقطة يجب إصلاح المؤسسة الصحية في العراق؟ الآن هناك حديث عن إعادة إعمار عن.. لابد من إعادة الأمن إلى.. إلى البلد، إعادة ترتيب المشهد السياسي و.. ومؤسسة الحكم والنظام، ولكن بالنسبة للمؤسسة الطبية الصحية المستشفى من أين يجب أن نبدأ؟

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أخ محمد، المؤسسة الصحية هي جزء من هذا المجتمع، والمتطلبات الرئيسية اللي تريدها.. هي يريدها باقي المجتمع، أو اللي يريدها باقي المجتمع نقول خلي هي تريدها، أنا كمؤسسة طبية الأشياء اللي تنذكر في باقي الشرائح وباقي الاختصاصات ترى هي نفسها، أنا أريد رواتب جيدة، أنا أريد كهرباء، أنا أريد وسائط نقل بترول متوفر للسيارات تروح وتيجي، أنا أريد أمن وsecurity لبيتي ولمستشفايا، أنا إذا بيتي ما مأمِّن عليه والممرضة أو المعين أو الصيدلانية أو طبيب الإنسان إذا ما مرتاح على أمان بيته، إنتاجه بعمله يقل.

د. عمر اليعقوبي: زين صحيح.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: فأنا هاي الأشياء الأساسية إذا توفرت إلي ترى إحنا العراق الحمد الله معروفين علينا عندنا كفاءات.. كفاءاتنا الطبية ممتازة وفيه مجالات أخرى كذلك لكفاءاتنا كثيراً، وبالطب يمكن معروفين أكثر من غيرنا كفاءة، فإحنا بس وفروا لنا الأساسيات، أنا أقدر أوفر لك أحسن تعليم طبي، أقدر أوفر لك أحسن علاج طبي، أنا أقول لك يعني أنا.. أنا متصل أنا في ظروف الحصار وفي ظروف في أسوأ الظروف أنا أحاول أشتري المجلة الطبية بأغلى سعر، أحاول أسافر وأحضر مؤتمر على.. حتى ولو تكلفني مبالغ الدولار عليَّ مو.. وقليلة كليش تقيل عليَّ الدولار بس أحاول أسافر حتى إنه أحضر مؤتمر وأسمع لـ..، فإحنا من ناحية الكفاءات الطبية متواجدين بس أنت وفر لي أساسيات المجتمع هي اللي قدام أساسيات الطب تمشي وياه، الكفاءات موجودة يبقى الاستيراد.

د. عمر اليعقوبي: مستلزمات.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: المستلزمات، شي المستلزمات، المستلزمات بلد خير، أنا أقدر أستورد اللي أريده وأعرف شو أستورد، يعني خبرتنا الطبية أنا هسة أقدر أستورد وأعرف وين الرخيص ووين الغالي، أعرف وين بؤر الترخيص ووين بأميركا، أعرف المصدر الرخيص والغالي والجيد كله أعرفه، فأنا ما عندي مشكلة، بس وفروا لي ها الأشياء الأساسيات والكوادر موجودة، والحمد لله البلد غنية، أنا أستورد وأنا أرجع.. إحنا كنا بالسبعينات.. بالسبعينات إحنا كنا يمكن أحسن منطقة بالطب في المنطقة، من ناحية العلوم الطبية، يعني بس هي الظروف اللي مرينا بها، وعلى هذا بس أريد.. أريد نقول يعني أنا يمكن سيرتي الطبية تتمثل أو قدري تتمثل ها المنطقة شو يصير بها، أنا تخرجت -دكتور محمد.. أخ محمد- سنة الـ 74، 75 سافرت إلى بيروت بدأت الحرب الأهلية في بيروت، رحت إلى لندن رجعت سنة الـ 80 بدأت الحرب الإيرانية في.. واستمريت بالـ 91 شفت حرب الكويت، وبعدين هسة بالـ 98 هذه الضربة لما ضربونا، وهسة 2003 هاي الحرب الأخيرة وإن شاء الله هذه تكون الأخيرة.

محمد كريشان: إن شاء الله.. إن شاء الله.

د. عمر اليعقوبي: إن شاء الله.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: يعني صار لي 23 سنة السنة أنا بها البلد من حرب إلى أخرى.

محمد كريشان: إن شاء الله النهاية إن شاء الله، دكتور يعقوبي رغم هذه الصورة التي وضعت السياق الطبي في سياق شامل للمجتمع.

د. عمر اليعقوبي: شامل.

محمد كريشان: على الصعيد المهني البحت يعني هل الآن الحاجة الأساسية هي للمعدات؟ هل هي للأدوية؟ هل هي للبنية التحتية للمستشفيات كبنايات وكأسرَّة و، كيف يمكن أن.. أن نرسم صورة الحاجيات؟

د. عمر اليعقوبي: هي طبعاً هي وحدة متلازمة مع الأخرى، يعني واحدة ويا الأخرى، لازم يراد لنا المستلزمات اللي موجودة عندنا يعني تُزيَّد تضاف إلها والمستلزمات الآنية يعني من مضادات حيوية، من مواد يعني مغذيات إلى أدام، مواد المعقمة، الأدوات الجراحية الحمد لله متوفرة، فهذا موجود، أهم شيء عندنا إحنا طبعاً الموجود هو الاندفاع والإخلاص من الكادر الطبي عامة، يعني من.. يعني ما حد يقدر يجبر هسة الطبيب إنه يجي للمستشفى، ولا أحد يقدر يجبر الممرضة أو المعين، الكادر الطبي أو اللي .. يداومون، بس من ها الاندفاع والحماس يعني إحنا أنطونا راتب ككلية، صك، البنك اللي تابع للكلية محروق، والبنك اللي أنا أتعامل معاه محروق، إذن أنطوني قصاصة ورق هي ما تعني شيء، بس هذا ما يعني إنه إحنا ما نروح وما نداوم ونبذل جهدنا في ها الشيء، فيراد لنا أنه -مثل ما حضرتك تفضلت- يعني لازم المواد اللي إحنا محتاجينها من مواد طبية الكادر الطبي – الحمد لله- موجود وإذا صارت أي أضرار في المستشفيات ممكن معالجتها يعني من ناحية وجود الأوكسجين، الكهرباء إذا.. مثل بنايتنا إحنا المصاعد عندنا تعبانة، مصعد يدوب يطلع مثلاً كام طابق.. يصعده للطابق الـ 16، فها الإدامات هذه.. اللي ممكن أنا أتوقع إنه ممكن إذا أكو صدق جهود مثمرة وتيجنا مساعدات وتوجه وتخطط إلها بصورة صحيحة ومركزية بحيث تؤدي الثمار أنه بالنتيجة نؤدي أنه نقدم خدمات طبية متقدمة للمواطن، وبفضل ها الخدمات أنه نقدر أنه المريض يعالج بصورة أسرع، والشفا أسرع والمعوقات تكون أقل إن شاء الله.

محمد كريشان: دكتور يعقوبي، موضوع المساعدات بالطبع موضوع مهم جداً وسنحاول التطرق إليه خاصة أن ربما يمكن توجيه نداء سواء لحكومات أو لمنظمات غير حكومية أو لمنظمات دولية تُعنى بالصحة لمعرفة بالضبط حاجيات العراق في هذه المرحلة.

[فاصل إعلاني]


المساعدات الخارجية للعراق وكيفية تلبيتها لحاجات المجتمع العراقي

محمد كريشان: دكتور قمبراغا، كنا نتحدث عن المساعدات الإنسانية، الطبية تحديداً، ما الذي يمكن أن يقدم الآن للعراق؟ مثلاً أنا اليوم هناك مساعدات وصلت من قطر، قبل أيام وصلت مساعدات من الإمارات، وصلت أيضاً من الكويت في جنوب.. في جنوب العراق، لكن مثلاً من.. من المفارقات سمعت حديث بين أحد العاملين في هذه اللجان وبين أحد المواطنين العراقيين مثلاً من كل هذه الأشياء التي أتت لم تأتِ لقاحات للأطفال مثلاً، وهناك أطفال الآن في العراق سن الشهرين وثلاثة أشهر لم يأخذوا ولو لقاح واحد من اللقاحات العادية الضرورية لصحة الإنسان، كيف يمكن أن نطلب من هذه الدول أن.. أن تكون مساعداتها منظمة وتستجيب لحاجيات حقيقية في.. في المجتمع العراقي؟

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أخ محمد، كل الذي قلته طبعاً هذا كله واجد.. موجود عندنا، إحنا بالنسبة إلنا مو هي النقطة اللي دا تصير، فلان دول عربية صديقة، دول أخرى صديقة، دول إسلامية صديقة تريد تقدم مساعدات لأن تسمع أخبار الشعب العراقي، بس كل واحد يقدم مساعدات يجيب مثلاً مضادات حيوية Antibiotic إحنا متوفرة عندنا يمكن، ويمكن شيء آخر هو أيش ما أدري الجهة اللي قاعدة تقدم مساعدات، هسة كثير من الجمعيات الخيرية، فإحنا اللي مطلوب عندنا، مو المشكلة اللي هي وهسة مثلاً عدم.. وضع الفوضى وعدم وجود رأس على الإدارة، الإدارة فوضى بالنسبة مدير عام ماكو، المدير الفلاني ماكو، فإحنا.. إحنا نعرف احتياجاتنا، هم خطأ ما يعرفون احتياجاتنا، يعني أنا هسه في دائرة مدينة الطب أعرف شو أحتاج، بس لما تيجي لي المساعدة يجي لوري ينزل لي الكمية الفلانية اللي يمكن أنا عندي منها، فنريد جهة منسقة من عندنا إحنا العراقيين من وزارة الصحة إذا انوجدت وزارة على القريب العاجل، إنه تعرف احتياجات البلد الحقيقية، فحتى لما نطلب مساعدات ما تيجينا مساعدات اللي إحنا already موجودة بمخازننا، فهذه النقطة كليش مهمة، أما من ناحية اللقاحات، طبعاً هذا مو ضمن اختصاصي، بس أنا أسمع من زملائي إنه كثير من اللقاحات تضررت لانقطاع التيار الكهربائي، اللقاحات يجب أن تخزن في مكانات مبردة وعند درجة معينة، فانقطاع التيار الكهربائي الفترة الأخيرة كثير من اللقاحات.

محمد كريشان: غير صالحة.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: غير صالحة، أما الكمية أيش قد أُتلفت وأيش قد لا تزال والله ما.. ما أقدر أعطيك هذا الرقم بالضبط، أكيد أكو يعرفون بها الموضوع أخصائيين الأطفال أو بالصحة العامة يقدر ينطي دقة إنه أيش قد، بس هي -حسب معلوماتي- أيش ما أريد أسمع إنه كثير (بذر) وهسه ومن اللقاحات فقدت، وهذه ممكن تجينا في سيارات مبردة.. مبردة من الدول الصديقة اللقاحات، بس الدولة اللي تريد تدز شي معرفها أيش قد هتدز إذا أنا ما أقول لها أنا محتاج لقاح الحصبة محتاج لقاح شلل الأطفال هم.. فإحنا نريد أول شيء ننظم عملنا، ترجع الدوائر، يرجع الموظفين، يرجعون الإداريين حتى إذا بنطلب المساعدة نطلب المساعدة على أسس رصينة.

محمد كريشان: نعم، دكتور يعقوبي.

د. عمر اليعقوبي: أستاذ محمد، أنا أتصور أكو دور جداً هام وفعال من ناحية مؤسسات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدولية، كان اجتماع موجود الأسبوع الماضي كاجتماع يعني ابتدائي أتصور التنسيق مع هذه المنظمات بالإضافة -مثل ما تفضل الأستاذ عزام- أنه من يمثل وزارة الصحة العراقية، يعني من مدراء المذاخر كل أكو مدير مذخر يعرف ما هو لديه وما هو في حاجة إليه بالإضافة إلى مدراء المستشفيات والمنسقين اللي هم موجودين يعني مديرية التخطيط والرعاية في وزارة الصحة يتناقشون مع الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ينطوهم أيش يريدون ومع منظمة مثلاً أطباء بلا حدود ويدزون إلى ممثليهم يبعثوا لهم العراق في حاجة إلى كيت وكيت من المواد تنسق خاطر لا تصير أشياء كيفية وممكن متكررة وممكن تعدم ها المساعدات اللي دا يجيبوا لنا إياها اللي دا تحضر بس مو بالطريقة الصحيحة خاطر أنه تؤدي النتيجة الفاعلة المطلوبة.

محمد كريشان: يعني هل يمكن لهذه المساعدات مثلاً أن.. أن تخفف معاناة البعض؟ مثلاً تابعنا في التقرير بعض أهالي الأطفال الذين يعانون من سرطان الدم بأن الأدوية ليس فقط قليلة وشحيحة، ولكن أيضاً…

د. عمر اليعقوبي: باهظة الثمن.. باهظة الثمن.. نعم.

محمد كريشان: باهظة الثمن، يعني مثل هذه الظروف المعيشة الصعبة يعني كيف يمكن مساعدة هذه الشريحة من المجتمع؟

د.عمر اليعقوبي: والله هذه الشريحة خاصة للأدوية السرطانية -كما الجميع بالعالم يعرفون- هي أدوية مكلفة وفي العراق كانت مدعمة من قبل وزارة الصحة وكانت تصرف إلهم قسم من الأدوية شبه مجاناً، بس الأدوية اللي شحيحة أو غير متوفرة كانوا الناس يشتروها من السوق السوداء بأثمان جداً عالية أو يضطر الشخص إذا عنده أقرباءه في الخارج أو كانوا يوصون سُوَّاق التاكسي اللي يروحون إلى الأردن أو إلى سوريا أنه يشتروها، فهذا طبعاً كجهد أنه ممكن الصليب الأحمر يتدخل به.. أكو منظمات صحية للأطفال إنسانية ممكن أنه تنبعث ها الأدوية ومن دون أثمان لأنه راح تنقذ حياة أطفال وتنقذ حياة آخرين.


مسؤولية القوات الأميركية في توفير المستلزمات الطبية

محمد كريشان: يعني هل.. هل ترى مسؤولية معينة للقوات الأميركية الموجودة الآن والبريطانية في توفير -على الأقل- الأشياء الضاغطة والعاجلة بحكم مسؤوليتهم كقوات موجودة الآن وتسيطر على البلد.

د. عمر اليعقوبي: والله هو كقوة غازية وقوة محتلة هذه واحدة أتصور من وجباتهم الأساسية أنه احتلوا البلد وغزوا البلد ووقَّفوا البنية التحية ووقَّفوا كل المؤسسات الصحية فمن واجبهم أنه يوفرون ها المواد ومن خزانتهم وليست من خزانة الفرد العراقي أو من الدولة العراقية.

محمد كريشان: نعم.. دكتور قمبراغا، كيف ترى مسؤولية قوات الاحتلال في توفير هذه المستلزمات وبشكل عاجل يعني؟

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: والله بالنسبة يعني مو قلت لك يعني بالنسبة للمواد..إذا أنا أقول لهم للجهة الفلانية.

محمد كريشان: من.. من يقول لهم الآن؟ هذه المشكلة.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أيوه هذه النقطة.

محمد كريشان: يعني نعود إلى قضية البيضة والديك والدجاجة نعم.

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: البيضة والدجاجة، فيه مغزى، يعني هي بالنسبة طبعاً هم حسب اتفاقية جنيف القوات المحتلة مسؤولة عن توفير الأمن في ذاك البلد، فهم يعني إذا وفروا لي الأمن ووفروا لي الأساسيات يعني يجب أن.. وبعدين أنا أقول لك مثلاً: أوكسجين محتاج يوفروا لي الأوكسجين للتخدير، المادة الفلانية السرطانية محتاج، اللقاحات محتاجها، المفروض عن طريقهم تكون هم كواسطة كاتصالات يوفروا لنا إياها عن طريق الدول الصديقة من جهتهم عن الجمعيات الخيرية، بس يتبلغون إنه الجهة.. الجهة القوات المحتلة إنه نقول لهم يا أبا عندنا نقص بالكمية الفلانية من اللقاح الفلاني أو من الدواء الفلاني، بس لا تجينا معونات وهم ما يعرفون إحنا إيش محتاجين، وإحنا يمكن موجودة بالمذاخر والمخازن مالتا يعني.

محمد كريشان: يعني مثلاً في انتظار تشكيل سلطة معينة، هل يمكن لنقابة الأطباء أو لحتى لمجموعة من الأطباء تجتمع في العراق وتبلغ الهيئات الدولية وغيرها أو الأمم المتحدة بحاجيات محددة؟

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: هذا الصحيح، إنه مجموعة.

محمد كريشان: هل هناك مساعي في هذا الاتجاه؟

د. عزام عبد الرزاق قمبراغا: أنا سمعت إنه بدأت المساعي تنوجد في وزارة الصحة وفي بعض المؤسسات، ومثل ما قال الدكتور عمر في الصليب الأحمر والهلال الأحمر حتى يلملمون هذا الشيء ونعرف شنو هي نواقصنا حتى نطلب المساعدات.

محمد كريشان: يعني الدكتور يعقوبي، يعني من خلال منظمات مثل أطباء بلا حدود عندما يجتمع الأطباء العراقيون ويقولون هذه حاجَّياتنا قد يكون صوتهم مسموع أكثر من سلطة انتقالية قد تفتقر في نظر البعض إلى شرعية معينة مثلاً.

د. عمر اليعقوبي: أي نعم، يعني هذا اقتراحك جداً وجيه يعني أنه إذا أتوا يعني إذا هم مستعدين يجون ويقابلون الأشخاص اللي يزورون المستشفيات، يزورون وزارة الصحة اللي موجود منهم، هو بس إضافة إلى يعني التعقيب اللي حضرتك السؤال اللي سألته هو مدى مسؤولية القوات اللي هسة موجودة في العراق؟ أنا أنطيك مثل مثلاً أنه ممكن اللي دا يسوه واللي ممكن مفروض يسووه، اللي يسووه دا يفترون الآن على المستشفيات اللي قسم منها الأهلية ما دا يقول له شنو أنت احتياجك لمعالجة المريض ليسأله أيش قد دفعت ضريبة في السنة الماضية من أرباحك، فهو لو في جاي في صدق يريد يفيد البلد يجي يقول لي: أنت أيش تحتاج من مواد يعني مغذيات، إلى دم، إلى مستلزمات طبية خاطر يساعد البلد في ها الموضوع.

محمد كريشان: نعم، إذن حلقتنا لهذا اليوم من برنامج (العراق ما بعد الحرب) تناولنا فيه الأوضاع الصحية الحالية في العراق كجزء من الصورة الاجتماعية التي نحاول أن نرسمها في هذا البرنامج الذي يأتيكم من العاصمة العراقية بغداد، نشكر ضيفينا في هذه الحلقة الدكتور عمر اليعقوبي (جراح العيون، أستاذ العيون بكلية بغداد) والدكتور عزام عبد الرزاق قمبراغا (أستاذ الجراحة العامة في كلية الطب ببغداد).

وإلى أن تكون لنا إطلالة أخرى في هذه البرنامج اليومي عن صور مختلفة من وضع العراق ما بعد الحرب، نشكر كامل الفريق الفني هنا في بغداد مع فريد الجابري، والفريق الفني في الدوحة، تحية طيبة وفي أمان الله.