تحت المجهر

الموت راكباً

أن تفقد صديقا أو قريبا بحادث سير مأساة مرّ بها كثيرون يحزنون دون أن يعيدوا النظر في أسباب ما حدث. حلقة برنامج “تحت المجهر” سلطت الضوء على هذا الموضوع.

حوادث السير جزء من حياتي كمخرج، أخي الصغير أصيب في حادث سير كاد أن يودي بحياته، صدمة أولى تبعها أخبار حوادث سير هنا وهناك، ثلاثون شخصاً ماتوا بحادث سير، انقلاب سيارة ووفاة كل من فيها، كمخرج تكرار الحوادث أثار عندي رغبة في ضرورة  البحث عن حل.

لكن القصة التي أثرت أكثر بي لأتحمس لإنتاج حلقة لبرنامج "تحت المجهر" عن حوادث السير هي فتاة صاحبة بسمة رقيقة قابلتها صدفة في أحد شوارع القاهرة مع مجموعة من الأصدقاء ووجدتها على كرسيها المتحرك، استوقفني هذا المشهد وأثار فضولي فعلمت أنها أصيبت في حادث توفي فيه والدتها وخطيبها.

بسمتها ورغبتها في الحياة  كانت مؤلمة بالنسبة لي، وبقيت أتساءل: كيف لفتاة مثل هذه أن تنتهي بها الحياة على كرسي متحرك.

مع بدء البحث تكشفت أمام فريق العمل حالات يرثى لها، شباب ضاع مستقبلهم أو أطفال يتموا، أجيال تنتهي بسبب هذا الموت الملازم للجميع، مع كل يوم جديد  حادثة وحوادث جديدة، ودائما استجابة المسؤول متأخرة  لكن المؤكد أن الموت لا يتأخر. 

حوادث الطرق في السودان ومصر وغيرها من البلدان العربية  كارثة حقيقة تحتاج إلى الوقوف عندها، بشر يفقدون حياتهم، وطرق غير ممهدة ودول أصبحت تتعامل مع الموت باعتباره ثقافة حياة، ومواطن مغلوب على أمره  فلا الدولة مهدت له الطرق ولا حتى اهتمت بإسعافه، قصص مؤلمة تستحق أن نشاهدها، نتفاعل معها ونعمل شيئا لنقلل من تكرارها.

هذه الحلقة صرخة في وجه الجميع من أجل وضع حد لهذه المأساة، رغبة في أن يتوقف هذا النزيف على الطرقات. هذه الحلقة رغبة مني ومن فريق العمل في أن نضع الجميع أمام مسؤولياته حتى يشعر  كل إنسان وهو راكب في أي سيارة  أن الموت ليس جالساً في المقعد القريب منه.