تحت المجهر

الشاطئ الآخر.. موسم الهجرة إلى المغرب

تناول برنامج “تحت المجهر” في حلقة بعنوان “الشاطئ الآخر” هجرة الإسبان إلى المغرب بحثا عن فرص العمل بعد الأزمة المالية الطاحنة التي ضربت إسبانيا قبل سنوات وما زالت تعاني تبعاتها.

على العكس من "موسم الهجرة إلى الشمال" عنوان رواية الروائي العربي الشهير الطيب صالح فإن البحر المتوسط يشهد موسما للهجرة نحو الجنوب عرفته إسبانيا التي ضربتها الأزمة المالية في 2008 وبعنف وما زالت تعاني تبعاتها.

خمس سنوات من الأزمة الاقتصادية أجبرت إسبانيا كثيرين على الرحيل إلى المغرب؛ فقد عصفت الأزمة بأكثر من ستة ملايين وظيفة، ووصلت معدلات البطالة إلى 29%، حسب إحصاءات 2013.

الكثير من العاطلين عن العمل فقدوا الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة، وضيقت الأزمة على الشباب الذين تابعت كاميرا برنامج "تحت المجهر" أحلامهم في مستقبل آخر مغاير لما كان يقال تحت قبة البرلمان "إسبانيا على حافة الهاوية".

قبول الصدمة الثقافية
يقول المهندس المبتعث إلى المغرب بنياط أروسبيغي إنه سيتقبل الصدمة الثقافية، واصفا تجربة العيش في بلد مسلم لأول مرة بأنها تبدو مثيرة.

بنياط هو حفيد الإسبان الذين طردوا المسلمين من إسبانيا قبل ستة قرون، وسمع وقرأ الصورة النمطية عن العرب والمسلمين، وهو مع غيره تضطرهم الآن الأزمة الطاحنة للرحيل جنوبا للعمل في طنجة وتطوان والدار البيضاء.

أما عامل الرخام ماركوس فيقول إنه حين قدم للعمل في المغرب خيّل له أنه سيجد الإبل تتجول بين الأحياء، "لكن لم أتوقع ما رأيت؛ المغرب وإسبانيا متشابهان لحد كبير".

ويجدر التذكير بأن الصورة النمطية عن الآخر المغربي المضحكة المبكية أحيانا تحدث رغم أن الفاصل بين طنجة وإسبانيا 14 كيلومترا فقط، ومع قدوم الإسبان للعمل لا للاستعمار، ربما تحدث تحولات في الصورة.

هجرة ليست جديدة
لكن للملحق الاجتماعي بالسفارة الإسبانية بيري نافارو إضاءة أخرى، فهو يقول إنه ليس صحيحا أن الهجرة الإسبانية إلى المغرب أمر جديد، بل ثمة تاريخ طويل يمتد إلى عهد الحماية وفترة الحرب الأهلية الإسبانية.

ولفت إلى أن الحرب الأهلية قضت على فرص العمل بينما كانت مدينتا طنجة والدار البيضاء تعجان بالنشاط الاقتصادي، مما جلب نحو 159 ألف إسباني للعمل هناك.

أما أثر هذه الهجرة الإسبانية فيقول الصديقي عبد الرحمن، أستاذ الاقتصاد بجامعة عبد الملك السعدي في طنجة، إنه حتى الآن لا يوجد إحصاء علمي لهذا الأثر على المجتمع المغربي والعمال المغاربة.

ويضيف أنه بحسب المتابعين فإن العمالة الإسبانية ليست منافسة للمغاربة وإنما تكميلية، مفيدا بأن ثمة غيابا لرد فعل مهيكل مؤسساتي حزبي أو اجتماعي، وإنما الأمر مقتصر على رد فعل فردي كالنظر إلى الإسبان منافسين أو غزاة.

عمالة سرية
في ملفات وزارة الخارجية سجل عشرة آلاف عامل إسباني، لكن الواقع يعكس أن هناك الآلاف من الإسبان والفرنسيين غير مسجلين ويعملون بالسر حتى يبقوا يتلقون المعونات والتعويضات في بلادهم.

أما البطالة في المغرب فتبلغ 10% بحسب الإحصاءات الرسمية، لكن الحديث عن أخذ الإسبان فرص عمل المغاربة لا تبدو قوية الأثر.

وهنا يلاحظ الصديقي عبد الرحمن أن الإسباني ذو تأهيل أفضل في مجالات العمل التي يطرق بابها، مضيفا أن المغرب بالنسبة له هي بلد مقلع، وبالتالي فلديه مشاريع إنشائية ضخمة يسابق إليها فتكون متاحة له أكثر من المغربي الأقل تكوينا وتأهيلا.

على مقربة من بلده وفي مطعمه بطنجة لا يجد خوان كارلوس ما يقوله سوى إن مستقبله أصبح هنا ولا يعرف متى تتغير الأوضاع في إسبانيا حتى يتمكن من العودة.