تحت المجهر

المرأة المغربية بين العُرف والقانون

سلطت حلقة “تحت المجهر” الضوء على المشاكل التي تواجهها النساء في المغرب، لا سيما زواج القاصرات والعنف الزوجي والطلاق وما يترتب عليه من إهمال وعدم دفع نفقة الأبناء.

النقاش حول مراجعة قانون الأسرة المغربي، تحول قبل أزيد من عشر سنوات إلى صدام بين تيارين في المغرب. الأول اعتبر أن أي مساس بهذا القانون، المستمدة فصوله من الشريعة الإسلامية، هو نوع من تحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرمه.

أما التيار الثاني فقد كان يشهر ورقة الواقع ليعزز موقفه المطالب بمراجعة قانون الأحوال الشخصية، الذي لم يعد، حسب تصورهم، يساير العصر ولا التحولات التي فرضت نفسها.

هذا التجاذب، كان كافيا وحده ليثير الاهتمام بتحويله إلى قصة وثائقية. لكن هذا النقاش لم يقف عند حد إدخال تعديلات على قانون الأسرة تحت إشراف لجنة ملكية تمثل غالبية تيارات المجتمع، بل استمر حتى بعد إقرار المدونة   الجديدة، وها هو يتجدد مع اتمام المدونة أكثر من عشر سنوات من  دخول بنودها حيز التطبيق.

على مستوى المادة التوثيقية، يمكن الاعتراف بأن النقاش الغزير، والأحداث التي ارتبطت بهذا الموضوع، وفرت ما يكفي من المعلومات والمعطيات لوضع تصور أولي، ثم نهائي لإنجاز العمل. في المقابل، كان لابد من البحث عن حالات مناسبة تجسد، بكل موضوعية، واقع المدونة في شقيه الإيجابي والسلبي، وهو ما تطلب جهدا إضافيا، مع الحرص على ضمان تنوع الحالات اجتماعيا وجغرافيا.

بالإضافة إلى الحالات، أغنت مشاركة محمد بوستة، رئيس اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة سنة 2003، وزهور الحر وأحمد الخمليشي، العضوين في هذه اللجنة، مادة الفيلم، لأنه علاوة على ما كشفوه من كواليس همت النقاش داخل اللجنة، فهم، كل حسب موقعه، أدلوا بآرائهم التقييمية، من الناحية السياسية بالنسبة إلى بوستة، والفقهية والقانونية بالنسبة إلى الخمليشي والحر. كما أن قانونيين وباحثين آخرين ، جرى اختيارهم بعناية، شاركوا برأيهم في الفيلم ملامسين الموضوع من خلال نظرة واقعية.

في اعتقادي، يعتبر فيلم "بين العرف والقانون" مساهمة من زاوية نظر مختلفة في النقاش حول القانون المنظم للأسرة المغربية، الذي اعتقد البعض أنه سينتهي بعد التدخل الملكي بالدعوة إلى مراجعة هذا القانون، وبعد إقرار المدونة في صيغتها الجديدة المتوافق حولها، في حين أنه استمر وعاد ليتجدد بعد مرور أكثر من عقد على بدء التطبيق، إذ أن جهات بدأت تحركاتها للمطالبة بتعديل مواد أخرى في المدونة يرون أنها لا تفي بالغرض أو أنها أثبتت محدوديتها أثناء التطبيق.

أتمنى أن تؤدي هذه المساهمة، بوضع هذه القضية في حلقة في برنامج "تحت المجهر" على شاشة الجزيرة الإخبارية، دورها في إغناء هذا النقاش المفتوح على مستوى المغرب، وفي إيصال العديد من الرسائل إلى المشاهد العربي، لتقريبه أكثر من تجربة مغربية كان لها الصدى داخليا وخارجيا، وهي، لا محالة، ستتأثر بما محيطها، وستؤثر فيه.

خلاصة القول، إنه بفضل فيلم "بين العرف والقانون" عشت تجربة إنسانية ومهنية غير مسبوقة، حملت إلي العديد من المعارف.

المخرجة: لبنى اليونسي