عندما فر المستوطنون من الجزائر
تتطرق حلقة "عندما فر المستوطنون" من برنامج "تحت المجهر" الذي يبث الخميس إلى موضوع الاستيطان الفرنسي في الجزائر، من حيث ظروفه التاريخية وتجلياته الحضارية والنتائج التي انتهى إليها المشروع الاستيطاني في هذا البلد، متجلية في فرار المستوطنين ومغادرتهم الجزائر منبوذين ليستقبلوا على الأراضي الفرنسية بغير حفاوة.
ولأن الضغط يولد المقاومة دوما، فقد ركز برنامج "تحت المجهر" على التوثيق لبدء المقاومة السياسية والمسلحة الجزائرية، ابتداء بالدورالذي لعبته جمعية العلماء المسلمين بقيادة عبد الحميد بن باديس في الحفاظ على الهوية الإسلامية الجزائرية، مرورا بتأسيس أول الأحزاب الوطنية وهو حزب "نجم شمال أفريقيا" الذي تحول إلى الحزب الشعبي الجزائري كأول حركة سياسية منظمة في كل التراب الجزائري، وانتهاء بالمقاومة المسلحة التي استطاعت أن تنهي الفترة الاستعمارية في ملحمة المليون شهيد.
كما استعادت حلقة "عندما فر المستوطنون" الصراع السياسي الداخلي الفرنسي بين الجنرال شارل ديغول وأطراف العملية السياسية المختلفة بمن فيهم ممثلو المستوطنين الذين رفضوا الخضوع لقرار تقرير المصير الذي أقره الجنرال، وأسسوا منظمة الجيش السري التي أرهبت الجزائريين.
بعد تقرير المصير الذي اختار فيه الجزائريون الاستقلال عن فرنسا، وجد المستوطنون أنفسهم أمام مطرقة الهرب من الجزائر وسندان التجاهل الرسمي الفرنسي، وصار "الأقدام السوداء" -وهو الاسم الذي أطلق عليهم غداة الهرب إلى فرنسا- مبعدين عن دولة يعتبرونها دولتهم حيث ولدوا وعاشوا في الجزائر، ومضطرين للاندماج في مجتمع فرنسي عاملهم بعنصرية واعتبرهم غرباء.
ومن خلال شهادات أطفال تلك الحقبة التاريخية الذين صاروا كبارا، يمنح برنامج "تحت المجهر" الفرصة لأبناء "الأقدام السوداء" للحديث عن وجهة نظرهم تجاه تلك الأحداث وما تلاها.
"عندما فر المستوطنون" وثيقة تاريخية مهمة من الماضي، لها امتداد واضح في الحاضر العربي حيث لا يزال الاستيطان اليهودي سرطانا يسري في الجسد الفلسطيني منذ أكثر من ستين عاما.