كارل هوبرت.. الصراع العربي الإسرائيلي

كارل هوبرت: من خلال عملي الأكاديمي وصداقتي الحميمة للمسلمين واليهود على حد سواء أصبح هاجسي الصراع الأزلي بين العرب والإسرائيليين، وجعلت هدف حياتي أن أعلم طلابي كيف يسهمون في خلق توازن بدلاً من حالة عدم توازن القوى السائدة حالياً في الشرق الأوسط.

[شريط مسجل]

ياسر عرفات: القدس هي عاصمة دولة فلسطين شاء من شاء وأبى من أبى.

[نص مترجم مكتوب]

إن العلاقة بين اليهود والقدس لا يمكن إنكارها.

تفادي الصراع في الشرق الأوسط

كارل هوبرت: علينا مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء كي يعملوا من دون أي تدخل منا على إقامة دولة فلسطينية، My name is Karl Hubert. تتمحور حياتي المهنية على تعليم الطلاب في سنواتهم الأساسية كيفية منع الصراع وكيفية التواصل بشكل فعال مع الآخرين مِمَن ينتمون إلى خلفيات مختلفة عنهم وقد بدأت هذه المسيرة منذ أن كنت طفلاً في مدينة منيا بوليس حيث كانت مدرستي تجرب ما يعرف باسم التمازج الثقافي يقصد بالتمازج الثقافي إحضار أطفال من أجزاء مختلفة من مدينة منيا بوليس ومزج هذه الثقافات بعضها ببعض، وهكذا بدأت أفهم معنى التعايش، أعتقد أن الصراع كما قال وايت ازنهور قبل مماته: يعود في مجمله إلى النظام العسكري الصراعي الذي خلقناه في الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم حيث يعمل القطاعان العسكري والصناعي بالاشتراك مع الحكومة ولاسيما في واشنطن من أجل خلق الصراعات بدلاً من منعها لكني أقول للطلاب تخيل صراعك كأنه سرطان فكروا بالصراع من زوايا مختلفة كي تحاولوا منعه في المستقبل حتى لا يكون لدينا سرطان يستشري في النمو.

أحداث 11 سبتمبر وبداية بناء محور الأمل

في الحادي عشر من سبتمبر فقدت أحد طلابي السابقين وهو تيدي ميلوني شعر تيدي بالاهتزاز الناجم عن ارتطام الطائرة بالبرج الأول وسمع أحدهم يصدر التعليمات للناس في البرج الثاني أثناء عملية الإخلاء قائلاً: أنه لا يجب أن لا يغادر أحد البرج الثاني لأن الشظايا تسقط وقد تتعرضون للأذى أو للموت، لكن تيدي قال لجميع الموظفين في الطابق الذي تشغله الشركة التي كان مديراً فيها فليخرج الجميع لا يهمني ما يقوله، خرج الجميع ونجوا ما عدا تيدي فقد مات، لقد ارتطمت الطائرة أسفل الطابق الذي كان فيه ولا تنسى زوجته أبداً المكالمة التي تلقتها منه بعد ارتطام الطائرة بالبرج الثاني حيث أخبرها بأنه لا يدري هل ينجو أو لا وبعد ستة أسابيع وضعت زوجته مولودهما الثاني وسمته تيدي على الرغم من أنها طفلة.

[شريط مسجل]

جورج دبليو بوش: نظام كوريا الشمالية الديكتاتوري يتسلح بصواريخ وبأسلحة الدمار الشامل. إيران تسعى بقوة وراء هذه الأسلحة وتصدّر الإرهاب والعراق يستمر بعدائه للولايات المتحدة وبدعمه للإرهاب، مثل هذه الدول وحلفائها من الإرهابيين تشكل محور الشر تتسلح لتهديد السلام في العالم، الولايات المتحدة الأميركية لن تسمح لأخطر الأنظمة الديكتاتورية في العالم بتهديدنا بأشد الأسلحة تدميراً في العالم.

كارل هوبرت: وما بين خسارتي لتيدي وما قاله الرئيس بوش وصل الأمر إلى ذروته ولن أنسى أبداً ما قلته في تلك الليلة من أنني سأبدأ ببناء محور الأمل، بعد أسبوع من ذلك عقدت مؤتمري الأول لطلاب المدارس الثانوية من جميع أنحاء ولاية ماساتشوستس حول الصراع العربي الإسرائيلي وهكذا بدأت أكتب دراسات حول نقاط الصراع في العالم من ثم أفسح المجال أمام طلابي لاستخدامها في تمارين محاكاة مفاوضات السلام داخل غرفة الصف وهكذا أنشأت مؤسسة محور الأمل هنا في بوسطن كمؤسسة غير ربحية وعلى الرغم من أن مقر مؤسستنا في جامعة بوسطن غير أنها منفصلة تماماً عن الجامعة، نعمل على مساعدة الأطفال على منع الصراع من خلال ما أسميه "فيتامين ت" التواصل والتفاهم والتسوية والتعاطف والتعايش يجب علينا تعليم الأطفال هذه الأشياء في سنواتهم التأسيسية لأنه إذا استطعنا إعطاءهم هذه الفيتامينات في هذه السن فسوف يستطيعون منع انتشار سرطان الصراع بصورة أكثر فعالية. أود أن نواصل مناقشتنا اليوم حول دراسة القضية التي تحمل عنوان قدس من؟ وهي القضية التي لا نزال نبحثها منذ عدة أسابيع وسنبحثها غداً أيضاً في أكاديمية بوسطن الإنجليزية لمدة أربع ساعات، حسناً لنبدأ النقاش الآن، نحن في الأكاديمية الإنجليزية في بوسطن وهي أقدم المدارس الحكومية في الولايات المتحدة لقد قمنا بإرسال الدراسة "قدس من" إلى رئيس قسم التاريخ في المدرسة وهذه هي الخطوة الأولى بعدها يقرأ الطلاب التسلسل التاريخي للصراع منذ عام 1900 على سبيل المثال ماذا حدث في عام 1967 في حرب أيام الستة؟ ماذا حدث في عام 1973 وهكذا فإن الطلاب لن يتعلموا الحقائق التاريخية فقط بل سيتطلعون على مخطط زمني للأحداث التاريخية المهمة أما الخطوة الثالثة فهي تبدو التسميات من هو بنيامين نتنياهو ما هي فتح؟ ما الفرق بين الليكود وحزب العمل؟ سيتم إيضاح كل شيء للطلاب. في البداية أمنح كل مجموعة عشرين دقيقة ليقرؤوا التعليمات بصمت ثم الخروج ببيان موجز مدته دقيقتان كيف ستقر ر المجموعة من سيكون سكرتيرها وكيف سيكتب البيان الذي سيستغرق دقيقتين ومن سيكون المتحدث باسم المجموعة، هذا بدوره سيمثل الجولة الأولى من المفاوضات.

طالبة: نحن جامعة الدول العربية نطالب بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني نريد العدالة لفلسطين ومعاقبة إسرائيل على ما فعلته.

طالب: هذه مسؤولية إسرائيل.

كارل هوبرت: شكراً جزيلاً.

طالبة: نطالب الجيش الإسرائيلي بالخروج فوراً من الدولة الجديدة ومن عاصمة فلسطين.

كارل هوبرت: ننتقل إلى الجولة الثانية من المفاوضات حيث ننشأ ما نسميه قاعدة دبلوماسية إذن ستكون لدينا ثلاث قواعد دبلوماسية على ست طاولات سيجلس الليكود مع العمل وستجلس حماس مع فتح وستجلس الجامعة العربية مع اللجنة الرباعية الدولية وما أقوله لهم هو أنتم الآن مع مجموعة أخرى يوجد ثلاثة أزواج في هذه القاعة لديكم عشرون دقيقة بالضبط لبحث قضية القدس والخروج بثلاثة نقاط تتفقون عليها فيما بينكم، النقطة الأولى أمن القدس، النقطة الثانية الرعاية الصحية في القدس، النقطة الثالثة موضوع التعليم، لديكم 15 دقيقة لمناقشة هذه النقاط الثالث.

طالبة: إذن ستكون هنالك مدارس منفصلة، مدارس فلسطينية ومدارس إسرائيلية.

طالبة: ماذا ستقدم لهم كبديل؟

طالب: كما قلت لكم للتو سيكون هناك مستشفى فلسطيني في نفس منطقة المستشفى اليهودي، ربما على مسافة خمسة أميال منه.

طالبة: لا يهم الدين الذي تدين به فمهما يكون دينك فأنت بحاجة إلى المساعدة إذا تعرضت للأذى.

طالبة: إذا أعطى الإسرائيليون الفلسطينيين حريتهم عندها فقط يمكن للفلسطينيين أن يحكموا أنفسهم ويوفروا الأمن لشعبهم.

طالبة: بالنسبة للتعليم فقد قررنا أن تكون هناك مدارس منفصلة بحسب الديانة.

طالبة: لم يكن هناك تمييز ضد أحد.

[فاصل إعلاني]

كارل هوبرت: حسنا هذه هي الجولة الأخيرة من المفاوضات أعلم أن الوقت قد داهمنا أتمنى لكم التوفيق.

طالب: في الجولة الأخيرة لا تجري المفاوضات بين الأحزاب بل تجري المفاوضات على محاور رئيسية.

طالبة: لكي ينعم الفلسطينيون بالأمن يجب أن تكون لديهم دولة.

طالبة: يجب أن تتوقف المستوطنات في القدس الشرقية.

طالبة: تحدثنا عن القدس الشرقية ومن سيأخذها لأن الليكود غير مستعدين لكي يتخلوا عن أي جزء منها، كذلك لسنا نحن مستعدين للتخلي عن أي جزء منها.

طالبة: لم نتوصل إلى اتفاق يجعل الفلسطينيين والإسرائيليين يتعلمون التعايش ويحبون بعضهم البعض.

طالبة: السلام ما هو إلا البداية سيكون هو الذي سيوجه مسيرتنا.

كارل هوبرت: ما الذي تعلمتموه في هذا اليوم؟ نعم..

طالبة: لقد تعلمت الكثير وأستطيع القول إنني خرجت بفائدة كبيرة وسأظل أفكر في هذا الموضوع والحلول المقترحة.

طالبة: لقد تعلمت أن السلام ما زال ممكنا.

العصيان المدني في حقل التعليم

كارل هوبرت: إذا عززت مقدرات الطلاب على التفاوض واتخاذ القرارات فسوف يتعلمون بصورة أكثر فاعلية وفي نهاية المفاوضات على الطلاب أن يكتبوا رسالة تتضمن توصياتهم حول كيفية إحلال سلام أكثر فاعلية في الشرق الأوسط، ثم نقوم بإرسال رسالة إلى جورج ميتشل مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، وإلى هيلاري رودهام كلينتون وإلى باراك أوباما لقد تلقوا الكثير من هذه الرسائل لدرجة أنهم أصبحوا الآن يقولون: " يا إلهي ما الذي يتعلمه طلابنا في المدارس"، الفضل في هذا يعود إلى مارتن لوثر كينغ أي فكرة العصيان المدني في حقل التعليم، حيث يتعلم الطلاب حقائق حول الشرق الأوسط ويضغطون على حكومتنا لإنشاء دولة فلسطينية. نشأت في مدينة منيا بولس لأب يعمل طبيبا نفسيا وأم تعمل معلمة لقد آمن والديّ بضرورة أن يعلمانا كيف ننظر إلى مجتمعنا وكيف نحسن إلى الآخرين ونقوم بالعمل التطوعي في منيا بولس، ليس هذا فقط بل كنا يؤمنون أيضا بضرورة السفر إلى بلدان مختلفة من العالم، التجربة التي غيرت حياتي حدثت في أول رحلة لنا إلى فرنسا حيث تمكنت من استخدام اللغة الفرنسية التي لم تكن جيدة كثيرا حينئذ في حجز الغرف في الفنادق وطلب الوجبات في المطاعم، لقد كانت تلك الرحلة تمرينا لبناء الثقة في نفسي، كما كانت بداية رحلة لأصبح مواطنا عالميا، ذهبت إلى فرنسا ثانية في سن التاسعة عشرة وعشت في الحي اللاتيني، وتعرفت مصادفة لإحدى العائلات حيث وصلت إلى هناك ولم يكن لدي مكان أسكن فيه كما لم يكن لدي الكثير من المال، دخلت إلى المكتب في الكلية التي سأدرس فيها وفجأة رن جرس الهاتف في مكتب المدير وكانت المكالمة من أم تبحث عن جليس لطفليها ليعلمهم اللغة الإنجليزية، وفي اليوم التالي انتقلت للعيش مع عائلة بلانشار التي أصبحت عائلتي الثانية في هذا العالم، أصبحت لديّ غرفة خاصة في منزل جميل أمامه حديقة صغيرة، ومن المثير للاهتمام أن العائلة كانت يهودية، وقد كانت تدور بيننا نقاشات كثيرة حول الشرق الأوسط وحول السياسات المتبعة حيال المسلمين في فرنسا كان كل منا يحترم الآخر، وخلال وجودي هناك أثناء دراستي للسياسة الخارجية والعلاقات الدولية والعلوم السياسية في معهد العلوم السياسية تشكلت لديّ ولدى تلك العائلة فكرة الاتفاق على الاختلاف في وجهات النظر وهكذا منذ ذلك اليوم اتفقت مع أمي وأبي الفرنسيين على الاختلاف بعض القضايا.

صديقة كارل هوبرت: مرحبا يا كارل تسرني رؤيتك كيف الأحوال؟

كارل هوبرت: كل شيء يسير على ما يرام.

صديقة كارل هوبرت: أريد أن أسألك كيف سارت الأمور في الأكاديمية الإنجليزية..

كارل هوبرت: لقد أنجزنا تمرينا رائعا يوم أمس حول حل الصراعات مدته أربع ساعات.

صديقة كارل هوبرت: إذن ماذا لديك هذا الشهر بالنسبة للمدارس الأخرى؟

كارل هوبرت: في الواقع سننطلق إلى رواندا سنغادر في 22 من يونيو وسنعمل مع طلاب الثانوية هناك ليس على هذه التمارين فحسب بل سنأخذ الطلاب كي يتدربوا إلى جانب طلابنا في دار أيتام تسمى بيت الأمل، إذن وجهتنا التالية هي أفريقيا.

صديقة كارل هوبرت: إن هؤلاء الطلاب الذين يشاركون في هذا المشروع التعليمي حاليا سيتولون أمر البلاد لاحقا سوف يصبحون رؤساء وأعضاء برلمان وأساتذة جامعات سوف يقودون البلاد وسوف يؤثرون في عقول الجيل اللاحق ولذلك من المهم جدا أن يتلقوا تدريبا في المجال الدبلوماسي.

كارل هوبرت: أعتقد أن الطريقة التي تحلق بها الطيور في ذلك الاتجاه مدهشة، انظري إلى العلم الأميركي في الأعلى إن فكرة تعليم الطلاب في مدارسنا هنا في هذا البلد أثناء سنواتهم التأسيسية كيفية السير في طريق السلام يعود الفضل فيها إلى مارتن لوثر كينغ ونحن نبدأ بتعليمهم خلال سنواتهم التأسيسية هذه الأفكار من خلال تمارين المحاكاة في الصف.

صديقة كارل هوبرت: أنت متأثر كثيرا بمارتن لوثر كينغ وكذلك ما تقوم به الآن متأثر به.

كارل هوبرت: هذا صحيح.

صديقة كارل هوبرت: جميل أنك تمر بهذا المكان كل يوم حينما تتجه إلى عملك.

كارل هوبرت: يذكرني هذا بالطلاب أو من كان يسميهم مارتن لوثر الموردين هذا التمثال يمثل الطلاب الذين كانوا معه والشيء نفسه تقوم به مؤسسة محور الأمل فهي تضم المزيد من الطلاب الذين سيتولون مقاليد الأمور في العالم، أعتقد أن العقبة الكبرى التي كان عليّ اجتيازها كانت المدرسين الذي كانوا يقولون إن ما أقوم به ليس في مصلحة طلابنا فهو لا يحسن أدائهم في إجراء الامتحانات النموذجية كما كان يسألونني أي نوع من البشر تسعى إلى تنشئته، أتسعى إلى تنشئة الليبراليين رقيقي الفؤاد يهبون لإنقاذ العالم، المفترض أن تحاول أن تنشأ في مدارسنا جيلا يعرف كيف يجني المال، ثم يهبه مجددا لمدرستنا، قلت لهم: أيهما أهم! الإسهام في إنقاذ البشر أو منح الأموال لإقطاعياتنا وكان بعضهم يرد: ما الذي تقصده بقولك منح الأموال لإقطاعياتنا، قلت: ما قصدته هو أنكم تنشئون إقطاعيات تعليمية تزداد جدرانها سماكة يوما بعد يوم فيما أنتم تجبرون الطلاب على البقاء داخل هذه الجدران، ما أفعله هو أنني أحفر ثقوبا داخل هذه الجدران فأمسك بهذا الباب الضخم الذي تسحبونه لأعلى وما تسمحون لأحد بالمرور منه إلى الخارج، وأبدأ بسحب هذا الباب للأسفل بحيث أتيح للطلاب الهرب إلى الخارج والقيام بأشياء مختلفة في السنوات التأسيسية من حياتهم، من الأشياء التي أقولها لطلابي أثناء أدائهم هذه التجربة أن هدفي قبل أن أموت هو أن يدعوني أحدكم إلى أوسلو عندما أكون قد أصبحت رجلا عجوزا وأتوكأ على عصا في مبنى البرلمان في أوسلو حيث أذهب لأجلس هناك في الصف الأمامي لأن سمعي سيكون ثقيلا حينئذ ثم أراك تنالون جائزة نوبل للسلام وإن نيلكم جائزة نوبل للسلام سيكونون نتيجة لما تقومون به فيما يتعلق بتحقيق السلام في الشرق الأوسط وإنشاء دولة فلسطينية أتمنى أن يحدث ذلك في حياتي هذا هو هدفي في هذه الحياة.