صورة عامة - ما وراء الخبر 29/4/2012
ما وراء الخبر

إغلاق السعودية لسفارتها وقنصليتيها بمصر

تناقش الحلقة موضوع إغلاق السعودية لسفارتها وقنصليتيها بمصر، هل فعلا قضية الجيزاوي هي التي دفعت بالسعودية إلى استدعاء سفيرها من القاهرة؟ وهل هي بوادر توتر في العلاقات بين البلدين خاصة بعد الثورة في مصر؟
‪محمد كريشان‬ محمد كريشان
‪محمد كريشان‬ محمد كريشان
‪إبراهيم النحاس‬ إبراهيم النحاس
‪إبراهيم النحاس‬ إبراهيم النحاس
‪سيف الدين عبد الفتاح‬ سيف الدين عبد الفتاح
‪سيف الدين عبد الفتاح‬ سيف الدين عبد الفتاح

محمد كريشان: قررت السعودية أمس إغلاق سفارتها وقنصلياتها في مصر واستدعاء سفيرها رفضا لما وصفته بالاحتجاجات غير المبررة أمام بعثاتها في مصر، وكان مصريون قد نظموا مظاهرات احتجاجا على توقيف المحامي المصري أحمد الجيزاوي في السعودية. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه من زاويتين: هل فعلا قضية الجيزاوي هي التي دفعت بالسعودية إلى استدعاء سفيرها من القاهرة؟ وهل هي بوادر توتر في العلاقات بين البلدين خاصة بعد الثورة في مصر؟

السلام عليكم، عاد السفير السعودي لدى مصر إلى الرياض للتشاور بعد قرار حكومة بلاده إغلاق سفارتها احتجاجا على ما اعتبرته إساءة للمملكة من قبل محتجين مصريين، وقد أجرى كل من رئيس المجلس العسكري ووزير الخارجية المصريين اتصالات مع المسؤولين السعوديين لاحتواء الموقف.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: لم يكن المحامي المصري أحمد الجيزاوي يدرك ربما أن رحلته لأداء العمرة في الديار المقدسة ستقود العلاقات السعودية المصرية إلى أزمة بلغت ذروتها بإقفال الرياض لسفارتها وقنصلياتها لدى القاهرة، رحلة لم تكتمل بعد أن اعتقلت السلطات السعودية الجيزاوي، منذ وصوله إلى أراضيها وأخضعته للتحقيق على خلفية شبهة حيازته أقراصا تصنف كمواد مخدرة، استقبل جانب من الشارع المصري تصرف السعودية بغضب وسارع إلى تنظيم احتجاجات وصل بعضها إلى حد التظاهر أمام سفارة الرياض بالقاهرة، ومحاولة اقتحامها غضبا مما وجد فيه المحتجون مساً من كرامة المصريين وتعديا على حقوق مصري، لمجرد أنه انتقد معاملة السلطات السعودية لبني وطنه، شكلت الخطوة الدبلوماسية السعودية رسالة شديدة للجانب المصري، حاول المجلس العسكري ووزارة الخارجية المصرية احتواء تفاعلاتها المتصاعدة، فصدرت تصريحات وبيانات تؤكد على عراقة العلاقات المصرية السعودية، وتتضمن عبارات الاحترام والتقدير للمملكة حكومة وشعبا، يعني كل طرف من طرفي الأزمة يكن الكثير للآخر، فمصر شريك تقليدي للسعودية وحليف لها في ما كان يعرف بمعسكر الاعتدال العربي، جمعتها به علاقات مميزة من التنسيق على كثير من الصعد زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلى الحد الذي أشارت فيه تحليلات إلى أن الرياض لم تتوقع ولم تكن مستعدة لمتغير كبير بحجم شطب حليفها مبارك من المشهد المصري، في المقابل مثلت المملكة سندا ومتنفسا اقتصاديا مهما لمصر، ففي السعودية يعمل أكثر من مليوني مصري في مختلف المهن والوظائف، ومن السعودية تأتي مساعدات يخشى أن تعصف الأزمة الراهنة بواحدة منها وعدت المصريين بـ 7ر2 دعما لهم في وجه المصاعب الاقتصادية التي ظهرت بعد قيام الثورة، وفي انتظار ما قد تحققه دبلوماسية التهدئة لتلافي مفاعيل إضافية لمرحلة ما بعد غلق السفارة السعودية في القاهرة، بدت الأزمة دليلا جديدا على عمق التحولات التي طال بها الربيع العربي ما استقر لسنوات طويلة من النظم السياسية العربية والتحالفات أو التناقضات القائمة بينها.

[نهاية التقرير]

أبعاد الأزمة بين القاهرة والرياض

محمد كريشان: معنا في هذه الحلقة الدكتور إبراهيم النحاس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود، وسينضم إلينا من القاهرة الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أهلا بضيفينا، دكتور إبراهيم نحاس، هل من المعقول أن حالة تبدو محدودة مرتبطة بشخص محدد وفي قضية لها علاقة بالمخدرات أو غيرها من الاتهامات تثير كل هذه الزوبعة بين مصر والسعودية؟

إبراهيم نحاس: بسم الله الرحمن الرحيم، مساء الخير أخي محمد.

محمد كريشان: مساء الخير.

إبراهيم نحاس: ومشاهدينا الكرام، لا أتوقع ذلك لأنه الإشكالية التي حصلت، حتى هذه يعني بالإشكالية، حتى هذه اللحظة، هو منذ الثورة المصرية في خمسة وعشرين يناير وحتى هذه اللحظة هناك تصعيد كبير حقيقة من قبل بعض المصريين الذين لا يحسبوا على الشعب المصري حقيقة وإنما على الغوغاء المصرية حقيقة والذين لا يريدون الخير للعلاقات السعودية المصرية، فبالتالي هي الأزمة وصلت في ذروتها هنا بعد فترة طويلة جدا وليست أزمة شخص ذهب إلى السعودية وأوقف على ذمة حيازته لبعض المواد التي تحسب بأنها مخدرة وهو تحت القضاء، فبالتالي الأزمة هي مفتعلة حقيقة من قبل بعض المصريين، ورد الفعل السعودي هو رد عقلاني ورشيد حقيقة بعد فترة طويلة جدا، والأزمة لا تسمى أزمة حقيقة وليست أزمة سياسية بأي حال من الأحوال.

محمد كريشان: دكتور لماذا اعتبرت القضية وكأنها ملفقة؟ لماذا نظر إليها هكذا من قبل جزء من الرأي العام المصري؟

إبراهيم نحاس: نعم هو كما ذكرنا، هناك بعض للأسف المصريين، إما يعني إما أنهم يعملوا لجهات يعني عملاء حقيقة لجهات إقليمية قد تكون لا تريد الخير للعلاقات السعودية المصرية وكما هو معتاد، وللأسف الشعب المصري، الآخرون الذين وقفوا مع هذه، هم للأسف العاطفة قد تكون أخذتهم.

محمد كريشان: نعم.

إبراهيم نحاس: ولكن بشكل عام، العلاقات السعودية المصرية جيدة، العلاقات الشعبية السعودية المصرية أيضا بين الشعبين على أعلى مستوى، ما وصلت إليه هذه المرحلة هو كما قلنا إما أن هناك وللأسف من لا يريد العلاقات ومدفوع بدفع خارجي وهذا ما صعد من الأزمة حتى هذه اللحظة، وأيضا هناك أيضا بعض المصريين الآخرين حقيقة عليهم عبء كبير جدا بأنه يجب مواجهة مثل هؤلاء الغوغاء وهم يعلموا بأن السعودية لم تتقصد ولن تتقصد أحد من المصريين، وكما جاء في تقريركم أيضا، ما يفوق المليونين يعملون في المملكة السعودية بمختلف المستويات من أكاديمية إلى تجارية وما غيرها، فبالتالي إذا كان هناك تقصدا للإخوة المصريين ممثلا من قبل المملكة السعودية لفعل ذلك من قديم، أيضا نقطة أخرى حقيقة لو كان هذا الشخص يعني يمثل إشكالية للمملكة السعودية لما منح في الأصل تأشيرة لدخول المملكة السعودية سواء للعمرة أو لغير العمرة ولوضع تحت القائمة الحمراء ولبلغت الدولة المصرية بذلك، فالقضية هي للأسف هي مفتعلة ونعلم الأوضاع الإقليمية وما تقوم به المملكة السعودية ومصر حقيقة مجتمعان للحفاظ على الأمة العربية.

قضية جنائية أم سياسية؟

محمد كريشان: طالما هي مفتعلة، طالما هي مفتعلة دكتور، لماذا وهنا نسأل الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، لماذا أخذت هذه القضية كل هذه الضجة، خاصة إذا ما اعتمدنا ما أوردته اليوم جريدة السياسة الكويتية بأن هناك حسب تقديراتها ثلاثة آلاف مهرب مخدرات مصري محكوم عليهم في قضايا مشابهة في السعودية، ولم تثر ثائرة المصريين إلا بخصوص هذه الحالة، هل من تفسير؟

سيف الدين عبد الفتاح: هو طبعا التفسير يجب أن يكون تفسيرا متكاملا، هو أنا بس بتحفظ على الكلمة اللي قالها أخونا في الرياض إنه بيتكلم عن عملاء، هذا الاتهام يجب أن لا يكون في كلامنا عند التحليل السياسي بالنسبة لهذا الأمر، أنا أود أن أؤكد على  أنه في ثلاث أو أربع عوامل في هذا الإطار، العامل الأول هو عامل قانوني لأنه واضح جدا أن المسألة لها جانب قانوني، والجانب الثاني هو جانب دبلوماسي، بمعنى أن الدبلوماسية يمكن أن تلعب دورا في إطفاء الحرائق في الأزمات التي قد تنشب بين دولة وأخرى، وأن هناك قصورا شديدا من الجهازين الدبلوماسيين سواء في مصر أو في السعودية والسفارات على وجه الخصوص بالنسبة لهذا الشأن، الأمر الثالث الذي يتعلق بهذا، هو الجانب الذي يمكن أن يتعلق بالشعب، وأنا أظن أن الشعب المصري بعد الثورة بدا وكأن لديه مقولة كان يقولها ويرددها دائما، أن المصري مهان كرامته في الداخل وفي الخارج، ومن هنا كان لا بد وأن يقوم بمثل هذه الاحتجاجات كنوع من تغليف هذا الأمر الذي رأى فيه غبن قد وقع على أحد المصريين في هذا الإطار، يأتي بعد ذلك الجانب الرسمي، وهو جانب مهم جدا، يعني أنا في حقيقة الأمر أستغرب بأن يفاجأ المشير بسحب السفير وأن السفير يريد أن يغادر ويغلق السفارة، لأنه المفترض لما بتحدث مثل هذه الأزمات الدبلوماسية، دور السفير يكون غير الانسحاب، لا بد وأن يبلغ السلطات المسؤولة بهذه النية، ولا بد وأن يعلن أسبابه حتى يستمع بعد ذلك.

محمد كريشان: ولكن دكتور، وفق ما قال البعض حتى من بين المصريين، من بينهم الدكتور حسن أبو طالب من مركز الأهرام، أن الخطوة التي تمت هي قرار رمزي وأن حتى السفير السعودي بالقاهرة يعني أبلغ بعض العتب وأصدر بعض التلميحات ولكن يبدو حسب وجهة النظر هذه على الأقل أن الإخوة في مصر لم يلتقطوا أهمية الاستياء السعودي مما يجري؟

سيف الدين عبد الفتاح: لأ، هو القضية لا تعد في مقام الاستياء وعدم الاستياء، القضية تتعلق برؤية دبلوماسية ورؤية سياسية، علاقة بين دولتين، إنه الجهاز الدبلوماسي هو مهمته في مثل الأزمات إنه يقوم بعمل مهم جدا، نقول بقى رمزية مش رمزية لكن هذا الأمر دفع المشير أن يقطع اجتماعه بالقوى السياسية ويقوم بعمل هاتف، ويهاتف الملك بأنه هذا الأمر هو يود الرجوع عنه لأنه علامة خطر بالنسبة للعلاقات المصرية السعودية، فأنا أرى لأ أبدا، أنا أرى أن الأمر أمر جدي لا هذا، وأرى أن هناك أخطاء فادحة في العمل الدبلوماسي على الجانبين، وأرى أنه في مشاكل سببتها البيئة التي تتعلق بالثورة.

محمد كريشان: إذنْ في هذه الحالة، إذنْ في هذه الحالة أنت..

سيف الدين عبد الفتاح: ما بين الشعب المصري والشعب السعودي.

محمد كريشان: اسمح لي فقط دكتور، أنت في هذه الحالة تحيلنا على الجزء الثاني من هذه الحلقة التي سنتناول فيها، هل هي القضية أعمق من مجرد الجيزاوي؟ سنتناول هذا الجانب، لكن إذا سمحت لي فقط نسأل الدكتور إبراهيم النحاس، برأيك يعني لماذا؟ لماذا قضية هذا الرجل أخذت كل هذا الضجيج؟ يعني هناك حالات عديدة في العلاقات المصرية السعودية لأشخاص، حالات سواء سعوديين في مصر أو مصريين في السعودية، لماذا السيد الجيزاوي هذا تحديدا صار هو القضية، القنبلة إن صح التعبير؟

إبراهيم النحاس: نعم، هذا ما نقوله أخي، عندما نقول عملاء نحن لا نقصد أن نقول أن الشعب المصري عملاء، نقول أن هناك فعلا من يعمل لصالح إساءة للعلاقات السعودية المصرية، في معنى آخر عندما يأتي مثل هذا الشخص كما تفضلت، هناك أكثر من ثلاث آلاف تقريبا محكوم عليه قضائيا في المملكة السعودية لأسباب كثيرة، ومثلهم سعوديون قد يكون في مصر، ولم تثار مثل هذه القضايا، هذا ما نقوله عندما يكون هذا الشخص قد يكون مدفوعا بعمل عمل معين مثل حيازته لهذه، هو معلوم أنه سوف يقبض عليه عندما يصل السعودية، فبالتالي هناك آلة إعلامية بعد ذلك، متابعة للوضع لكي تثير هذه القضايا وللأسف هناك من يتعاطف معها، وعندما يقول طبعا الأخ الكريم من القاهرة أن الشعب المصري تهان كرامته في الداخل والخارج طبعا هذا كلام غير صحيح ويسيء للمصريين حقيقة، للشعب المصري سواء في الداخل أو الخارج وأتمنى طبعا أن يكون نظرته أكثر من ذلك بكثير، فلو كانوا يهانوا في الخارج، لماذا يجلسوا في الخارج؟ أنا في نظري لو تسأل المصريين في المملكة العربية السعودية لناقضوك تماما بما تقول، وأيضا عندما يقول أن المشير تفاجأ، طبعا لا نأتي حقيقة أخي إسماعيل أنا وأنت لنعلم الدول كيف تتعامل دبلوماسيا وسياسيا، وهذا طبعا يسيء أيضا لمصر كما يسيء للسعودية، دول لها تاريخها الطويل جدا في العلاقات الدبلوماسية، وتعلم كيف تتعامل بالعلاقات الدبلوماسية فبالتالي أنا وأنت لا نعلم ماذا دار خلف الكواليس! فبالتالي نحن لنا الظاهر، ولكن لا نستطيع الحكم وأن نقول أن المملكة يعني لم تتعامل دبلوماسيا بالشكل الصحيح، فهاتان الدولتان لهما تاريخ طويل جدا في التعامل في العلاقات الدولية، القضية أخي محمد والمشاهدين الكرام هي ليست أنه العلاقات السعودية المصرية سيئة وهناك أزمة، هناك من يريد افتعال أزمات وللأسف هناك بعض الإعلاميين والأكاديميين وخاصة من قبل إخوتنا في مصر، للأسف يتلقفوا المعلومة وعندما تأتي غير صحيحة بعد ذلك لا يعتذروا ولا يقولوا، فبالتالي عليهم التحري، وعليهم التعلم أيضا بشكل أساسي جدا للاحترافية الإعلامية كما تتبعها هذه القناة الحقيقة المحترمة، يفترض التحري ومعرفة المعلومة من مصدرها وأيضا الدقة جدا بالطرح لعدم إثارة الرأي العام، وليس من مصلحة أحد حقيقة خاصة في هذا الوقت بالذات إثارة مثل هذه القضايا بين الدولتين الكبيرتين والشعبين الكريمين الذين تربطهم علاقة طويلة جدا، فبالتالي المسألة هي مفتعلة، هناك أطراف إقليمية لا تريد مثل هذه العلاقة أن تستمر، هناك أزمة مصرية، هناك تدخلات إيرانية في المنطقة، يجب أن نكون حذرين خلال فترة مبارك الأخيرة حقيقة اكتشف خلية لحزب الله في مصر، فهذا ما نقصده.

محمد كريشان: على كل بغض النظر إن كانت القضية فعلا تتعلق بهذا الرجل تحديدا، أحمد الجيزاوي، أم أن البيئة السياسية بين البلدين بها بعض الإشكالات التي نريد أن نتطرق إليها في الجزء الثاني بعد هذا الفاصل، نريد أن نعرف إلى أي مدى ما يجري هو أزمة ثقة أو أزمة علاقات بين بلدين أكثر منها مجرد علاقة تتصل برجل قيل أنه مسك بمخالفة معينة في السعودية، لنا عودة بعد هذا الفاصل، نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نتناول فيها دعوة السعودية لسفيرها في القاهرة للتشاور وإغلاق سفارتها وقنصلياتها هناك بسبب أزمة تتعلق بالمحامي المصري أحمد الجيزاوي، دكتور سيف الدين عبد الفتاح في القاهرة، اليوم في صحيفة الوطن السعودية، تركي الدخيل كتب، اسمح لي أقتبس مما قاله حتى نفهم حقيقة الأمر، يقول: " منذ اندلاع الثورة في مصر يعني وكثير من إخواننا الثوار يصرون على توجيه شتائم للسعودية وحكامها ونظامها بمناسبة وبدون مناسبة، اتهمت السعودية تارة بأنها تؤيد الرئيس المخلوع حسني مبارك، تارة بأنها تؤيد الفلول تارة بأنها تؤيد السلفيين، وأصبحت السعودية شماعة لتعليق كل خلل في مصر ولولا بقية خجل لربما اتهمت بأنها سبب حملة نابليون على مصر"، هل فعلا الأزمة بهذا العمق وبهذا التجني بين قوسين من المصريين على السعودية؟

سيف الدين عبد الفتاح: لا أنا بتهيأ لي في تجني سعودي على المصريين، مش تجني مصري على السعودية.

محمد كريشان: كيف؟

سيف الدين عبد الفتاح: لأنه الحقيقة هنا لا بد أن نقول أنه كانت هناك أزمات حدثت من قبل ولكن كانت هذه الأزمات يمكن احتواءها بشكل أو بآخر، وأنا أقول أن الأجهزة الدبلوماسية حينما تكون مدربة على مثل هذه الأشياء تقوم بعمل جيد في هذا السياق، وتحتوي المشاكل بل أنها قد تقوم بعمل سياسيات وقائية لمثل هذه الأزمات، لا تفتعل مثل هذه الأزمات، لكن القول مثلا بأنه الثوار بقى لهم ثأر بايت مع السعودية، الأمر ليس هكذا، ولا شك أن الأجهزة الإعلامية هنا في مصر وفي السعودية أيضا تقوم بنشر بعض المسائل، هذه المسائل لا بد وأن تغذي الإدراك العام في مصر أو في السعودية بصدد هذه الأمور، وأنا أعتقد إنه قبل هذه المسألة كان في مشكلة تتعلق تقريبا بخمسين مصري موجودين في السعودية في السجون لا نعرف لماذا لم يحاكموا أو لم تستكمل محاكماتهم، هذه المسائل كلها أنا أظن أنها بتشكل يعني أرضية مهمة جدا في هذا الإطار، وأنا لما بقول إن الإدراك الشعبي لأنه فعلا النظام البائد كان لا يحمي كرامة المصريين، وأن هذه الثورة جزء من قيامها وجزء من أهدافها أنها تحمي كرامة المواطن وتستعيد مكانة الوطن، هذا الرجل المخلوع قزم مصر تقزيما كبيرا حتى في سياستها الخارجية، وإحنا لما بنتكلم على هذا لأ، طبعا السعودية ومصر أيام المخلوع كانت في سلة في إطار ما يمكن تسميته محور الاعتدال العربي، الأمر الآن اختلف، الأمر لا بد وأن يختلف، لأنه لا يمكن إطلاقا أن تقوم مصر وتقول عنها إسرائيل أن الرئيس المصري كان كنزا استراتيجيا وثم بعد ذلك نواجه مثل هذه الأمور، إن كان هناك خطأ قانوني فيجب أن يكون هناك المسألة القانونية وأنا هنا أقترح شيء مهم جدا على الخارجية المصرية، على الخارجية المصرية أن تعين في كل مكان في مصريين كثر ويعملون في الخارج، تعين مستشارا قضائيا وقانونيا، ويكون هناك اتفاقات ما بين هذه الدول بعضها البعض.

محمد كريشان: دكتور اسمح لي هذه مسائل فنية ربما تعتبر من باب التفاصيل لأن القضية الآن..

سيف الدين عبد الفتاح: بس خليني أتكلم، يا أستاذ محمد..

محمد كريشان: واضح أن هناك على ما يبدو وهنا أسأل الدكتور إبراهيم النحاس في الرياض، ما مدى صحة ما يوجه للسعودية من أنها سعت إلى إصدار عفو على الرئيس السابق حسني مبارك؟ سعت إلى عدم محاكمته، حتى قدمت بعض الإغراءات كما ذكر في بعض الصحف المصرية من باب القروض والتسهيلات المالية وأن هناك عموما استياء سعودي مما جرى في مصر والثورة لم تكن على مزاج السعوديين كما قيل في القاهرة.

إبراهيم النحاس: طبعا لا يمكن الإيمان بذلك أخي الكريم لأن هذه شؤون داخلية مصرية، لا يمكن أبدا للمملكة السعودية أن تتدخل في أي شأن آخر وإلا رضيت بأن يتدخل الآخر في شأنها، بالتالي هذه السياسة السعودية ثابتة، ما حرصت عليه المملكة السعودية ونحن حقيقة حتى عبر الإعلام كنا نركز بشكل أساسي جدا بأنه يجب على المصريين أن يكون هناك استقرار سياسي وانتقال سلمي للسلطة بالشكل الذي يرونه ويرتئونه، ولا نريد مصر حقيقة أن تذهب إلى فوضى ولا استقرار، والشعب المصري شعب يعني عدده كبير ثمانين مليون، الوضع الاقتصادي ليس بالوضع الممتاز، هناك أعداء لمصر يتربصون بها، سواء إسرائيل أو إيران أو غيرها من الدول الإفريقية، فبالتالي نحن نعلم كمحللين سياسيين الأخطار السياسية التي تهدد مصر فبالتالي هي النصيحة تأتي فقط من مبدأ المحبة للشعب المصري حقيقة لكن كحكومة سعودية أنا في نظري هذا من الأمور المستحيلة أن تتدخل في الشأن المصري والمملكة العربية السعودية كما تعلم أخي محمد ومشاهدينا الكرام تعاملت مع النظام المصري منذ عبد الناصر وقبل عبد الناصر، وتجاوزت أزمات كثيرة كما تعلم، الناصرية وتناقضاتها الكبيرة مع دول مجلس التعاون والمملكة السعودية بشكل أساسي، بالتالي هذه الأزمات التي مرت أزمات كبيرة جدا ونعلم أنها تجاوزتها العلاقات الثنائية بين الدولتين وهذه الأزمة المفتعلة..

الخلاف المصري السعودي.. سحابة صيف أم مؤشر لأزمة؟

محمد كريشان: حتى التجاوز الآن واضح لأن القيادة المصرية أو القيادة السعودية لحد الآن أبديا الكثير من التهدئة في التصريحات الرسمية، سؤال أخير لكل من ضيفنا في الرياض وضيفنا في السعودية وبشكل برقي الإجابة لو تكرمتم، دكتور سيف الدين عبد الفتاح هل تعتقد بأن هذه الأزمة سيتم تجاوزها سريعا؟ باختصار لو سمحت.

سيف الدين عبد الفتاح: أنا أظن أن هذه الأزمة يمكن تجاوزها، وأنا أظن إنه في نصيب من العلاقات المصرية السعودية يسمح بمثل هذا التجاوز لو صدقت النوايا ما بين الجانبين، ولو أن هناك بالفعل عمل حثيث يمكن تسميته بنزع الفتيل بالنسبة لمثل هذه القضايا بشكل مبكر، وأنا أظن إن في تأخر شديد في التعامل مع الموقف على الجانبين، هذا التأخر فاقم من المسألة.

محمد كريشان: لنطرح نفس السؤال على الدكتور إبراهيم نحاس، تفضل.

إبراهيم نحاس: لأ، أنا في نظري لا يوجد أزمة من الأساس، هناك فقط ترشيد للأخوة المصريين بأن على العقلاء فيهم والعقلاء كثر جدا في مصر، بأن يقفوا ضد هؤلاء الفوضويين، الأزمة إذا قلنا أزمة هذه أزمة سياسية لا يوجد بين هاتين الدولتين أزمة، هناك فقط فوضويون أرادوا لهذه العلاقات أن لا تكون جيدة.

محمد كريشان: شكرا جزيلا لك دكتور إبراهيم النحاس أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود، وشكرا أيضا لضيفنا من القاهرة الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، في أمان الله.