برامج متفرقة

الغاز.. سلاح القيصر

لم تتوقف إمدادات الغاز الروسي لأوروبا الغربية زمن الاتحاد السوفياتي حتى في ذروة الحرب الباردة، لكن عهد الرئيس فلاديمير بوتين سيشهد تحول الغاز لورقة في أجندات السياسة الخارجية.

لم تتوقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية زمن الاتحاد السوفياتي حتى في ذروة الحرب الباردة، لكن عهد الرئيس فلاديمير بوتين سيشهد تحول الطاقة إلى جزء من السياسة الخارجية ومن لعبة الخصوم والحلفاء.

يبدأ فيلم "الغاز.. سلاح القيصر" الذي بثته الجزيرة الجمعة (18/12/2015) من عام 2014، وهو تاريخ مفصلي أعاد أجواء الحرب الباردة، حين انتزعت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.

لم يتوقف الأمر عند هذا، بل دعمت موسكو انفصال مناطق حكم ذاتي في أوكرانيا. كل هذا لم يكن بحسب المراقبين ذا دوافع وطنية خالصة، حيث يرون أن أوكرانيا -التي يمر بها ثلثا الغاز الروسي إلى أوروبا، وتطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي– دفعت ثمن لعنة الجغرافيا.

ورقة الغاز
بوتين كان قد أعلن أنه لن يقبل وجود حلف شمال الأطلسي (ناتو) على حدود روسيا، وأوروبا الغربية لم تتحرك لدعم أوكرانيا، و"القيصر" -كما يُلقب بوتين- لعب بورقة الغاز التي تؤتي أكلها مع الدول الصناعية الغربية.

يقول الصحفي الاستقصائي يورغن روث: شركة غاز بروم العملاقة ليست شركة عادية للطاقة بل هي أداة سياسية، والتحويلات المالية من روسيا إلى بريطانيا وألمانيا وسويسرا كلها أموال منهوبة.

ويؤكد المحرر في مجلة إيكومونيست البريطانية، إدوارد لوكا، ما ذهب إليه روث بالقول إن كل بلد في أوروبا يخاف من إغضاب بوتين وإنه يعلم بذلك، مضيفا أن الألمان يريدون شراء الغاز منه والفرنسيون يريدون بيعه سفنهم الحربية والبريطانيون لا يمانعون في تبييض أمواله.

تبين التقارير أن 35% من الثروة في روسيا تتركز في يد مئات من الأفراد، على عكس الولايات المتحدة التي يتشارك في نفس القدر من الثروة أكثر من ثلاثة ملايين شخص.

لاعب الجودو
ويرى الكاتب الروسي فلاديمير فيديروفسكي أن بوتين يدير مع الزمرة الضيقة لعبة الغاز لكن دون إستراتيجية، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي تكتيكي يرد الضربة بضربة، فهو لاعب جودو وليس لاعب شطرنج، على حد قوله.

لم تكن أوكرانيا فقط الجزء الوحيد من لعبة الغاز والنفوذ السياسي، بل كل بحر البلطيق المفترق المائي الشهير.

ويركز الفيلم على بلغاريا، العضو الفقير في الاتحاد الأوروبي، والذي ينظر إليه بشك في أن له ولاء سريا لموسكو. فعلى مقربة من قاعدة للناتو قرب خليج بورغاس تقع محطة روزينيتس وهي أهم محطة نفطية في أوروبا الشرقية.

تخضع روزينيتس بالكامل لشركة لوك أويل الروسية العملاقة، بما سيؤثر على مصداقية حلف الناتو في بلغاريا التي ذكر الفيلم أنها ما لم توافق على مشاريع روسيا الاقتصادية فإنها ستموت من برد الشتاء.

يورد الفيلم الكثير من الآراء والحقائق، ويخلص في الختام إلى مخاوف يتسع مداها في أن تنجح روسيا في تحييد أوروبا والهيمنة عليها. هذا الذي لم يستطع الاتحاد السوفياتي فعله.