مراسلو الجزيرة

البطالة العمانية، زرع الأعضاء في إيران، البخور اليمني

البطالة في أوساط الشباب العماني ودور السلطات في الحد من هذه المشكلة المزمنة، مراكز زرع الأعضاء في إيران وردود فعل من يقومون بهذا العمل، البخور اليمني تاريخه القديم وسبل إنتاجه وحاضره ومستقبله.

مقدم الحلقة:

ريما صالحة

ضيوف الحلقة:

جمعة علي آل جمعة: وزير القوى العاملة
سامر النبهاني: المدير التنفيذي لبرنامج سند
فاطمة هاشمي رفسنجاني: رئيسة مؤسسة الأمراض الخاصة
هدى العطاس: أديبة
مستورة صالح العماري: بائعة بخور
وآخرون

تاريخ الحلقة:

30/08/2003

– البطالة في سلطنة عمان
– زراعة الأعضاء في إيران

– البخور في اليمن


undefinedريما صالحة: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة من برنامج (مراسلو الجزيرة) البرنامج الأسبوعي الذي نضع من خلاله وعبر شبكة مراسلينا العالم بين أيديكم.

موضوع البطالة في أوساط شباب سلطنة عُمان، ودور السلطات هناك في الحد من هذه المشكلة المزمنة سيكون أولى محطات برنامجنا.

بعد ذلك نذهب بكم إلى إيران وتقرير عن مراكز زرع الأعضاء وردود فعل من يقومون بهذا العمل.

ختاماً سنستنشق رائحة البخور اليمني في تقريرٍ يسلط الضوء على تاريخ البخور، طرق تصنيعه، حاضره، مستقبله.

البطالة في سلطنة عمان

اثنان وعشرون مليون شخص يضاف إليهم خمسة ملايين آخرين هو عدد العاطلين عن العمل في العالم العربي بحسب تقارير منظمة العمل الدولية، وتبرز في هذا المجال -على سبيل المثال- سلطنة عُمان والتي على الرغم من كونها دولة خليجية فإن عدد العاطلين عن العمل بها قد يتجاوز عشرين ألفاً، إزاء هذا الواقع اتخذت السلطات العُمانية سلسلة إجراءاتٍ لإيجاد المزيد من فرص عملٍ للشباب العُماني خاصة خريجي الثانوية العامة، إذ أنشأت وزارة للقوى العاملة وصممت عدداً من البرامج كبرنامج (سند) التدريبي فضلاً عن طرحها مفهوم توطين الوظائف، إلى أي مدى نجحت السلطنة في خططها، تقرير أحمد الهوتي من عُمان يسلط الضوء على هذا الموضوع.

تقرير/ أحمد الهوتي: أكثر من عشرين ألف شاب عُماني ممن أنهوا الثانوية العامة ينتظروا فرصة عمل في القطاع الخاص الذي يعمل فيه حوالي نصف مليون وافد وسعيهم في إيجاد حلٍ لمشكلتهم التي تفاقمت مع الأيام، فلا هم قادرون على إكمال دراستهم الجامعية ولا هم قادرون على إقناع الوافدين بأن لهم حق في الحصول على عملٍ في وطنهم يؤمن لهم العيش الكريم.

جمعة علي آل جمعة (وزير القوى العاملة): لا توجد بطالة حقيقية لسبب لأننا كلنا يعلم أن هناك عدد كبير من العمالة الوافدة التي تعمل في سلطنة عُمان، وبالتالي هناك أيضاً من شبابنا الذين لا يعمل، ولكن في الوقت الحالي تسعى الوزارة إلى تحويل هؤلاء الشباب إلى شباب يعمل.

أحمد الهوتي: مشكلة البطالة نشأت مع بداية التسعينات عندما تعذر استيعاب خريجي الثانوية العامة في الجامعات والكليات الحكومية، وازداد عدد المتسربين من المدارس، مع تعذر وجود المعاهد التدريبية والتأهيلية، وطالبت الحكومة آنذاك القطاع الخاص بضرورة استيعاب هؤلاء الشباب في الوظائف الدنيا والتي لا تتجاوز رواتبها ثلاثمائة دولار إذا ما أرادت الشركات استقدام عمالٍ أجانب من الخارج.

جمعة علي آل جمعة: لابد أن هناك شخص قادر على العمل ويبحث عنه وفي الوقت نفسه راغب في هذا العمل بالأسعار أو بالرواتب المتاحة، هذا دوره، الجانب الآخر بالنسبة لنا في سلطنة عُمان لا شك نحن من الدول اللي بيها مجتمع فتي نتيجة -الحمد لله- التطور الاقتصادي والاجتماعي والنهضة الشاملة، فبالتالي أصبح مجتمعنا مجتمع فتي، الآن هذا المجتمع الفتي تعوَّد على نمط معين من الحياة، وبالتالي ظهرت عندنا ما يعرف بالبطالة الهيكلية.

أحمد الهوتي: ندرة الوظائف وقلة المرتبات ظهرت معها حالات فقرٍ في بعض الأسر التي تعتمد في دخلها على راتبٍ لا يتجاوز الثلاثمائة دولار، وقضت على أحلام الشباب بالحصول على البيت والسيارة والزوجة في زمن غَلَت فيه الأسعار إلى جانب زيادة المتسربين من المدارس بسبب عدم القدرة على مواجهة متطلبات الدراسة.

مواطن عُماني: باغي نشتغل وما نحصل شغل وباغي نتزوج 120 ما يكفينا يعني، زين، وما يكفينا 120 باغي نشترى سيارة وكل حاجة باغي نسويه ما يصير 120.

سالم سعيد (بائع موارد غذائية): نحن نأخذ رواتب مالية يعني والدخل أحياناً في الأيام العادية100، 150 أحياناً في العطلات يعني 200 ريال 250 أحياناً يعني أوقات الأعياد، المناسبات.

أحمد الهوتي: ومع تفاقم المشكلة وازدياد عدد خريجي الثانوية العامة الذين يصل عددهم سنوياً أربعين ألف شابٍ وشابة أنشأت الحكومة وزارةً للقوى العاملة تهتم بتدريب وتأهيل الكوادر العمانية وضخها في سوق العمل، وقد بدأت الوزارة بوضع سجل للقوى العاملة الوطنية وإقامة ندوات سنوية تشترك فيها الحكومة والقطاع الخاص لرسم استراتيجية متكاملة تهدف إلى الحد من مشكلة البطالة.

جمعة علي آل جمعة: تم إنشاء لجان قطاعية مشتركة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، وبالتالي هذه اللجان القطاعية هي التي تقوم بالتخطيط لعملية تشغيل العُمانيين في القطاع الخاص من جانب، ومن جانب آخر هي التي تقوم فيما أيضاً بالإشراف على عملية التنفيذ لهذه الخطط.

أحمد الهوتي: الوزارة المعنية عالجت مشكلة الرواتب المتدنية التي تعطى للعُمانيين وذلك برفع النسب الدنيا ووضع علاوتٍ ومكافآت للجادين والمخلصين، لكنها لم تتمكن من علاج مشكلة القيادات العليا الأجنبية التي تسيطر على معظم الشركات الوطنية وهي القيادات التي لا تساعد في استيعاب المواطنين معللين ذلك بأن المواطنين لا ينتجون ولا يلتزمون بالعمل.

سامر النبهاني (المدير التنفيذي لبرنامج سند): فكرة ثقافة الوظيفة مضمونة الأجر هي الراسخة في أذهان الشباب معظمهم، طبعاً هذا راح يتطلب جهد كبير حتى نقنع الناس، طبعاً هذه مسؤولية مشتركة ولذلك الوزارة وبرنامج (سند) عمل على تأسيس وعلى تشكيل ما يسمى بلجان سند في مختلف ولايات السلطنة حتى تستطيع أنها تستقطب الشباب وتشجعه وتحفزه على الدخول في مجال العمل الحر، المجال العمل الحر فيه الكثير من المردود الاقتصادي والمنفعي، يعني أي شاب بده يفكر بالدخول في هذا المجال وهناك حالات كثيرة الحقيقة، الشباب دخلوا في مجال الأعمال الحرة في مختلف المجالات الخدمية والحرفية والإنتاجية وحصلوا مكاسب كبيرة جداً.

أحمد الهوتي: القطاع الخاص الذي اشترك في صياغة الاستراتيجية الجديدة لتشغيل القوى العاملة الوطنية رحَّب بفكرة تشغيل المواطنين إذا وفَّرت الحكومة تدريباً وتأهيلاً جيداً لهم والتزم العاملون بشروط وواجبات العمل وعدم المطالبة بمساواتهم مع الموظفين الحكوميين في الحقوق والواجبات.

جمعة علي آل جمعة: وجدنا في القطاع الخاص الرغبة الأكيدة في تشغيل العُمانيين، ولكن لابد أن نحقق لهذا القطاع المتطلبات الأساسية أولاً من خلال التدريب والتأهيل المناسب ثم من خلال وضع التشريعات التي تخلق انضباط للعاملين في هذا القطاع، وبالتالي أصبح القطاع الخاص شريك فعال في هذه المعادلة.

أحمد الهوتي: الحكومة صممت مجموعة من البرامج تناسب الشاب الطموح صاحب المبادرة في إدارة مشروعٍ خاصٍ به حيث تقوم هذه البرامج بتدريب الشاب وتأهيله على إدارة مشروع ومساعدته في الحصول على التمويل اللازم، شريطة ألا يشرك الأجانب في إدارة المشروع بل يسعى إلى تشغيل العمانيين الذين يتخرجون من المعاهدات والكليات.

مبارك البورسعيدي (تاجر): هاي شجع جميع المواطنين لترك سواقة السيارات وينخرطوا في التجارة، لأن التجارة فيها رزق والبلد صبح مدخولها للأجانب لا أحد مواطن يمارس العمل هذا، لأن فيه جلسة ويريد راس مال ويريد صبر.

سالم الهطالي (تاجر): تجربة جيدة ورائدة وأيضاً ما فيه أيضاً فرق يحسه المواطن فرق كبير لأن أيضاً العُماني لما يبيع في محله في منطقته في قرب جواره يكون أفضل من الوافد، شيء أكيد.

أحمد الهوتي: برنامج سند الذي جاء بمباركة السلطان قابوس بن سعيد تمكن من حل جزءٍ من مشكلة البطالة حيث يقوم البرنامج بتدريب الشباب على إدارة محلات بيع المواد الغذائية وتفصيل وخياطة الملابس وبيع الكماليات في مناطقهم ويوفر البرنامج لهم التمويل اللازم ويحميهم من منافسة الوافدين. ويلقى البرنامج رواجاً بين الشباب بسبب الاستقلالية، التي يوفرها في إدارة مشروعاتهم.

سامر النبهاني: عدد الفرص طبعاً العمل التي خلقها حتى الآن برنامج سند يعني أكثر من حوالي 1500 فرصة عمل استطاع البرنامج أن يوفرها هذا من خلال خطته الطموحة لتعميم قطاع بيع المواد الغذائية في 11 ولاية، الفترة القادمة ستشهد أيضاً تعميم 12 ولاية في نفس القطاع، هذا إلى جانب طبعاً استهداف قطاعات أخرى، لدى البرنامج أيضاً خطة طموحة لتعميم محلات الخياطة والتفصيل والتطريز وهناك حالياً حملة إعلامية قوية في هذا الجانب يعني.

أحمد الهوتي: الحكومة العمانية أصدرت مجموعة من القرارات بحظر ممارسة الأجانب لبعض المهن في مختلف ولايات السلطنة وذلك لإتاحة المجال أمام الشباب العُماني في مزاولتها كما سعت إلى تشغيل بعض العُمانيين في دولة قطر ووضعت مكتباً في الدوحة لإدارة شؤون العاملين العُمانيين وذلك ضمن خططٍ للحد من البطالة.

المشكلة قائمة ما لم يبادر رجال الأعمال والمستثمرين العُمانيين بإقامة المشروعات في البلاد، وفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية، وتحسين مستوى مخرجات التعليم كي تتمكن من العمل في الوظائف ذات المرتبات العالية إضافة إلى رفع مستوى المواطنة بين الجميع للوصول إلى حلول ناجعة لمشكلة البطالة.

أحمد الهوتي – لبرنامج (مراسلو الجزيرة) – مسقط.

زراعة الأعضاء في إيران

ريما صالحة: مسألة وهب الأعضاء قضية لطالما أثارت جدلاً واسعاً في المجتمعات ولا سيما العربية منها والإسلامية لما تنطوي عليه من تداعيات دينية وأخلاقية، وعلى الرغم من إجازة بعض رجالات الدين وهب الأعضاء فإن التجاوب ما يزال محدوداً، ففي إيران تبدو الصورة مختلفة بعض الشيء إذ تلاقي هذه الفكرة تأييداً رسمياً وشعبياً، من طهران علي الموسوي يلقي الضوء أكثر في هذا التقرير حول هذا الموضوع.

تقرير/ علي الموسوي: تنشط في إيران مؤسسات عديدة تقوم على رعاية شؤون المرضى وخصوصاً ما يسمى هنا بالأمراض الخاصة أي الأمراض التي يصعب علاجها والتي تستدعي من ذويهم كلفةً ماديةً ورعايةً نفسيةً وصحية ربما تفوق طاقتهم فيلجئون إلى المجتمع لاستمداد العون في تحقيق قدرٍ معقولٍ من الراحة والرعاية لمرضاهم.

وتعتبر مؤسسة الأمراض الخاصة -التي تشرف على عدة جمعيات خيرية تُعنى بشؤون أمراض الكلية المزمنة والسرطان والسكر وأمراض الدم- من أهم المؤسسات الناشطة في هذا المجال، وتعمل هذه الجمعية ليس فقط على رعاية شؤون المرضى وتحسين ظروفهم الصحية والاجتماعية بل تقوم بحملات تثقيفية تستهدف تبصير الناس بأساليب الوقاية من هذه الأمراض قبل وقوعها وإعداد الكتب والمنشورات وجعل المرضى على تواصلٍ دائمٍ مع تيار الثقافة الصحية.

حسين أميري (أحد المرضى): نحن لا نحتاج فقط إلى دعم مالي بل نحتاج أيضاً إلى الدعم النفسي والاجتماعي ورعاية عوائلنا التي أصبحت بدون معيل، وكذلك نحتاج إلى من يرفع معنوياتنا لكي نواصل حياتنا بصورة طبيعية أو قريبة من ذلك.

علي الموسوي: وتبعاً لذلك تطورت جراحة زرع الأعضاء في إيران، ويتحدث المختصون الإيرانيون عن قفزة كبيرة حققها هذا النوع من الجراحة منذ أوائل الثمانينات، ولا ينكرون دور الحاجة التي نشأت نتيجة الحرب الإيرانية العراقية من عام 80 إلى عام 88 وكثرة الجرحى والمعاقين في تنمية هذا الجانب من الطب البشري.

الدكتورة لعيا موسوي: كنا حتى قبل عشرة إلى خمسة عشر عاماً لم نكن نجري عمليات زرع الأعضاء في إيران، لكن بدأنا مؤخراً بهذه العمليات بعد التطور الكبير في هذا النوع من الجراحة وأصبحنا لا نحتاج إلى مساعدة أحد سواء من حيث توفير العضو المطلوب أو من حيث إجراء العملية الجراحية الناجحة في هذا المجال ابتداءً من الكلية إلى القلب إلى نخاع العظم إلى الكبد وغيرها، وبعد أن كان هذا الجانب يعاني من التخلف أصبح قسم زراعة الأعضاء من الأقسام المتطورة.

علي الموسوي: وانطلقت بعض الجمعيات لإشاعة ما تصفه بثقافة التطوع والإيثار من خلال حملات تثقيفية وملصقات جدارية وكتب ومنشورات تركز على إبراز الناحية الإنسانية الخاصة بمثل هذه الأعمال وما ينتظر أصحابها من أجرٍ كبير في الحياة الآخرة، ويؤكد القائمون على هذه الجمعيات وكذلك من التقيناهم من المتبرعين أنهم يقومون بذلك العمل لوجه الله وليس لشيء آخر رغم المكافأة الرمزية التي وضعتها الحكومة لقاء ذلك.

هادي صميمي (طالب في كلية السياسة): أقوم بعملي هذا طوع إرادتي وقد جئت إلى هنا لإنقاذ حياة إنسان آخر بعد أن أكون أنا قد فارقت الحياة وأرى أن ذلك ينسجم مع معتقداتنا الدينية ويحث عليه الدين الإسلامي.

علي الموسوي: وتقول الجهات المهتمة بتنمية ثقافة التبرع بالأعضاء سواء أثناء الحياة أو بعد الوفاة بأن دعواتها لاقت قبولاً مشجعاً لدى الناس ونظمت لهذا الغرض استمارات وبطاقات خاصة تعطى للشخص المتبرع وتؤخذ منه شهادة خطية تدل على قراره بطوع إرادته بأنه يهب عضواً أو أكثر من جسمه إلى من يحتاجه بعد تعرضه للوفاة المفاجئة بالسكتة الدماغية حيث تبقى الأعضاء حية لفترة معينة.

محبوبة ميرجان (بكالوريوس تمريض): نحن نقوم بهذا العمل طمعاً بجزاء الله وثوابه ولا نريد جزاءً في هذه الدنيا من أحد، إنه من الجميل أن يمتد الإنسان بعد وفاته بحياة شخص آخر.

علي الموسوي: وانتشرت مراكز خاصةٌ بمتابعة هذه الظاهرة ورعايتها في جميع أنحاء إيران وليس في طهران وحدها فبعد أن بدأت مؤسسة الأمراض الخاصة عملها قبل عدة سنوات فقط في طهران وجدت حاجة لتوسيع دائرة عملها في إيران كلها وحتى خارج إيران حيث قامت من أجل الترويج لهذه الثقافة بضم أعضاء فخريين لها منهم زعماء إيرانيون وغير إيرانيين.

فاطمة هاشمي رفسنجاني (ابنة الرئيس السابق ورئيسة مؤسسة الأمراض الخاصة): يوجد لدينا في إيران أكثر من مائة وعشرين ألف متبرع ملئوا استمارات خاصة أعدت لهذا الغرض ونحن نحتفظ بهذه الاستمارات إذا ما تمت الحاجة إليها ونتمنى للجميع طول السلامة وعدم تعرضهم لأي مكروه، كما يوجد لدينا أكثر من ستمائةٍ وخمسين مركزاً في أنحاء إيران المختلفة تقوم بعملٍ يومي في مجال التأهيل الصحي والاجتماعي، كما فتحنا باب العضوية الفخرية لكي نكسب المزيد من الدعم والترويج لهذه الظاهرة حيث مُنحت العضوية الفخرية لعددٍ من الرؤساء.

علي الموسوي: ونشأت الحاجة لتشريع قوانين خاصة لرعاية هذه الظاهرة وتنميتها، وصادق البرلمان الإيراني قبل عشر سنوات على قانونٍ خاص يسمح بنقل أعضاء المتوفين بالسكتة الدماغية إلى أشخاص آخرين بعد الحصول على إذن أوليائهم، ولكنه حظر على الأجنبي الاستفادة من أعضاءٍ لأشخاص إيرانيين، فتاوى الفقهاء رفضت هذه القيود ولم تجد مبرراً للتمييز بين الإيراني وغير الإيراني أو حتى بين المسلم وغير المسلم في البقاء على قيد الحياة.

إن نمو هذه المؤسسات ورواجها في إيران يعكس عمقاً آخر في التكوين الثقافي للمجتمع الإيراني كما يدلل على أسلوب خاص في التواصل بين هذه الحياة والحياة ما بعد الموت.

علي الموسوي – برنامج (مراسلو الجزيرة) – طهران.

البخور في اليمن

ريما صالحة: من منا لا يعرف البخور فلا يخلو بيت خليجي من هذه المادة المعطرة التي تستخدم في الأفراح والمناسبات، الجديد في موضوع البخور هو اكتشاف بعثة أثرية روسية تنقِّب على أحد شواطئ خليج عدن عن كمياتٍ كبيرة من البخور داخل أكياسٍ من ألياف النخيل كانت مدفونة تحت الرمال.

وعن هذه المادة متعددة الاستخدامات يقول (هيرودوت) العالم اليوناني والذي عاش إبان القرن الخامس قبل الميلاد: إن الشجيرات التي تنتج البخور تحرسها ثعابين مجنحة، في إشارة إلى أهميته. البخور اليمني.. استخدامه، وضعه الحالي ومستقبله في هذا التقرير من مراد هاشم من اليمن.

تقرير/ مراد هاشم: هكذا يحتفي اليمنيون بالبخور، يرقصون على إيقاع كلمات تتغنى بالبخور، ارتبط البخور في وجدانهم بالجمال والطهارة والحب والفرح بل واقترن بالكثير من طقوسهم الدينية قبل الإسلام وبعده.

هدى العطاس (أديبة): مترعة الذاكرة اليمنية بعبق البخور، البخور طقس يمني أصيل يرتبط بتقاليد وأعراف وطقوس المجتمع رافق التاريخ اليمني، عرفت اليمن باليمن السعيد وكان أحد ركائز سعادتها تجارة البخور واللبان وأنا على المستوى الشخصي أيضاً أذكر أن ذاكرتي كذلك تحتفظ بالشيء الكثير عن البخور في وادي حضرموت (..) كان البخور يرافق طقسنا الصباح، لازلت أذكر من الطرائف أن جدتي كانت تمسك بمجمرة البخور -وعاء البخور- وتدور به على أنحاء المنزل، مرددة ومرتلة ألفاظ حينها، وحينما كبرت وبحثت في.. في تلك الألفاظ والتعاويذ اكتشفت أنها ألفاظ حميرية وسبئية، يقال إنها تطرد عن الدار الحسد والعين وتحفظ أهلها من الشر وتكثر خيرهم ورزقهم، يدل ذلك دلالة إنه البخور بعاداته وتقاليده وطقوسه -كما قلت- عادة متأصلة، كذلك يستخدم في كثير من.. من الطقوس اليمنية والمعتقدات، مثلاً لا يخلو منزل يمني من وجود لبان أو بخور في المنزل، يستخدم كذلك في الماء.. في الماء عندنا في حضرموت من عادات العائلات التي تبخر ماءها بالبخور هي عائلات ذات تقاليد عريقة وفن، ويعني يرافق الأناقة، ويرافق الفن ويرافق.. يرافق الأعراس تستخدمه النساء في الزينة والحلي، يستخدم كعلاج.

مراد هاشم: هذا الحال تغير كثيراً الآن فقد بدأت الكثير من النساء وهن الأكثر استخداماً للبخور في أعراسهن وحفلاتهن ومجالسهن بدأن في التحول عنه إلى المنتجات العصرية التي تؤدي نفس الغرض، في حين لازالت أخريات يتمسكن به.

وردة (كوافيرة): البخور مهم عند المرأة اليمنية وبيوتهم وأفراحهم ومجالسهم اليمنية، المرأة اليمنية يهمها البخور نصف حياتها.

مراد هاشم: ولأن استخدامات البخور في حياة اليمنيين واليمنيات لا عد لها ولا حصر بما في ذلك استخدامه بشكل يومي في إضفاء أجواء جديدة داخل المنازل، وفي إكساب ملابس النساء والرجال روائح طيبة، انتشرت ظاهرة صناعته في البيوت والمنازل منذ مئات السنين.

هدى العطاس: في اعتقادي ربما أيضاً البخور هو عادة بيتية جداً، عادة منزلية، لذلك يعني سعت المرأة لاكتساب وتأصيل هذه العادة، اكتساب طرق صناعتها واستخدامها، لذا انحصر بين.. كذلك البخور هو عادة وعرف وتقليد من ضمن تقاليد الزينة عند المرأة اليمنية، يعني يخلط مع مستحضرات أخرى ويستخدم للشعر، يستخدم للجسم، فلذلك يعني حرص.. حرصت المرأة إنها تعرف أسرار هذه.. هذا.. أسرار هذا التقليد، حرصت إنها تكتشفه وتتميز كل واحدة منهن بفرادة فيه، لذا هو بقي منحصراً بين النساء وطرق صناعته وطرق استخدامه.

مراد هاشم: آلاف العائلات تصنع البخور يدوياً في المنازل وقد توارثت أسرار صناعته جيلاً بعد جيل. واللافت أن أكثر من 90% من مصنعي ومنتجي البخور هن من النساء. ويتم إنتاج أنواع عديدة منه للاستخدام الخاص وللإهداء في المناسبات الاجتماعية أو لأغراض البيع. مئات الأسر لازالت تعتمد عليه في كسب لقمة عيشها ويكاد يكون مصدر الدخل الوحيد للكثير من الأسر الفقيرة أو ذات الدخل المحدود.

مستورة صالح العماري (بائعة بخور): علمت وربيت عيالي بمساعدة.. بمساعدة البخور، مات أبو عيالي.. وهم قصر ما شاء الله وكان معايا سبعة، وربيت عيالي بمساعدة البخور، أطبخ وأصلح وأبيع، كان.. كنا نسوي(..) ورجعنا سويناه(..) الحمد لله.

مراد هاشم: التراجع الذي شهدته استخدامات البخور في السنوات الأخيرة لاسيما في أوساط الأجيال الشابة التي تميل إلى استخدام المنتجات العصرية يرى البعض أنه السبب الرئيسي الذي حال دون نمو وتطور إنتاج البخور وخروجه من دائرة الإنتاج التقليدية اليدوية الضيقة إلى الإنتاج الصناعي الواسع، إذ لا يوجد حتى الآن مصنع واحد لإنتاج البخور في اليمن رغم أنه منتج لا يحتاج إلى إعلانٍ أو ترويج نظراً لشهرته وسمعته الجيدة لدى الكثير من الأوساط على مستوى المنطقة والعالم.

وحتى المعامل التي أنشأتها بعض الشركات في السنوات الأخيرة لإنتاجه لا تزال تعتمد على طرق إنتاج تقليدية.

حمود السيد عياد (موظف بشركة لإنتاج البخور): عملية الخليط طبعاً زي ما هو موضح أمامك، فهذه التركيبة الأساسية التي يتكون منها طبخة البخور والمتعددة الأسماء، وبنجد.. بنلاحظ إنه هي تتم على مرحلة.. على خطوات خطوات، فمعاك في البداية اللي هي على.. على أعلى الطاولة الخضاب، الخضاب هذا يساعد على لون البخور وعلى ريحة البخور، نيجي للمرحلة الثانية، المرحلة الثانية معانا نوعين من العود الخشبي، طبعاً العود الخشبي عود معروف عنه إنه عود أغصان ليس عود نباتي والعود طبعاً مستورد من دول الهند الشرقية الغنية عن التعريف بهذه، وإلى جانب كمبوديا، نيجي للخطوة الثالثة التركيبة الثالثة.. التركيبة الثالثة اللي هي المسك، المسك طبعاً هي مادة سائلة لزجة يساعد على تكون البخور وتماسك حبيبات البخور، نيجي للمرحلة الرابعة اللي هي العفص، العفص طبعاً هي شجرة تيجي على شكل كرات صغيرة، العفص برضو كمان يساعد على تحسين عملية البخور، فالعملية كلها مكتملة، التركيبة الخامسة التي هي الطفري، الطفري طبعاً هذه في بلادنا ما شاء الله وتبارك الله غنية ببحارها وهذا الطفري طبعاً مستخدم من صدف البحر، التركيبة السادسة اللي هو السكر، السكر أهم عامل في عملية طباخة البخور، فالسكر يساعد على تماسك برضو حبيبات البخور، ويقتضي أكثر درجة غليان من كل الخمسة تركيبات اللي هي موجودة، عندما تكتمل هذه الخمس.. الستة تركيبات، أجمعها كلها في إناء واحد، الإناء هذا اللي هو الآن هو جاهز لعملية الطباخة، ومن ثم نعمل العطور هذه اللي هي التركيبة السابعة، العطورات طبعاً تأتي في المرحلة الأخيرة عند غليان البخور وتركيبة البخور وتجميع البخور، ومن ثم بعدين نخرجه على شكل جاهز ونقوم بعملية تقطيعه حسب النمط الذي نحن نريده وحسب رغبة السوق، يعني ممكن يتكون حبيبات صغيرة، ممكن يتكون بشكل قطع صغيرة.

مراد هاشم: ولمواجهة المنافسة الحادة في سوق العطور والروائح ابتكرت هذه المعامل أشكالاً جديدة وعصرية للبخور مع الاحتفاظ بالتركيبة التقليدية ذاتها.

بائع بخور: أشكال البخور اللي هي.. مثلاً عندك الكريمات الكريمات.. قمنا بعمل الكريمات بعدة أصناف وعدة أسماء، يعني مشتق من البخور إذن لأنه البخور عندنا كما ذكرنا مثلاً إنه هو المرغوب وهو التراث الوحيد، بالإضافة إلى النوع البخاخ، أنواع(..) الكريمات مثلاً روايح الجسم مثل روائح العرق، كريمات أصناف كثيرة ومتعددة.

مراد هاشم: استخدام البخور يتطلب توفير أدوات ومواد عديدة كالمباخر والمجامر والفحم الذي يشعل حتى يتحول إلى جمر يحرق به البخور فتفوح روائحه العطرة، ولأن البعض أصبح ينظر إلى البخور على أنه مجرد أدخنة ضارة بالصحة والبعض الآخر أصبح لا يمتلك الوقت الكافي للمضي في إجراءات وخطوات تحضيره خاصة بعدما أصبح الإيقاع السريع للحياة اليومية يحكم حياة الكثيرين تراجع استخدام البخور وبشكل خاص في أوساط الأجيال الشابة من النساء والرجال.

أبو بكر القيسي (مخرج مسرحي): اليمن أرض البخور وأرض العطور وهكذا، (…) معها، ولكن في الزمن الحالي رغم الثقافة والتمدن إلا أنه نرى إنه قلَّ الاستخدام خاصة مع الأجيال الجديدة هذه، وسرعة الحياة، والإنسان مش فاضي لأمور زي هذه، إنما لو عدنا شوية إلى الأمهات إلى.. التي تستطيع أن تربي الفتاة على قضية البخور والعادات هذه، وخاصة في مناطق عدن يعني بالذات ولحج، في المناطق (..) التي كانت تستخدم بكثرة هذه المواد لازالت يعني مهتمة بهذا الجانب.

مراد هاشم: ومما زاد من تدهور وضع البخور اليمني أن الكثير من المواد الخام الداخلة في صناعته أصبحت الآن تُستورد من الخارج بعدما ظلت البيئة والطبيعة في اليمن لمئات السنين مصدراً لها.

ويعود سبب ذلك إلى التصحر وإلى إهمال رعاية وزراعة ما تسمى في اليمن بأجيال اللبان والعود.

يضاف إلى ذلك التراجع الذي شهدته الصناعات الحرفية والتقليدية الأمر الذي انعكس سلباً على صناعة وإنتاج بعض الأدوات المقترنة باستخدامات البخور المختلفة.

سليم العطار (بائع ومنتج للبخور): المواد الخام دائماً يعني توليفة من المحلية إلى المستوردة، تظل المستوردة مطلوبة، ونحن في احتياج إليها، والمواد الخام المحلية أيضاً نستخدم منها جزء كبير.

مراد هاشم: مدينة عدن جنوب اليمن كانت ولازالت المعقل الرئيسي لإنتاج وتجارة البخور ولذلك سماها البعض بعاصمة البخور.

لكن وضع البخور يتدهور حتى في عاصمته، فمن بين مئات المحلات والمتاجر التي كانت حتى منتصف القرن الماضي تبيع وتُصدِّر البخور والمواد الخام الداخلة في إنتاجه بقيت بضعة محالٍ تجارية أغلبها يتركز في الأجزاء القديمة من المدينة.

عبد المحسن عبد النبي (تاجر بخور): والله لنا مائة عام نعتبر الجيل الرابع في هذا المجال نشتغل.

مراد هاشم: ورغم ذلك يسعى بعض المشتغلين بإنتاج وتجارة البخور في مدينة عدن التي كانت واحدة من أهم المحطات البحرية فيما يسمى تاريخياً بطريق البخور يسعون الآن إلى تنشيط تجارة تصدير البخور خاصة بعدما ثبت للكثيرين منهم أن معدلات الطلب عليه في الكثير من الأسواق بالخارج في تزايدٍ مستمر.

جلال نجاد (منتج ومصدر للبخور): طبعاً نحن نقوم الآن بالتصدير لشرق إفريقيا، نقوم أيضاً لدول الخليج، فيه معانا خطة -إن شاء الله- إلى دول أوروبا كمان.

مراد هاشم: ورغم أن روائح البخور العدني لاتزال تفوح في منازل وأحياء عدن بل وفي أسواقها القديمة إلا أن الكثيرين هنا يخشون في حال استمر حاله في التدهور أن يأتي يوم يصبح فيه البخور مجرد ذكرى أو أسطورة من أساطير الماضي وحكاية من حكايات الأجداد.

لا جدوى من السمعة العالمية للبخور اليمني ولا من شهرته عبر التاريخ ولا من التغني بجودة صنعته إذا كان كل كذلك سيصبح يوماً أثراً وذكرى من الماضي ليس إلا.

مراد هاشم – لبرنامج (مراسلو الجزيرة)- عدن.

ريما صالحة: وبهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة من برنامج (مراسلو الجزيرة) بإمكانكم مشاهدتنا من خلال موقع (الجزيرة) على شبكة الإنترنت والصوت والصورة عند مواعيد البث وإعادة الحلقات، كما يمكن مراسلة البرنامج على البريد الإلكتروني: reporters@aljazeera.net

أو من خلال العنوان البريدي على صندوق البريد رقم 23123 الدوحة -قطر.

وكذلك من خلال الفاكس على رقم 4860194.

وفي الختام هذه تحية من صبري الرماحي مخرج البرنامج، ومن فريق العمل، ومني ريما صالحة. إلى اللقاء.