هل نجح الرقيب العسكري في إخفاء تكاليف الحرب عن الشارع الإسرائيلي؟

منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حدثت قفزة بمقدار 4 إلى 5 أضعاف في عدد المنشورات التي تخضع للرقابة العسكرية الإسرائيلية، وقد أشرف الرقيب العسكري على مئات الآلاف من المنشورات المتعلقة بالحرب وفق القناة الـ12.

وبينما يدافع الرقيب العسكري عن دوره المتعاظم زمن الحرب في الموازنة بين حرية الرأي من جهة وأمن إسرائيل من جهة أخرى يرى آخرون أن دوره -الذي بات محصورا في توجيه الإعلام نحو السردية المطلوب الترويج لها- لم يعد مبررا في ظل وجود منصات التواصل الاجتماعي.

وفي تقرير للجزيرة سلط إلياس كرام الضوء على مؤسسة الرقيب العسكري ودورها، والأسلوب الذي تتبعه في حجب المعلومات عن الإسرائيليين، وكيف اضطرت بسبب مقاطع فيديو المقاومة إلى رفع الحظر عن عدد من خسائر المعارك في غزة.

وبموازاة حربها في غزة تخوض إسرائيل حربا إعلامية شرسة مَثّل المتحدث العسكري دانيال هاغاري المايسترو المدير لإيقاعها، حيث بنى سردية الحرب على 3 أسس هي التأكيد على أن إسرائيل ضحية، والترويج لانتصارات أغلبها وهمي، والتستر على أي معلومة من شأنها الإضرار بالمعنويات.

مقص الرقيب

ولتحقيق ذلك يحضر مقص الرقيب العسكري للاحتلال الإسرائيلي في وضع جملة من المحدادت والمحظورات على الإعلام، وتضمنت قائمته محددات صارمة اشتملت على أمور عسكرية وسياسية على حد سواء.

ومنذ بداية العملية البرية مارس جيش الاحتلال التعتيم على أعداد جنوده الجرحى، لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" نشرت تقريرا كشف أن عدد جرحى الجيش وصل إلى 5 آلاف، لكن وبعد ساعات أبدل هذا العدد بالرقم ألفين، وهو عدد الجنود المعاقين من إجمالي الجرحى آنذاك.

ويرافق الرقيب العسكري إسرائيل مذ تأسيسها، فهو كاتم أسرارها العسكرية وحارس أمن معلوماتها والمتستر على جرائمها الممتدة من مجازر النكبة وما بعدها، وهو يتبع شعبة الاستخبارات العسكرية وطال مقصه كل نواحي الحياة.

وتراجع دور الرقيب العسكري في بداية تسعينيات القرن الماضي مع تطور الإعلام وظهور الإنترنت، لكنه احتفظ بسطوته، ولا سيما في أوقات الحرب والأزمات، وتجندت الصحافة الإسرائيلية في خدمة السردية الصهيونية، خاصة خلال السنوات الأولى لقيام الدولة.

لكن هذا التعتيم الذي حاول الرقيب العسكري فرضه لم يكن ممكنا في ضوء ما تنشره المقاومة ومنصات التواصل الاجتماعي من مقاطع فيديو أجبرت جيش الاحتلال الاسرائيلي على الاعتراف بما كان يفضل التستر عليه، ومن ذلك الاعتراف بمقتل الأسير ساهر باروخ في عملية فاشلة لتحريره.

كما حجب الإعلام الاسرائيلي عن مشاهديه النصف الآخر للقصة ولم يظهر شيئا عن أوضاع الفلسطينيين، وبدا أداؤه شعبويا منحصرا في إرضاء دافع الانتقام لدى المجتمع الاسرائيلي بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولعل السعي وراء صورة نصر هو ما يفسر جزءا من سلوك الإعلام الإسرائيلي.

المصدر : الجزيرة