موافقة مشروطة للعودة إلى مفاوضات جدة.. لماذا الآن وهل تنجح الجولة الجديدة في حلحلة الأزمة السودانية؟

تباينت آراء ضيوف برنامج ما وراء الخبر، بشأن الجولة المرتقبة لمفاوضات جدة، بعد إعلان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع العودة المشروطة إليها، وفرصها في التوصل لوقف إطلاق نار مستدام، والاعتبارات التي حكمت موقف الطرفين لتلك العودة.

فبينما أشار المحلل السياسي السوداني حافظ كبير، إلى أن وفد الدعم السريع، لم يغادر جدة انتظارا لجولة مفاوضات جديدة تستهدف حلا شاملا، شدد الفريق أول فتح الرحمن محيي الدين، قائد سلاح البحرية السوداني الأسبق، على أن القوات المسلحة ترى أنه لا مجال للبحث عن حل سياسي إلا بعد انتهاء الحرب.

في حين أبدى السفير ديفيد شن، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون أفريقيا، عدم تفاؤله بنتائج هذه الجولة، ويرى أنه لا يزال المسار طويلا للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار يكون دائما ومستداما ويحترمه الطرفان.

جاء ذلك خلال الحلقة التي خصصها برنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (2023/7/16) لإعلان كل من مجلس السيادة السوداني وقوات الدعم السريع موافقتهما المشروطة على العودة إلى مسار جدّة التفاوضي الرّامي لإرساء وقف مستدام لإطلاق النار، وتأكيدهما مساندة أي حوار يقود لحل سياسي شامل، بالتزامن مع تشديد واشنطن والرياض التزامهما بإنهاء الصراع وتلبية الاحتياجات الإنسانية للسودان.

وتساءلت حلقة ما وراء الخبر عن الاعتبارات التي حكمت موقف الطرفين من العودة إلى مفاوضات جدة، وما إذا كانت متضمنة الاستجابة لشروط الرعاة المطالبة بالالتزام بوقف إطلاق نار مستدام يفضي لتسوية، وعن صلة هذا المسار بغيره من مسارات التفاوض.

عودة اضطرارية

وفي حديثه لما وراء الخبر، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني حافظ كبير، أن الذي أوقف مسار جدة التفاوضي، هو انسحاب وفد الجيش السوداني، في حين لم يغادر وفد قوات الدعم السريع، ذاهبا إلى أن الجيش اضطر للعودة مرة أخرى بعد فشله في حسم المعركة عسكريا وإنهاء ما سماه التمرد المسلح.

كما يرى أن الحديث المتصاعد عن الفراغ في القيادة، وافتقاد السودان لقيادة تتحمل المسؤولية، في ظل عجز مجلس السيادة عن التفاوض الجاد وتمثيل المواطنين وحقوقهم، كان دافعا أيضا للعودة إلى هذه المفاوضات، لافتا إلى تصاعد الحديث عن البحث عن قيادات بديلة تسد هذا الفراغ حال فشلت جولة المفاوضات المقبلة.

ويرى كبير أن هناك انقسامات كبيرة بين قيادات الجيش الحالية، حيث لا تزال تيارات ترفض التفاوض وتصر على الحسم العسكري، معتبرا أن طول أمد الحرب هو ما يقف وراء التعقيدات الإنسانية الحالية، وأنه لا بد من إيقاف تلك الحرب ليتسنى إجراء تحقيق لمعرفة من يقف وراء الانتهاكات الحاصلة.

في حين يرى الفريق أول فتح الرحمن محيي الدين، الخبير العسكري وقائد سلاح البحرية السوداني الأسبق، أن موقف القوات المسلحة لم يتغير، فهي -حسب رأيه- مع ضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة من خلال التفاوض، الذي يرى أن هدفه هو تحسين الوضع الإنساني.

واعتبر في حديثه لما وراء الخبر، أن الأزمة الحقيقية تكمن في استمرار احتلال القوات المتمردة -في إشارة إلى قوات الدعم السريع- لمنازل المدنيين، وللمستشفيات والمقرات الحكومية والإدارية، وأن هذا هو سبب الأزمة الإنسانية الحاصلة، وليس افتقاد الغذاء والدواء، ومن ثم فالقوات المسلحة حريصة على العودة للمفاوضات لتحقيق هدف خروج تلك القوات.

لا مفاوضات سياسية

وشدد على أن القوات المسلحة ترى أنه لا مجال لمفاوضات حول حل سياسي إلا بعد انتهاء الحرب، حيث من الممكن بعدها إجراء مشاورات واسعة مع مختلف القوى السياسية للتوافق حول حكومة تدير المشهد في البلاد، وتعالج الأوضاع المتردية فيه.

في حين، أبدى السفير ديفيد شن، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون أفريقيا، عدم تفاؤله بشأن نتائج هذه الجولة المرتقبة لمفاوضات جدة، حيث لا يرى أن شروط تحقيق هدنة طويلة الأمد أكثر توفرا مما كانت عليه لدى آخر جولة، مؤكدا أن المسار لا يزال طويلا للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مستداما يحترمه الطرفين.

لكنه في حديثه لما وراء الخبر، يرى كذلك أنه من المهم دعم العودة لهذه الجولة، والسعي لإنجاحها، مع بروز مؤشرات لإرادة تتشكل لإجراء محادثات حول الوضع السياسي على المدى الطويل، لكن ذلك لن يثمر حسب رأيه في ظل استمرار الحرب، وعدم تمكن المدنيين من المشاركة في المفاوضات.

المصدر : الجزيرة