بعد احتفاظه بمنصب الرئاسة.. هل يقود أردوغان تركيا للنهضة أم تعيقه تحدياتها المتفاقمة؟

تباينت مواقف ضيفي برنامج "الاتجاه المعاكس" بشأن قدرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -بعد نجاحه في المحافظة على منصب الرئاسة وفوزه بجولة الإعادة التي جرت مؤخرا- على معالجة التحديات والأزمات التي تواجهها تركيا في مختلف المستويات.

وتساءلت حلقة (2023/5/30) من برنامج "الاتجاه المعاكس" عما إذا كان فوز أردوغان يمهّد لنهضة حقيقية ومستقبل مشرق لتركيا، أم أنه لن يستطيع تجاوز الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والتحديات السياسية المتزايدة التي تواجهها البلاد.

وقال رئيس تحرير وكالة أنباء تركيا حمزة تكين، إن الرئيس أردوغان سيسعى للحفاظ على أن تبقى تركيا في مصاف الدول الكبيرة ذات التأثير الإقليمي، وإنها خلال السنوات الخمس المقبلة ستصبح أقوى سياسيا مما كانت عليه الدولة العثمانية، كما ستحتل ترتيبا متقدما في النظام العالمي الجديد الذي بدأ في التشكل.

واعتبر تتابع التبريكات التي تصل من زعماء الدول في العالم لأردوغان بفوزه في الانتخابات، رغم الحملة الواسعة التي واجهها خلالها، دليل على حجم تأثير تركيا وأنها في المقدمة، وتحظى باهتمام عالمي، لافتا إلى أن اليونان شهدت انتخابات بالتزامن ولم تحظ بذات القدر من الاهتمام والمتابعة.

تحديات كبيرة

وأقرّ بأن أردوغان سيواجه خلال فترته الرئاسية الجديدة تحديات كبيرة وخطيرة، داخلية وخارجية، مشددا في ذات الوقت على قدرته على معالجتها وتجاوزها، والمحافظة على بقاء بلاده على القمة، بحسب تعبيره.

وأشار في السياق إلى ما شهدته العديد من البلاد العربية من مظاهر بهجة وفرحة شعبية بفوز أردوغان، معتبرا ذلك دليلا على أن هذا النصر لا يعني تركيا وشعبها فقط، وإنما يعني العرب والمسلمين الذين يرون فيه "قيادة قوية" يتطلعون لمثلها في بلادهم.

ويرى تكين أن تركيا تتجه إلى مزيد من القوة خلال الأعوام الخمسة المقبلة في العديد من الملفات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها ما تقوم به من دور في الأزمة الروسية الأوكرانية، مضيفا أنها ستحتل المرتبة السادسة أو السابعة بين دول القمة في النظام العالمي الجديد.

وشدد على أن توجّه تركيا لإصلاح علاقتها مع العديد من الأنظمة التي كانت على خلاف معها في السابق، جاء بعد فشل تلك الأنظمة في مساعي إسقاط أردوغان، وعند عودتها وجدت الباب مفتوحا، مشددا في هذا السياق على أن العلاقة مع إسرائيل قائمة على الندية ولا تتعارض مع دعم أنقرة للقضية الفلسطينية.

ونفى أن يكون أردوغان قد تخلى عن شعار "المهاجرين والأنصار" في العلاقة مع اللاجئين السوريين، مؤكدا على أنه دفع ضريبة سياسية كبيرة لتمسكه بهذا الشعار، وأنه لن يقبل بحل للأزمة السورية لا يتضمن تأمين اللاجئين وضمان مصالحهم وأمانهم.

انقسام عميق

في المقابل، يرى المحلل السياسي الدكتور محمد بكر أن تركيا مقبلة على تحول كبير وخطير، وأن نجاح أردوغان أسس لانقسامات كبيرة سيكون لها تداعيات خطيرة على مختلف المستويات، وأنه لن يكون هناك استقرار في البلاد خلال الفترة الرئاسية الجديدة لأردوغان.

واعتبر -في حديثه لبرنامج الاتجاه المعاكس- أن الابتهاج والفرح الشعبي الذي ظهر في العديد من الدول العربية والإسلامية ناتج عن تأثر عاطفي بمواقف يبرع أردوغان في إظهارها، لكن ما ستشهده تركيا في الواقع سيكون مختلفا عما تظنه تلك الشعوب وتترقبه.

ويرى أن التحديات التي ستواجهها تركيا أكبر من إمكاناتها، وهي نتاج سياسات خاطئة وكارثية انتهجها أردوغان في الفترة الماضية، ولن يتسنى له معالجتها، كما أنه لن ينجح في تحقيق ما قدمه من وعود ضخمة من المعلوم أن الإيفاء بها لن يكون في متناوله.

ويعتبر بكر سياسة أردوغان قائمة على التناقضات، ففي الوقت الذي يتحدث فيه عن تصفير المشاكل مع دول الجوار، يكاد عدادها ينفجر -بحسب تعبيره- في كل الجبهات، وهو الأمر الذي استدعى المتابعة والانتباه من قبل الدول ووسائل إعلامها، وليس بسبب قدراته وإمكاناته، كما يروّج أنصاره.

ويشدد في حديثه على أن تركيا لن تستطيع أن "تخرج من العباءة الأميركية وعباءة منظمة الناتو"، مقللا في هذا السياق من دلالة موقف أنقرة الذي تسبب في منع السويد من الانضمام لحلف الناتو.

المصدر : الجزيرة