غزة تحت القصف.. ليالي وأيام الفلسطينيين في الحرب

أحياء ومبان كاملة كأنها لم تكن، تسعى الجرافات بين الركام في محاولة للوصول للجثث تحت الأنقاض، لكن فرق الإنقاذ المدني نفسها تصبح هدفا للقصف الإسرائيلي

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض مبنى مدمر ومتضرر في وسط مدينة خان يونس الذي تعرض لقصف شديد في جنوب قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي خلال الليل (الفرنسية)
Caged birds that survived overnight Israeli shelling are seen in a damaged apartment in the city center of Khan Yunis in the southern Gaza Strip following overnight Israeli shelling, on October 10, 2023. - Israel pounded Hamas targets in Gaza on October 10 and said the bodies of 1,500 Islamist militants were found in southern towns recaptured by the army in gruelling battles near the Palestinian enclave. (Photo by SAID KHATIB / AFP)
طيور في أقفاص نجت من القصف الإسرائيلي خلال الليل في شقة متضررة بشدة وسط مدينة خان يونس (الفرنسية)

ليال قاتمة ومخيفة تحت القصف الإسرائيلي في غزة المحاصرة، ليلة حرب مظلمة تلو أخرى بفعل قطع الكهرباء لكن تضيؤها النيران الساطعة التي يخلفها القصف الجوي والبحري من الزوارق ومئات الغارات الحربية التي لم تكسر إرادة الحياة لدى سكان القطاع.

وبسبب كثافة النيران تخفق العديد من سيارات الإسعاف والدفاع المدني في الوصول للمصابين والجرحى، وسجل مراسل الجزيرة قصفا مباشرا استهداف طواقم إسعاف وحتى مواطنين عاديين يذهبون لإغاثة أقاربهم وجيرانهم، في أحياء مثل الرمال والزيتون والنصيرات والشجاعية وجباليا والكرامة وغيرها.

قطاع غزة المحاصر الهجوم الإسرائيلي على غزة - تغطية
قطاع غزة المحاصر (الجزيرة)

يتجمع أفراد الأسرة في المكان الذي يظنونه أكثر أمنا أو الأبعد عن الموت الآتي من السماء، ويتسمر الجميع أمام تحديثات الأخبار على شاشات التلفزيون، ولا ينام الأطفال بسبب الخوف من القصف بدون سابق إنذار، بينما تحرص النساء المحجبات على البقاء بحجابهن في البيوت ليتمكنَّ من الهروب من المنازل في أي لحظة إذا ما دعت الحاجة لذلك حتى لا تصير أماكن العيش مقابر على رؤوس أصحابها.

يتساءل الكبار والصغار ما الذي سيحدث تاليا؟، لكن الشطر الأسوأ من المعاناة هو الصوت المرعب للغارات الجوية الذي يترافق مع ارتجاج جدران المنازل.

Palestinian children inspect a damaged car following Israeli shelling in the city center of Khan Yunis in the southern Gaza Strip on October 10, 2023. - Israel pounded Hamas targets in Gaza on October 10 and said the bodies of 1,500 Islamist militants were found in southern towns recaptured by the army in gruelling battles near the Palestinian enclave. (Photo by SAID KHATIB / AFP)
أطفال فلسطينيون يتفقدون سيارة مدمرة بعد القصف الإسرائيلي على وسط مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة (الفرنسية)

أكثر من 263 ألف فلسطيني نزحوا من منازلهم، جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، الذي أكد أن عمليات القصف دمّرت أكثر من ألف وحدة سكنية وألحقت أضرارا بالغة بـ 560 وحدة جعلتها غير صالحة للسكن.

وبين النازحين قرابة 175 ألفًا لجؤوا إلى 88 مدرسة تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وأكثر من 14 ألفا و500 آخرين نزحوا إلى 12 مدرسة حكومية أملا بالنجاة.

وبخلاف هؤلاء وأولئك، يُعتقد أن نحو 74 ألفا يقيمون مع أقارب وجيران أو لجؤوا إلى كنائس ومساجد ومرافق أخرى، وأشار أوتشا أن عدد النازحين داخل غزة يمثل أكبر عدد من النازحين منذ التصعيد الذي استمر 50 يومًا في 2014.

تجاوز عدد الشهداء 1200، وأصيب قرابة 6 آلاف إنسان فلسطيني بجراح مختلفة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، تزامنا مع تصاعد النزوح إلى مراكز الإيواء بالقطاع.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة إن قوات الاحتلال تتعمد استهداف الطواقم الطبية والمؤسسات الصحية وسيارات الإسعاف.

من السماء تصب الطائرات حمم الموت، وعلى الأرض أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي في وقت سابق أنه أمر بفرض "حصار كامل" على قطاع غزة، وشدد على أن ذلك يترجم بالنسبة لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بـ"لا كهرباء ولا طعام ولا مياه ولا غاز. سنغلق كل شيء". كما أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها أمرت بقطع "فوري" لإمدادات المياه إلى غزة.

ليلة تحت القصف

تصف مراسلة الجزيرة الإنجليزية في غزة مرام حميد الليلة الثالثة من القصف المتواصل على غزة، حيث تجمع عائلتها في الظلام الدامس وهم يستمعون إلى "أصوات قصف مدينتنا وإبادة شعبنا" قبل أن يخلدو للنوم، من الإرهاق، وليس لأن الأمور هدأت.

وخلال التصعيدات والحروب الماضية على غزة، كان الناس يكرهون الليل أكثر عندما تشتد وتيرة القصف، ويعتقد الجميع أنهم سيكونون الهدف التالي، وتهتز المنازل من الانفجارات، ويصبح الاستحمام أو استخدام الحمام تحديًا صعبًا فقد لا يتمكن المرء من الفرار من القصف المدمر.

ومع كل تصعيد يقول الجميع هذه الحرب هي الأشد، لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفًا بالفعل، كما تقول مرام، إذ يشن الجيش الإسرائيلي غارات قال إنها الأعنف منذ سنوات على مختلف مناطق قطاع غزة.

"كان طفلي يتذمر قليلا، ونام قليلا لكنه ظل يقفز مستيقظًا مع كل صوت عالٍ وصراخ.. لقد أحضرته إلى منزل والداي بعد أن أصبح منزلنا غير صالح للعيش بسبب صاروخ إسرائيلي أصابه بينما كنا خارج المنزل.. وكان زوجي وابنتي في منزل أهل زوجي" تكمل مرام "بعد أقل من نصف ساعة من إغلاق عيني، استيقظنا على صوت مرعب"

وتردف: حملت طفلي على الفور، وركضت دون أن أفكر حقًا، كنا جميعا نركض على غير هدى، وفي غضون ثوانٍ، أصبح الهواء مليئًا بالغبار ورائحة البارود، وأصبح الأمر لا يطاق.

"سمعنا جيراننا يصرخون ويبكون، ولم نتمكن من معرفة ما يقولونه، وكنا غير قادرين على رؤية شيء فأعيننا مليئة بالغبار والحطام والصدمة"، تتابع مرام.

"تعثرنا في الشارع ونظرنا في الاتجاه الذي كان جيراننا يركضون نحوه. كان المبنى الذي تعرض للقصف عبارة عن مبنى سكني من أربعة طوابق يقع على بعد أمتار قليلة من منزل والداي.. على بعد أمتار قليلة"

لكن الأمر لم ينتهِ بعد، تقول مرام "رأينا أنقاضًا في الشارع، وعدنا سريعا بطلب الشرطة. ولم يكن الناس متأكدين مما إذا كان ذلك صاروخا "تحذيريا" أم إنه الهجوم الرئيسي"

ولو كان صاروخا "تحذيريا"، فهذا يعني أنه خلال 15 دقيقة تقريبا، سيهبط صاروخ أكبر وأكثر دمارا على نفس المنزل ليمحوه تماما.

واصطحب الجيران في الجانب الآخر من الشارع العائلات التي هربت من المبنى المنكوب وآووهم في منازلهم، وعادت أسرة مرام إلى الداخل وتجمعت في الطابق الأرضي من جديد.

وبعد مرور وقت كاف وانقشاع الغبار قليلا، قررت الأسرة الخروج.

وتكمل: في الشارع، تجمع عشرات الأشخاص حول المبنى المنهار، وكان السكان المذهولون يحدقون في الأنقاض التي حلت محل منزلهم وتاريخهم وذكرياتهم وأسرتهم؛ لقد اختفى كل شيء.

قالت أخت مرام بدعابة ساخرة: "كنا نحن أخبار اليوم".

وتقول مرام إنها كانت غير قادرة على الكلام، بعد تلك التجربة، وذهبت لأقرب أريكة وهي تحمل طفلها وبطريقة ما، أو بمعجزة، كان قد نام، "وشكرت الله لأنه لم يستيقظ على هذه الأصوات".

أما بقية أطفال العائلة -وأعمارهم أقل من 4 سنوات- الذين كانوا مستيقظين ينظرون بعيون واسعة ووجوه شاحبة، إلى وجوه أمهاتهم، وتقول "كنا جميعًا عاجزين بنفس القدر عن حمايتهم من هذه الصدمة".

ولم يتوقف صوت القصف المرعب طوال الليل، وعندما يكون هناك توقف مؤقت يجد الجميع أنفسهم في انتظار اللحظة التالية عندما يهتز المنزل من جديد.

ولا يمكن وصف هذا إلا بأنه قصف إبادة جماعية متواصلة، تعقب مرام.

The bodies of Palestinians killed in overnight Israeli shelling lie in a truck ahead of their funeral in Khan Yunis in the southern Gaza Strip, on October 10, 2023. - Israel pounded Hamas targets in Gaza on October 10 and said the bodies of 1,500 Islamist militants were found in southern towns recaptured by the army in gruelling battles near the Palestinian enclave. (Photo by SAID KHATIB / AFP)
جثث فلسطينيين قُتلوا في قصف إسرائيلي ليلا موضوعة في شاحنة قبل جنازتهم في خان يونس (الفرنسية)

نزوح وقطع المرافق

لا كهرباء ولا ماء وصرفا صحيا ولا معابر إنسانية ولا مواد غذائية كافيةٌ في غزة، إذ أعلنت إسرائيل إغلاق المعابر كافة وقطع الإمدادات الكهربائية والمياه والطاقة، وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن إسرائيل هددت مصر بضرب أي شاحنات تحمل مساعدات تحاول الدخول إلى غزة من معبر رفح.

ويتأثر قطاع الصحة بشكل هائل بقطع الكهرباء الذي يؤدي لتعطل العديد من الأجهزة الطبية ويوقف العمل بالمستشفيات، كما يؤثر قطع الكهرباء على الصرف الصحي فضلا عن حياة المواطنين اليومية والعادية.

ودق العاملون في القطاع الصحي بغزة ناقوس الخطر بسبب قرب نفاد الوقود واحتمال انقطاع التيار الكهربائي كليا عن المستشفيات التي هي أصلا غير قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة لجثث الشهداء والمصابين نظرا لنقص الإمكانيات والمستلزمات الطبية.

وأطلق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة،نداء استغاثة للمجتمع الدولي لإيقاف الجريمة ضد الإنسانية والقتل الجماعي.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) إن النازحين يتوزعون على 83 مركزا تحولت إلى ملاجئ، ولفتت إلى أن النزوح مستمر مع استمرار الهجمات الإسرائيلية.

وقالت إنها اضطرت لإقفال أكثر من 14 مركزا لتوزيع الأغذية، ولم يعد باستطاعة نصف مليون شخص الحصول على مساعدة غذائية حيوية.

ولم تسلم مقرات الأونروا من القصف، وقال المستشار الإعلامي للأونروا، عدنان أبو حسن، للجزيرة إنه كان بالمقر الرئيسي للأونروا وفجأة انهار كل شيء فوق رأسه وأصيب المكتب بأضرار جسيمة، لكن الدمار الأكبر كان من نصيب العمارات السكنية المجاورة.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعرب يوم الاثنين عن قلقه الشديد بعد إعلان إسرائيل فرض حصار مطبق على قطاع غزة وقطعها الماء والكهرباء ومنعها دخول الطعام إليه.

وصرح غوتيريش بأن الوضع الإنساني في غزة سيتدهور بشدة، مؤكدا أن التصعيد العسكري الأخير نشأ من صراع طويل الأمد مع احتلال دام 56 عاما ولا حل سياسيا في الأفق، على حد تعبيره.

Palestinians walk through debris amid the destruction from Israeli airstrikes in Gaza City's al-Rimal neighbourhood on October 10, 2023. Israel kept up its deadly bombardment of Hamas-controlled Gaza on October 10 after the Palestinian militant group threatened to execute some of the around 150 hostages it abducted in a weekend assault if air strikes continue without warning. (Photo by MOHAMMED ABED / AFP)
فلسطينيون يسيرون عبر الأنقاض وسط الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية في حي الرمال بمدينة غزة (الفرنسية)

محو الأحياء والذكريات

ورصد مراسلو الجزيرة، أضرار كبيرة بالمباني السكنية والعمارات ومنازل دمرت بالكامل، والمحال التجارية، وامتدت آثار الدمار لمقر وكالة الأونروا بالإضافة لقصف مقار الجامعات الفلسطينية وبينها الأزهر والإسلامية والأقصى ومقر النيابة ومقرات حكومية أخرى في منطقة حي الرمال بغزة.

ونجحت قوات الدفاع المدني في إخراج بعض المصابين من المنازل المهدمة على رؤوس أصحابها، بينما أخفقت في معرفة مصير آخرين لا زالوا تحت الأنقاض.

وعبر مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح عن صدمته جراء ما حل من دمار واسع في حي الرمال وسط مدينة غزة، إثر القصف الإسرائيلي العنيف، وقال  "من كان يصدق أن هذا سيحل في حي الرمال.. من كان يصدق أن هذه الفلل والبنايات والشوارع الراقية والأكثر حيوية سيحل بها هذا".

وتابع:"المنطقة التي كانت وجهة الناس عندما كانوا ينزحون من مناطقهم الشرقية كانوا يلجأون إليها، اليوم اختفت هذه المنطقة وتبدلت معها كل القناعات التي سادت لسنوات طويلة، وختم بقوله : لاحول ولا قوة الا بالله".

وعبر فلسطيني من سكان الحي عن حزنه وقهره عقب تدمير الاحتلال منزله ومنازل الأهالي في حي الرمال وسط مدينة غزة .

وقال وهو يسير فوق الركام :" حسبنا الله ونعم الوكيل كل اشي راح لاذكريات ولا طفولة ولا دار ولا اشي والله ما بعرف شو بدي أعمل وين بدي أروح، وين أروح يا الله ".

ووثقت عدسة صحفي فلسطيني مشهدا مؤلما لفلسطيني يجلس مصدوما على أطلال منزله الذي دمره الاحتلال في منطقة الرمال، وسط مدينة غزة، ويظهر الرجل وهو يجلس على الركام وحوله ألعاب للأطفال وينظر إلى مشاهد الدمار قائلا :"مفش عندي دار ولا محل، الدار والمحل راحو"، ثم يعود لصمته من جديد .

وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو آثار الركام عقب القصف الإسرائيلي وبرز فيها تناثر الألعاب وصورا تذكارية، ونشر الناشط معتز عزايزة مقطع فيديو لرجل يقف فوق ركام منزله الذي دمر في قصف غزة، إذ قال الرجل: "كل إشي راح ما ضلش إشي لا ذكريات ولا طفولة ولا دار مش عارف شو أعمل، وين أروح يا الله.. حسبي الله ونعم الوكيل".

ونشر الناشط محمد عواد مقطع فيديو له وهو يتفقد الركام إذ وجد خلال مسيره لعبة دب مرمية، فأمسك بها وقال: “هاد يا جماعة بنك الأهداف، شوفوا ما أحلى بنك الأهداف، هاد بنك الأهداف إلي إسرائيل بتتغنى فيه، هاد البنك إلي حول المنطقة لهاد الشكل”.

وأضاف عواد قائلا: "أنا بالمناسبة بدي آخد هاد الدبدوب وهاد البنك ذكرى وصاحب أو صاحبة هاد الدبدوب الطفلة إلي كيد بتستنى ترجع لبيتها تسامحني أنا حآخد هاد الدبدوب عشان يكون شاهد على بنك الأهداف إلي إسرائيل بتحكي عنه".

كما نشر أحد النشطاء مقطع فيديو عبر انستغرام، به صورا تذكارية غطتها الأتربة عقب القصف في غزة، وبجانبها ألعابا مرمية وعلق عليها قائلا: "العدوان الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة الآن".

استهداف الكاميرا والصحافة

ويستهدف القصف الإسرائيلي إسكات صوت الضحية ويفرض تعتيما على الأوضاع الإنسانية بإسكات الكاميرا، ووثق مكتب الإعلام الحكومي في غزة استشهاد 7 صحفيين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع.

وفجر الثلاثاء أدى صحفيون فلسطينيون، صلاة الجنازة على جثماني زميلين لهم قُتلا فجرا أثناء تغطيتهما لقصف الطائرات الإسرائيلية لبناية سكنية في حي الرمال غرب مدينة غزة.

وحذر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي عبر صفحته بفيسبوك مما عدّها بـ"نوايا الاحتلال العدوانية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام" وذلك بعد إخطاره بإخلاء عشرات المقار الإعلامية، لافتًا إلى أنها محاولة "تغييب للحقيقة التي ينقلونها".

وأكد مقدم برنامج "ما خفي أعظم" على شاشة الجزيرة تامر المسحال، الإثنين، قصف الاحتلال لمنزله في قطاع غزة، وكتب المسحال في تدوينة له: "الحمد لله، استقبلت خبر قصف منزلي بالتسليم بقضاء الله وقدره ونسأل الله اللطف بغزة".

وأشارت لجنة دعم الصحفيين في جنيف إلى أن الاستهداف الأخير يمثل "انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وحرية الصحافة"، مشددة على أهمية حماية منازل الصحفيين وأماكن عملهم، كوسيلة لضمان استمرارية العمل الصحفي ومساهمتهم في نقل الحقائق والأحداث.

فيما دعت اللجنة المجتمع الدولي إلى التحرك السريع والفعّال لوقف هذا التصعيد الخطير وحماية حقوق الصحفيين وسلامتهم، لا سيّما والتحقيق في الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرضون لها يوميًا من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي.

وأكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين في بيانٍ أن إفلات قادة الاحتلال من جميع الجرائم والانتهاكات الاسرائيلية ضد الصحافيين ووسائل الاعلام هو الذي "شجع الاحتلال على الإمعان والتصعيد في ارتكابه المزيد منها كما يجري في فلسطين والقدس".

حرب ضد الإنسانية

وأطلق الجيش الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية" ويواصل شن غارات مكثفة على سكان مناطق قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 17 عاما.

وأظهرت مشاهد نشرها صحفيون فلسطينيون، طفلة فلسطينية وقد تغطى جسمها بالغبار وهي تسد أذنيها بشدة بيديها، عقب انتشالها من تحت الركام.

وبدت الطفلة شاخصة بين ذراعي أحد أقاربها من هول الصدمة التي مرت بها جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.

وبث صحفيون فلسطينيون مقطع فيديو، لانتشال رضيع استشهد تحت ركام منزله جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتظهر المشاهد أحد الفلسطينيين وهو يحمل الشهيد بينما انهار آخر بسبب وجع الفقد.

ووثق صحفي فلسطيني لحظة تبليغ صديقه باستشهاد والدته في قصف منزلهم بغزة، وسط بكائه وانهياره عبر الهاتف، ومحاولة تهدئته ومواساته.

وبكت مسنة فلسطينية بحرقة في وداع أحد أحفادها، الذي استشهد نتيجة القصف الإسرائيلي، وشارك المصور بلال خالد عبر صفحته على موقع إنستغرام، مقطعا مصورا للسيدة المسنة، وهي تبكي وتتحدث عن آخر لحظات جمعتها مع حفيدها، قائلة: "يا ريتني أنا بدالكم يا جدة، يا ريتني أنا بدالكم يا أحمد، عمره 15 سنة يما".

المصدر : الجزيرة