الصين لمحكمة العدل الدولية: العدالة للفلسطينيين والمقاومة المسلحة حق مشروع
لاهاي – واصلت محكمة العدل الدولية في لاهاي، أمس الخميس، جلسات الاستماع العلنية التي قدّم خلالها ممثلو دول، من بينها الصين والأردن وإيران وإيرلندا ولبنان والعراق، مواقفها حول مسألة الرأي غير الملزم بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وبعد أن دافعت الولايات المتحدة الأربعاء الماضي عن إسرائيل، دافعت حجج الدول المشاركة في الجلسة الرابعة عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير، منتقدة خطة الاستيطان التي تتبعها تل أبيب بشكل غير قانوني منذ أكثر من نصف قرن.
في المقابل، اكتفت إسرائيل في ملاحظاتها المكتوبة بالقول إن مشاركة العدل الدولية "قد تضر بالتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض". ومن المتوقع أن يستغرق القضاة قرابة 6 أشهر لإصدار رأيهم الاستشاري غير الملزم.
مواجهة
واستغلت الصين مشاركتها في جلسة العدل الدولية لمواجهة حجة الولايات المتحدة بأنه لا يجب إصدار أمر لإسرائيل بالانسحاب غير المشروط من الأراضي الفلسطينية المحتلة دون ضمانات أمنية.
في السياق، قال المستشار القانوني لوزارة الخارجية الصينية ما شين مين للمحكمة إن العدالة "تأخرت مدة طويلة لكن لا يجب إنكارها"، مؤكدا أنه "لا يجب حرمان الفلسطينيين منها".
وأضاف أن "إسرائيل دولة أجنبية تحتل فلسطين، ومن ثم فإن حق الدفاع عن النفس يقع على عاتق الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين".
ويأتي ذلك بعد أن حثّ الوفد الأميركي محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة بالابتعاد عن أي قضية ثنائية بين فلسطين وإسرائيل. لكن وفق الرأي الصيني، يجب أن تأخذ الأمم المتحدة في عين الاعتبار الحاجة الملحة لتقرير مصير الشعب الفلسطيني.
كما عدَّ الوفد الصيني لجوء الفلسطينيين إلى المقاومة المسلحة للحصول على استقلالهم من حكم استعماري أجنبي، أمرا "مشروعا وحقا غير قابل للتصرف"، بموجب القانون الدولي.
ونقلا عن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد المستشار القانوني الصيني للمحكمة أن الأشخاص الذين يناضلون من أجل تقرير المصير يمكنهم اللجوء إلى "جميع الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح".
وأضاف، مستشهدا بالمواثيق الدولية، أن "النضال الذي تخوضه الشعوب من أجل تحررها وحقها في تقرير المصير، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاستعمار والاحتلال والعدوان وسيطرة القوى الأجنبية، يجب ألا يعدّ عملا إرهابيا".
فرصة
وعند سؤال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عن قوة وأهمية هذه المرافعات الشفوية، رغم أنها غير ملزمة بالنسبة لإسرائيل، أوضح، للجزيرة نت، أن أهميتها تكمن في "إتاحة الفرصة للمجتمع الدولي لإظهار عبثية الحرب على قطاع غزة وما تنتجه من قتل ودمار".
وأضاف الصفدي أن بلاده قدّمت حججا واضحة تستند إلى موقفها الثابت والمتمثل في أن السلام والأمن والاستقرار لن يتم دون انتهاء الاحتلال غير الشرعي وغير القانوني للأراضي الفلسطينية، محذّرا من تبعات استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي يُعدّ خرقا للقانون الدولي، وتجاوزا لكل القيم الإنسانية.
وخلال جلسة أمس الخميس، أكد الصفدي أن "الاحتلال غير قانوني وغير إنساني ويجب أن ينتهي، وأن إسرائيل تعمل بشكل منهجي على ترسيخ الاحتلال، وحرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير".
وتابع "إسرائيل تنتهك حقوق المسلمين والمسيحيين في حرية العبادة؛ من خلال منع المسلمين من دخول المسجد الأقصى، وعدم حماية الكهنة من الإهانة والانتهاكات الإسرائيلية المتطرفة".
وختم تصريحاته قائلا "الفلسطينيون يُقتلون بالمئات كل يوم في غزة والضفة الغربية؛ لأن إسرائيل لا تحاسَب على جرائم الحرب التي ترتكبها وانتهاك القانون الدولي، الاحتلال هو مصدر كل الشرور ويجب أن ينتهي".
تجاوز المنطق
من جانبها، انتقدت إيرلندا -في ملاحظاتها- احتلال إسرائيل المطوّل للأراضي الفلسطينية ونشاطاتها الاستيطانية، معدّة أن ذلك ينطوي على انتهاكات خطيرة للقانون الدولي وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وشددت على أن تصرفات إسرائيل في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 "تتجاوز المنطق".
وقالت المدعية العامة روسا فانينغ للعدل الدولية إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أشار إلى أن البيئة القسرية التي خلقتها إسرائيل ترقى إلى مستوى الترحيل القسري، وهو "انتهاك جسيم" لاتفاقية جنيف الرابعة، ويرقى إلى مستوى "جريمة حرب".
من جهته، قال رضا نجفي، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية إن "إنشاء النظام الإسرائيلي تم من خلال عملية عنيفة تضمنت التهجير القسري للسكان الفلسطينيين الأصليين، لإنشاء مستعمرة ذات أغلبية يهودية تتماشى مع الحركة الصهيونية".
وأضاف أن "توسيع المستوطنات والطرق المعزولة والحواجز ونقاط التفتيش، قد خلق نظام الفصل العنصري الذي يعزل المجتمعات الفلسطينية".
كما أشار المسؤول الإيراني إلى سلسلة من الانتهاكات المستمرة من نظام الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك طول مدة الاحتلال، وتغيير التركيبة الديموغرافية في الأراضي المحتلة، وتغيير طابع ومكانة المدينة المقدسة، فضلا عن الإجراءات التمييزية، وانتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني في السيادة الدائمة على موارده الطبيعية.
وفي ختام كلمته، تحدث نجفي عن "التقاعس أو عدم كفاية الإجراءات من جانب مجلس الأمن، الذي كان أحد الأسباب الرئيسة للاحتلال المطول لفلسطين"، وأنه أصيب بالشلل بسبب الجمود الذي سبّبه "عضو دائم معين"، حسب قوله.
كما شدد السفير العراقي ورئيس الدائرة القانونية في وزارة الخارجية حيدر شياع البراك على ضرورة وقف "آلة القتل الممنهج" ضد الشعب الفلسطيني، وإنهاء "القتل الجماعي والإبادة الجماعية".
وأضاف أن "هذه الأفعال تشكّل جرائم حرب نُفّذت بقصد إجرامي، وانتهاكات خطيرة لقوانين الحرب" وأن إسرائيل "يجب أن تخضع للمساءلة".