انتهاكات الدعم السريع تصيب طريق دارفور بالشلل
الخرطوم- يشهد طريق الإنقاذ الغربي الذي يربط مدينة كوستي بولايات دارفور الخمس غرب السودان، ظاهرة خطيرة تهدد أمن واستقرار المجتمع المحلي وتضع حياة السكان وحركة النقل والتجارة في خطر، حيث تحول هذا الطريق إلى مسرح لأحداث السرقة والنهب، والانتهاكات المتكررة على أيدي مسلحين تابعين لقوات الدعم السريع وموالين لها.
ويعتبر طريق الإنقاذ الغربي (الخرطوم ـ الفاشر)، الممر الرئيسي والبري الوحيد الذي يربط شرق السودان بولايات دارفور الخمس، ويمتد لمسافة حوالي 1280 كيلومترا. وبدأت أعمال إنشائه مطلع عام 1995، وانتهت في 2014، باحتفال نظم بمدينة الفاشر لاستقبال أولى الحافلات السياحية التي وصلت المدينة من الخرطوم مرورا بمدينتي كوستي والأبيض عبر هذا الطريق.
ومنذ أشهر، تتعطل الحركة بشكل غير مسبوق على هذا الطريق، بسبب تصاعد الانفلات الأمني وزيادة الرسوم المفروضة على الحافلات وشاحنات السفر من قبل عناصر الدعم السريع، بالإضافة إلى زيادة حالات السرقة والنهب المسلح، ونتيجة لذلك تدهور الوضع التجاري والاقتصادي في إقليم دارفور.
وحاول مراسل الجزيرة نت دون جدوى التواصل مع أي مسؤول من قوات الدعم السريع للرد على هذه الاتهامات.
حوادث متكررة
ووفقا لتقارير وشهود عيان تحدثوا للجزيرة نت، يشهد الطريق يوميا حوادث سرقة ونهب واعتداء على أمتعة المسافرين من قبل نقاط الارتكازات والتفتيش التي أقامتها عناصر الدعم السريع على الطريق، إضافة إلى الاعتداءات الجسدية على السائقين وبعض الركاب، وإجبار أي شخص يثير الشبهات على النزول والذهاب إلى جهة مجهولة.
وقالت الشاهدة سارة أحمد، من سكان مدينة الفاشر، إنها تعرضت لحادثة سرقة أثناء سفرها بالطريق الغربي. وأوضحت للجزيرة نت أن مجموعة من العناصر المسلحة التابعة للدعم السريع هاجمت الحافلة التي كانت تستقلها وسرقت من المسافرين أمتعتهم وأموالهم، إلى جانب الهواتف المحمولة.
وذكرت أن الأمن على الطريق غير موجود، وأن المسافرين يعيشون في حالة من الخوف الدائم عند استخدامهم للطريق. وتابعت "نخشى على حياتنا عندما نسافر على هذا الطريق، حيث يتعرض السائقون والركاب للتهديدات والاعتداءات، ويتم نهب أمتعتنا وممتلكاتنا، لا يوجد أمان أو حماية".
وبحسب الشاهدة سلمى إبراهيم، وهي واحدة ممن سافرت على الطريق، فإن مسلحين أطلقوا الأسبوع الماضي أعيرة نارية كثيفة على الحافلة التي كانت تقلها في محاولة لإيقافها بهدف الحصول على مبالغ مالية بالقوة، مما أدى إلى إصابة أحد الركاب بجروح خطيرة في الرأس.
وأوضحت أنهم ضربوا العديد من مساعدي السائقين بأعقاب البنادق بحجة عدم الانصياع لتعليماتهم، مشيرة إلى أن مسلحي الدعم السريع عادة ما يستهدفون المسافرين والسائقين الشباب، مما يتسبب في سقوط ضحايا وإصابات خطيرة، حتى إن العديد من السكان باتو يتجنبون السفر على هذا الطريق، ويختارون طرقا بديلة أطول وأكثر وعورة للوصول إلى وجهاتهم.
زيادة الأسعار
وفيما أعرب العديد من أصحاب شركات السفر والنقل عن قلقهم البالغ إزاء هذه التطورات وتأثيرها السلبي على قطاع النقل بدارفور، قال محمد يحيى صاحب وكالة سفريات بمدينة الفاشر للجزيرة نت إن سعر تذكرة السفر من (كوستي إلى الفاشر) ارتفع إلى 180 ألف جنيه سوداني (300 دولار تقريبا) بدلا من 70 ألف جنيه في الشهرين السابقين (116 دولارا).
وأوضح أن الاعتداءات المروعة على الطريق كان لها تأثير كبير على قطاع السفر، مما أدى إلى ارتفاع أسعار تذاكر الحافلات، مما أثقل كاهل المسافرين وكان له تأثير سلبي على الحياة العامة للمواطنين.
وأضاف "بات من الصعب على كثير من الناس تحمل تكاليف السفر، حيث يقوم أصحاب حافلات السفر بدفع رسوم عبور باهظة للدعم السريع تتراوح من مليوني جنيه إلى 1800 مليون جنيه للرحلة الواحدة، أي ما يعادل أكثر من 33 ألف دولار للرحلة الواحدة.
وبدأت مشكلة خروقات الدعم السريع على هذا الطريق بعد سقوط 80% من مدن الإقليم مثل الجنينة وزالنجي ونيالا والضعين، حيث شهد الطريق وُجودا لعناصر من الدعم السريع وآخرين موالين لهم.
تدابير مطلوبة
وقال رئيس منتدى قبائل دارفور الدكتور نور الدين رحمة للجزيرة نت إن الأولوية القصوى في الوقت الحالي هي حماية حياة المواطنين وسلامتهم، معربا عن استيائه من تزايد حوادث الاعتداء على المواطنين ونهب ممتلكاتهم على الطريق.
وناشد حكومة المركز اتخاذ الإجراءات اللازمة للتدخل العاجل لفض الموجودين على الطريق، قائلا "يجب على الحكومة والمجتمع المحلي العمل معا للقضاء على هذه الأعمال الإجرامية من الدعم السريع وضمان عيش المواطنين في بيئة آمنة ومستقرة".
وفي خضم هذا الوضع، وبعد مرور أكثر من 10 أشهر على حرب السودان، لا يزال سكان إقليم دارفور غربي البلاد يعانون لإيجاد ممرات آمنة تمكنهم من السفر إلى وجهاتهم والحصول على الغذاء والعلاج وتأمين رحلاتهم التجارية، في أعقاب توقف حركة النقل من وإلى شرق البلاد، بسبب غياب التأمين الذي كانت توفره القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح بدارفور.