محللون: الحرب على غزة مرهونة باعتبارات نتنياهو السياسية

يرى المحللون العسكريون أن الوضع السياسي لنتنياهو هو العقبة الرئيسية الوحيدة أمام إحداث انتقال في طبيعة الحرب (رويترز)

القدس المحتلة- بينما أفادت وسائل الإعلام العالمية أن إسرائيل تبدي استعدادها لوقف إطلاق النار لفترة قد تصل إلى أسبوعين مقابل تحرير العديد من المحتجزين الإسرائيليين، أجمعت تقديرات المحللين العسكريين والسياسيين أن تطورات وسير الحرب على غزة رهينة للاعتبارات السياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

يأتي ذلك في حين تستعد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وتحت ضغوطات إدارة الرئيس الأميركي جو بادين، لوضع خطة عملياتية لتغيير طبيعة القتال في غزة، وتحديد ملامح جديدة لشكل الحرب لتجنب الصدام مع واشنطن التي تصر على موقفها الداعم لإسرائيل، لكنها تطالب بتخفيف حدة القتال، والحد من الغارات المكثفة، والتوجه إلى هدنة وصفقة تبادل جديدة.

ووسط التعقيدات العسكرية المتعلقة بالمرحلة الثالثة من التوغل البري نحو رفح، وتباين المواقف حول حكومة الطوارئ الإسرائيلية لاعتبارات سياسية بشأن سير وشكل الحرب والتوغل البري، صعّدت عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية من الخطوات الاحتجاجية، وطالبت حكومة نتنياهو بطرح مبادرة لتحريرهم.

خطة المرحلة الثالثة

تحت عنوان "تستعد المؤسسة الأمنية لتغيير طبيعة القتال في غزة خلال شهر تقريبا، لكن نتنياهو قد يكون لديه خطط أخرى.."، كتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، مقالا استعرض من خلاله معالم خطة الجيش الإسرائيلي لتغيير شكل القتال في غزة، وفقا لتوصيات الإدارة الأميركية.

وقال هرئيل خطة بدأت تتبلور حول شكل الحرب على غزة على المستوى السياسي وفي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ويقول "من المتوقع أن تنتقل إلى المرحلة الثالثة خلال الشهر المقبل، وذلك بعد المرحلة الجوية ومرحلة المناورة".

وينقل المحلل العسكري أنه وبحسب توصية الولايات المتحدة، فإن التغيير في طريقة القتال يجب أن يشمل الانتقال إلى إقامة منطقة عازلة على حدود قطاع غزة، وربما أيضا بين شمال القطاع والجنوب، وسحب جزء من قوات الاحتياط المتوغلة التي تحافظ على مناورات برية بطيئة وخطيرة، وسيتحول القتال إلى شكل هجمات وعمليات نوعية ومحددة.

ولفت هرئيل إلى أن النقاش بإسرائيل بشأن هذه الخطة يتمحور بالأساس حول مسألة التوقيت الأفضل للعمل على البدء في تغيير شكل القتال والحرب، وتتباين المواقف بشأن موعد ذلك في منتصف يناير/كانون الثاني المقبل أو في نهايته.

ولكنه يقول إن "هناك عقبة رئيسية واحدة أمام العملية الانتقالية في طبيعة وملامح القتال والحرب، هي الوضع السياسي لنتنياهو، الذي يخشى انهيار ائتلاف حكومته تحت ضغوطات أحزاب اليمين، فالهمّ الرئيسي له -على ما يبدو- البقاء في السلطة، ولذلك قد يختار خوض صراع مصطنع مع الأميركيين".

مطالب بايدن

وفي قراءة للموقف الأميركي بشأن سير وتطورات الحرب على غزة، كتب المحلل السياسي ألون بينكس مقالا في "هآرتس"، استعرض ما وصفه بـ"لعبة الضغط التي يمارسها بايدن"، قائلا إن "الرئيس الأميركي يدعم إسرائيل بلا تحفظ، ويدفعها في الوقت نفسه إلى خفض حدة الصراع".

واستعرض بينكس سؤالا وُجّه إلى الرئيس بايدن قبل أيام في حدث خاص ومحدود للداعمين والمانحين لحملته الانتخابية، "هل أنت على علم بحقيقة أن نتنياهو يحاول قلب الطاولة وإلقاء اللوم عليك، ويعمل على الصراع معك ومع الولايات المتحدة لاعتباراته السياسية؟" ابتسم بايدن وأجاب بحزم "أعرف".

يقول المحلل السياسي "هناك أشياء أخرى تثير شكوك بايدن وحاشيته السياسية والأمنية بشأن نتنياهو، وهو أنه يحاول جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مع إيران، من خلال تحويل الحوثيين في اليمن إلى دليل على أن هذه ليست حربا ضد حماس وحدها، بل هو صراع بين الحضارات يتجنبه بايدن، الذي يعي نوايا نتنياهو الهادفة إلى تأجيج صراع إقليمي في الشرق الأوسط".

وأوضح بينكس أن الرئيس الأميركي -لأسباب عاطفية وسياسية- غير معني بمواجهة علنية مع إسرائيل، لذلك يشكك المحلل في إمكانية ممارسة بايدن في الأسابيع المقبلة ضغوطا على حكومة نتنياهو، أو يحدد إنذارا نهائيا لوقف الحرب.

وبسبب هذه الاعتبارات، يستبعد المحلل السياسي إمكانية أن يحدد بايدن مطالب صارمة من أجل إجبار إسرائيل على إحداث تغيير في طبيعة الحرب وشكل القتال في غزة، مشيرا إلى أن الهدف الذي تركز عليه واشنطن هو إحداث تحول سريع من حرب عنيفة إلى حرب أقل حدة، وليس وقف الحرب بشكل نهائي.

احتدام الخلاف

وحول تأثير موازين القوى السياسية ومواقف الأحزاب بشأن سير وتطورات وطبيعة الحرب على غزة، كتبت محررة الشؤون السياسية والحزبية في صحيفة "هآرتس" رفيت هيخت، مقالا ملخصه أن "الوزراء متأكدون من أن أغلبية الجمهور تؤيد الحرب، لكنهم سيواجهون قريبا خيبة الأمل من نتائجها".

وأوضحت هيخت أن الغضب والصدمة اللذين يرافقا الجمهور الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليسا كافيين للحفاظ على الدعم الشعبي لمعركة طويلة ودموية. في إشارة إلى بوادر لتصدع الدعم الشعبي للحرب، وسط رفض أحزاب الائتلاف الحكومي تغيير طبيعة القتال، وإصرارها على مواصلة الحرب حتى إسقاط حكم حماس.

ولفتت محررة الشؤون السياسية والحزبية إلى أن "حكومة الحرب تحاول أن تبث رسائل وكأنها ماضية قدما بالقتال، على خلفية ثمن الدم المستمر الذي تفرضه الحرب على الجيش الإسرائيلي، فضلا عن احتدام الخلاف بين معسكر المختطفين ومعسكر إبادة حماس في المجتمع الإسرائيلي" حسب وصفها.

وأشارت إلى أن ادعاءات "معسكر المختطفين" تتلخص بوضع ملف المحتجزين كهدف أول للحرب، والعمل على تحريرهم ضمن صفقة تبادل شاملة، حيث يأخذ هذا المعسكر ومطلبه زخما في المجتمع الإسرائيلي على حساب الطرح المقابل الداعي إلى مواصلة الحرب والعمليات العسكرية حتى إسقاط حكم حماس، "وهذا الطرح آخذ بالتراجع بعد أن ثبت أن تقويض حماس يستغرق وقتا طويلا" تقول هيخت.

المصدر : الجزيرة

إعلان