ما وراء تأجيل القضاء العراقي المتكرر لمحاكمة قاتل هشام الهاشمي؟
منذ أكثر من عام فشل القضاء العراقي في عقد جلسة لمحاكمة قاتل الهاشمي رغم وجوده في السجن، مما دفع البعض للتساؤل حول صحة الأنباء التي تحدثت عن هروب القاتل على يد فصيل مسلح.
الغموض يحيط بقضية محاكمة قتلة الكاتب والمحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي، عقب إرجاء القضاء للمرة الثالثة على التوالي جلسة المحاكمة دون الكشف عن أسباب التأجيل، في حين تم تداول أنباء عن هروب المتهم بقتل الهاشمي وتصفيته ودفع دية لعائلة الهاشمي.
وكان من المقرر أن تجرى جلسة محاكمة المتهم أحمد عويد الكناني الذي اعترف بقتل الهاشمي، الأحد الماضي، لكن المحكمة الجنائية المختصة قررت تأجيلها إلى منتصف يوليو/تموز المقبل.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsالعراق.. مئات يتظاهرون في بغداد للمطالبة بمعاقبة قتلة النشطاء والكاظمي يؤكد تعرّضه لـ3 محاولات اغتيال
في تقريرها السنوي.. رايتس ووتش تنتقد الإفلات من العقاب على "الانتهاكات الجسيمة" بالعراق
واغتيل الهاشمي في 6 يوليو/تموز 2020، أمام منزله بمنطقة زيونة في العاصمة بغداد برصاص أشخاص على دراجة نارية، في حادث أثار ضجة بين الأوساط الشعبية ولقي صدى دوليا.
وفي يوليو/تموز 2021، أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلقاء القبض على قتلة الهاشمي، في حين بث التلفزيون الرسمي اعترافات المتهم الكناني، وهو ضابط برتبة ملازم أول عمره 36 عاما.
ومنذ أكثر من عام فشل القضاء العراقي في عقد جلسة لمحاكمة القاتل رغم وجوده في السجن، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول صحة أنباء تحدثت عن هروب الكناني من السجن على يد فصيل مسلح.
تفاصيل جديدة
وبهذا الشأن، قال مصدر مقرب من عائلة الهاشمي إن الأنباء التي تحدثت عن تأجيل محاكمة القاتل صحيحة، بدليل عدم إفصاح القضاء العراقي عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء التأجيل أكثر من مرة.
وفي حديث للجزيرة نت، ذكر المصدر -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- تفاصيل جديدة تتعلق بالقضية، فقال إن العائلة تلقت إخطارا خاصا يفيد بأن الفصيل المتهم بقتل الهاشمي قد هرب المتهم من السجن قبل فترة وقام بقتله.
وتحدث المصدر، قائلا "الفصيل قد أعطى عائلة القاتل دية عقب تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهم وذلك بهدف منع تسريب أي معلومات تخص الجهات التي تقف وراء أوامر اغتيال الهاشمي".
وأشار إلى أن "عائلة الهاشمي، الآن خارج العراق ومن الممكن خلال الأيام المقبلة تكليف محام لمتابعة القضية".
وبشأن التعاون الحكومي مع العائلة، قال المصدر "الحكومة العراقية أخلت بجميع العهود التي تضمنت إعطاء قطعة أرض إلى عائلة الشهيد ومنح امتيازات خاصة لهم ومحاسبة القتلة أمام الرأي العام".
وتابع المصدر عينه "الشخص الحكومي المكلف بمتابعة القضية مع العائلة أصبح لا يرد على الهاتف، في حين لم تصدر الحكومة أي توضيح حول محاسبة القاتل وتكذيب الأنباء التي تتحدث عن هروبه".
وختم حديثه بالقول "عائلة الهاشمي متخوفة من استهداف جديد لها في حال الحديث حول القضية مع وسائل الإعلام عن كل ما يجري وخصوصا دور الحكومة المتراجع".
تعليق قانوني
في المقابل، يفند الخبير القانوني أحمد العبادي تأجيل المحاكمة الخاصة بقتل الهاشمي بوجود أسباب تقف وراءه، ومثال على ذلك عدم حضور الشهود أو نقص في تقارير الأدلة الجنائية أو أسباب أخرى.
وبشأن أنباء هروب القاتل، استطرد العبادي، في حديثه للجزيرة نت، بالقول "إذا ثبت هروب القاتل فهذا يعني الإفلات من العقاب ومن الممكن أن تستمر المحاكمة غيابيا".
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء كان توعد سابقاً، وأكثر من مرة، بمحاسبة المسؤولين عن اغتيال الهاشمي، مؤكدا بالقول "وعدناكم بإلقاء القبض على قتلة الباحث هشام الهاشمي.. وقاتله اليوم في السجن وينتظر حكم العدالة".
ضعف حكومي
ومن جانبه، قال الباحث في الشؤون السياسية، دريد الناصر "القوات الأمنية العراقية والجهات السياسية الأخرى لم تتمكن إلى الآن من اعتقال الأشخاص الذين أمروا بقتل الهاشمي".
وبحسب الناصر فإن "الحكومة العراقية غير قادرة على الإشارة إلى القتلة الحقيقيين المسؤولين عن اغتيال الهاشمي، فكيف تستطيع محاكمتهم؟".
وأشار الناصر، خلال حديثه للجزيرة نت، إلى أن "الحكومة العراقية الحالية مطالبة بالكشف عن تلك الجهات التي أصدرت أوامر الاغتيال، خاصة أنها تعهدت مرارا بالثأر من قتلة الهاشمي".
وأصدرت محكمة عراقية، العام الماضي، حكما بالإعدام شنقاً بحق متهم بقتل صحفيين معروفين بنشاطهم الداعم لاحتجاجات تشرين وهو الملف الذي أيده الهاشمي والتي تحدث عنه تكرارا واتهم المليشيات بتصفية الناشطين في العراق.
تقصير واضح
إلى ذلك، يرى الخبير الأمني العراقي سعدون الساعدي أن هناك تقصيرا حكوميا واضحا "جراء عدم تقديم القتلة والجهات التي تقف وراء عملية الاغتيال إلى القضاء لينالوا الجزاء العادل".
وفي حديث للجزيرة نت، أضاف الساعدي "المعادلات السياسية الداخلية والخارجية هي من تتحكم بالغموض الذي يحيط بمحاكمة القاتل الموجود في السجن حسب ما أعلنته الحكومة سابقاً".
ويستطرد الخبير العراقي بالقول "الوضع السياسي الهش والانسداد بشأن تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد قد يكون أحد الأسباب التي تمنع الحكومة من الكشف عن تفاصيل قضية الهاشمي، وذلك لمقتضيات المصلحة العامة وخوفا من تأجج الغضب الشعبي".
وختم الساعدي حديثه بالقول "وجود عناصر مسلحة ومليشيات مرتبطة بتكتلات حزبية وقوى سياسية ألقت بظلالها على قضية محاكمة قتلة الهاشمي إلى الآن".
ولقي العشرات من الناشطين نفس مصير الهاشمي، منذ بدء مظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019 إلى الآن، حيث تشير التقديرات إلى قتل 600 شخص وسقوط 30 ألف جريح، مع اختطاف العشرات.