لماذا يدعم بايدن تغييرا في قواعد مجلس الشيوخ لصالح الأقليات في التصويت؟

Senate Democratic lunch on Capitol Hill to discuss voting rights legislation, in Washington
بايدن يقترب من الفشل في تمرير إصلاحات حق التصويت (رويترز)

واشنطن– لم ينه تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة قبل عام الجدل والخلاف بشأن تصويت وانتخابات 2020، والتي يتناقض تجاهها موقفا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وقد شهدت انتخابات 2020 أوضاعا استثنائية بسبب تبعات انتشار وتفشي وباء كورونا وما ترتب عليه من اتباع إجراءات احترازية دفعت لزيادة نسب التصويت عن طريق البريد وزيادة فترات الاقتراع المبكر.

وخلال العام الماضي، تبنت مجالس تشريعية تسيطر عليها أغلبية جمهورية في 19 ولاية قوانين اعتبرها البيت الأبيض بمثابة لمحاولة لوضع العراقيل أمام تصويت الأقليات، والتي تذهب أغلب أصواتها تقليديا للحزب الديمقراطي.

ونجح مجلس النواب ذو الأغلبية الديمقراطي في تمرير تشريعين، هما قانون حرية التصويت وقانون جون لويس للنهوض بحقوق التصويت، في أغسطس/آب الماضي، لكن جرى تعطيل التشريعين في مجلس الشيوخ الذي تتساوي فيه مقاعده الـ100 بين الحزبين.

ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تغيير قواعد مجلس الشيوخ من أجل السماح بتمرير تشريع بشأن حقوق الأقليات في التصويت، خاصة في الولايات التي يسيطر عليها مسؤولون جمهوريون.

الجزيرة تعرض في سؤال وجواب حول تفاصيل هذا الجدل الهام على الساحة الأميركية:

ما مصدر الخلاف الرئيسي بين الحزبين حول إصلاح نظم الاقتراع؟

يتفق الحزبان على ضرورة إصلاح نظام وطريقة وإجراءات التصويت، لكن يرى كل طرف الأزمة من زاوية مناقضة ومعاكسة لما يراه الطرف الآخر. ويطالب كل حزب بتبني حزمة إصلاحات انتخابية تدعي استهداف نزاهة ومصداقية العملية الانتخابية، إلا أن جوهرها يهدف لدعم حظوظ مرشحي كل حزب في الانتخابات المستقبلية.

ويريد الديمقراطيون توسيع وتسهيل تسجيل الناخبين وتسهيل عملية الاقتراع نفسها من خلال تشريع مرره مجلس النواب في أغسطس/آب الماضي، يمنح السلطة الفدرالية سلطات أوسع في إدارة العملية الانتخابية.

في حين يرى الجمهوريون أن سلطة إدارة الانتخابات تقع على عاتق الولايات (يمتلكون الأغلبية في أغلب مجالس الولايات التشريعية)، ويجب ألا يفرض الكونغرس قوانين إضافية عليها، ويرون في ذلك توغلا للسلطة الفدرالية.

ما رؤية الديمقراطيين للإصلاح الانتخابي؟

يسعى الديمقراطيون من خلال أغلبيتهم في الكونغرس إلى فرض قوانين ملزمة للولايات تسمح بإصلاح أحكام النظام الانتخابي وتسليم عملية تقسيم دوائر الكونغرس إلى هيئات مستقلة غير حزبية، على أن يتم كذلك ضبط التمويل غير القانوني للمرشحين.

ومن شأن التشريع الديمقراطي أن يوسع فرص التصويت عن طريق البريد، وأن يشترط على الولايات وضع تطبيقات إلكترونية للناخبين تسهل تسجيل الناخبين الجدد، وأن تُمنح وزارة العدل المزيد من السلطة لإنفاذ قانون حقوق التصويت.

ويرى الديمقراطيون أن عملية التصويت يجب أن تكون بسيطة ومريحة وعادلة للجميع، وأن تتم زيادة عدد أيام الانتخاب المبكر، والسماح بالتصويت في أوقات المساء وعطلات نهاية الأسبوع.

ويطالب الديمقراطيون أيضا بأن تتخذ الولايات خطوات رئيسية، لضمان أن جميع مراكز الاقتراع لديها ما يكفي من آلات التصويت والعاملين في يوم الاقتراع لتقليل أوقات الانتظار، وهذا يعني تخصيص التمويل المناسب للقيام بذلك.

ما رؤية الجمهوريين للإصلاح الانتخابي؟

رغم الخسارة الثلاثية للجمهوريين (البيت الأبيض وأغلبية مجلسي الكونغرس) فإنهم يسيطرون على أغلبية المجالس التشريعية في أغلب الولايات الأميركية، وتدير كل ولاية انتخاباتها بطريقة غير مركزية، وتصنع المجالس المحلية القوانين والإجراءات التي تتبع في انتخابات الولاية.

وتتجه الهيئات التشريعية المحلية التي يقودها الجمهوريون إلى تغيير قوانين الانتخابات بطرق قد تجعل من الصعب التصويت للأقليات والفقراء.

ويعتبر المراقبون أن تعديلات الجمهوريين تستجيب صراحة لانتخابات عام 2020، حيث يستشهدون بالمخاوف العامة بشأن أمن الانتخابات، وهي مخاوف ولدتها المعلومات المضللة التي نشرها الرئيس دونالد ترامب آنذاك أثناء محاولته إلغاء الانتخابات.

ما موقف بايدن من تشريع إصلاح الانتخابات؟

شدد بايدن -في خطاب له في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا- على ضرورة إيجاد طريقة لتمرير مشروع القانون في مجلس الشيوخ، وذلك في إشارة إلى تغيير قاعد تمرير التشريعات في مجلس الشيوخ لتصبح بأغلبية +50 بدلا من أغلبية 60 صوتا.

وتمنح أغلبية 60 صوتا المطلوبة لتمرير التشريع حاليا الأقلية الجمهورية الحق في عرقلة القانون من خلال "حق التعطيل" (Filibuster)، وذلك بعدما مرر التشريع مجلس النواب في أغسطس/آب الماضي. ويمكن التغلب على عرقلة الجمهوريين بأغلبية 60 صوتا، وهو ما لا يتوفر للحزب الديمقراطي حاليا.

ما حظوظ نجاح تحركات بايدن؟

بعد تعهد بايدن بتغيير القواعد الإجرائية بمجلس الشيوخ، أطلقت كيرستين سينيما، السيناتورة الديمقراطية من ولاية أريزونا، أمس الخميس قنبلة، ودقت مسمارا في نعش آمال الديمقراطيين في تعديل قواعد مجلس الشيوخ بإعلانها رفض أي تحركات تهدف لتعديل إجراءات مجلس الشيوخ من أجل تمرير التشريع كما يرغب بايدن.

وعبرت سينيما عن تأييدها تشريع إصلاح نظام الاقتراع المقدم من الحزب الديمقراطي، لكنها تعارض تغيير قواعد مجلس الشيوخ وتريد احترام وجهات نظر الأقلية. ولا يستطيع البيت الأبيض أو الديمقراطيين تحريك التشريع في مجلس الشيوخ دون كل أصوات أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الـ50.

هل يستطيع بايدن اللجوء "للخيار النووي"؟

يقصد بالخيار النووي تعديل لوائح مجلس الشيوخ ليتم إقرار التشريعات بآلية +50 صوت، لكن موقف السيناتورة سينيما يقضي على هذه التطلعات، حيث سيتم رفض التشريع بـ 51 صوتا مقابل موافقة 49 عضوا فقط.

هل يملك بايدن أي آلية لتمرير قانون التصويت في مجلس الشيوخ؟

في خطابه بمدينة اتلانتا، اتخذ الرئيس جو بايدن موقفا اعتبره الجمهوريون الأكثر عدوانية منذ وصوله للحكم، حيث قال إن "الأيام القليلة المقبلة، عندما يتم التصويت على مشاريع القوانين هذه، ستشكل نقطة تحول في تاريخ هذه الأمة، والمسألة هي: هل سنختار الديمقراطية أم الاستبداد؟ العدالة أم الظلم؟

وفي حين يعد موقف بايدن القوي المؤيد لإصلاح "آليه التعطيل" علامة بارزة على تطور رؤية الرئيس حول هذه القضية، إلا أنه من غير المرجح أن يغير ذلك الواقع التشريعي الصعب للديمقراطيين.

وفي بداية حكمه، بدا بايدن مترددا في الضغط من أجل تغيير قواعد مجلس الشيوخ، لكنه غير رأيه في مواجهة معارضة الجمهوريين لقانون حرية التصويت. إلا أن استمرار موقف السيناتورة سينيما على ما هو عليه يقتل التشريع بصورة كبيرة.

ما تأثير الجدل الجاري على خريطة النفوذ الحزبي؟

الهدف الأكبر للحزبين مما يجري حاليا هو فوزهم في الانتخابات القادمة سواء للكونغرس 2022 أو الرئاسة 2024. وتدفع المقترحات التشريعية التي مررتها 19 ولاية، أفضلية للجمهوريين بصورة أو أخرى، في حين تمنح أفكار الديمقراطيين المتعلقة بإصلاح نظام الاقتراع، إلى زيادة تصويت القاعدة الشعبية للحزب.

ويخشى الديمقراطيون خسارة أغلبية مجلس النواب ومجلس الشيوخ في انتخابات التجديد للكونغرس في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل كما هو متوقع على نطاق واسع، ومن شأن ذلك شل أجندة الرئيس بايدن الداخلية.

ومن شأن ذلك أن يسمح للجمهوريين بتعطيل أجندة بايدن وهو ما يؤثر بصورة كبيرة على مشاريع القوانين المتعلقة بالرعاية الصحية وتغير المناخ وحق اقتناء السلاح والهجرة، وقضايا أخرى عديدة.

ويقول المؤيدون الديمقراطيون إن التعطيل قد أسيء استخدامه بشكل صارخ، مما يقوض فعالية مجلس الشيوخ، ويعتقدون أن الجمهوريين سيستخدمونه لمنع أي شيء حاول بايدن تحقيقه.

ولكن المنتقدين في كلا الحزبين يحذرون من أن إنهاء آلية التعطيل من شأنه أن يضر بمجلس الشيوخ كمؤسسة، ويسمح للأغلبية بتهميش الحزب الآخر.

المصدر : الجزيرة