صلاة الفجر في المسجد الأقصى.. منافسة بين عائلات القدس لإعماره
الآلاف من أبناء عائلات الحرباوي، والشويكي، وسنقرط، وعابدين، وصب لبن، تنافسوا على الوصول إلى المسجد الأقصى وأداء صلاة الفجر فيه، مع التشديد على تعميم الحضور بأعداد كبيرة بين عائلات القدس كافة.
القدس المحتلة- فرادى وجماعات، مسنون وشبان، توافدوا في الظلام إلى المسجد الأقصى المبارك، وقلوبهم تسبق أقدامهم. يسارعون الخطوات ويراوغون شرطة الاحتلال الإسرائيلي على الأبواب لإدخال لافتات كتبت عليها أسماء عائلاتهم المقدسية التي تتنافس على أداء صلاة الفجر في الأقصى، بمبادرة انطلقت قبل أسبوعين واتسعت دائرة المقبلين عليها.
مئات الهواتف الذكية توثق لحظات سعادة استثنائية لأبناء العائلات المتنافسة لإعمار المسجد الأقصى والإقبال بكثافة على صلاة الفجر فيه. لا تمنعهم برودة الطقس من البقاء في الساحات الخارجية حتى انبلاج الصباح.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأحدثا تحولا دوليا غير مسبوق في القضية الفلسطينية.. التوأمان محمد ومنى الكرد ضمن أكثر المؤثرين لعام 2021أحدثا تحولا دوليا غير مسبوق في ...
"قبلة وداع" هزت فلسطين.. الطفل أحمد المصاب بالسرطان: هذا ما قاله لي أبي لحظة اعتقاله"قبلة وداع" هزت فلسطين.. الطفل ...سيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدة
وقفات دعم ومساندة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيليوقفات دعم ومساندة للأسرى ...
انتظم الجميع في الصلاة ثم علت الأصوات بكلمتي "يا رب، وآمين" تأمينا على دعاء القنوت الذي صدحت به حنجرة إمام وخطيب المسجد الأقصى يوسف أبو سنينة.
ومع ظهور الخيوط البيضاء الأولى في السماء وانقشاع الظلام، انطلق أبناء العائلات لرفع اللافتات التي كُتب عليها اسم كل عائلة وأسفلها عبارة "مرابطون في الأقصى إلى يوم الدين".
لحظات استثنائية
حالة من النشوة والحماس تملّكت آلاف المقدسيين الذي انتظموا في صفوف خلف اللافتات، وآخرين ممن وثقوا هذه اللحظات بالهواتف والكاميرات.
وردّدوا: "نقسم بالله العلي العظيم أن نحمي المسجد الأقصى المبارك بدمائنا وأرواحنا وأبنائنا، والله على ما نقول شهيد". ثم أتبعوا القسم بأنشودة "طلع البدر علينا من ثنيّات الوداع"، وتكبيرات أطلقها الكبار والصغار قبل أن يتفرقوا.
وفجر اليوم الجمعة، كان حضور عائلة الشويكي لافتا؛ إذ قدّر محمد الشويكي، أحد من بادروا لإطلاق الدعوة بين أبناء العائلة، أن عدد من تفاعلوا معها بلغ نحو ألفي شخص.
وقال للجزيرة نت إن العائلة قررت خوض المنافسة مع العائلات المقدسية الأخرى بالحضور إلى المسجد الأقصى خلال صلاة فجر يوم الجمعة وإعماره. ودعا العائلات كافة في المدينة المقدسة "للتنافس الجميل" والقيام بواجبهم كونهم مسلمين لإعمار المسجد الأقصى والوجود الدائم فيه.
وأكد الشويكي أن الوجود يجب أن يمتد ليشمل الأوقات والصلوات كافة، ردًا على المحاولات الإسرائيلية المستمرة للاستيلاء على المسجد الأقصى بكل معالمه عبر سياساتها الرامية لتفريغه من رواده ومحبيه.
وحول المضايقات التي تعرضوا لها قبيل دخولهم، قال الشويكي إن شرطة الاحتلال على الأبواب أعاقت إدخال وجبة الإفطار التي بادرت العائلة لتحضيرها لإطعام المصلين بعد الصلاة، مما دفعهم لدعوتهم إلى الإفطار في ساحة باب الأسباط خارج المسجد الأقصى.
ليس الحضور فحسب
لم تغادر البسمة محيّا الشيخ المسن جهاد الشويكي مع وجود أبناء العائلة عند البائكة المقابلة للمصلى القبلي (البائكة عبارة عن أعمدة تعلوها أقواس)، وقال إنه يفتخر بهمم الشباب ممن لبّوا النداء، وإن رؤية اسم العائلة على لافتة ترفرف داخل الأقصى مشهد مهيب ومؤثر، متمنيا أن تستمر المنافسة بين العائلات المقدسية على أداء جميع الصلوات في رحاب المسجد.
الطفل قيس الشويكي (9 أعوام) اعتاد ارتياد الأقصى لأداء صلاة الجمعة أسبوعيا، لكنها المرة الأولى التي يصله لأداء صلاة الفجر، وبكلمات بسيطة قال للجزيرة نت "الجو حلو، وأنا مبسوط. وقررت أن أصلي الفجر كل جمعة في هذا المكان".
أما الشاب إيهاب القواسمي، فقال إن عائلته كانت من أولى العائلات التي تفاعلت مع المبادرة التي يرى فيها فرصة لإعمار المسجد الأقصى وتعارف أبناء العائلات المقدسية على بعضهم بعضا، محذرا من قصر المبادرة على الحضور فحسب بعيدا عن أداء الصلوات والعبادات.
تنغيص وملاحقة
أما المقدسي طارق الحرباوي، فقال إن نحو 150 شابا من عائلته لبّوا النداء وتوجهوا لأداء صلاة الفجر في المسجد، متمنيا أن يستمر هذا الحضور رغم مضايقات الاحتلال التي تمثلت اليوم الجمعة بمصادرة بعض اللافتات على الأبواب، واحتجاز الهويات الشخصية لبعض الشبان، بالإضافة إلى تفتيش بعضهم واستجوابه.
ومع بزوغ النهار، خفتت هتافات أبناء العائلات المتنافسة هذا اليوم (الحرباوي، والشويكي، وسنقرط، وعابدين، وصب لبن)، وتفرق المصلون إلى منازلهم لساعات قبل العودة لأداء صلاة الجمعة في "مهوى قلوبهم"، وبقيت الساحات والمصليّات بانتظار عودتهم وتوافد غيرهم من أبناء العائلات المقدسية التي لم تنضم إلى المنافسة حتى الآن.