غزة.. هل تنجح حماس في إدارة ملفي الاشتباك مع الاحتلال وتفشي كورونا؟

Gaza reports first COVID-19 cases outside quarantine areas, declares lockdown
الواقع الإنساني في غزة يزداد تعقيدا في ظل استمرار الحصار وانتشار فيروس كورونا (رويترز)

تزداد تعقيدات الواقع الإنساني في قطاع غزة عقب اكتشاف إصابات جديدة بفيروس كورونا، بالتزامن مع التوتر الميداني العسكري بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي ترتب عليه تشديد الحصار المفروض للعام الـ14 على التوالي.

وبحسب محللين سياسيين، تحاول حركة حماس -التي تدير قطاع غزة- المزاوجة بين إدارة حالة الاشتباك مع إسرائيل وأزمة جائحة كورونا، بحيث يرتبط الملفان بمطلب تخفيف الحصار عن غزة لتحسين شروط الحياة، وأبرزها الخدمات الصحية.

وتتزامن هذه التفاصيل أيضا مع جهود الوسطاء المصريين والقطريين في التوصل إلى صيغة توافق بين الطرفين تفضي لاستعادة الهدوء في القطاع، وفق المحللين.

وفي حال استمر التوتر الميداني وأعلن الوسطاء فشل جهود التهدئة فإنهم يتوقعون أن يذهب القطاع باتجاه مواجهة واسعة للضغط على إسرائيل، لتخفيف حصارها المفروض على القطاع.

إدارة تصعيد وكورونا

ويرى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن أن المزاوجة بين إدارة حالة الاشتباك وجائحة كورونا أمر صعب على حركة حماس.

في المقابل، فإن الحركة -وفق محيسن- تمتلك من أدوات القوة العسكرية ما يساعدها في إدارة الاشتباك مع العدو، كما أنها نجحت نوعا ما رغم انعدام القدرات الصحية بغزة في إدارة ملف كورونا.

وقال محيسن إن طبيعة إدارة حماس حالة الاشتباك، والاعتماد بشكل أساسي على أدوات المقاومة السلمية يشيران إلى عدم الرغبة في توسيع دائرة المواجهة.

وأوضح أن إدارة الاشتباك في وضعها الحالي تعطي مساحة كافية للوسطاء للضغط على إسرائيل، لإلزامها بتنفيذ تفاهمات التهدئة المتفق عليها.

وبين محيسن أن حفاظ المقاومة الفلسطينية على مستوى حالة الاشتباك الحالية ينم عن الذكاء في التعامل مع الاحتلال، وقراءة دقيقة لحجم تأثير أدوات المقاومة السلمية على الاحتلال.

وبشأن مصير جهود التهدئة، يرى محيسن أن الباب ما زال مفتوحا أمامها ولم يغلق حتى اللحظة، لافتا إلى أن الحكم على هذه الجهود بالفشل هو أمر خاطئ نظرا لتواصل الاتصالات.

وأضاف أنه إذا وصلت الأمور لنقطة الصفر فمن الطبيعي أن يتغير المزاج العام في الميدان، وقد ينحرف بطريقة متسارعة ويذهب نحو التدهور، فيما قد يفضي لمواجهة واسعة، خاصة في ظل التعقيدات التي يعيشها القطاع.

تصعيد محدود

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم أن أزمة جائحة كورونا -سواء في الجانب الإسرائيلي، ومؤخرا في القطاع- لن تدفع أيا من الطرفين نحو المواجهة الواسعة.

وأضاف أن في إسرائيل أزمة سياسية ومالية وصحية، وهي غير مهيأة لخوض مواجهة غير محسوبة العواقب، وكذلك الأزمات التي تعيشها غزة وآخرها اكتشاف كورونا بين المواطنين لن تدفع على المدى القريب لهذه المواجهة.

كما أنه من المحتمل أن تشكل الأزمة الإنسانية والصحية في غزة عامل ضغط على المجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على إدخال التسهيلات إلى القطاع كونه المسؤول الأول عن ذلك، بحسب إبراهيم.

ووصف ما قدمته إسرائيل لغزة خلال الفترة السابقة التي تلت تفاهمات التهدئة بالمسكنات التي تبقي القطاع على قيد الحياة، لكنه غير قادر على التنمية والتطور.

ومع دخول كورونا إلى المجتمع الغزي يرى إبراهيم أن التحديات التي تواجهها حماس باتت أكبر، خاصة في ظل اشتداد الحصار المفروض على القطاع والتوتر الميداني.

استبعاد التغيير

ويرى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية وديع أبو نصار أنه في ظل استمرار إطلاق البالونات الحارقة من القطاع باتجاه المستوطنات المحاذية، إلى جانب إطلاق قذائف صاروخية فإن الوسطاء فشلوا -حتى اللحظة- في التوصل إلى صيغة مقبولة لدى حماس وإسرائيل للتهدئة.

وبين أبو نصار أن التحسينات التي سبق أن أدخلتها إسرائيل لغزة كانت تهدف إلى تجميل صورة الأوضاع في القطاع، لكنها غير معنية بإيجاد تغيير حقيقي للأوضاع داخله.

وأضاف أن المجتمع الدولي غير مبال بما يحدث في غزة، ويرى أن الأزمة يمكن حلها ببعض المساعدات المالية، خصوصا أنه لا توجد أي خطة أو رؤية إسرائيلية أو عالمية لتقديم المعاملة الإنسانية للقطاع.

واستبعد أبو نصار حدوث تغيير جذري على المستوى القريب فيما يتعلق بتخفيف الحصار عن غزة، لافتا إلى أن إسرائيل في نهاية المطاف ستعمل على تقديم المسكنات للقطاع لإسكات آلامه لا لتحسين أوضاعه.

وفيما يتعلق بملف كورونا، يعتقد أبو نصار أن إسرائيل تخشى من انتشار الفيروس في القطاع، لما سيحمل هذا الأمر إحراجا لها أمام المجتمع الدولي كونها تتحمل المسؤولية عما يحدث به نتيجة إجراءاتها بحقه.

المصدر : الفرنسية