في ظهوره الأول منذ الانتخابات.. مقابلة فوكس تعكس عدم إلمام ترامب بقواعد السياسة الأميركية

ترامب خلال ممارسة لعبة الغولف في فرجينيا قبل يومين (الفرنسية)

ظهر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب مجددا على شبكة "فوكس" (FOX)، وكرر خلال ظهوره الأول على الشاشة منذ الانتخابات الرئاسية اتهاماته لخصومه بسرقة الانتخابات؛ إلا أنه أثبت خلال هذه المقابلة جهله للعديد من القواعد القانونية والدستورية.

وقبل ساعات من المقابلة، هاجم ترامب شبكة فوكس ووصفها بالأسوأ من حيث ضعف المشاهدة خلال نهار عطلة نهاية الأسبوع، معتبرا أنه من الأفضل أن يشاهد الناس محطتي "نيوز ماكس" (News max) و"وان أميركا" (One America) بدلا منها، كي لا يضطروا لمشاهدة مقابلاتها مع الديمقراطيين.

وخلال 45 دقيقة، تحدث ترامب مع المذيعة ماريا برتيرومو، التي لم توجه له أي سؤال صعب، ولم تشكك في ادعاءاته بتزوير نتائج الانتخابات، حيث كرر ترامب حديثه عن تآمر الديمقراطيين مع سلطات الولايات المحلية لسرقة الانتخابات.

الآلية السياسية
وخلال متابعتها للقاء ترامب، رصدت الجزيرة نت 3 نقاط تعرض لها ترامب، تكشف جهله للقواعد القانونية والدستورية التي تنظم الحياة السياسية الأميركية، وخاصة إجراء الانتخابات، وهي كما يلي:

أولا: دور المحكمة الدستورية العليا
قال ترامب لمذيعة شبكة فوكس "هل لك أن تتخيلي أن الرئيس الأميركي لا يستطيع أن يطعن في نتائج الانتخابات المزورة أمام المحكمة العليا؟ هل يمكن ذلك؟ لم يؤكد المحامون أنه يمكن الوصول للمحكمة العليا للنظر في الانتهاكات وعمليات التزوير الواسعة".

وذكر الرئيس السابق للحزب الجمهوري بولاية كاليفورنيا بيل نيريج للجزيرة نت أن المحكمة العليا لن تنظر في قضايا لا تتضمن توثيقا وتأكيدا لعمليات تزوير، حيث رفضت محكمة ولاية بنسلفانيا العليا كل الدعاوى بلغة واضحة تتضمن عدم وجود دلائل على وقوع تزوير.

وأضاف أن قرار المحكمة جاء حاسما، ولم يكن هناك أي انقسام بين قضاة المحكمة المحسوبين على الجمهوريين أو المحسوبين على الديمقراطيين.

تاريخيا، تنأى المحكمة العليا الأميركية عن التدخل في الانتخابات، وتعتبرها شأنا داخليا تختص به محاكم الولايات المختلفة أو مجالسها التشريعية.

ومثل تدخل المحكمة العليا في انتخابات عام 2000 بين الجمهوري جورج بوش الابن والديمقراطي آل غور حالة استثنائية في التاريخ الأميركي.

ثانيا: دور وزارة العدل ومكتب التحقيق الفدرالي
تضمن حديث ترامب توجيه انتقادات مباشرة لوزارة العدل ومكتب التحقيق الفدرالي "إف بي آي" (FBI) بسبب عدم تحركهما، وقال "إنهم قد يكونون متورطين في التزوير".

ودفع ذلك الحديث المعلق الجمهوري البارز بيل كريستول إلى القول إن ما ذكره ترامب يمثل خطوة خطيرة في تسييس مؤسسات فدرالية لا يجب أن تؤدي أي دور في المنافسة الانتخابية السياسية.

وأشار كريستول في تغريدة له إلى أن ما ادعاه ترامب قد يتطلب أن يخرج وزير العدل بيل بار ومدير مكتب التحقيق الفدرالي كريستوفر راي، للحديث وتفنيد ادعاءات ترامب.

ويطالب ترامب أن تتبنى وزارة العدل ومكتب التحقيق الفدرالي موقفه والتحقيق في الانتخابات بهدف قلب نتيجتها.

وعلى الرغم من موقف وزير العدل المدافع عن ترامب في العديد من القضايا؛ إلا أنه لا يمكن له أن يؤدي دورا في دعم ادعاءاته، حيث لا تؤدي الحكومة الفدرالية دورا على الإطلاق في عمليات الانتخابات الرئاسية، التي تسيطر على إجراءاتها وتضع كل ولاية قواعدها الخاصة.

ثالثا: العلاقة بحكام الولايات الجمهوريين
هاجم ترامب حاكم ولاية جورجيا الجمهوري بريان كيمب، وأعرب عن أسفه لعدم مواجهة الحاكم "للمؤامرات المتعلقة بالانتخابات".

وقال ترامب إن "كيمب لم يفعل شيئا على الإطلاق. أنا أشعر بالخجل لأنني أيدته في الانتخابات.. انظري لما يجري إنه أمر فظيع للغاية".

ودافع حاكم ولاية جورجيا الجمهوري عن نزاهة الانتخابات الرئاسية في جورجيا، حيث تقدم الرئيس المنتخب جو بايدن بأكثر من 12 ألف صوت فقط، ولم يلتفت كيمب إلى ادعاءات ترامب عندما قال إن "قضاة جورجيا يعقدون صفقات".

وصادقت جورجيا على فوز بايدن بأصوات الولاية الأسبوع الماضي، حيث وقع كيمب على ذلك قائلا إنه لن "يسمح لترامب بالمضي قدما في أي طعون قانونية"، كما فشل الفريق القانوني لترامب في تقديم أدلة على حدوث عمليات احتيال واسعة النطاق.

جدير بالذكر أن ولاية جورجيا ستشهد "انتخابات إعادة" على مقعدي مجلس الشيوخ بها في الخامس من الشهر القادم، وستحدد نتائجها هوية الحزب المسيطر على المجلس مع ضمان الجمهوريين 50 مقعدا وضمان الديمقراطيين 48 مقعدا.

استمرار الانقسام الأميركي
قال رئيس مؤسسة أوراسيا آيان بريمر في تغريدة له إن "بايدن فاز، وخسر ترامب الرئاسة؛ لكن الديمقراطيين لم يقنعوا البلاد بأنهم يملكون الحل لمشاكل أميركا.. إن الانتخابات التشريعية لمجلس الشيوخ ومجلس النواب وانتخابات الولاية المحلية توضح ذلك".

وعلى الرغم من فوز بايدن بانتخابات الرئاسة بحصوله على أصوات 80 مليون ناخب، مقابل حصول ترامب على أصوات 74 مليون ناخب، قلص الجمهوريون الفارق في مجلس النواب بصورة كبيرة، وهم يقتربون من ضمان الأغلبية في مجلس الشيوخ.

المصدر : الجزيرة