تحالفات ما قبل الانتخابات.. هل تُغير موازين القوى في تونس؟
محمد علي لطيفي–تونس
قبيل أشهر قليلة من موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تونس، تسارع الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها إلى عقد تحالفات استباقية للظفر بكرسي الرئاسة أو تحقيق أكبر حصيلة من المقاعد البرلمانية.
تحالفات بدأت تتسارع خطواتها أكثر بالتزامن مع إعلان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بافون انطلاق مسار العملية الانتخابية بداية الأسبوع الجاري.
وتحاول الأحزاب السياسية عبر تلك التحالفات إعادة حساباتها لدى الكتل السياسية الكبرى في البرلمان، لتجاوز الانشقاقات أو المشاكل التي عرفتها.
وتبحث القيادات الحزبية عن موطئ قدم في الخريطة السياسية حيث تزايد مؤخرا نسق المشاورات السياسية بينها، تبعا للقوّة المُؤثرة لكل حزب ونوع العلاقات بينها.
خطوة مفاجئة
وفي خطوة مفاجئة، اجتمع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مع المدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قايد السبسي نجل الرئيس الباجي قايد السبسي، بعد قطيعة دامت سنة كاملة منذ إعلان النهضة رفضها المساس بملف حكومة يوسف الشاهد وإسقاطها، الأمر الذي رفضه نداء تونس.
واعتبر مراقبون هذا اللقاء محاولة من نجل الرئيس الاستنجاد بالنهضة للخروج من الأزمة بعودته للتوافق السياسي في ظل رياح الانشقاقات التي تعصف ببيت نداء تونس الداخلي.
وقال القيادي في حركة النهضة علي العريض إن هذه المشاورات تهدف إلى توسيع دائرة الحوار، معتبرا أن خيار النهضة لتحالف سياسي في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها نهاية 2019، يبقى واردا وفقا لما تقتضيه المرحلة السياسية.
وأشار العريض في حديثه للجزيرة نت إلى أن حركة النهضة ستحافظ على موقفها بالترشح في كل الدوائر الانتخابية بقائمات حزبية باسم الحركة كما جرت العادة، موضحا أنها قد تدعم مرشحا سياسيا في الانتخابات الرئاسية أو ترشّح اسما يتم التوافق عليه مسبقا، وفقا لتقديرات مجلس الشورى.
في سياق متصل، قال الناطق الرسمي لنداء تونس منجي الحرباوي إن لقاء الغنوشي وقايد السبسي كان مجرد لقاء عادي لا يندرج ضمن البحث عن توافق سياسي، مضيفا للجزيرة نت أن التوافق انتهى دون رجعة، وأن العلاقة بين النهضة والنداء هي علاقة تنافسية.
مشاورات وخلافات
من جهته، يقود حزب يوسف الشاهد "تحيا تونس" مشاورات ولقاءات لمّ شمل ما توصف بالعائلة الوسطية من أجل حصد أكبر قدر من المقاعد بالانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وفي هذا السياق، يقول القيادي في حزب "تحيا تونس" مصطفى بن أحمد إن هناك مشاورات متواصلة مع العديد من الأحزاب الوسطية كـ"مشروع تونس" والقيادات المستقيلة من نداء تونس، مشددا في حديثه للجزيرة نت على أن حزب "تحيا تونس" يعوّل على برنامجه السياسي في المحطة الانتخابية القادمة، وأن الباب مفتوح للتحالف.
الجبهة الشعبية
من جهة أخرى، تشهد الجبهة الشعبية (تكتل لأحزاب يسارية وقومية) وهي من أشد معارضي الحكومة، خلافات داخلية بسبب الصراع القائم بين الناطق الرسمي باسمها حمة الهمامي والنائب منجي الرحوي حول المرشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما اعتبره متابعون تهديدا لتماسك الجبهة.
في المقابل، يرى القيادي في الجبهة الشعبية والنائب مراد الحمادي أن هذا الاختلاف في المواقف نتاج للديمقراطية السياسية داخل الجبهة، ولن يزيدها إلا تماسكا وانتشارا من أجل بناء حلم اليسار الكبير.
ويؤكد الحمادي للجزيرة نت أن الجبهة قدّمت مبادرة لحزب الجمهوري والتحالف الديمقراطي في وقت سابق من أجل الالتقاء على برنامج سياسي يضم الأحزاب التقدمية المناضلة، على حد تعبيره.
تحالفات عابرة
وتبقى هذه التحالفات الحزبية التي تُعتبر ضرورة سياسية تمليها حسابات المرحلة السياسية والانتخابية، هشةً ولا تخضع لمنطق المرجعيات الأيديولوجية والبرامج الانتخابية، كما يذهب إلى ذلك المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي.
ويرى الجورشي أن أزمة التحالفات الحزبية ليست إلا نتيجة طبيعية واضطرارا من الأحزاب الضعيفة للظفر بمقعد أو مقعدين في البرلمان، معتبرا أن انعكاس أزمة الفاعل السياسي على طبيعة التحالفات أدى في نهاية المطاف إلى تبلور تحالفات غير طبيعية مبنية على أسس غير سليمة، منها ما يرتبط بالإغراءات.
من جهته، يرجح الإعلامي عبد الجبار المدوري وجود جبهات وتحالفات تلوح في الأفق، وتتمثل بالأساس في التحالف الذي يقوده الشاهد وحزبه الجديد مع الأحزاب الوسطية، وسط صراع مع حزب نداء تونس، وتحالف ثان لأحزاب اليسار تحت لافتة الجبهة الشعبية، وتحالف آخر يمكن أن تقوده حركة النهضة مع بعض الأحزاب الإسلامية.
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن تحالف الأحزاب الدستورية هو تحالف افتراضي يمليه حنين للعودة إلى مربع الدكتاتورية ونهايته الفشل.
ووفق الهيئة المستقلة للانتخابات، فإن الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية ستكون في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في حين تجري الدورة الثانية في غضون أسبوعين من تاريخ إجراء الأولى.