فورين بوليسي: إسبانيا عرفت الإرهاب منذ فترة طويلة

قالت وسائل إعلام إسبانية إن شخصين على الأقل قــُــتلا عندما دهست حافلة عشرات الأشخاص وسط مدينة برشلونة.
مسرح عملية الدعس التي وقعت في برشلونة الخميس الماضي (الجزيرة)
تناولت مجلة فورين بوليسي حادثة الدعس التي وقعت في برشلونة مؤخرا من منظور تاريخي قائلة إنه رغم وجود إسبانيا على المحيط الخارجي لأوروبا فإنها مركزية لـ"الجهاد الحديث".

وأشار الكاتب جيمس بادكوك إلى أن إسبانيا حتى الأسبوع الماضي كانت بعيدة عن موجة الهجمات "الإرهابية الجهادية" التي وقعت في غرب أوروبا مؤخرا، وفي حين أن دولا مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا منيت بهجمات متعددة ادعى تنظيم الدولة مسؤوليته عنها، نجت إسبانيا من هذه الهجمات، أو هكذا بدا الأمر، إلى أن وقعت حادثة الدعس يوم الخميس الماضي في مدينة برشلونة التي قتل فيها العديد من السياح وأصيب العشرات وادعى التنظيم مسؤوليته عن الهجوم.

وقال بادكوك إن إسبانيا عرفت الإرهاب منذ فترة طويلة، ولكن طوال معظم القرن العشرين كانت منظمة إيتا الإسبانية الانفصالية هي التي ترتكب أعمال العنف في الأساس.

انتقلت إسبانيا في نهاية المطاف من قاعدة عمليات إلى هدف بعد عام 2003، عندما شاركت الحكومة آنذاك في حرب العراق ضد رأي أغلبية الشعب، بتفجير قطارات الركاب في مدريد في 11 مارس/آذار عام 2004

ولكن في أواخر التسعينيات أصبحت البلاد إحدى القواعد الأساسية لتنظيم القاعدة في أوروبا الغربية، جزئيا نتيجة لهذا التركيز على منظمة إيتا التي امتصت موارد مكافحة الإرهاب في الدولة، وإلى حد ما نتيجة موقع إسبانيا الجغرافي كمركز بين شمال أفريقيا وأوروبا ومنها إلى الولايات المتحدة، حيث رأت الجماعة في إسبانيا قاعدة لوجستية في الأساس نظرا لكونها مكانا سهلا نسبيا لإيواء "الجهاديين" ووضع الخطط.

تنظيم القاعدة
ثم انتقلت إسبانيا في نهاية المطاف من قاعدة عمليات إلى هدف بعد عام 2003، عندما شاركت الحكومة آنذاك في حرب العراق ضد رأي أغلبية الشعب، بتفجير قطارات الركاب في مدريد في 11 مارس/آذار عام 2004، الذي راح ضحيته 192 شخصا، الأمر الذي نبه السلطات الإسبانية إلى الحرية المنذرة بالخطر التي مكنت "الجهاديين" الذين لهم صلات بتنظيم القاعدة من التحرك داخل البلاد وتشكيل الخلايا.

ومنذ ذلك الحين كثفت الأجهزة الأمنية الإسبانية عدد العاملين فيها وانتهج المسؤولون أسلوب التدخل المبكر، بعكس أوروبا، كلما أمكن عندما كانوا يتلقون أي معلومة عن مؤامرات إرهابية محتملة ومن ثم يحبطون خلاياها قبل تشكلها. وهكذا تجنبت إسبانيا بنجاح أي خسارة بشرية على أرضها من الهجمات "الإرهابية" التي كانت تقع في الدول الأوروبية الأخرى.

واستعرض الكاتب بعض خطط تنظيم الدولة التي كان يروجها عبر مواقعه الإلكترونية لإغراء وتجنيد متطوعين جدد لمهاجمة إسبانيا و"تحرير" المدن الإسلامية القديمة أيام الحضارة الإسلامية في الأندلس.

ورأى الكاتب أن سجل نجاح قوات الأمن الإسبانية في اكتشاف التهديدات بسرعة ربما جنبها فظاعات أسوأ في برشلونة، وأضاف أن السرعة الكبيرة التي أنجزت بها قوات الأمن العملية الأخيرة ربما أدت إلى فشل التنظيم في هدفه النهائي المتمثل في شن هجمات بالقنابل على المواقع السياحية الهامة في برشلونة. وأردف بأن الهجوم يؤكد أن الجهود الأمنية لا يمكن أن تضمن أبدا النجاح المطلق.

وختم مقاله بأن مجتمع إسبانيا المغربي يتألف أساسا من الجيل الأول من البالغين وأن أطفالهم بدؤوا يشبون في مجتمع يقدم القليل من النماذج الإسلامية في الحياة العامة، رغم أنه متسامح في عمومه. ولا يأتي عضو واحد من أعضاء الهيئات التشريعية الإقليمية والوطنية الـ19 في البلد من هذا المجتمع. وبالطبع، الكثير يتوقف على التطورات الجيوسياسية خارج إسبانيا. ولكن السياسة الأمنية المثلى ينبغي أن تشمل التركيز على المساواة واحترام جميع الإسبان.

المصدر : فورين بوليسي