إيكونوميست: أميركا لم تعد عامل استقرار بالخليج

Abu Dhabi's Crown Prince Sheikh Mohammed bin Zayed al-Nahyan meets with U.S. President Donald Trump in the Oval Office at the White House in Washington, U.S. May 15, 2017. REUTERS/Kevin Lamarque
محمد بن زايد (يسار) وترمب بالبيت الأبيض 15 مايو/أيار (رويترز)

قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن وضع قطر في القائمة السوداء مؤشر على الفوضى بالعالم الجديد للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي ذهب إلى حد تبني أهداف السعودية في سياسته الخارجية.

وأضافت أن ترمب بدا وكأنه يشارك الرياض رؤيتها في أن أكبر الممولين "للإرهاب" في الشرق الأوسط هي دولة قطر، وأنه هلل عندما أعلنت السعودية والإمارات والبحرين قطع علاقاتها بالدوحة وأمهلت المواطنين القطريين 14 يوما فقط لمغادرة أراضيها.

وسخرت المجلة من عبارة ترمب التي قال فيها "بالطبع ستكون هذه المقاطعة لقطر بداية النهاية لفظائع الإرهاب" متسائلة عما إذا كان ترمب يعني القرار السخيف الذي أعلنته الإمارات بسجن من يعبر عن تعاطفه مع الدوحة 15 عاما.

لقطر أهمية عالمية
ومضت المجلة تقول إن قطر ورغم صغر مساحتها فإن لها أهمية عالية على المستوى العالمي، فهي أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، كما أنها أحد المحاور الرئيسية للطيران المدني عالميا، وهي التي تستضيف شبكة الجزيرة الإعلامية "التي تُعتبر أكثر وسائل الإعلام بالشرق الأوسط بعدا عن الرقابة". كما أشارت إلى احتفاظها بعلاقات مع إيران وإلى دعمها لأكثر أشكال الإسلام السياسي شعبية في الشرق الأوسط، أي حركة الإخوان المسلمين.

كل ما تتمتع به قطر أثار كراهية السعودية التي سعت كثيرا في الماضي إلى لي ذراع الدوحة وكسر إرادتها، لكنها لم تحصد إلا الفشل

وأشارت إلى أن كل هذا الذي تتمتع به قطر أثار كراهية السعودية التي سعت كثيرا في الماضي إلى لي ذراع الدوحة وكسر إرادتها، لكنها لم تحصد إلا الفشل.

وذكرت إيكونوميست أن قطر تستضيف قاعدة أميركية جوية كبيرة جعلتها آمنة حتى الآن، لكن ومع وجود ترمب فلا أحد على يقين من استمرار هذا الشعور.

وأشارت إلى أن وضع قطر على القائمة السوداء لا تدعمه أي أسباب ملموسة. وأضافت أن هناك كثيرا من الثرثرة حول أن أثرياء قطر يمولون "الإرهاب" وأن هذا الاتهام -الذي يسري أيضا على أثرياء السعودية- لم يُبرهن عليه حتى الآن.

انقسام
ما جرى بالخليج مؤخرا (تقول المجلة) أحدث انقساما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يُعتبر إلى ما قبل الأزمة عامل استقرار بالمنطقة، وربما يدفع قطر والكويت وسلطنة عمان إلى أحضان إيران. ولم تستبعد المجلة أن تهدأ الخواطر في نهاية الأمر، لكنها قالت إن بعض المراقبين يخشون من أن يكون ثمن ذلك تكميم أفواه الإعلام.

واعتبرت إيكونوميست أيضا أن دعم ترمب للسعودية يضر بمصداقية أميركا، لأن هذا الدعم يشير إلى أن القوة العظمى تحت إدارته يمكنها أن تتخلى عن حلفائها عقب جلسة قصيرة من الدردشة مع خصومهم، وأوردت ما قاله ترمب في إحدى تغريداته غير الواعية "خلال زيارتي الأخيرة للشرق الأوسط قلتُ إن تمويل الأيديولوجيا المتطرفة يجب أن يتوقف. وأشار القادة إلى قطر. انظر!".

وأشارت إلى أن عقلاء السياسة الخارجية الذين لا يزالون يعملون بإدارة ترمب هرعوا فور ظهور تلك التغريدة للتقليل من شأن الكلمات غير الدبلوماسية وتهدئة الخواطر، الأمر الذي دفع ترمب في اليوم التالي إلى عرض خدماته كوسيط.

هناك كثير من الثرثرة حول أن أثرياء قطر يمولون الإرهاب، وهذا الاتهام الذي يسري أيضا على أثرياء السعودية، لم يُبرهن عليه حتى الآن

"طاغية" مصر
ولكي تدلل على قولها إن كل شيء يمكنه أن يحدث دون اعتراض من أميركا حاليا، اختتمت المجلة مقالها بالإشارة إلى ما فعله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قائلة إن هذا الرئيس الطاغية فهم هو الآخر أن الرئيس الأميركي الجديد لن يعترض على قمعه لمعارضيه.

ففي يوم 23 من الشهر الماضي، عقب يومين من لقاء ترمب بالسيسي في الرياض وإشادتهما ببعضهما اعتقل الأخير معارضا محتملا بزعم أنه أشار بيده إشارة غير مناسبة خلال مهرجان قبل خمسة أشهر.

وفي يوم 25 من الشهر الماضي أيضا حظر السيسي مواقع "مدى مصر" الصحيفة الليبرالية الرئيسية بالبلاد وعشرين موقعا إعلاميا آخر بما فيها "شبكة الجزيرة" و"هاف بوست عربي".

وفي البحرين (قالت المجلة) إن السلطات قتلت خمسة معارضين واعتقلت 286 آخرين في مداهمة لأحد منازل رجال الدين الشيعة، ثم قامت بحل حزب علماني رئيسي.

واختتمت مقالها بأن أميركا كانت في السابق تبدي اعتراضها على الأقل على كل ما حدث، لكنها لم تعد تعترض حاليا، وهذا من شأنه أن يكون عامل عدم استقرار بالشرق الأوسط.

المصدر : إيكونوميست