السعودية والإمارات.. وداعا لعالم من دون ضرائب

أعلنت وزارة المالية العُمانية تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة حتى عام ألفين وتسعة عشر.
ليزيكو: فرض الضرائب يتطلب وجود برلمان منتخب لمراقبة كيفية صرف الأموال (الجزيرة)

إنه حقا "انفجار ضريبي عظيم" ذلك الذي ستشهده السعودية والإمارات وهما تطبقان ضريبة القيمة المضافة مع بداية العام 2018، هكذا وصفت صحيفة ليزيكو الخطوة السعودية الإماراتية التي تستهدف التغلب على تداعيات انخفاض العائدات النفطية بعد انهيار أسعار هذه السلعة بشكل حاد منذ عام 2015.

وهو ما يمهد إلى "نهاية عالم من دون ضرائب بالخليج العربي"، حسب تعبير صحيفة لوموند، فالإصلاح الضريبي المرتقب يمثل قطيعة مع ماض ظلت فيه الضرائب لمدة طويلة شبه معدومة في هذه البلدان التي تستمد معظم عائداتها من المنتجات النفطية.

إذ يبدو أن نهاية عصر البرميل بمئة دولار قد جعل حدا لدولة "الرفاهية" ودفع دول الخليج لاتخاذ تدابير تقشفية توفر لها موارد جديدة للمال.

وحسب شركة ديلويت، فإن هذا الإجراء يمثل "التغيير الاجتماعي والاقتصادي الأكثر إثارة وطموحا في المنطقة منذ اكتشاف النفط" في القرن الماضي.

وهو ما يتفق مع طرح الخبيرة في شركة برايس ووترهاوس كوبرز للاستشارات في الشرق الأوسط جانين داو، التي ترى أن هذه الخطوة تمثل "تغييرا جوهريا في المنطقة، سيشكل مصدرا مهما للدخل حتى لو لم يكن كافيا، من حيث القيمة المطلقة، للتغلب على بعض أوجه العجز المالي" التي تفاقمت بشكل خطير مع انخفاض أسعار النفط، ففي المملكة العربية السعودية مثلا سجلت الحسابات العامة التي كان فائضها مريحا حتى العام 2013، انخفاضا حادا دخل المنطقة الحمراء، وصل لحد 17.2% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2016.

مرحلة أولى
وترى لوموند أن ميزانية السعودية لعام 2018 التي أعلن عنها مؤخرا تنم عن قلق بخصوص مسألة التوازن المالي، فانخفاض الأسعار والتقشف وضعف القطاع الخاص أدت كلها إلى دفع أكبر مصدر للنفط في العالم إلى الركود.

لكن بدلا من الاعتماد على احتياطاتها المالية المريحة وانتظار أيام أفضل، آثرت هذه البلدان، وبتشجيع قوي من صندوق النقد الدولي، تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وهي ضريبة غير مباشرة تطبق بالفعل في حوالي 170 دولة عبر العالم.

غير أن مثل هذا الإجراء ينطوي على مخاطر للأنظمة الحاكمة التي اكتسبت شرعيتها من إعادة توزيع واسعة للعائدات النفطية، على حد تعبير لوموند.

وبالنسبة لتأثير هذه الضريبة على سكان البلدان المذكورة، تقول لوموند إن المتضرر الأكبر من ارتفاع الأسعار هم العمال الأجانب من ذوي الأجور المنخفضة وهم المنحدرون في الأساس من باكستان أو الهند أو الفلبين.

وقد أعلنت هذه الدول عن بعض الإجراءات للتخفيف من هذه الضرائب على سكانها من ذوي الدخل المحدود، كما استثنت بعض القطاعات الخدمية من تطبيقها، الذي قال الخبراء إنه سيمثل تحديا آخر كبيرا لهذه الدول لأسباب عدة من بينها عدم شفافية الحسابات.

وحسب ليزيكو فإن هذه الضريبة قد لا تكون سوى مرحلة أولى في سلسلة من الضرائب الأخرى قد تشمل ضريبة على الراتب، وهو ما قالت إن وزير المالية الإماراتي لمّح إليه حين قال قبل أيام إن بلاده تدرس "خيارات ضريبية أخرى".

وتعليقا على هذه الخطوة، نقلت الصحيفة عن رئيس شركة الأبحاث الكويتية "الشال" جاسم السعدون قوله إن نجاح الإصلاح يعني أن "الناس مقتنعون بأن الأموال ستستخدم للتنمية وليس للفساد"، وعلقت ليزيكو على ذلك بقولها "من الناحية التاريخية، فإن ثمن قبول الناس فرض الضرائب عليهم هو إعطاؤهم الحق في السيطرة على طرق استخدام تلك الأموال من خلال برلمان منتخب".

التطبيق والتأجيل
في البداية، تم اتخاذ قرار فرض ضريبة القيمة المضافة على مستوى جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وأيضا البحرين والكويت وعمان وقطر) وذلك خلال اجتماع سابق لقادة هذه الدول.

ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن الدول الخليجية الأخرى ستتبع السعودية والإمارات في تطبيق هذه السياسة الضريبية الجديدة حالما تكون جاهزة لذلك، وربما يكون ذلك في وقت مبكر من العام 2018.

ولكن الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت في الصيف، وما نتج عنها من حصار السعودية والإمارات والبحرين لدولة قطر قوّض هذه الديناميكية الجماعية.

المصدر : الصحافة الفرنسية