الروهينغا.. تعددت القصص والمأساة واحدة
ونقلت مراسلة الصحيفة بمخيمات الروهينغا في بنغلاديش كيف عاش بعض هؤلاء رعب عمليات الإعدام الجماعي والاغتصاب والإخفاء وحرق الممتلكات، فضلا عن رحلتهم الشاقة إلى هذه المخيمات.
فهذا سيد كريم، الرجل النحيل الخجول الذي لم يتجاوز 30 عاما وإن كان يبدو في الخمسين، يصف كيف نجا هو وأطفاله من المجزرة المروعة التي تعرضت لها قريتهم في 29 أغسطس/آب، وكيف مشى هو وأطفاله الخمسة عبر حقول الأرز والغابات الكثيفة حتى وصلوا في 6 أكتوبر/تشرين الأول الحالي إلى مخيمات بنغلاديش.
يقول كريم "أحاطوا بقريتنا مارولا من كل جانب، واستمروا يومين كاملين في قتل الناس وحرق البيوت، ونقلوا الحسناوات إلى معسكراتهم، ولم يعد منهن سوى القليل".
لم تتمكن زوجة كريم من قطع الكيلومترين الأخيرين من الطريق، إذ جاءها المخاض فأسلمت الروح لبارئها خلال وضعها طفلا ميتا.
أما محمد شويب ففقد في يوم واحد (29 أغسطس/آب) 32 فردا من عائلته، وقد رأى بأم عينيه الجنود يقتلون السجناء واحدا تلو الآخر، ومن لم يمت في الحال جزت رقبته.
وبسبب الحياء والعادات الإسلامية، ترفض العديد من النساء الحديث عما تعرضن له من اغتصاب، لكن صفية (15 عاما) واحدة من عدد قليل قبلن الحديث عن المحنة التي تعرضن لها.
تغطي الحروق أجزاء كبيرة من جسد هذه الفتاة التي تقول إن الجنود جمعوا كل سكان القرية وبدؤوا يطلقون عليهم النار واحدا تلو الآخر، قبل أن يأتي البوذيون ويقطعوا رقابهم. في تلك الأثناء أخذ الجنود مجموعة من النساء إلى الخارج، "بعدها كان دوري أنا وخمس نسوة أخريات بعضهن كن يحملن أطفالهن".
وتضيف ".. أدخلوني غرفة وضربني أحدهم بساطور على رأسي، ولم أفق إلا على النيران تلتهم كل شيء، فاضطررت إلى الفرار فوق جثث النساء وعبر لهيب النيران، قبل أن أجد من حملني إلى أن وصلت المخيمات".
تفريغ بورما من الروهينغا
تعددت القصص وتشابهت المآسي كما تؤكد المراسلة لورانس دفرانو وهي تجوب مستشفيات فاضت بأناس تعرضوا لأبشع أنواع الوحشية، مما يعني أن الأوامر التي صدرت كانت واضحة وهي: "تخليص بورما الغربية من جميع سكانها الروهينغا"، على حد تعبيرها.
ما يتعرض له الروهينغا هو "تطهير عرقي" وفقا للأمم المتحدة، وهذا أقل ما يمكن أن يوصف به، إذ فر حتى الآن ما يزيد على خمسمئة ألف من الروهينغا من أصل مليون تقريبا.
وتلفت دفرانو إلى أن اللاجئين الأولين الذين وصلوا في أواخر أغسطس/آب الماضي كانوا في الأساس من أسر ميسورة الحال، أحس أفرادها بالخطر مبكرا فدفعوا مبالغ للمهربين مقابل إيصالهم إلى المخيمات.
لكن مجموعات أخرى كثيرة من الأشخاص تقطعت بهم السبل لعجزهم عن دفع ما يتطلبه النزوح، والأنباء المتواترة تبعث على القلق على مصيرهم، إذ إن السلطات البورمية تحرم الآن عشرات الآلاف من الروهينغا من المساعدات الغذائية، لتكمل أجندتها بطريقة جديدة وهي التجويع بدل السلاح والنار.