المقدسي محمود عيسى.. أخطر الأسرى بالعزل الانفرادي

انتصار عيسى تحمل صورة شقيقها محمود عيسى أحد أقدم الأسرى المقدسيين.jpg
انتصار عيسى تحمل صورة شقيقها الأسير (الجزيرة)

ميرفت صادق-رام الله

 

ثلاثة وعشرون عاما لم تكف خلالها الحاجة عائشة من عناتا شمال القدس، عن عادتها حيث تصحو فجرا تتلمس صورة ابنها الأسير محمود عيسى المثبتة في شرفة المنزل، ثم تقبلها وتدعو له بالإفراج.

ورغم السنوات الطويلة التي مر أكثر من نصفها وهو في العزل الانفرادي، لم يغادر الأمل بتحريره والدته وأشقاءه الذين حرموا من زيارته.

اعتقل محمود عيسى (48 عاما) في يونيو/ حزيران 1993 ويعد اليوم أحد أقدم الأسرى المقدسيين، وواحدا من ثلاثين أسيرا اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاق أوسلو.

وألقي القبض على عيسى رفقة زملائه الثلاثة ماجد أبو قطيش وموسى عكاري ومحمود عطون، بتهمة بتشكيل أول خلية عسكرية لـ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القدس، واتهمت بالتخطيط لتحرير الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، وكان حينذاك معتقلا في سجون الاحتلال.

خطف ضابط
ونفذت الخلية قبل اعتقالها واحدة من أشهر عمليات أسر الجنود الإسرائيليين في تاريخ المقاومة الفلسطينية، حيث تمكنت من اختطاف الضابط نسيم توليدانو قرب مدينة اللد يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول 1992، وطالبوا بالإفراج عن الشيخ ياسين مقابل تسليمه.

ورفض الاحتلال الاستجابة لمطلبهم فقتل الضابط، وتبع ذلك حملة شرسة على حركتي حماس والجهاد الإسلامي، أدت إلى إبعاد أكثر من أربعمئة فلسطيني إلى جنوب لبنان، واعتقل عيسى وخليته بعد ستة شهور من العملية، وحكم عليه بالسجن المؤبد ثلاث مرات و46 عاما.

وتذكر شقيقته انتصار عن يوم اعتقاله أنها المرة الأولى التي اجتمع فيها الكنيست يوم السبت، وأعلن عن اعتقال أخطر خلية في شرق القدس.

استمر التحقيق مع عيسى وخليته لأكثر من شهرين بعد اعتقالهم، لكنه لم يقدم اعترافا للمحققين وكان يرفع شعار "الاعتراف خيانة" ودفع مقابل ذلك فترات طويلة في العزل الانفرادي، وذكرت والدته عندما زارته أنه تعرض لكافة أشكال التعذيب من الشبح والضرب والمنع من النوم.

الأسير عيسى اتهم باختطاف ضابط اسرائيلي من أجل تحرير الشيخ أحمد ياسين (الجزيرة)
الأسير عيسى اتهم باختطاف ضابط اسرائيلي من أجل تحرير الشيخ أحمد ياسين (الجزيرة)

سنوات العزل
تعرض عيسى للعزل الانفرادي عدة أشهر بعد اعتقاله عام 1993، ثم أعيد إلى العزل الانفرادي مدة شهرين عام 1996 بتهمة التخطيط لمحاولة هرب عن طريق حفر نفق تحت سجن عسقلان.

وفي عام 1998، تعرض للعزل من جديد بعد إعادته للتحقيق، واتهمه الاحتلال بالمشاركة في قتل مستوطن قبل عملية الشيخ ياسين، وعزل لعامين متتالين.

وفي عام 2002، أعيد عيسى للتحقيق، وأضيف إلى حكمه ست سنوات بتهمة التواصل مع قيادة حماس بالخارج والمشاركة في تنظيم شباب للمقاومة، وقضى على إثر ذلك عشر سنوات بالعزل، كما اعتقلت والدته للضغط عليه من أجل الاعتراف.

وبعد الإضراب الكبير الذي خاضه الأسرى الفلسطينيون في مايو/ أيار 2012 ضد العزل الانفرادي، أخرج عيسى من عزله، وتقول شقيقته إن تجربة العزل لم تفت في عضده.

كتب من تأليف الأسير محمود عيسى (الجزيرة)
كتب من تأليف الأسير محمود عيسى (الجزيرة)

آمال بالإفراج
وفي نهاية عام 2011، أفرج الاحتلال عن أفراد خليته في صفقة تبادل الأسرى مقابل الجندي جلعاد شاليط، وحينها عاشت العائلة أكبر أمل بتحريره، وعرفت لاحقا أن اسمه كاد يعيق الصفقة كاملة بسبب رفض الاحتلال الإفراج عنه تحت أي ظرف "لخطورته" وفق تصريح القيادي في حركته صالح العاروري.

وتجدد الأمل قليلا مع بدء الإفراجات عن الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاق أوسلو نهاية عام 2013، لكنه هذه المرة أيضا أُخر إلى القائمة الأخيرة التي رفض الاحتلال الإفراج عنها.

ومنذ سنوات اعتقاله الأولى، انشغل عيسى بالقراءة حيث عمل صحفيا في السابق، وصدر له مؤخرا كتاب "السياسة بين الواقعية والشرعية: دراسة نقدية لكتاب الأمير لمكيافيلي" عن دار الثقافة في بيروت.

وأصدر خلال عزله ثلاثة كتب هي: "تأملات قرآنية"، وسلسلة "وفاء وغدر" و"حكاية صابر" التي اعتبرت سيرته الذاتية، أما أول كتبه فكان "المقاومة بين النظرية والتطبيق" نهاية التسعينيات.

المصدر : الجزيرة