%40 من أطفال المدن العالية الضوضاء والملوثة يصابون بالسمنة المفرطة

كشفت منظمة الصحة العالمية عن أن نحو 93% من أطفال العالم ممن تقل أعمارهم عن 15 سنة (1.8 مليار طفل) يتنفسون هواء ملوثا كل يوم مما يعرّض صحتهم ونموهم لخطر شديد.

سمنة الأطفال
الوضع الاجتماعي والاقتصادي يضطلع بدور مهم في العلاقة بين البيئة الحضرية والسمنة لدى الأطفال (شترستوك)

أظهرت تقارير لمنظمة الصحة العالمية أن معدلات السمنة في العالم قد زادت بنحو 3 أضعاف، خلال 4 عقود (من 1975 إلى 2016) كما ارتفعت النسبة بين الأطفال والمراهقين (من 5 أعوام إلى 19 عاما) إلى 10 أمثالها في الفترة نفسها.

ففي حين كانت نسبة الأطفال السمان لا تتجاوز 1‏% في عام 1975‏، أصيب 124 مليون طفل (6‏% من الإناث و8‏%‏ من الذكور) بالسمنة في عام 2016، ليصبحوا أكثر من 150 مليونا، اعتبارا من عام 2019، وهو العدد الذي تشير تقديرات مؤسسة سمنة الأطفال الكندية إلى أنه سيزيد إلى 206 ملايين بحلول عام 2025.

ومن بين الأسباب التي ذكرتها منظمة الصحة العالمية لتنامي الظاهرة على الصعيد العالمي -بخلاف الأسباب المباشرة كزيادة تناول السعرات الحرارية والدهون والسكر المفرط الموجود في المشروبات الغازية- جاءت على رأس الأسباب زيادة الخمول البدني، بسبب سهولة أداء العديد من أشكال النشاط اليومي، وتوفر وسائل النقل، فضلا عن "زيادة التوسع الحضري"، وهو السبب الذي تتفرد الدراسة الجديدة بالتركيز عليه.

 مستويات وبائية من سمنة الأطفال

والسمنة بوجه عام هي اضطراب تسهم البيئة ونمط الحياة بأدوار محورية في انتشاره. ويصنف الأطفال بأنهم سمان إذا كانت نسبة الدهون في الجسم 25% على الأقل لدى الذكور، و30% لدى الإناث.

وقد أفادت دراسة نُشرت في عام 2015 بأن سمنة الأطفال بلغت "مستويات وبائية" في جميع البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، بخاصة في المناطق الحضرية.

فبعد أن كان أغلب الأطفال يمشون أو يركبون دراجاتهم إلى المدرسة، وجدت دراسة أن 53% من الآباء يصطحبون أطفالهم إلى المدرسة بسياراتهم، وذلك يقلل نشاطهم البدني.

وحذرت الدراسة من أن "زيادة الوزن والسمنة في مرحلة الطفولة لها تأثير كبير في الصحة الجسدية والنفسية، ومن المرجح أن تنتقل مع الأطفال إلى مرحلة البلوغ، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكري في سن أصغر".

وكشف بحث أعدّه مركز كليفلاند كلينك "أن 40% من طلاب الصف الخامس، و26% من أطفال الحضانة، في 15 ضاحية في كليفلاند، يعانون السمنة"، وحذرت الدكتورة كريستين كارتر- كينت، المشاركة في البحث، من أن "الأطفال الذين يعانون السمنة هم أكثر عرضة لارتفاع الكوليسترول وأمراض الكبد الدهنية، وارتفاع ضغط الدم، ومشاكل العظام والمفاصل، والمشاكل الاجتماعية والنفسية التي تنتج عن المضايقة وضعف الثقة بالنفس".

تأثير زيادة التوسع الحضري

وظلت الدراسات المعنية بتقييم تأثير زيادة التوسع الحضري في سلوكات الأطفال شحيحة رغم أهميتها في فهم العلاقة بين البيئة وخطر السمنة لدى الأطفال، وأيضا في مساعدة الخبراء على تطوير البرامج اللازمة لتعزيز السلوكات الصحية، لمواجهة ومعالجة السمنة.

حتى جاءت هذه الدراسة، لتتعمق في الكشف عن تأثير جميع العوامل البيئية الرئيسة المؤثرة في وزن الأطفال، كمطاعم الوجبات السريعة، والحدائق، ووسائل النقل العام، وذلك من خلال قيام خبراء من معهد برشلونة للصحة العالمية (isglobal) والمعهد الجامعي لأبحاث الرعاية الأولية (idiapjgol) بفحص أنماط الصحة والنظام الغذائي لدى 2213 طفلا تراوح أعمارهم بين 9 و12 سنة، في ساباديل، بالقرب من برشلونة بإسبانيا.

مدى مسؤولية تلوث الهواء

واكتشف الخبراء أن 40% من الأطفال الذين يعيشون في المدينة يعانون السمنة، وأوضح جيرون دي بونت، قائد فريق البحث، أن "زيادة تلوث الهواء وحركة المرور والضوضاء رفعت احتمال إصابة الأطفال بالسمنة".

وأشار الفريق إلى أن تلوث الهواء قد يكون هو العامل الأكبر تأثيرا، لتسببه في الالتهاب أو الإجهاد التأكسدي، واضطراب الهرمونات، والسمنة الحشوية (سمنة محيط الخصر)، إلى جانب ما تسببه الضوضاء من اضطرابات في النوم، وزيادة في هرمونات التوتر، وذلك قد يزيد خطر السمنة.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد كشفت عن أن "نحو 93% من أطفال العالم ممن تقل أعمارهم عن 15 سنة (1.8 مليار طفل) يتنفسون هواء ملوثا كل يوم مما يعرّض صحتهم ونموهم لخطر شديد" كما أظهرت دراسة حديثة أن "تلوث الهواء قد يرتبط بزيادة سمنة الأطفال".

وتتبع فريق البحث تأثير تلوث الهواء المحيط، ونسبة المساحات الخضر، وكثافة مطاعم الوجبات السريعة، وحركة المرور وما تُحدثه من ضوضاء على الطرق، ثم بحثوا في السلوكات المرتبطة بالوزن، كتناول الوجبات الجاهزة، والمشروبات المحلاة بالسكر، والنشاط البدني، ومدة النوم، ومستوى المعيشة.

ولاحظوا أن اجتماع العوامل السابقة مع كثرة مطاعم الوجبات السريعة في منطقة ما "يوفر البيئة التي تُحفز استهلاكا أعلى من الأطعمة غير الصحية، ومن ثم تناول مزيد من السعرات الحرارية".

ظواهر مُحيرة

والمفاجأة أن الدراسة لم تجد ارتباطا حتميا بين البيئة الحضرية ومستوى النشاط البدني وبقية السلوكات المرتبطة بالوزن لدى الأطفال، على الرغم من التثبت من أن هذه العوامل يمكن أن يكون لها دور.

فعلى سبيل المثال، لوحظ أنه "في المناطق التي توجد بها شبكة مواصلات عامة جيدة ومرافق ومتاجر قريبة يميل الأطفال إلى التحرك سيرا على الأقدام أو بالدراجة"، وذلك يزيد النشاط البدني لديهم، على عكس ما كان متوقعا.

في حين وجد الفريق أن "أطفال المناطق الأكثر حرمانا في ضواحي المدينة لديهم معدلات أعلى من زيادة الوزن والسمنة، على الرغم من تعرضهم لمستويات أقل من تلوث الهواء وحركة المرور والضوضاء، بالإضافة إلى تمكنهم من الوصول إلى مزيد من المساحات الخضر".

وهو ما جعل مارتين فريجهيد، أحد الباحثين في الفريق، يعلق بالقول إن "الوضع الاجتماعي والاقتصادي يضطلع بدور مهم في العلاقة بين البيئة الحضرية والسمنة لدى الأطفال" كما دفع فريق البحث إلى القول إن "هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتسليط الضوء على هذه المسألة".

المصدر : مواقع إلكترونية