فن صياغة الفضة.. شاهد: كيف تبدع المغربية غيتة حليا خاصة

زَهِدت في حديث الإسمنت والحديد، لتُنصت لأزيز صياغة الفضة. فضلت غيتة بن جلون (32 عاما) الرحيل من كبريات ورشات البناء والمعمار، كمهندسة معمارية، إلى دقة تفاصيل قرط أو خاتم.

واصلت غيتة شغفها بصناعة الحلي ونقلت خبرتها في الهندسة المعمارية لتجدد في عالم المجوهرات والحلي المعدنية وتبني لنفسها علامة خاصة.

رموز تقليدية

منذ تفرغها لصياغة الفضة وإبداع الحلي، أطلقت غيتة تشكيلات متنوعة تمزج فيها الخطوط المعمارية والأشكال الهندسية والرموز في تصاميم بسيطة وعصرية.

استلهمت مصممة الحلي والمجوهرات غيتة تصاميمها من رموز كثيرة تزخر بها الثقافة المغربية، كالوشم وزخارف الزليج (فن عريق من البلاط المنقوش) والفسيفساء، ورموز قديمة استعملت في مباني الواحات بالصحراء.

واستعانت غيتة ببرامج الهندسة المعمارية، وشكلت الحلي من الفضة الخالصة على الطريقة التقليدية، وصاغت حليها بيدها أول الأمر قبل أن تنفتح على خبرة ومهارة الصانع الحرفي المغربي.

وشكلت غيتة مجموعة من التصاميم منها "تشكيلة الوشم" التي استلهمت رموزها من رموز الوشم على جبين الجدات الأمازيغيات، و"تشكيلة التوارك" بحسب اللفظ المحلي لها (الطوارق) والمستوحاة من ثقافة الصحراء، و"تشكيلة كلمات" التي حازت على استحسان واسع كونها تعبر بالجوهرة الفضية عن رسالة أو اسم خاص أو شعار أو هوية، تكتبها غيتة بعناية لتلمع بأنامل زبائنها، بحسب رغباتهم وأحلامهم.

لكل جوهرة حكاية

تقول غيتة للجزيرة نت، "ورثت حب الحلي عن جدتي، ووراء كل جوهرة أصمّمها وأصيغها حكاية"، وترى غيتة أن الجوهرة خاتما أو قرطا أو إسوارة مصنوعة يدويا وخاصة بكل زبون، تنتقل من يد ليد ومن جيل لجيل وتعبر عن الشعور بالانتماء والتفرد.

بشكل دقيق وفني، تعمل غيتة على ترجمة رغبات زبائنها في حلي متنوعة للرجال والنساء، وتعرض تصاميمها في دليل خاص وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وتستعين بالطرق الرقمية للتسويق والانتشار.

صناعة وفن عريق

حرفة صناعة الفضة بالمغرب واحدة من الفنون والحرف التقليدية التي تتميز بها المملكة، حيث يُنظم بالمغرب سنويا مهرجان خاص بفنون الفضة بمدينة تيزنيت جنوب المغرب.

ويسمي المغاربة الفضة بـ"النقرة" في إشارة للحلي، بينما تُحيل عندهم كلمة فضة إلى الأواني الفضية كعُدّة الشاي مثلا. ورغم ما تشهده صياغة الفضة بالمغرب من تطور في الأدوات والتصاميم لتُساير الموضة وتلائم تطور الأذواق، فإنها تحافظ في الوقت ذاته على عراقة وأصالة الحلي المغربية.

وانتقل تعليم حرفة الصياغة عبر الأجيال، مما مكن من الحفاظ على النقوش القديمة والتصاميم التي تعكس العادات والتقاليد العريقة للأسر الأمازيغية تحديدا.

يذكر أن الحلي الفضية كانت تصنف ضمن الحلي القروية، وكانت تستعمل للزينة والدفاع عن النفس، كما كانت رموزها في كل حين تحمل إشارات روحية أو حربية وشكلت دليل هوية واعتقاد عند المغاربة القدامى.

المصدر : الجزيرة