شاهد: رغم تجاوزها 115 عاما.. أكبر معمرة عراقية ما زالت تحتفظ بصحتها وذاكرتها

ليس الغريب أن نجد معمرة ناهزت القرن أو يزيد، بل العجب أن تجدها بكامل قواها العقلية وبصحة جيدة قد تكون أحسن ممن هم دونها في العمر كثيرا، هذا هو حال الحاجة نويرة خلف حسن (أم علي) من قرية الربط التابعة لقضاء القائم في محافظة الأنبار غربي العراق.
 
ذاكرة أجيال
من مواليد 1905 وبعمر تجاوز الـ115 عاما استطاعت المعمرة نويرة بمواظبتها على الزراعة ورعي الأغنام أن تحافظ على صحتها وتحتفظ بذاكرة جيدة. 
 
يقول مختار قرية الربط الحاج أبو عبد الله للجزيرة نت الكثير من شباب المنطقة يقتبسون من أم علي قصص حقب زمنية مضت، ربما حكايات قبائل وأعراف لم تحتوها صفحات المناهج الدراسية، لذا يجدون فيها تشويقا مختلفا كونه يحمل سير الأجداد ممن عاصروا الحروب والنزاعات القبلية التي يقل سردها للجيل الحالي.
 
وهو الفخر ذاته الذي تباهى به حسين عبد صدام أحد وجهاء الرمانة قائلا إنه في بعض الأحيان تفوقنا أم علي بتذكر أمور عاصرتها معنا ونحن نصغرها بعقود طوال، مضيفا أن أمثالها وأصغر منها بعقود أصابهم الخرف حتى نسيان أبنائهم وأسمائهم، إلا أنها فاقت الصغار بصحتها وذاكرتها اللتين أصبحتا مضرب الأمثال عندنا.
الحاجة نويرة ترعى الأغنام (الجزيرة)
الحاجة نويرة ترعى الأغنام (الجزيرة)
التعفف والاكتفاء
في غرفتين من الطين تعيش الحاجة نويرة مع ابنها المعاق علي، تعيل نفسها بزراعة بعض المحاصيل وتربية الأغنام وبيعها، وتقول إنها لا تتلقى دعما من أي جهة حكومية أو غير حكومية، ويعينها أحيانا أهل القرية، إلى جانب ما تجنيه من تعبها.
 
ويقول محمد حمد -وهو أحد الجيران المقربين لأم علي- إنها حالة نادرة وهي في مثل هذا العمر، فلا تكل من العمل، مشيرا إلى أنه يخرج أحيانا باكرا إلى عمله عند الفجر ليفاجأ بأم علي تعمل بزراعة أرضها ثم تعود لتخبز وتطهو الطعام.
 
ويضيف حمد أن اعتمادها على نفسها دفعها لشراء كفنها وجمع مال مأتمها قبل وفاتها، لكي لا تكلف أحدا، وذلك مراعاة للأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها أهل قريتها.
 
وختم حمد كلامه بأن أم علي تاريخ وكبرياء وإباء وستبقى في ذاكرة ناحية الرمانة، وأظن أن مثيلها لن يتكرر. 
‪الحاجة نويرة مع ابنها المعاق علي‬ (الجزيرة)
‪الحاجة نويرة مع ابنها المعاق علي‬ (الجزيرة)
حب وألم
وتقول أم علي إنه رغم الألم وصعوبة الحياة في القرية فإنها تتمسك بها، ففيها ذكرى ولدها الكبير حردان الذي قتل خلال الحرب العراقية الإيرانية، كما أن فيها ذكرى ولدها الثاني محمد الذي قتله الأميركيون بعد غزو العراق عام 2003.
 
وتعيش أم علي حاليا مع ولدها الثالث علي (ويكنيها الجيران باسمه)، معتبرة أنه قرة عينها وتقوم على خدمته ورعايته، وقالت إنه معاق إثر إصابته وهو في الجيش خلال الحرب العراقية الإيرانية.
 
القرية برمتها تحترم الحاجة نويرة، وهو ما ذكره للجزيرة نت أحد شباب قرية الربط ليث محمد قائلا إن "أم علي بمثابة جاه يحترمه كل أهل القرية وناحية الرمانة، وما زالت رغم تقدمها بالعمر تسعى لفض الكثير من النزاعات، كما أنها مقدمة بالسعي في أمور الخطبة والزواج والتقارب بين الأسر وتزويج الشباب، ولهذا تبقى أم علي رمزا يحترمه شيوخ ووجهاء العشيرة والكبير قبل الصغير".
المصدر : الجزيرة