خوف ومؤامرة وبطالة.. 3 تجارب لأمهات من جنسيات مختلفة مع أزمة كورونا

كيف تعاملت ثلاث أمهات من جنسيات مختلفة مع إجراءت الوقاية من كورونا (بيكساباي)
المخاوف من الانهيار الاقتصادي تفوق هلع الإصابة بفيروس كورونا المستجد (بيكسابي)

فريدة أحمد-أرلينغتون

على بُعد دقائق من العاصمة الأميركية واشنطن، تقع مقاطعة أرلينغتون، حيث يوجد مقر وزارة الدفاع "البنتاغون"، ويعيش ما يقرب من 236 ألف شخص من مختلف الجنسيات، ولذلك يصبح التعامل مع خطر فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) مختلفا باختلاف الثقافات والجنسيات، خاصة بين الأمهات.

الجزيرة نت التقى ثلاث أمهات من جنسيات مختلفة يعشن في مدينة "أرلينغتون" الأميركية، ورصد تعاملهن مع الخطر المحتمل باختلاف ثقافاتهن، ومع الأخبار الواردة من بلادهن. 

نهاية العالم
لورا سيدة إسبانية في بداية الأربعينيات، متزوجة من رجل إيطالي، ولها طفلتان في المرحلة الابتدائية من التعليم.

تتعامل لورا بحالة من الذعر مع الفيروس، فقد كانت من أوائل الأمهات اللاتي فرضن على أطفالهن الانقطاع عن المدرسة والبقاء في المنزل، قبل قرار توقف الدراسة وإغلاق المدارس بأسبوع على الأقل.

تستقي لورا المعلومات من الأخبار ومن والدتها وشقيقتها المقيمتين في إسبانيا، واللتين وصفا الوضع بـ"الخطير"، إذ أعلنت في إسبانيا حالة الطوارئ بعد أن أصبحت البلاد واحدة من أكثر الدول تضررا في أوروبا.

‪أخبار تفشي فيروس كورونا تثير خوف الأمهات (بيكسابي)‬ أخبار تفشي فيروس كورونا تثير خوف الأمهات (بيكسابي)
‪أخبار تفشي فيروس كورونا تثير خوف الأمهات (بيكسابي)‬ أخبار تفشي فيروس كورونا تثير خوف الأمهات (بيكسابي)

تقول لورا "أعتقد أنها نهاية العالم، والأمر ليس بسيطا كما يقال هنا في أميركا، الأطفال أيضا يصابون بفيروس كورونا، وهناك حالات كثيرة في إسبانيا، لكن الحكومة الأميركية تخشى على الاقتصاد من الانهيار لذا تقلل من خطورة الوضع".

على الجانب الآخر، تتواصل "لورا" مع أصدقائها وأقارب زوجها في إيطاليا الذين أكدوا خطورة الوضع، وبحسب "يورو نيوز" (Euronews)، فإن إيطاليا الأكثر تضررا في العالم بمعدل إصابات تجاوز 27 ألف حالة، وارتفاع حصيلة القتلى إلى ما يقرب من 2500 حالة.

الرعب الذي تعيشه لورا جعلها تعزل نفسها وطفلتيها ولا تسمح لهما بالاختلاط مع الجيران، مع تعقيم المنزل بشكل مستمر، لكن ما يقلقها أكثر ويجعلها تعتقد أن فرص النجاة قليلة هو عمل زوجها الذي يستلزم الدوام الكامل، رغم إشارتها إلى أخذه تدابير كبيرة مثل ارتداء القفازات والقناع الطبي، وتطهير نفسه بالمعقمات بشكل مستمر.

لورا -رغم قلقها الكبير- تنفست الصعداء مع قرار إغلاق المدارس الذي تم إعلانه يوم الجمعة الماضي، وقالت "أخيرا بدؤوا يستشعرون الخطر، لكنني ما زالت معتقدة أنها النهاية".

الانهيار الاقتصادي
على بعد خطوات قليلة، وفي المبنى المجاور للورا، تسكن غرين وهي سيدة أميركية في منتصف الأربعينيات، لديها ولدان يذهبان لنفس مدرسة طفلي لورا، لكنها على العكس منها غضبت من قرار تعطيل الدراسة.

تصف غرين الوضع بأنه مبالغ فيه، وتقول "لم نسمع عن أصدقاء أو أقارب مرضوا، كل المرضى مجرد أخبار في القنوات التلفزيونية، لكن على طول الولايات والمدن تحدثت مع أصدقاء لم يمرض أحدهم ولم يعرفوا مرضى بشكل شخصي".

أكثر ما يقلق غرين وضع الاقتصاد على حد قولها، موضحة أنه "في عام 2008 حين انهار الاقتصاد، كنا نرى الكثيرين يقفزون من أعلى البنايات في نيويورك. تعطيل الدراسة والعمل سيؤديان إلى كارثة مشابهة، كنت أبحث الفترة الماضية عن عمل، والآن ستغلق الكثير من الأعمال وربما يضطرون إلى التخلي عن زوجي، حينها لن نجد ما نأكله".

ربما اعتادت غرين على الأزمات، وهو ما دفعها إلى الذهاب إلى أكبر سوبر ماركت للبيع بأسعار الجملة، حتى قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة الطوارئ، وابتاعت مخزونا من الطعام والمنظفات يكفيها لمدة شهرين، حسبما تؤكد.

لا تخشى غرين الفيروس التاجي، فهي تستبعد إصابتها به، وتقول بثقة "حتى لو أصابني فهناك فرصة كبيرة للنجاة، أكبر من بقائي شهرا كاملا مع الأطفال في المنزل"، لذا لا تجد مانعا من السماح لهم باللعب في حديقة المنطقة وتسلق الألعاب والتعامل مع الآخرين.

‪الخوف من الإصابة بالفيروس دفع البعض للالتزام الشديد بإجراءات الوقاية (بيكسابي)‬ الخوف من الإصابة بالفيروس دفع البعض للالتزام الشديد بإجراءات الوقاية (بيكسابي)
‪الخوف من الإصابة بالفيروس دفع البعض للالتزام الشديد بإجراءات الوقاية (بيكسابي)‬ الخوف من الإصابة بالفيروس دفع البعض للالتزام الشديد بإجراءات الوقاية (بيكسابي)

عزلت حصة نفسها وصغيرها داخل المنزل، في حين داوم طفلان في المدرسة حتى قبل قرار الإغلاق بيومين فقط.

تقول حصة إنها منذ بداية انتشار الوباء، بدأت أخذ عدد من التدابير الاحترازية مثل شراء اللحوم وتخزينها والأطعمة الجافة والماء.

وتؤكد أنها تبحث مع زوجها الآن احتمالية الرجوع إلى المملكة في الوقت الحالي، للبقاء إلى جانب العائلة إذا حدث مكروه، مضيفة "أحرص مع أولادي على النظافة وعدم مخالطة أحد، وفي حال شعورهم بالضيق، ننزل أمام المنزل ويلعبون بدراجاتهم الخاصة قليلا ثم نعود، ولا نملك سوى الدعاء فهو الأقدر على إزالة البلاء عنا".
المصدر : الجزيرة