كم فتاة أفغانية رزقت بأب مثله؟.. هذا ما يفعله ميا خان لتعليم بناته

ميا خان وابنته.
ميا خان يصطحب بناته يوميا إلى المدرسة وينتظرهن حتى موعد مغادرتهن (مواقع التواصل)

حميد الله محمد شاه-كابل 

"أصطحب بناتي إلى المدرسة كل يوم للدراسة، فهذه تجربة جديدة، أريد أن تكون حياتهن مختلفة عن حياتي وحياة أمهن، دفعت ثمن جهلي طيلة حياتي، لماذا لا توجد طبيبة في ولاية بكتيكا؟ السبب واضح جدا، فالعائلات لا ترسل بناتها للمدرسة، فمن أين تأتي الطبيبة؟ لذا سأبذل قصارى جهدي لتعليم بناتي". هكذا يقول الأفغاني ميا خان للجزيرة نت.

وميا خان أب لثلاث فتيات يدرسن بمدرسة تابعة للجنة المدارس السويدية في ولاية بكتيكا جنوبي شرقي أفغانستان، يرافقهن للمدرسة يوميا، وينتظرهن حتى موعد مغادرتهن.

لفت هذا الروتين اليومي انتباه مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة رواد فيسبوك، وكان موضع ترحيب واسع النطاق في أفغانستان. وتمتلئ صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بصور وألقاب المواطن الأفغاني مع ابنته منذ أسابيع في أفغانستان.

وميا خان رجل في منتصف العمر وأميّ، لكنه يحاول بذل قصارى جهده لإحداث فرق في مستقبل بناته، فهن يرغبن في أن يصبحن طبيبات لأن والدهن يتمنى تعليم بناته ليدخلن هذا المجال.

ما يقوم به ميا خان يعتبر خروجا عن التقاليد والأعراف حيث لم يمر ببال أحد أن يرافق شخص أمي بناته إلى المدرسة. فكم فتاة أفغانية رزقت بأب مثل ميا خان؟

ميا خان يؤمن بأهمية تعليم الفتيات لما لهن من دور أساسي في المجتمع (الجزيرة)
ميا خان يؤمن بأهمية تعليم الفتيات لما لهن من دور أساسي في المجتمع (الجزيرة)

الواقع الأفغاني والتحديات
يشكل الوصول للتعليم تحديا في أفغانستان بعد مرور عقودٍ من الحرب، ولا تزال معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة منخفضة خصوصا بين النساء في المناطق الريفية، وهي تعتبر من بين أدنى المعدلات في العالم، وفقا لليونسكو.

مثل بقية الأفغان، نشأ ميا خان في أسرة تقليدية تعتقد أن المكان الأنسب للبنت أو المرأة هو بيت أبيها أو زوجها وليس المدرسة أو مكان عملها.

يعيش ميا خان في مديرية "شرنة" بولاية بكتيكا، ولا يزال أهلها لا يدركون أهمية ذهاب الفتيات إلى المدارس، ولكن ميا خان يقول للجزيرة نت "أعرف وأسمع أن الناس غير راضين عن سماحي لبناتي بمواصلة الدراسة، ونقلهن يوميا للمدرسة، لكني لا أهتم بما يقولون عني لأنني أعلم أن لبناتي حقا في الدراسة، وسأسعدهن لتحقق كل واحدة منهن أحلامها".

دور المرأة في المجتمع مهم وأكبر من دور الرجل، وبإمكان النساء أن يحدثن فرقا كبيرا في المجتمع، كما يؤمن ميا خان.

ميا خان والأمل بمستقبل أفضل
ويتحدث الكاتب والباحث الاجتماعي حكمت جليل للجزيرة نت عن حالة ميا خان وما يقوم به يوميا، مؤكدا أن حالة ميا خان فريدة من نوعها في ولاية بكتيكا لسببين، أولهما أنه يهتم بتعليم بناته وهو أمي، ولكنه عرف أهمية التعليم والمدرسة في الحياة اليومية لأنه عانى من عدم وجود الطبيبات والممرضات في الولاية كلها.

والسبب الثاني هو أن اصطحاب بناته كل يوم إلى المدرسة يعتبر خروجا عن التقاليد والأعراف السائدة بهذه الولاية، وقلما تجد نظيرا لهذه الحالة، وبكتيكا هي واحدة من الولايات الجنوب شرقية في أفغانستان التي تعاني من التوتر الأمني والقيود الثقافية، ولكن ميا خان يمكن أن يكون الأمل في مستقبل أفضل في هذه المنطقة، بحسب الباحث الاجتماعي حكمت جليل.

‪وزير التعليم الأفغاني يكرم وكيل خان الذي تبرع بالأرض لبناء مدرسة‬ (مواقع التواصل)
‪وزير التعليم الأفغاني يكرم وكيل خان الذي تبرع بالأرض لبناء مدرسة‬ (مواقع التواصل)

تبرع بقطعة أرضه
بعد سقوط حكومة حركة طالبان عام 2001 وبسبب انتشار الوعي بأهمية التعليم، تغيرت هذه التقاليد التي توارثتها القبائل عن الأجيال الماضية، وفي حالة نادرة أخرى تبّرع وكيل خان بقطعة أرضه التي تقدر قيمتها بـ60 ألف دولار، لبناء المدرسة في قريته.

ويقول خان للجزيرة "لم يكن هناك مدرسة في قريتي، الوضع كان مؤلما للغاية بالنسبة لي، أردت التبرع بقطعة أرضي لبناء مدرسة للبنات، وإذا لزم الأمر سأتبرع بقطعة أخرى لأن التعليم هو الحل الوحيد لحل مشاكلنا".

 

نقل التجربة الخليجية في التعليم
ويضيف حكمت جليل أن كثيرا من أهالي ولايتي خوست وبكتيا وبكتيكا يعملون في الدول الخليجية في أعمال بناء، ومن خلال أعمالهم هناك شعروا بأهمية التعليم كونهم أميين، فأرادوا نقل هذه التجربة إلى قراهم وأريافهم على أمل إحداث التغيير في مستقبل أولادهم وبناتهم.

وبلغ عدد الفتيات في المدارس الحكومية نحو 3 مليون طالبة في جميع أنحاء أفغانستان، إلا أن الوضع الأمني يعكس خطرا على حياتهن، حيث تعرضت 192 مدرسة في أفغانستان لهجمات العام الماضي فقط، حيث حرم 500 ألف طفل من حقهم في الحصول على التعليم.

المصدر : الجزيرة