شابات قطريات يتحدثن عن تجربتهن.. متطوعات لمساعدة أصدقاء الكتاب بمعرض الدوحة

من اليمين هنوة البوعينين وعنود الشحي ومريم العامري نماذج تطوعية ملهمة للشباب القطري (الجزيرة نت)
من اليمين: هنوة البوعينين وعنود الشحي ومريم العامري نماذج تطوعية ملهمة للشابات القطريات (الجزيرة)

محمد الشياظمي-الدوحة

تجارب تحدٍ وتضحية بالوقت والجهد في خدمة القراءة وصداقة الكتاب، ترويها متطوعات قطريات في معرض الدوحة الدولي للكتاب، حرصن على تقديم نموذج متميز يعكس قيم وأصالة الثقافة المحلية وانخراطهن في المجتمع بإيجابية، ورأين أن المرأة في مجالات التطوع المتعددة يمكنها أن تعطي الكثير بلمسات خاصة.

طوال عشرة أيام، ستظل المتطوعة هنوة البوعينين تخدم زوار معرض الكتاب دون كلل أو ملل، تقطع أروقة المعرض جيئة وذهابا، معرفة بنفسها بوسام أحمر مكتوب عليه "اسألني".

لا ترى هنوة إلا وهي تدل على دار نشر أو مكتبة أو ترشد إلى موقع فعالية ضمن أنشطة المعرض، مستعينة بذاكرتها التي ألفت المكان، أو تلجأ إلى التطبيق الإلكتروني إذا تعذر الأمر، حافزها في ذلك حبها للقراءة وخدمة أصدقاء الكتاب.

‪التطوع في خدمة القراءة والكتاب بمعرض الدوحة للكتاب حافز أساسي للمتطوعات الشابات‬ (الجزيرة)
‪التطوع في خدمة القراءة والكتاب بمعرض الدوحة للكتاب حافز أساسي للمتطوعات الشابات‬ (الجزيرة)

شغف الانخراط في التطوع
التطوع بالنسبة لهنوة -طالبة القانون في جامعة قطر- أسلوب حياة ونبض لا يتوقف، شغفها مستمر للانخراط في أي مبادرة تطوعية أو فعالية تحتضنها قطر، فهي تؤمن بأن التطوع يجب أن يترسخ في المجتمع ثقافة وممارسة لتعزيز الانتماء وبناء شخصية الشباب والنشء.

تحت مظلة مركز قطر التطوعي، تخوض هنوة هذه التجربة صحبة عشرات المبادِرات مثلها، اللواتي خضن تدريبات قبل بدء الفعالية حول التعامل مع جمهور معرض الكتاب، ومنهن من اخترن مواقع ثابتة في المعرض، إلا أن هنوة وأخريات اخترن التحرك بين أروقته وفضاءاته المختلفة.

في تجربتها الشخصية، ترى أن الانخراط في خدمة الزوار يعزز لديها روح المبادرة وتطوير الذات، وكل تجربة تطوعية تعني لها الكثير وتضيف لها مهارات جديدة. وما دام المستفيد هو المجتمع، فإن إيمانها بالعطاء وبذل الجهد دون عوض يمدها بالطاقة الإيجابية ويجعلها راضية وسعيدة، ويكسبها مهارات إدارة الوقت والعمل الجماعي.

‪فعاليات مخصصة للأطفال في المعرض الدوحة الدولي للكتاب‬ (الجزيرة)
‪فعاليات مخصصة للأطفال في المعرض الدوحة الدولي للكتاب‬ (الجزيرة)

التطوع فضاء مجتمعي حقيقي
إذا كانت مساحة التطوع في البلاد العربية محجمة وقليلة التأثير، فإنها في الدول الغربية تثري رصيد صاحبها في الحصول على المكانة الاجتماعية والمهنية التي يرجوها، وقد خلصت إحدى الدراسات في بريطانيا إلى أن 73% من المتطوعين في المؤسسات البريطانية يجدون فرص عمل متميزة بعد تطوعهم، وأن 94% من أصحاب العمل يفضلون تعيين من خاضوا هذه التجربة.

بالنسبة لهنوة فإن معرض الكتاب الدولي فرصة للتعرف على جمهور من مختلف الأعمار والطباع، وهي تفضل أن تبحث بنفسها عمن يحتاج مساعدة ما، وإذا اقتضى الأمر أن تأخذ بيده حتى توصله إلى مبتغاه.

إنها تؤمن بأن خدمة الكتاب والقراءة تستحق جهود الجميع، وأن الوقت قد حان لتحتل ثقافة التطوع المكانة التي تستحقها، بدءا من المدرسة وصولا إلى الحياة المهنية، وأن يتجاوز المجتمع ربط التطوع بالجانب الإنساني دون غيره من المجالات، فكل واحد يمكنه أن يختار الفضاء التي يبذل فيه أكثر.

متطوعة أخرى لا تقل تحمسا وحيوية هي طالبة كلية المجتمع مريم العامري، تسرد كيف غيرت فكرة التطوع أشياء كثيرة في شخصيتها وتعاملها مع الآخرين، وتعترف بأن التطوع في قطر غيّر أشياء كثيرة في صفوف الشباب.

وحدها الصدفة عرّفتها إلى مبادرات التطوع، فانخرطت في العديد منها كتنظيم المعارض والملتقيات، وهي تدرك اليوم أن ما تتعلمه باستمرار في تجاربها التطوعية له أثر في مسارها الدراسي الجامعي ويثري علاقاتها بمحيطها الأكاديمي، وبرأيها فإن العمل التطوعي فضاء حقيقي لاختبار دروس الجامعة وقيم المجتمع.

‪هذه النسخة من معرض الدوحة الدولي للكتاب كانت متميزة بحضور نسائي كبير‬ (الجزيرة)
‪هذه النسخة من معرض الدوحة الدولي للكتاب كانت متميزة بحضور نسائي كبير‬ (الجزيرة)

حلم التطوع خارج قطر
قصة تطوع أخرى أكثر تطلعا لخريجة الإعلام من جامعة قطر عنود الشيحي، التي تأمل أن تكتسب خبرات أكبر من الفعاليات المحلية، كما تحد
وها الرغبة لتجربة مبادرات تطوعية خارج قطر، سواء في المجال المهني أو الإنساني.

من منظورها، يجب أن يصبح التطوع ممرا إجباريا أمام كل طالب وخريج، كما يتم تضمين مبادئه ضمن المناهج الدراسية والأنشطة اللامنهجية، مثل عدد من التجارب الناجحة في العالم.

الشابات القطريات -على تنوع تجاربهن- على يقين من أن العمل التطوعي والإنساني يحتاج إلى طرق مبتكرة لتوسيع قاعدته، ويمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تفعل هذا الدور بكفاءة، في ظل الثورة التواصلية التي يعيشها العالم.

وهناك مبادرات ناجحة عديدة واستجابات مختلفة في مجال التطوع، حققت نتائج مبهرة، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي وظفت في تلك الحملات، مثل التطوع في مجالات التعليم، إلا أن أكبرها حتى الآن يتعلق بالتطوع لخدمة نهائيات كأس العام التي ستحتضنها قطر في 2020، وقد فتح إلكترونيا من داخل البلاد وخارجها.

المصدر : الجزيرة