سهير العطار.. السبّاحة السبعينية على منصة تتويج الأساتذة

السباحة السبعينية على منصة تتويج الأساتذة
الأستاذة الجامعية سهير العطار عادت للسباحة في سن 56 عاما (مواقع التواصل)

 شيماء عبد الله

السباحة مع التيار أمر يسير على البعض، ولدى آخرين هي أمر يحتاج إلى تدريب ومهارة خاصة، لكن السباحة ضد التيار لا تحتاج المهارة فقط، وإنما تتطلب جرأة نادرة، وقدرة على كسر الصور النمطية، ومهارة قد لا يمتلكها كثيرون.. نادرون هم من يشبهون الأستاذة بجامعة القاهرة وصاحبة السبعين عاما سهير العطار.

"كان إحساسا مدهشا وأنا أطالع صورتي على مواقع التواصل.. الجميع يتحدث عني وعن حصولي على الميدالية الفضية.. هم لا يعلمون أنني فزت سابقا بالذهبية.. لقد اعتدت على الأمر".

استيقظت الأستاذة الجامعية في صباح شتوي على اسمها وصورتها يملآن موقع فيسبوك، لماذا كل هذه الجلبة؟ هل بات اهتمام المصريين بالسباحة شغلهم الشاغل، فشغلتهم بطولة العالم للأساتذة في كوريا عن مباريات كرة القدم، أم كانت سباحتها ضد التيار هي ما جعلت الأمر يستحق الاحتفاء؟

في حديثها للجزيرة نت، تروي الطبيبة المتخصصة في التحاليل الطبية والحائزة على الميدالية الفضية في البطولة الدولية، قصة عودتها إلى رياضتها المفضلة بعدما أتمت الخمسين من عمرها، وبعدما أنهت مهمتها مع أبنائها وبيتها، فقرر زوجها الراحل أن يشجعها على العودة لممارسة السباحة.

السباحة حياة
"أنا لا أسبح، لكنني أطير"، تقول سهير للجزيرة نت عن رحلتها مع السباحة، التي بدأت منذ طفولتها، لكنها لم تتجه نحو منصات التتويج إلا بعدما فارقت الخمسين.. "أحتفظ بكؤوسي وميدالياتي على حائط منزلي.. الشيء الوحيد الذي لم أستطع أبدا أن أشاركه مع أحد ولا حتى مع أحفادي، فقط علمتهم أن عليهم اقتناص جوائزهم بمفردهم". 

السبّاحة الفائزة ببطولة العالم للأساتذة لديها ولدان: بطلة سباحة توقيعية، ولاعب سباق خيل، لم تطالبهما يوما بالانخراط في النشاط الرياضي، لكنها كانت دائما حائط صد أمام أي تكاسل منهما عن ممارسة التمارين الرياضية التي تحافظ لهم على جسد صحي. امتد الأثر إلى الأحفاد، فاثنان منهم سباحان محترفان في الفريق الرسمي لأحد أشهر الأندية الرياضية بمصر، والثالث لا يزل يتحسس خطاه ومهاراته.

عن سر اللياقة، تجيب سهير قائلة إن "الجميع يتساءلون عن سر قدرتي على الاحتفاظ بلياقتي التي سمحت لي بممارسة رياضة كالسباحة في هذا العمر، ولا شيء يفعل ذلك سوى التمرينات الرياضية مهما كانت بسيطة، فهي أول ما أقوم به في يومي.. الجري ثم إحماء بتمرينات خفيفة، ثم السباحة ساعتين صباح كل يوم في النادي، وبعدها أتجه إلى جدولي اليومي".

‪سهير العطار بعد فوزها بالمركز الثاني في مسابقة الأساتذة بكوريا الجنوبية‬ (مواقع التواصل)
‪سهير العطار بعد فوزها بالمركز الثاني في مسابقة الأساتذة بكوريا الجنوبية‬ (مواقع التواصل)

سر نجاحي
امتنان بالغ تحمله السيدة السبعينية لذكرى زوجها الذي أعانها على العودة لممارسة الرياضة في هذا العمر، بل شجعها على الالتحاق بالبطولات والمسابقات العالمية، متحملا تكلفتها على نفقته الخاصة. 

وقالت سهير "أنا أتمرن وألعب باسم نادي الخاص، لكن تكلفة كافة مشاركاتي الدولية كان يتحملها زوجي رحمه الله، الذي لولاه ما كنت لأصل إلى ما وصلت إليه".

لم يكن التحدي المادي فقط هو ما واجه سهير العطار في عودتها للرياضة بعد سن الخمسين، لكنها نظرات من حولها، والسؤال الدائم عن استفادتها مما تفعله وعائده عليها، والإرهاق الذي تعانيه، وهي لا تقصر مع بيتها وزوجها وأبنائها.. كل هذه كانت أعباء تَحمَّلها معها رفيق مشوارها، حتى كتب القدر النهاية "لكني لا أزال أهديه كافة جوائزي، فلولاه ما كنت وما كانت".

المنافسة مستمرة
مشاركة السيدات في بطولة الأساتذة لم تكن الأستاذة الجامعية صاحبة السبق فيها، لكن أن تكون السيدة من مصر فهذا ما أثار اندهاش الكثير من المشاركين على مدار سنوات.

"أنتِ من مصر؟".. هذا هو السؤال الذي طالما يتم توجيهه لها، فالجميع لا يصدق أن مصر بها من النساء من تستطيع أن تنافس في مسابقة عالمية للسباحة بعد السبعين.

تتذكر سهير كيف كانت زميلتها الأسترالية تبحث عنها بشغف، فقط لتخبرها أنها تمرنت عامين لكي تفوز على سهير المصرية.. لم تفز الأسترالية، ورفعت المصرية الميدالية الفضية، لكن لم تنقطع بينهما العلاقات، في انتظار منافسات قادمة.

المصدر : الجزيرة