أسست فرقة مسرحية من نساء القرية وظهرت مع رونالدو.. قصة تركية تحولت لمخرجة عالمية

أمية كوجاك مخرجة مسرحية من القرية إلي العالمية
كوجاك مع رونالدو في إعلان من إخراجها لصالح إحدى شركات الاتصالات (مواقع التواصل)

تعلّمت أمية كوجاك الإخراج المسرحي بنفسها، وصنعت فيلما سلّط الضوء على سوء المعاملة، وأضحت شخصية مشهورة في تركيا.

وبهذا الصدد سلّطت الكاتبة سارة تور -في تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني- على حكاية الأم التركية التي نقلت حياة نساء قريتها إلى العالم.

وأفادت الكاتبة بأن كوجاك (البالغة من العمر 62 عاما) أثارت ضجّة بعد أن سلطت الضوء -رفقة فرقتها المسرحية المكوّنة من نساء قريتها فحسب- على القضايا الاجتماعية، على غرار العنف المنزلي وتغير المناخ.

يُذكر أن كوجاك تعيش في قرية أرسلان كوي المحافظة التي تقع في أعالي جبال طوروس على بعد ستين كيلومترا من مدينة مرسين على الساحل الجنوبي.

وتمكنت من توسيع نشاط مجموعتها المسرحية التي كان لا يتجاوز عدد أعضائها سبع نساء سنة 2001، إلى أن أصبحت تضم في الوقت الراهن ستين امرأة. وجالت العديد من المدن بل قدمت عروضا في أوروبا.

قدمت الفرقة فيلمًا قصيرًا عام 2012 يحمل اسم "دمية الصوف" سلّط الضوء على الإساءة البدنية واللفظية التي توجهها النساء ضد النساء.

وحقّق الفيلم نجاحا باهرا، وحازت كوجاك على جائزة "أفضل فنانة أوراسية" بمهرجان نيويورك السينمائي للأفلام الأوراسية، مما يعتبر إنجازا هائلا لامرأة لم تملك مستوى تعليميا كبيرا.

عصامية
أشارت الكاتبة إلى بداية هذه المرأة غير العادية وحياتها المدرسية، حيث قالت "أعلن المسجد ذات يوم أنه ينبغي على كل عائلة أن ترسل ابنة واحدة إلى المدرسة. كنت آنذاك متقدمة في السن، لذلك أُرسلت أختي الصغرى مكاني. وبعد ثلاثة أيام، رفضت أختي الذهاب مرة أخرى، وظلّت تبكي متعللة بأن الدراسة لم تعجبها. لذلك، اقترحت أن أذهب عوضا عنها. كما أعطاني والدي زيها الرسمي في تلك اللحظة".

وتابعت أن أختها لا تشعر بالندم حيال تخليها على مكانها لصالحها. وضحكت كوجاك وقالت "أختي تخبر الناس أنه لولاها لما كان هناك وجود لأمية كوجاك، لكنني دائما أخبرها أنه حتى لو لم ألتحق بالمدرسة لكنت تعلمت بنفسي. فإذا كنت تملك موهبة، فستجد دائمًا طريقة لإظهارها ولا يمكنك إيقافها".

بدأت كوجاك، البالغة من العمر 62 عاما، كتابة القصص منذ سنّ 13، وقد استلهمت من "رواية الأم" للكاتب مكسيم غوركي الذي يروي قصة شخصيات روسية تعاني من فقر مدقع. ومع ذلك، انطلقت مسيرتها المسرحية في سن متقدمة.

وفي هذا السياق، قالت كوجاك "أول مرّة شاهدت فيها مسرحية كانت في مدرسة ابني الثانوية عندما كان عمري 45 عاما".

وأضافت "أدركت أنه بإمكاني أن أجسّد مواقف حقيقية تحدث في قرية أرسلان على خشبة المسرح. وقد أتمكن من تبليغ أصوات نساء القرية".

‪كوجاك مع ممثلة بفرقتها المسرحية‬ (مواقع التواصل)
‪كوجاك مع ممثلة بفرقتها المسرحية‬ (مواقع التواصل)

إصرار
أوردت الكاتبة أن مسرحيات كوجاك الأولى استمدت مواضيعها من شكاوى وأسرار استقتها من جيرانها.

وفيما يتعلّق باختيارها لتبليغ أصوات النساء على وجه التحديد، قالت "لقد شعرت بالاستياء الشديد من أنه في الوقت الذي تعمل فيه النساء بجد، في الحصاد والطبخ ورعاية الأطفال، ينفق الرجال أموال زوجاتهم على المشروبات الكحولية (الخمور). لذلك، تحتاج هؤلاء النسوة إلى أن ينقل مشكلاتهن".

وأشارت الكاتبة إلى أنه لم يكن من السهل تحقيق هذا النجاح، حيث واجهت كوجاك معارضة وإساءة أهالي قريتها حين اقترحت إنشاء هذه الفرقة، لكن لم يمنعها ذلك من المضي قدما في تحقيق أهدافها. وقررت الكتابة عن العنف الذي تمارسه المرأة ضد المرأة، على أمل نشر الوعي في صفوف المشاهدين.

ومع ذلك، كانت تعلم أن إخراج فيلم سيكون مختلفًا تماما. وقد اضطلعت بأدوار بسيطة في المسلسلات التلفزيونية الطويلة، وراقبت الممثلين المدربين والمصورين والمخرجين أثناء العمل. وبعد مرور خمسة أعوام، وبالتحديد عام 2012، شعرت أخيرًا بأنها مستعدة لإنتاج فيلمها.

رونالدو
ذكرت الكاتبة أنه بعد الفيلم القصير، ظهرت كوجاك في بث وثائقي على شبكة التلفزيون الحكومية المعروفة باسم TRT.

وعام 2017، حصلت على فرصة لإخراج إعلان لشركة الاتصالات التركية، حيث ظهرت فيه رفقة لاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو. وبين عشية وضحاها، نالت كوجاك ومجموعتها المسرحية شهرة واسعة.

المناخ
عبَرت كوجاك عن معتقداتها بشأن تغير المناخ، وقالت "قضية خطيرة للغاية للعالم بأسره وينبغي إيجاد حل. علاوة على ذلك، سيؤثر ذلك علينا جميعا في جبال طوروس، لكنني أشعر أن تركيا لا تعير القضية اهتماما. لقد سافرت خارج البلاد ورأيت كيف تعيد الشعوب تدوير نفاياتها وتعتني بغاباتها، وينبغي علينا أن نتبع خطاهم. ولهذا السبب، كتبت هذه المسرحية الجديدة".

ترتكز المسرحية الجديدة بعنوان "آه.. أحدهم ثقب السماء" على استخدام لغة مألوفة للقرويّ العادي لتفسير تغير المناخ، حيث تدعو لتغيير السلوك اليومي للناس. ويتكون طاقم التمثيل من ثمانية أشخاص يشدّون أيادي بعضهم نهاية المسرحية في دعوة للاتحاد والتكاتف. وستشارك المجموعة في جولة بجميع أنحاء البلاد لتكون البداية مدينة بالق أسير بالشمال الغربي. 

علاقة
أشارت الكاتبة إلى أنه على غرار كوجاك، كانت النسوة منتصف العمر تلبسن الحجاب وبناطيل السلوار وسترات محبوكة ذات ألوان زاهية. لقد عشن حياتهن بأكملها في هذه القرية الصغيرة يزرعن الخضراوات ويعتنين بالأطفال وتنظيف منازلهن.

وفي هذا الإطار، قالت الممثلة المسرحية ممنونة كيزر "لقد مللت من عيش حياة عادية. كان التمثيل شيئًا مختلفًا وأنا سعيدة للغاية لأنني انضممت إليه، فأنا أستمتع حقًا بالقيام بذلك. كما أننا فخورات جدا بأمية".

عام 2001، كانت عائلتها الداعم الوحيد لها، وقد كلفها الأمر طرق أربعين بابا للحصول على سبع سيدات فقط. ولكن اليوم، من خلال العمل الجاد والإصرار، فازت كوجاك بدعم بلدها بأكمله.

في الوقت الراهن، أصبحت كوجاك تستقبل النساء من جميع أنحاء العالم لإجراء مقابلات وتمثيل أجزاء من المسرحيات. إنها امرأة مرنة، ذكية وقوية.

وختمت كوجاك قائلة "أنا عنيدة ولا أستسلم. فإذا أردت الوصول إلى هدف ما، فسأعمل على تحقيقه".

المصدر : مواقع إلكترونية