تقنيات تكشف عن رائحته وصوته.. إسرائيل تواجه كورونا بتكنولوجيا القتل والتجسس

Medical workers wait for mock victims to arrive by ambulance to Chaim Sheba Medical Center near Tel Aviv during a drill simulating a biological attack January 13, 2010. REUTERS/Gil Cohen Magen (ISRAEL - Tags: HEALTH)
إسرائيل تستخدم التقنيات لربط المستشفيات الكبرى ومعاهد البحوث بقطاع التكنولوجيا العالية المتطور وعمالقة التصنيع العسكري (رويترز)

تشتهر أذرع البحث والتطوير التقني في وزارة الدفاع الإسرائيلية بريادتها في اكتشاف الطرق المتطورة للقتل وتفجير الأشياء، من دبابات حديثة وطائرات مسيرة وغيرها من تكنولوجيا القتل.

ولكن -بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية- توجه وزارة الدفاع الإسرائيلية منذ مارس/آذار الماضي تقنياتها الأكثر تقدما في مجال القتل والتجسس للقضاء على عدو من نوع آخر، عدو لا يمكن رؤيته بالعين وهو فيروس كورونا.

ويربط المشروع الجديد لأول مرة المستشفيات الكبرى ومعاهد البحوث بقطاع التكنولوجيا العالية المتطور في إسرائيل وعمالقة التصنيع العسكري، مثل إلبت سيستيمز (Elbit Systems) وصناعات الفضاء الإسرائيلية (Israel Aerospace Industries) وأنظمة رافائيل الدفاعية المتطورة (Rafael Advanced Defense Systems)، وهي الشركات التي تقف وراء ترسانة إسرائيل من الطائرات المسيرة والصواريخ والطائرات المقاتلة.

وشكلت إسرائيل عشرات الفرق التي تضم مئات العلماء والمهندسين والأطباء والمديرين التنفيذيين والمسؤولين الحكوميين والضباط العسكريين الذين يعملون جميعا لنفس الهدف.

وقال العميد في جيش الاحتلال داني غولد الذي يقود هذه المهمة "في إسرائيل، إذا كانت هناك مهمة يجب القيام بها، فهي مثل الحرب"، وأضاف "لذلك يترك الجميع ما يفعلونه، وينغمسون للعمل على المهمة مع الكثير من الطاقة والإبداع".

ويعتبر غولد صاحب نظام القبة الحديدية المضادة للصواريخ، وقائد مديرية أبحاث الدفاع والتطوير، وهي النسخة الإسرائيلية من وكالة مشاريع البحوث المتقدمة للدفاع الأميركية (داربا).

ولكن في حين أعطت "داربا" العالم الإنترنت ونظام تحديد المواقع، لم يكن لنظيرتها الإسرائيلية تأثير مماثل على حياة المدنيين، ويقول المسؤولون إن عملها على فيروس كورونا قد يكون البداية لمثل هذا النوع من المشاريع.

وفيما يأتي عدد قليل من مشاريعها لمواجهة الفيروس:

شركة رفائيل المتخصصة بصناعة الطائرات المقاتلة والصواريخ وجّهت تقنياتها لمحاربة كورونا (رويترز)
شركة رفائيل المتخصصة بصناعة الطائرات المقاتلة والصواريخ وجّهت تقنياتها لمحاربة كورونا (رويترز)

الاختبارات بواسطة السمع والشم
مع بدء بعض البلدان تخفيف قيود مكافحة الفيروسات، يطالب المسؤولون بطرق لاختبار أعداد كبيرة من الأشخاص بسرعة وتحديد المصابين، وتتنافس عدة شركات إسرائيلية ناشئة على تطوير اختبارات تشخيصية سريعة، لتعقب صوت ورائحة العدوى بالفيروس.

وتقوم فوكاليس هيلث (Vocalis Health) -وهي إحدى الشركات التي تستخدم تكنولوجيا الصوت والذكاء الاصطناعي لتحليل الصوت والتنفس- بتحديد مؤشر صوتي لفيروس كورونا.

وبقدر ما يبدو ذلك خياليا، فإن الشركة ربطت بالفعل علامات الصوت بخطر وفاة المرضى الذين يعانون من قصور القلب الاحتقاني وارتفاع ضغط الدم الرئوي.

واستطاعت فوكاليس من خلال العمل مع مركز شيبا الطبي، تسجيل عينات صوتية من مرضى فيروس كورونا، على أمل تحسين تطبيق يمكن أن يصنف إصابات المرضى على أنها خفيفة أو معتدلة أو شديدة بناء على أصواتهم.

وقال الدكتور إيال زيمليشمان كبير الأطباء في المستشفى وكبير مسؤولي الابتكار، "إنها منطقة جديدة تماما (البحث عن الأعراض بواسطة الصوت) وأعتقد أنها بعد بضع سنوات من الآن ستكون مهمة للغاية في مجال الرعاية الصحية".

من جانب آخر، تقوم شركة نانو سينت (NanoScent) التي تستخدم تقنيتها أجهزة الاستشعار للكشف عن الروائح ورقمتنها، بتدريب ذكائها الاصطناعي لاكتشاف رائحة مميزة للخلايا الفيروسية في أنوف المرضى.

وتقول الشركة "إن انتشار الخلايا الفيروسية بين الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أنوف مرضى فيروس كورونا، ينتج رائحة مميزة".

وقال أورين جافريلي الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لنانو سينت إن نتيجة الاختبار ليست نهائية، حيث يقوم الشخص فيه بالنفخ في كيس خاص مصمم ليعرض الهواء على جهاز استشعار، وسيحصل على نتيجة أو علامات اشتباه بوجود المرض.

ويقوم فريقان آخران بتطوير أجهزة تحليل التنفس باستخدام محللات الطيف التي تعمل بترددات فائقة. وقال أورين ساديف الرئيس التنفيذي لشركة تيرا غروب (TeraGroup)، إن المرضى ينفخون في أنبوب بحجم السيجار في اختبار لمعرفة المصابين بالفيروس.

ويوضح ساديف أن الجهاز يمكن أن يتعامل مع ألفي اختبار في اليوم، وأضاف أن الهدف من ذلك ليس إجراء تشخيص واضح ولكن السماح بإجراء فحوص سريعة ورخيصة، حيث يمكن استخدام جهاز التنفس في مراكز التسوق أو المطارات لفحص فيروس كورونا بسرعة.

وقال البروفيسور غابي ساروسي من جامعة بن غوريون التي تطور جهازا مشابها لمديرية الأبحاث والتطوير الدفاعية الإسرائيلية، إن حجم فيروس كورونا وخصائصه الكهربائية يبرزان عند تحليله بتردد عال، ويجب كشفه بعد عدة ساعات من إصابة الشخص.

‪‬ بتقنيات السمع والشم والمراقبة، تقوم شركات إسرائيلية بملاحقة فيروس كورونا(رويترز)
‪‬ بتقنيات السمع والشم والمراقبة، تقوم شركات إسرائيلية بملاحقة فيروس كورونا(رويترز)

مراقبة المصابين
طورت شركة أني فيجين (AnyVision) العديد من الأدوات المثيرة للاهتمام ضد الفيروس، وتستخدم الشركة تكنولوجيا المراقبة والتعرف على الوجه، حيث تقوم بمسح الوجوه عند نقاط التفتيش العسكرية.

وتقول الشركة إن نظامها المتطور لتحليل الوجوه بالاعتماد على تكنولوجيا التعلم العميق، يمكنه التعرف على المشتبه به من مجموعة مشجعين في ملعب مزدحم.

ويستخدم العلماء في مركز تل أبيب سوراسكي الطبي نظام أني فيجين على المستوى المجهري، ويقومون بتدريبه على اكتشاف خلايا فيروس كورونا من خلال البحث عن الطرق التي يغير بها الفيروس الخلايا السليمة في الجسم.

وقال البروفيسور دوف هيرشكوفيتس إن طريقتهم قدمت نتائج في غضون بضع دقائق، وبهامش خطأ بلغ 5% أو أقل، موضحا أن الذين لديهم نتائج إيجابية سيظلون بحاجة إلى إجراء اختبار آخر لتأكيد التشخيص.

وقال الدكتور زيمليشمان إن مركز شيبا الطبي ثبّت شبكة من حوالي 600 كاميرا مراقبة في الأماكن العامة، مما أدى إلى إطلاق الإنذار في حال دخل شخص إلى قسم ما دون ارتداء قناع.

ويتيح برنامج أني فيجين أيضا تحديد الممرضين المصابين بأمراض معدية ويحتاجون إلى الحجر الصحي، فور ظهور أعراض المرض الأولى.

وقال زيمليشمان "يمكننا أن نطلب من النظام أن يرينا أي شخص كان على اتصال مع ذلك المصاب، ويحدد مسافة الاتصال ومدته -على سبيل المثال: أقرب من مترين لأكثر من خمس دقائق- ويعطينا إما قائمة الأشخاص أو الصور".

‪الروبوتات التي استخدمتها لاستكشاف أنفاق حماس تستخدمها إسرائيل اليوم لمساعدة الأطباء‬ (رويترز)
‪الروبوتات التي استخدمتها لاستكشاف أنفاق حماس تستخدمها إسرائيل اليوم لمساعدة الأطباء‬ (رويترز)

روبوتات أنفاق حماس تساعد الأطباء
ويهدف عدد من المشاريع إلى تقليل الاتصال المباشر بين العاملين الصحيين والمرضى، ويعتبر تيمي (Temi) من هذه المشاريع، وهو مشروع لبناء مساعدين آليين قام بتطويره يوسي وولف لمساعدة الجنود الإسرائيليين على التعامل مع أنفاق حماس أو الأسلحة الكيميائية.

وقامت شركتا رافائيل وألبيت بتطوير المساعدين، وذلك بتثبيت جهاز آيباد على قاعدة ذات عجلات يبلغ ارتفاعها مترا، للسماح للأطباء بمراقبة المرضى أو توصيل الأدوية لهم دون دخول غرفهم.
 
وقالت أميرة شارون نائبة رئيس شركة "آي أي آي" (I.A.I)، إن شركة الصناعات الفضائية الجوية الإسرائيلية حولت نظام رادار وجهاز استشعار كهربي ضوئي يستخدم عادة للمراقبة عبر حدود إسرائيل واكتشاف الأعداء، إلى جهاز يمكنه أخذ العلامات الحيوية للمرضى دون لمسهم.

كما قامت الشركة في مركز سوروكا الطبي في بئر السبع في الجنوب، بتكييف معدات المراقبة التقنية لقمرة القيادة التي تستعملها للطائرات المقاتلة والطائرات المروحية، لتقوم بتخزين وتحليل المعلومات بشأن مرضى فيروس كورونا الذين يستخدمون أجهزة التنفس الصناعي.

وقالت شارون "إنها تعطي الطاقم الطبي صورة شاملة على وضع المريض، مع الحد الأدنى من الاتصال، ويمكن أن تولد علامات إنذار مبكر لمعرفة مدى تطور المرض".

ورغم أن إسرائيل ربما حققت نجاحا نسبيا ضد الفيروس حتى الآن بواسطة التكنولوجيا دون التغلب عليه، فإنها تقول إن استخدام هذ التكنولوجيا العسكرية سيجعلها على أهبة الاستعداد في معركتها القادمة ضد الأوبئة.

المصدر : مواقع إلكترونية + نيويورك تايمز