سقطرى.. "هزمت" الإمارات ولم تنتصر الشرعية

الإمارات تكرس هيمنتها على جزيرة سقطرى اليمنية
القوات الإماراتية غادرت ميناء ومطار سقطرى لكنها لم تغادر الجزيرة رغم مغادرة رئيس الوزراء اليمني لها (مواقع التواصل الاجتماعي)
محمد النجار

رغم حديث رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر عن أن لا منتصر ولا مهزوم في الأزمة التي عاشتها جزيرة سقطرى، يرى مراقبون أن هزيمة معنوية كبرى لحقت بالإمارات، وعلى الطرف الآخر لم تحقق الشرعية اليمنية انتصارا، وسط استمرار سياسة تبادل الأدوار بين أبو ظبي والرياض.

يوم أمس الاثنين عاشت الجزيرة تطورات دراماتيكية لخصت تطبيق اتفاق سعودي يمني لإنهاء الأزمة التي تعيشها الجزيرة منذ الثلاثين من أبريل/نيسان الماضي بعد أن وصلت قوات إماراتية إليها وطردت القوات اليمنية من ميناء وجزيرة سقطرى أثناء زيارة رئيس الوزراء اليمني لها.

 
البداية كانت بوصول قوات سعودية للجزيرة قبل أن تعود القوات اليمنية للسيطرة على مطار وميناء سقطرى وإنزال العلم الإماراتي المرفوع عليها ووضع علم اليمن.
 
وتلى ذلك مغادرة رئيس الوزراء اليمني للجزيرة بعد زيارة طويلة استمرت 17 يوما، حيث كشفت مصادر يمنية للجزيرة نت أن اتفاقا سعوديا يمنيا قضى بمغادرة بن دغر إلى عدن ومنها للرياض التي وصلها فعلا مساء أمس الاثنين.
 

القوات الإماراتية باقية

بن دغر:
سقطرى التي لا أحد ينازع اليمن في يمنيتها أزمةٌ في الإخوة وانتهت، لكنها من المؤكد ستمنحنا فرصة جديدة للتأمل فيما نحن عليه في التحالف وفي المناطق المحررة، فالتحالفات اتفاق في الأهداف، وشراكة في القول والفعل، وتكافؤ في الفرص.

ورغم أن الجانب اليمني حقق مطالبه بعودة قواته للسيطرة على ميناء ومطار سقطرى، فإن ما لم يتحقق حتى اليوم هو مغادرة القوات الإماراتية للجزيرة، على الرغم من مغادرة رئيس الوزراء اليمني لها.

لكن مراقبين طرحوا تساؤلات حول الدور السعودي الجديد في سقطرى بعد وصول قوات سعودية تحت عنوان "تدريب وتأهيل" القوات اليمنية، وما أعلنه سفير الرياض في اليمن عن مشاريع إغاثية ستنفذ في الجزيرة.

 
كما طُرح سؤال عن الهدف من اشتراط مغادرة بن دغر الجزيرة وعدم إقامته في عدن -العاصمة المؤقتة لليمن- وضرورة توجهه للرياض.
 
وبينما قالت وكالة الأنباء اليمنية إن زيارة بن دغر للرياض هدفها التشاور مع الرئيس عبد ربه منصور هادي ولقاء عدد من سفراء الدول لدى اليمن، عبّرت مصادر يمنية عن خشيتها من أن يلقى بن دغر مصير هادي بعد أن تحدثت وسائل إعلام غربية عن أن الأخير "يعيش تحت الإقامة الجبرية" في الرياض، أو أن يكون هدف الزيارة الحد من تحركات بن دغر التي أزعجت الإماراتيين.
 

إعلان عبر فيسبوك
وقبيل مغادرته، نشر رئيس الوزراء اليمني على صفحته منشورا على فيسبوك قال فيه "لقد قال كل منا ما يريد قوله، وربما بالغ بعضنا في القول، وحان الوقت لنجعل الكلمة تعبيرا عن القيمة العظمى في حياتنا".

وأضاف "نحن إخوة وأهل وأمة، ودماؤنا التي تسيل في مواجهة العدو لا يمكنها أن تسيل بيننا، الإمارات منا ونحن منها، هذا الثابت في حياتنا وما عداه متغير وعابر".
 
ودعا بن دغر لتقويم العلاقة بين التحالف والشرعية اليمنية، وأضاف "سقطرى التي لا أحد ينازع اليمن في يمنيتها أزمة في الإخوة وعَدّت، لكنها من المؤكد ستمنحنا فرصة جديدة للتأمل فيما نحن عليه في التحالف وفي المناطق المحررة، فالتحالفات اتفاق في الأهداف، وشراكة في القول والفعل، وتكافؤ في الفرص".
 
وما لفت أنظار المراقبين أن بن دغر أعلن انتهاء الأزمة عبر منشور على صفحته وحسابه في فيسبوك وتويتر، حيث قرأ مصدر يمني في شكل الإعلان أنه "يعبر عن أزمة أخرى".
 
وشرح المصدر "مثل هذا الحدث كان من الطبيعي أن يصدر بشأنه بيان حكومي يعلن انتهاء الأزمة ويبث عبر وكالة الأنباء الرسمية وليس عبر صفحة شخصية وبمقال صحفي تحت توقيع رئيس الوزراء".
 
وتابع "أزمة سقطرى كانت خطيرة جدا، وهذا كان واضحا في نقل الحكومة الشرعية لها إلى مجلس الأمن الدولي برسالة رسمية شكت فيها الإمارات وتضمنت اتهامات خطيرة، فما مصير الرسالة والشكوى اليمنية على الإمارات والتي لم يجب عنها ما نشره بن دغر؟".
 

تسوية مختلّة

ياسين التميمي:
الإمارات لن تستمر في تفكيك الدولة اليمنية وفق مخطط يقوم على أساس ضعف الدولة وغياب الوعي، لكن من المؤكد أن الرياض سعت عبر اتفاق حل الأزمة لحماية تجاوزات أبو ظبي والتغطية عليها وفق مخطط يقوم على تبادل الأدوار وتقاسم النفوذ والنيل من الدولة اليمنية وكيانها الجغرافي

وبرأي المحلل السياسي اليمني الدكتور ياسين التميمي فإن الوضع في سقطرى انتهى إلى تسوية فرضتها طبيعة العلاقة المختلة بين الشرعية اليمنية والتحالف لصالح التحالف الذي يرتكز على سطوة عسكرية ونفوذ دولي وإقليمي.

 
وقال للجزيرة نت "بحساب الربح والخسارة يمكن القول إن أبو ظبي تلقت هزيمة معنوية كبيرة من قبل اليمن الرسمي والشعبي".
 
وزاد "تطورات سقطرى أعادت ترسيم الحدود المعنوية بين السلطة الشرعية والتحالف للحد الذي أبقى الوعي حاضرا إزاء الممارسات المستفزة من جانب الإمارات والتحالف والتي تنال من سيادة الدولة اليمنية على أراضيها".
 
وبرأي التميمي فإن الإمارات "لن تستمر في تفكيك الدولة اليمنية وفق مخطط يقوم على أساس ضعف الدولة وغياب الوعي، لكن من المؤكد أن الرياض سعت عبر اتفاق حل الأزمة لحماية تجاوزات أبو ظبي والتغطية عليها وفق مخطط يقوم على تبادل الأدوار وتقاسم النفوذ والنيل من الدولة اليمنية وكيانها الجغرافي".
 

تفاصيل مبهمة
وتساءل التميمي عن تفاصيل الاتفاق الذي قال إن القوات الإماراتية لم تغادر بموجبه "كما لم يكن ضمنه ما يشير لانتشار محتمل للقوات السعودية في سقطرى، ولم يتضمن البيان المنشور في وكالة الأنباء اليمنية ما يشير لاستبدال القوات الإماراتية بأخرى سعودية، وإنما وسائل الإعلام السعودية هي التي ذكرت ذلك".

 
وتابع "وسائل الإعلام السعودية بررت ذهاب قواتها لسقطرى بمساعدة القوات اليمنية وتدريبها على مكافحة الإرهاب، وهي الذريعة التقليدية التي تحضر مع كل مأزق أو مخطط خارج سياق القانون والدستور".
 
ويخلص التميمي إلى أن "السعودية أبقت على خيار الاحتلال كما أرادته أبو ظبي وليست هناك ضمانات حقيقية على أن هذه القوات سوف تكون جزءا من ترتيبات تمكين السلطة الشرعية على أراضيها".
 
وعن عودة بن دغر للرياض وليس عدن، اعتبر التميمي أنها "تعكس حجم الغضب الإماراتي، وتعكس في الوقت نفسه قلق التحالف من إمكانية نقل نموذج سقطرى إلى عدن التي شهدت أواخر يناير/كانون الثاني عملية انقلابية مسلحة من فصائل مساحة مدعومة من الإمارات".
المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي