هل سيتواجه غل وأردوغان بانتخابات تركيا؟

Turkish President Recep Tayyip Erdogan (L) and his predecessor Abdullah Gul pray during a funeral service for a victim of the thwarted coup in Istanbul, Turkey, July 17, 2016. REUTERS/Murad Sezer
الرئيس السابق عبد الله غل لم يعلن موقفه بعد من احتمالات ترشحه لمواجهة حليفه أردوغان (رويترز)
محمد النجار-الجزيرة نت

على بعد أقل من شهرين على الانتخابات المبكرة التي ستشهدها تركيا، يبدو المشهد ملبدا بالاحتمالات، وفي حين يرى مراقبون أن كفة الرئيس رجب طيب أردوغان لا تزال الأرجح للفوز فيها، تخلط احتمالات ترشح رفيق دربه الرئيس الأسبق عبد الله غل أوراق التحالفات وما ستسفر عنه الانتخابات.

**المشهد الانتخابي:
يتنافس في الانتخابات معسكران:
الأول: يتشكل من حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان، وحليفه حزب الحركة القومية برئاسة دولت باهشتلي.
 
الثاني: معسكر المعارضة ويمثله أربعة أحزاب رئيسية، وهناك مساع لتشكيل ائتلاف معارض رغم تناقض المدارس الفكرية للأحزاب وهي:
 -حزب الخير أو (الصالح)، الأحدث على الساحة السياسية (محافظ أقرب للتوجه العلماني).
حزب السعادة (إسلامي) وهو حزب صغير لم ينجح بدخول البرلمان لعدم تحقيقه النسبة اللازمة لذلك.
 

**المرشحون:

– الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان. 
– رئيسة حزب الخير أميرال أفشنار أعلنت نيتها منافسة أردوغان. 
– الرئيس السابق عبد الله غل، الذي مثل احتمال ترشحه تطورا مفاجئا قد يقلب موازين القوى في الانتخابات المقبلة، كونه حليف سابق لأردوغان ومن مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم.
– لم يعلن حزب الشعب الجمهوري مرشحا له، وهناك نقاش ساخن داخل الحزب حاليا، بين الداعين للتحالف مع غل أو دعم مرشح قد يملك حظوظا قوية مثل أفشنار، وبين المحافظين والكماليين (نسبة لمؤسس تركيا مصطفى كمال الدين أتاتورك) الداعين إلى إعلان مرشح مستقل للحزب.

**هل سيترشح غل؟
أثارت لقاءات غل مع أحزاب السعادة وحزب الخير ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، والحديث عن لقاءات أخرى في معسكر المعارضة، تكهنات بنيته الترشح لمواجهة أردوغان.
 
ورفع من حجم هذه الاحتمالات صمت غل عن التعليق على الأخبار عن نيته الترشح سواء كمستقل، أو عن ائتلاف أحزاب المعارضة، إضافة إلى أنه من معارضي التعديلات الدستورية التي نجح أردوغان بتمريرها في استفتاء أقيم العام الماضي وحول تركيا من النظام البرلماني للرئاسي، ويتوقع أن يتضح موقفه خلال أيام.
 
**أردوغان وباهشتلي وغل:
استخدم أردوغان لغة ناعمة في تعليقه أمس الثلاثاء على احتمالية ترشح غل، حيث اعتبر أنه لا مشكلة في ترشح غل لمواجهته، وهو تصريح حمل رسائل اعتبرت دافئة حيث يحرص أردوغان دوما على وصف غل بـ "أخي".
 

بالمقابل اختار باهشتلي لغة بدت خشنة في تعليقه على احتمالات ترشح غل، عندما قال إن هناك "إستراتيجية خبيثة للغاية لإعداد الرأي العام بشأن ترشح الرئيس السابق عبد الله غُل للانتخابات المقبلة".

وفي سلسلة تغريدات نشرها في حسابه على موقع "تويتر" أضاف باهشتلي أن "تنظيم غولن الإرهابي يقود عملية تقبل بها منظمة بي كا كا الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) ويتحمس لها أعداء تركيا، في حين يطالب أحزاب الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي والسعادة بحماس ترشح عبد الله غُل للانتخابات الرئاسية.

 

**سيناريوهات المواجهة:

ويرى مراقبون أن سيناريوهات المواجهة في الانتخابات التركية تبدو أقرب لما يلي:
1) أردوغان يواجه الشتات:
ألا يترشح غل في مواجهة أردوغان، في حين يواجه الأخير مرشحين عن أحزاب المعارضة، وعندها سيواجه أفشنار، وربما مرشح لحزب الشعب الجمهوري، وهو ما يعني رفع أسهم أردوغان في مواجهة معارضة مشتتة، ولا يستبعد مراقبون أن يحسم الانتخابات من الجولة الأولى.
2) أردوغان وغل والمعارضة:
وهذا السيناريو يقوم على أن يخوض غل الانتخابات كمرشح مستقل أو عن حزب السعادة، مع وجود مرشحين آخرين للمعارضة، وهو ما قد يؤدي لتشتيت أصوات المعارضة، وسيحرص الداعمون لغل أن يصل لجولة ثانية، وهو ما سيفرض مواجهة قوية مع أردوغان.
3) أردوغان في مواجهة غل:
ويقوم على أن تتفق المعارضة على ترشيح غل لمواجهة أردوغان، وعندها ستكون المواجهة كبيرة بين الحليفين السابقين، وقد يتمكن غل من الحصول على أصوات من الخزان الانتخابي لأردوغان، إضافة لتصويت كل الغاضبين على أردوغان لصالحه.
 

لماذا يترشح غل؟

ترى الباحثة في العلاقات الدولية في جامعة "إسطنبول زعيم" أماني السنوار أن احتمالات عدم قبول غل الترشح في مواجهة أردوغان قائمة.
 
وقالت للجزيرة نت "غل رئيس سابق للبلاد، وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم، عوضا عن شخصيته الوسطية التوافقية، وترشحه سيحوله لشخصية خلافية، وربما ينهي مستقبله السياسي في حال خسارته أمام أردوغان".
 
بالمقابل، ترى السنوار وجود أسباب قد تدفع غل للترشح، منها وجود تيار يتناقض مع توجهات وسياسيات أردوغان داخل حزبه، إضافة لاحتمالات أن يحصد أصواتا غاضبة من داخل الحركة القومية، عوضا عن الأصوات التي قد ترى فيه مرشحا أكثر ليبرالية سيعيد علاقات تركيا مع الإقليم وأوروبا والولايات المتحدة لقوتها السابقة.
 
غير مستعدة
وعن معسكر المعارضة، ترى الباحثة أنها تبدو غير مستعدة للانتخابات المبكرة "التي فاجأتها ووضعتها تحت ضغط كبير"، كما استبعدت توافق المعارضة على مرشح موحد، خاصة أنها تنتمي لمدارس أيديولوجية متناقضة.
 
وتوقعت ألا يدخل غل سباق الانتخابات إذا لم تجمع عليه أحزاب المعارضة الرئيسية، مشيرة إلى أن ترشح غل مع وجود مرشحين لأحزاب المعارضة ربما يقوي أردوغان ويمنحه الفرصة للفوز من الجولة الأولى.
 
تحدي أردوغان
لكن السنوار ترى أن التحدي الحقيقي الذي يمثله ترشح غل "هو أنه الوحيد القادر على كسب الأصوات من الخزان الانتخابي للعدالة والتنمية، خاصة أن هناك نوعا من التململ من النظام الرئاسي ومن بعض سياسات أردوغان".
 
ولا تستبعد السنوار وجود عوامل إقليمية ودولية في الانتخابات القادمة، مشيرة إلى أن دولا عدة تدعم خيارا ترى أنه "أقل خشونة من خيار أردوغان".
 

وتابعت "دول إقليمية وفي أوروبا وحتى الولايات المتحدة ربما سترى في غل شريكا عاقلا وحكيما"، وزادت "على غير بعض التحليلات التي تصدر فإن غل لن يكون جزءا من مخطط لتقويض حزب العدالة والتنمية، أو أي مخطط يتعارض مع سياسات الحزب في تركيا والإقليم". 

ووسط التوقعات بترشح غل من عدمه، يقرأ مراقبون في بحث المعارضة عن مرشح من داخل بيت أردوغان لمنافسته بأنه بمثابة إعلان إفلاس عن قدرتها على مواجهته بأحزابها ورجالها وتأكيدا على أن هزيمة أردوغان غير ممكنة إلا عبر أحد حلفائه.
المصدر : الجزيرة + الصحافة التركية